أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - قراءة في كتاب -هيجل والإسلام- للدكتور حسين عزيز الهنداوي (الجزء الأول)















المزيد.....

قراءة في كتاب -هيجل والإسلام- للدكتور حسين عزيز الهنداوي (الجزء الأول)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8037 - 2024 / 7 / 13 - 23:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صدر كتاب "هيجل والإسلام: ظهور أم ثورة؟" بالفرنسية في باريس عن دار نشر (Orients) لكاتبه حسين عزيز الهنداوي. يمثل هذا الكتاب أول دراسة حول هذا الموضوع المحدد، وهو في الأصل أطروحة دكتوراه في الفلسفة قدمها المؤلف إلى جامعة بواتييه الفرنسية سنة 1987. نقدم في ما يلي، عبر سلسلة من الحلقات، قراءة في الكتاب أنجزها الأستاذ عزيز هلال.
في الصفحة الخاصة بتشكراته، جعل حسين عزيز الهنداوي من كتابه أول دراسة "تتناول مختلف جوانب التصور الهيجلي للإسلام" (ص ٤٦٢) وقد كان على حق. وعلى حد علمنا فإن مكانة الإسلام في فلسفة هيجل لم تستفد من دراسة منهجية كما كان الحال بالنسبة لغوته، مثلا. لقد تم تخصيص دراسات، رغم أنها مختصرة ومقتضبة، لسبينوزا ولايبنيز، لكن يبدو أن هذين الفيلسوفين لا يعرفان الإسلام بعمق مثل اليهودية والمسيحية. وما كان يهمهما في الإسلام هو انتقاء الملاحظات المختصرة والمتفرقة التي تخدم فكرة ما سماه لايبنتز ب"مصير المحمديين". وكل ما قاله سبينوزا عن الإسلام أو "الأتراك" كان يهدف إلى تعزيز أطروحته القائلة بأن هؤلاء "يقاتلون من أجل عبوديتهم كما لو كان من أجل خلاصهم".
أخيرا، عندما ننظر إلى مجموع كتابات سبينوزا، لا يسعنا إلا أن نشعر بخيبة أمل حينما نرى هذا الفيلسوف اليهودي، الملم بابن ميمون، كما بابن رشد والتقاليد الفلسفية الأندلسية العظيمة، راضٍيا بجعل الإسلام "النموذج الديني للعبودية"، وفقا لتعبير هنري لوكس. ماذا عن هيغل؟
إن العلاقة بالعالم الثقافي والديني للإسلام لا يمكن إهمالها عند هيغل. إن "دروس فلسفة التاريخ"، و"دروس تاريخ الفلسفة"، و"دروس فلسفة الدين" تعطي الإسلام مكانة مهمة حاول حسين الهنداوي عرضها وتحليلها في دراسته الضخمة.
يبدأ الكتاب بدراسة شاملة تركز على فلسفة التاربخ عند هيجل: البشر يصنعون التاريخ، لكنهم لا يصنعونه عمدا. هناك روح كونية تقود الأعمال والأحداث، روح مثل عطارد مرشد الأرواح". وبعبارة أخرى، هناك نوعان من الصيرورة التاريخية: الصيرورة السطحية، وهي تاريخ البشر الذي لا يعدل أي شيء جوهري، والتي تؤثر فقط على سطح الإنسانية، والصيرورة "المخفية"، التي هي الصيرورة الجوهرية، التي تنتج الجوهر الخاص للوجود. يتم تحقيق الصيرورة الجوهرية بفضل جدلية الوجود والعدم: فالوجود القديم يرى نفسه دائما متفوقا على وجود جديد ومتفوق، سوف يتم تجاوزه هو الٱخر بالصيرورة.
"هكذا، يخبرنا الكاتب، لا يكون الفكر الملموس الواقعي هو ذلك الذي ينشأ فورا، منتجا تمثيلات جزئية ومتحيزة للواقع، للإنسان الواقعي على وجه الخصوص" (ص: 20)، بل هو ذلك الذي يتصور التاريخ باعتباره مسرحا فيه العقل هو الذي يحكم العالم، مسرحا لا يوجد فيه مجال للصدفة أو الاحتمال. وبالتالي فإن الواقع كله – أي حياة الإنسان كما تتجلى في السياسة والفن والدين – هو واقع عقلاني ويحمل في داخله فكرة الحكمة الكونية. ولأن العقل موجود في التاريخ ويحكمه، فإن الروح المطلقة، باعتبارها تعبيرا عن هذا العقل، ليست دائما هدفا مرفوضا كما هو الحال مع القديس أوغسطين أو كانط على سبيل المثال؛ إنها ليست أفق الإنسان والإنسانية، ولكنها موجودة بالفعل، مثل معنى محايث للعملية التاريخية:
الفكرة الوحيدة التي أتت بها الفلسفة هي هذه الفكرة البسيطة عن العقل، (التي مفادها) أن العقل يحكم العالم وبالتالي فإن التاريخ الكوني عقلاني... إنه الجوهر، أي ما به يكون لكل الواقع وجود وجوهر، قوة لا نهائية نظرا لأن العقل ليس عاجزا إلى درجة الوصول فقط إلى المثل الأعلى، إلى الواجب، ثم يجد نفسه فقط خارج الواقع، (...) مثل شيء معين في رؤوس عدد قليل من الناس".
هذا المقطع أساسي لفهم ما يلي. إنه يبين لنا أن التاريخ لا يتجه نحو المعنى، بل هو المعنى ذاته. وإذا اعتدنا على النظر إلى التاريخ باعتباره مجرد بسط للخاص، فذلك لأننا نتجاهل ما يسميه هيجل خدعة العقل: بينما نترك الخاص يقوم بعمله، بينما نطلق العنان لعواطف الناس، فإن هذا العقل يسعى دائما إلى "غايته" في النسيج المتغير لجميع الأحداث.
لكن بما أن التاريخ بالنسبة إلى هيغل هو في الأساس تقدم، فإن الروح المطلقة لا يمكنها الاستغناء عن الإنسان وأعماله. فالروح، التي هي إلهية بطبيعتها، تمتزج دائما بالروح الإنسانية في مسرح التاريخ الكوني. ولذلك فإن الروح المطلقة متأصلة دائما في الواقع التاريخي، وتتحقق بالكامل من خلال إنكار نفسها واستلابها. والطريقة الأكثر إثارة للانتباه في عزل نفسها هي إدراك نفسها وتخصيصها كروح للشعب. "إن الروح، يلخص حسين الهنداوي، هي في الأساس فرد" (ص: 30)، لكنها فرد يشارك في كل من الكوني والمحدد: إنها شعب "والروح التي تهمنا هي روح الشعب".
في الأخير، نحن لا يهمنا الفرد، بقدر ما بهمناالنوع. يهمنا الفرس، اليونان، الرومان العرب، الخ... روح الشعب هي الطريقة التي تظهر بها الروح الإلهية أو المطلق الذي يعبر عن نفسه على مسرح التاريخ الشامل. وبما أن الروح هي نوع من الرحلة نحو الكونية المطلقة، فإن كل شعب يعبر عن لحظة محددة في مسار الكوني.
"إن التاريخ الكوني إذن هو تعاقب أرواح الشعوب بحكم مبادئها المحددة، وقد أوكلت إلى كل شعب تاريخي مهمة تمثيل مبدإ يتوافق مع الفكرة التي لدى روح العالم عن ذاتها" (ص: 32).
وبالتالي فإن هذا المبدأ المعني هو صورة لروح العالم. إنه الوجه الذي يظهره هذا الشعب أو ذاك للعالم، إنه روح هذا الشعب كما يعبر عن نفسه في لحظة نضجه. إن تعاقب الشعوب أمام "محكمة العالم" يبين لنا الطريقة التي تتجلى بها روح كل شعب والطريقة التي يشارك بها في تحقيق الغاية الأسمى للتاريخ.
لا تشارك جميع الشعوب بالتساوي في مسيرة الروح لأن هناك شعوبا ليست، في نظر هيجل، "تاريخية بالضرورة" (ص: 35)؛ أما هؤلاء فعددهم أربعة فقط: المشارقة، الإغريق، الرومان، والألمان. هذه هي الشعوب الوحيدة التي تجسد مبدأ الكوني في الإنساني، دون أن تفعل ذلك في وقت واحد: كل عصر يتوافق مع شعب واحد، واحد فقط، يدفع دائما الحركة الإنسانية الإيجابية. ولا يصل الشعب إلى هذا الامتياز الذي يتمثل في تحقيق تمثيل الكوني في فترة تاريخية معينة، إلا من خلال إدراك حقيقة الروح وتطوره في تقلبات التاريخ، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحرية: "مملكة الروح هي مملكة الحرية"، كما يوصح هيجل، والوعي الذاتي ليس شيئا أخر غير وعي الحرية. إنها تتجلى في الإنتاج الروحي لكل من الشعوب الأربعة المذكورة أعلاه، وخاصة في هذا البناء الخاص الذي نسميه الدولة.
إن الدولة في الواقع "هي العقلاني في ذاته ولذاته... هذه الوحدة الجوهرية هي هدف في حد ذاته، مطلق وثابت، تحقق فيه الحرية الأكثر سموا". ولا يتحقق إلا من خلال القطيعة مع الطبيعي، ويجب أن يمر، جدليا، بمراحل تاريخية تبدأ بالدولة الشرقية، كأول تجل للروح في الواقع الملموس، لتنتهي بالدولة الجرمانية حيث تصبح الروح "قادرة على إنتاج ومعرفة حقيقتها الخاصة كفكر وكعالم تحكمه القوانين".
(يتبع)
المرجع: https://journals.openedition.org/mideo/9108



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكي الموحد يسجل عدم التزام الحكومة بما تعهدت به في برن ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الخطاب حول الجسد من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة في مواجهة خراطيم المياه عوض ا ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- تقرير جديد يحذر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بحل ...
- السينما المغربية: تطور، تحديات و آفاق
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أن ...
- في حوار مع كلير كرينيون: أي دور للفلسفة في زمن الوباء؟
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان يستنكر كافة أش ...
- النقابة الديمقراطية للعدل/فدش تعبر عن خيبة أملها من التفاف ا ...
- اندلاع أعمال عنف مناهضة لسوريا في تركيا ومظاهرات سورية مضادة
- الجامع فين قريتي...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الطبقة السياسية تدعو إلى تعبئة قوية ضد حزب التجمع الوطني وال ...
- مخطط المغرب الأخضر بين تفاؤل الخطاب الرسمي وتساؤل المندوبية ...
- الانتخابات التشريعية الفرنسية: حزب التجمع الوطني بتقدم إلى ح ...


المزيد.....




- أمريكا.. مديرة -الخدمة السرية- تكشف عن رد فعلها عندما علمت ب ...
- سلطنة عمان: قتلى ومصابون في إطلاق نار قرب مسجد.. والشرطة تصد ...
- الشرطة العمانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين في إطلاق نار قرب ...
- أربعة قتلى بإطلاق نار في محيط مسجد بسلطنة عمان
- الشرطة العمانية: قتلى ومصابون في إطلاق نارفي مسقط
- الجيش الأميركي: الحوثيون شنوا هجمات متعددة على ناقلتي نفط
- مديرة جهاز الخدمة السرية الأمريكي: لن أستقيل من منصبي
- ماسك يتعهد بـ 45 مليون دولار شهريا لدعم ترامب
- باكستان.. مقتل 4 جنود و5 متمردين في هجوم مسلح على منشأة عسك ...
- مسيرة أوكرانية تستهدف مصنعا بمقاطعة كورسك غربي روسيا (فيديو) ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - قراءة في كتاب -هيجل والإسلام- للدكتور حسين عزيز الهنداوي (الجزء الأول)