أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - حزب الله قوة احتلال وقتل في سورية















المزيد.....

حزب الله قوة احتلال وقتل في سورية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8035 - 2024 / 7 / 11 - 16:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


حزب الله قوة احتلال وقتل في سورية، منذ البداية المُعلنة لتدخله في القْصير في ربيع 2013، مروراً بحصار مضايا والزبداني، ثم المشاركة في إعادة احتلال الغوطة الشرقية لمصلحة النظام، إلى اليوم. هذه عبارة عن واقع معاين، لا جدال في صدقها الوصفي. ما يمكن المجادلة فيه هو تسويغ مضمون هذه العبارة. يمكن أن يقال مثلاً إن السوريين مستحقون للقتل والاحتلال لأنهم خونة، يثورون ضد نظام مقاوم لإسرائيل. أو يمكن أن يقال إن حزب الله يحارب في سورية "الإرهاب التكفيري" كي لا يضطر إلى قتاله في لبنان، وهذا قاله حسن نصر الله شخصياً. الحرب ضد الإرهاب هي القضية الجامعة كل قوى الاحتلال والسيطرة في عالم اليوم، من الأميركيين والإسرائيليين، إلى الإيرانيين والروس، إلى الحكم الأسدي وجميع الأنظمة العربية. على أن حزب الله يميز الإرهاب الذي يتهم هو به عن الإرهاب الذي يحاربه في سورية بأن الأخير "تكفيري"، خالقاً مساحة مشتركة مع قوى أوربية وأميركية كان "الإرهاب التكفيري"، أي السلفي الجهادي السني مشكلة حقيقية لها (ولمجتمعاتنا في واقع الأمر). وقد يجري تبرير مشاركة الميلشيا الشيعية اللبنانية الحكم الأسدي حربه في سورية عليه بحماية المراقد الشيعية المقدسة. وفوق أن ذلك يذكر بحجة الحروب الصليبية قبل قرون، فأنه يثير سؤالاً وجيهاً: هذه المراقد موجودة منذ مئات السنيين ولم تحتج إلى حماية مسلحة في أي وقت سبق، ولم يكن أي منها تعرض للاعتداء أو تهديد باعتداء وقت تدخل حماتها المزعومون. فما الذي جد؟ هل يحتمل أن الاستقطاب الطائفي الذي أسهم الحزب المسلح المذكور في خلقه عبر التجند لمصلحة إيران أخذ يخلق مخاطر على تلك المراقد؟ وأخيراً، قد يقال إن الحزب التابع لإيران يتدخل في سورية ثأراً للحسين (بن علي) من سلالة يزيد (بن معاوية)، مثلما يقال بالفعل لأفغان (نظمتهم إيران في ميليشيا فاطميون) وباكستانيين (في ميليشيا زينبيون)، وكي "لا تسبى زينب مرتين". وهذا يضعنا في عالم خرافي، معادلاته كلها كارثية، نرى مثلها في فلسطين التي تجسد دولة الاحتلال الإسرائيلي شيئاً ثأرياً مماثلاً. ما يجمع إيران وأتباعها بإسرائيل هو هذا التكوين الناقم الذي لا تتقادم ثاراته، لا بعد أجيال ولا بعد قرون. ثم إننا نرى تكويناً مماثلاً في "الإرهاب التكفيري" ذاته، وهو في ثأر مستمر من العالم. وبصور مختلفة عند الإنجيليين الأميركيين وغيرهم من الحركات الإحيائية، التي تعول على معركة آخر الزمان، هرمجدون بقيادة المسيح، يتنصر بعدها اليهود. يجمع بين هذه التشكيلات إرادة ترجمة مقولات لاهوتية فوق تاريخية، "مسيحانية"، إلى برامج للتطبيق السياسي، فتتسبب هذه الإحيائيات في موتيات واسعة معممة، إبادية.
على أن للتأويلات الأخيرة، الخاصة بحماية المراقد وثارات الحسين وسبي زينب، قيمة تعبوية لعموم المقاتلين، لكنها لا تفسر حرب الميليشيا اللبنانية في سورية. ما يفسر هو أولويات المركز الامبراطوري في طهران في تطلعه طوال عقود إلى أن يكون قوة إقليمية كبرى، والنظر إلى سورية كساحة من ساحات هذا التلع الذي يثير نوعين من التوترات في الإقليم. يتصل أولها بفرص عقنلة ودمقرطة الحياة السياسية في إيران ذاتها، كما في العراق وسورية ولبنان واليمن، مما لا يتوافق مع امبريالية فرعية، عصبية وذات وجه ديني؛ ثم مع المركز الامبريالي الفرعي الإسرائيلي، الناقم والعصبي وذي الوجه الديني بدوره. حزب الله أداة فعالة في مواجهة منبعي التوتر هذين. فهو قوة قتل مباشرة في سورية ولبنان، حامي للنظامين في البلدين ومضاد للمطالب الشعبية فيهما؛ ثم إنه قوة منازعة لإسرائيل في إطار تنازع الامبرياليات الفرعية في الشرق الأوسط. وقد يتجاوز الأمر كون الحزب الشيعي المسلح أداة إيرانية، فلعله بالأحرى شريك في التخطيط، في سورية ولبنان وحيال فلسطين، يعرف المنطقة أفضل من الإيرانيين، ويعرف بخاصة كيف يجني شرعية للمشروع الامبراطوري الإيراني عبر إيديولوجية الممانعة، فيكسب بذلك وجها ثقافياً عاماً لمشروع امبراطوري لا يرى ملايين السوريين واللبنانيين كمواطنين وحملة حقوق وفاعلين سياسيين. بيد أن هذا، إن صح، يجعل دور الحزب المذكور في سورية أسوأ لا أقل سوءاً، يجعله مبادراً للقتل والحصار والتجويع، وليس مؤتمراً بأمر مرجعية لا يملك لأمرها رداً.
أيا يكن الأمر، فإن هذا الوضع يثير تساؤلاً عن العلاقة بين ضحايا إيران وتابعها اللبناني وضحايا إسرائيل، وبالتحديد بين السوريين والفلسطينيين. وبينما يفترض المرء أنه ليس هناك ما يدعو إلى منازعة بين مجموعتي الضحايا، فإنه في أوضاع مثيرة للانفعالات الحادة، يمكن لمحرضين وديماغوجيين إثارة توترات لا معنى لها. وهو أولى ما يتعين تجنبه، والتنبه إلى جذوره. في المقام الأول، لا يليق غسل يدي حزب الله وإيران من دماء السوريين، نصف مليون على الأقل، بدم أي قتلى إسرائيليين، وبالمثل لا داعي لتحكيم الآلام السورية في الآلام الفلسطينية أو الدخول في منافسة بين الضحايا. إسرائيل تقتل الفلسطينيين بلا حساب، وهي مشروع إبادي مثل الحكم الأسدي، وامبريالي مثل إيران. من سوء حظ سورية (ولبنان) أنها مساحة تقاطع بين مشروعين امبرياليين فرعيين متنازعين.
وفي المقام الثاني، لا وجه معقولاً للوم أي فلسطينيين على التماس مساعدة من إيران وأتباعها ما داموا لا يتلقون مساعدة من جهات أخرى؛ وإن يكن كذلك لا وجه معقولاً للوم السوريين كذلك على رفضهم لقوة احتلال تثابر على دعم نظام إبادي. السوريون مدعوون إلى تقبل حقيقة أن إيران ليست عدواً للفلسطينيين في أوضاعهم العضال المعلومة، وسيكون أمراً طيباً أن يتقبل الفلسطينيون أن إيران، وليس إسرائيل وحدها، عدو للسوريين.
يجد السوريون الذين تهجروا وفقدوا ما لا يحصى من أحبابهم، وخسروا بلدهم ذاته إلى حين غير معلوم، يجدون أنفسهم في وضع معقد إذا حدث ووقعت حرب بين إسرائيل وحزب الله. بداية، أفضل ألف مرة ألا تقع حرب بين إسرائيل وحزب الله، لأنها ستتسبب بدمار إنساني ومادي هائل في لبنان، وستوسع وترسخ لأمد طويل مساحات الكارثة غير الضيقة أصلاً في مجالنا، وتغذي الانفعالات غير العقلانية وغير القابلة للعقلنة بفعل حدتها وانتشارها، مما لا نشكو من خفوته أصلاً. ثم كي نتجنب تجاذباً وجدانياً صعباً. إذ لا يجد المرء في قلبه ميلاً إلى الوقوف إلى جانب الميليشيا التي لم تعبر يوماً عن الاحترام للشعب السوري (الذي بالمقابل كان متعاطفاً معها بأكثريته الساحقة حتى مشاركتها في احتلال سورية لحساب إيران)، ولم تدع في أي وقت لحل سياسي، هذا وإن كان كل تدمير يلحقه هذا التنظيم بإسرائيل هو شيء طيب لأننا حيال كيان عنصري واستعبادي، جعل من تدمير المرافق المدنية قاعدة حربية مستقرة، "مبدأ الضاحية".
لا يستطيع سوري فقد بلده ألا يكون له قول في هذا الشأن، وهو إن لم يكن القول الذي ربما يفضل سماعه أكثر إخواننا العرب، إلا أنه مبني على تجربة مأساوية مستمرة. وفي هذا الشأن، لا يسع المرء إلا أن يأسى لحقيقة أنه ليس في المجال العربي كله طرف شرعي يستطيع أن يستغل صراع إيران وإسرائيل على السيطرة على الشرق الأوسط، مثلما استغلت إيران صراع أميركا ضد الإرهاب الإسلامي وضد نظام صدام حسين. كان من شأن وجود طرف فاعل كهذا أن يخرجنا من دائرة الانفعالات المبتئسة أو الشامتة أو المتحمسة الخائبة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
- من السويداء إلى غزة: بحثاً عن توازن رادع
- عن الإذلال واللاعدالة في ذاكرة سورية وراهن فلسطيني
- في شأن اليهود والغرب والتطبيع الممتنع
- في تفنيد مركزية سورية ناشئة
- الشرق الأوسط، حيث لا مساواة ولا حرية ولا أمن
- في الكوارث ونمط التغير الكوارثي
- حوار مع -المفكرة القانونية- حول سورية وغزة وألمانيا والعالم
- في أربعين هبة حاج عارف: أن لا ننسى
- عن آرون بوشنل والضمائر والمبادئ
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
- -عرب ويهود- و-سقوط الجولان-: عن كتابين من ماض يمضي ولا يمضي
- ماذا بشأننا؟ لماذا ليس بيننا عادلون عاقلون؟
- غزة وعالم الامتيازات والحل الفاشي
- الطائفية والديني السياسي
- ما يقع هو المستحيل، ماذا حدث للممكن؟
- في شأن مفهوم الجينوسايد ومشكلاته
- اشتراكية: تمرين في الخيال السياسي
- تاريخ: مفاصل زمنية وسجلّات ثقافية وسياسية
- في وداع رياض الترك


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - حزب الله قوة احتلال وقتل في سورية