|
الحق في التنمية
عبد الصمد المجوطي
الحوار المتمدن-العدد: 1766 - 2006 / 12 / 16 - 09:59
المحور:
حقوق الانسان
تبلور الحق في التنمية ضمن الجيل الثالث لحقوق الإنسان، الذي يتضمن إلى جانب التنمية ألحق في البيئة السليمة، الحق في الغذاء، الحق في السلام وغيرها.وهو نتاج حركات التحرر الوطني التي عرفها العالم، ورفض هده الأخيرة لاكتساح العولمة الاقتصادية المجالات السياسة والاجتماعية والثقافية، في مقابل تجسيد ثقافة التعاون والتعايش بين مختلف الفاعلين الدوليين –دول، منضمات حكومية وغير حكومية،أفراد-غير أن هذا الحق لا يمكنه أن يتكون لمجرد طرحه بشكل نظري بل هو إفراز موضوعي لتفاعل مؤشرات عدة مرتبطة بالفرص الاقتصادية الممنوحة للأفراد وبالحريات السياسية ،وضمان الصحة والتعليم والتحرر من الإجابات النهائية وفتح المجال أمام المناظرة والسجال الفكري الديمقراطي والتخلص من القراءات الاختزالية التي تنظر إلى التنمية من زاوية زيادة الناتج الوطني الإجمالي ، بفتح المجال أمام مكونات تأسيسية حقيقية للتنمية عبر ضمان حرية المشاركة السياسية وفي اتخاذ القرار. وضمان تعليم جيد وصحة جيدة.ولنأخذ مثالا واقعيا فالأنظمة التي يحكمها نظام الحزب الواحد،والأوتوقراتية التي تغيب عنصر المشاركة في اتخاذ القرار السياسي تعرف أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة، ناتجة بالأساس لخدمة السياسات الاقتصادية المتبعة فيها للأقلية المستحكمة بالسلطة السياسية ، وإقصاء غالبية الشعب ،من الاستفادة من الخيرات الوطنية. على عكس الدول الديمقراطية، حيث التسيير المؤسساتي يحتكم إلى الآليات الديمقراطية وضمان مشاركة كل الأطياف السياسية في اتخاذ القرار. وبدون الأخذ بعين الاعتبار للمقومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في عملية التنمية، تبقى كل المقاربات التنموية رهينة الإصلاحية الجزئية، التي بابتعادها عن هذه المقومات الشمولية. في عداد المغامرات الغير المحسوبة العواقب.فالعامل السوسيوثقافي مثلا جزء مهم من العملية التنموية وأن القيم المشتركة اجتماعيا تؤثر بشكل أو بأخر في الرؤا المميزة للحياة الاجتماعية، وفي مدى حضور أو غياب مظاهر الفساد دون إغفال عامل الثقة كقيمة سوسيوثقافية في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. وكذلك الشأن بالنسبة للحريات السياسية المتجسدة في حرية التعبير والانتخاب للتحكم في إنتاج القرار السياسي، فالاحتكام إلى صناديق الاقتراع وفق آليات ديمقراطية وشفافة، يمكن لها أن تسهم في تنمية حقيقية عبر اختيار ممثلين نزيهين ومسئولين، واستبعاد الفاسدين، أما ضمان حرية التعبير، فمن شأنه أن يلعب دورا أساسيا ومركزيا في المراقبة والتتبع لكل العمليات.مع توفير المعلومات وسهولة الوصول إليها للجميع .وفي مستوى أخر قد تؤدي النظرة الاقتصادية للتنمية، إلى إضرار حقيقي بالثقافات البشرية ما دامت تؤدي في معظم الأحيان إلى إلغاء تقاليدها وطمس تراثها الثقافي ومخيالها الاجتماعي تحت يافطة تحقيق الرفاهية للفرد ولو على حساب التقاليد. غير أن الطامة الكبرى هي حين يؤدي هذا الطمس للتراث، إلى تدهور أكبر في مستوى المعيشة لذلك يبقى سن سياسات اقتصادية ملائمة مع الاختلافات الثقافية، إجابة للحفاظ على التراث القيمي الإنساني لكي لا نكون أمام نموذج غريب واستعماري ربما. إلا أن الحديث عن التقاليد لا يعني الأخذ بها بشكل مطلق و بالخصوص في الجانب السياسي، فالتطور المجتمعي يقتضي إيجاد اليات جديدة في الاحتكام والاختيار السياسي. على أن يكون أي تغيير في منهاج الحياة السياسية أو غيرها، هو نتاج لإرادة هذه المجتمعات بعينها .فهي وحدها لها الحق في اتخاذ قراراتها وحسم توجهاتها وهي مسئولة في خياراتها، لأن التاريخ يذكر كيف فشلت محاولات مجتمعات أو بالا حرى أنظمة سياسية تغيير قيم اجتماعية لمجتمعات أخرى بالقوة، أو عبر التعاقد مع نخبة معينة ليست لها أي مشروعية لتمثيل السياسي. والتوجه إلى المجتمع بشأن المشاركة في اتخاذ القرار حول الأنماط الثقافية والسوسيوسياسية الواجب الحفاظ عنها أو التخلي عنها، لا يمكن لأي سلطة أن تحل محله –المجتمع – سواء أكانت دينية أو سياسية، و"أن أي محاولة لتعطيل حق حرية المشاركة تأسيسا على قيم تقليدية مثل الأصولية الدينية أو لون سياسي أو ما يسمى القيم.الآسيوية ،إنما هو ببساطة إغفال لقضية الشرعية ولحاجة الناس أصحاب المصلحة في المشاركة من أجل اتخاذ قرار بما ذا يريدون ،وماذا يقبلون مدعوما بالأسباب العقلانية "(امارتيا صن –التنمية حرية). وعلىسبيل الختم فبالرغم من عدم الإقرار بالحق في التنمية، وغيرها من حقوق الجيل الثالث، ضمن أي اتفاقية دولية ملزمة وبشكل مستقل فان تظافر الجهود في سبيل ضمان حياة إنسانية مبنية على التعايش والتسامح واحترام الأخر مداخل مؤسسة لإقرار الحق في التنمية.
#عبد_الصمد_المجوطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في التعصب
-
الصحراء الأمازيغية الإنسان و المجال
-
ما بعد الأمازيغية: أطروحات لخطاب أمازيغي جديد
-
الخطاب السياسي الأمازيغي الحقل والمفاهيم
-
الهرمينوطيقا والخطاب الأمازيغي!
-
الزوايا السياسية بالمغرب بين غياب النظرية السياسية والعداء ل
...
-
االأمازيغية والوثيقة الدستوريا ا لمجلس الاقتصادي والاجتماع و
...
-
الأمازيغية والمقاربات الممكنة
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
-
قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|