|
تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الخامس : التكنولوجيا والمدينة البرجوازية
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8035 - 2024 / 7 / 11 - 10:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
التكنولوجيا والمدينة البرجوازية - [ ] 1 ) - [x] ما بدأت البرجوازية تحققه للدولة من ضرائب على استثماراتها المتنامية في قطاع الصناعة قد : دفع الحكومات والبرلمانات إلى إصدار التشريعات التي تمنح النشاط البرجوازي حرية تتعمق بشكل مستمر : وقد أدّت هذه الحركة إلى تضاؤل واضمحلال وبالتالي : انقراض الفئات الاجتماعية التي كانت مرفهة في ظل حكم الدول الزراعية ( التي هي في الغالب دينية ) … - [x] 2 ) - [x] نقلت الثورة الصناعية مركز القوة من قلاع الفرسان الريفية إلى معامل الصناعة التحويلية في المدن ، وبدأت الصناعة تملأ خزائن الدولة بأموال طائلة : أضعاف ما كانت تحصل عليه من ضريبة الأرض الزراعية . وقد وجدت هذه الأموال طريقها إلى بناء مدينة برجوازية : رُسمت تصاميمها لتلبي حاجة البرجوازية الى سهولة انسياب حاجاتها الأساسية من مواد خام وقوة عمل ، وان تمنح قوى الأمن إمكانية السيطرة السريعة على المظاهرات والاحتجاجات العمالية ( بعد ان أصبحت الدولة بقوانينها ومؤسساتها ؛ دولة البرجوازية ) … - [ ] 3 ) - [ ] لقد فرضت البرجوازية عبر برامج أحزابها القوانين والتشريعات الخاصة بهيكل المدينة البرجوازية العام لتحقيق السرعة والنظام : سرعة وصول المواد الأولية ، وسهولة انتقال العمال إلى المعامل الإنتاجية ، وبالمثل تحقيق سرعة انتقال البضائع من معاملها إلى الأسواق الداخلية والى الموانيء والمطارات في طريقها إلى الأسواق الخارجية . وهكذا ولدت المدينة البرجوازية . بشوارعها العريضة ، وساحاتها وأسواقها ، وجامعاتها : بطراز معماري تخلت فيه عن ضخامة معمار عصر الباروك ، مبتعدة - في قوانين الحركة التي وصعتها لتنظيم الحركة العامة - عن تقاليد مكان الريف الزراعي العشوائية . لقد تضافرت ثورات التكنولوجيا : ثورة الاتصالات اللاسلكية مع ثورة الكهرباء مع ثورة المحركات البخارية في ايجاد مكان يصعب التعرف فيه على تقاليد وعادات العالم الزراعي الخالية من النظام والتنظيم . ان المكان المديني الجديد : هو نتاج خالص للتخطيط العلمي ، واداة تنفيذه الأولى : التكنولوجيا ، وهذه سيرورة متواصلة في التاريخ : كل حضارة تصنع مكانها الخاص برموزه الجديدة : وحضارة التصنيع صنعت مكانها الجديد المزدان برموزه الجديدة : المعامل بدخانها الذي يصل عنان السماء ، وباسواقها ، وبمحطات القطارات ، وبالمباني البارزة لمكاتب البريد والمدارس والجامعات ، ومبانٍ بارزة لشرطة الدولة وقضائها ومحاكمها … - [ ] 4) - [ ] بهذا المعنى يصح القول بان تصنيع التكنولوجيا المناسبة لحل التحديات كانت في القلب من حركة بناء حضارة جديدة ، فمنذ ان نجحت المحركات البخارية في التخلص من المياه الجوفية ، وسهلت من عملية التعدين واستخراج الفحم الحجري : أصبحت التكنولوجيا اداة التغيير الاساسية : إذ بدونها وبدون الثورتين العلمية والصناعية لن تتمكن البشرية من تحقيق هذه النقلة العظيمة في مستوى معيشتها . ان ارتفاع مستوى معيشة الناس جاء مترابطاً مع ولادة تكنولوجيا من نوع خاص : هي بالضبط التكنولوجيا : التي تستجيب للتحديات الطبيعية والاجتماعية ، فالثورة الصناعية لم يصنعها العقل التآمري المسيحي على الإسلام والعرب ، إنما صنعتها حاجة شعوب اوربا إلى ايجاد الحلول للمشاكل والتحديات التي تواجهها ، وقد بدأت الثورات الصناعية في البلدان التي باشرت تحديث وتنمية مجتمعاتها - كما يشير إلى ذلك تاريخ التحديث والتنمية - بإبداع تكنولوجيا للتحديات المباشرة التي تواجهها : ففي بريطانيا بدأت الثورة الصناعية باختراع المحركات البخارية لامتصاص المياه الجوفية ورفع كفاءة التعدين في بريطانيا ، ثم تطور استعمال المحركات البخارية إلى ايجاد ثورة المواصلات باستعمال المحركات البخارية في القطارات والسكك الحديد حتى استعمال المحركات ذاتية الاحتراق باسناد مباشر من ثورةً الكهرباء مما جعل من الثورة الصناعية ، حقيقة واقعة : اذ ان الثورة الصناعية تصبح هي الحقيقة الاجتماعية والسياسية والعلمية الأولى التي تشغل بال قادة المجتمع : حين تتوالد ثورات تكنولوجية متعاقبة … - [ ] 5 ) - [ ] والعراق بحاجة إلى اختراع تكنولوجيا خاصة بايقاف التصحر وعواصف الرمال ( وقد كتبت ذلك قبل 10 سنوات في مقال تحت عنوان : تكنولوجيا الرمال . ) ، وإذا ما نجح العراقيون في ايجاد هذه التكنولوجيا ، فإنها ستكون " القاعدة التكنولوجية " التي ستنطلق منها : الثورة الصناعية العراقية - ولكن العراق لا يتمكن من تحويل افكار موهوبيه من العلماء والمخترعين ونظرياتهم العلمية إلى تكنولوجيا : الّا عن طريق تصنيعها ، والحال ان حكومات العراق الإسلامية لا تجرؤ على اعادة تشغيل مئات المعامل المعطلة منذ 2003 ، فكيف يتمكن من وضع قاعدة تكنولوجية لمشكلة تحدي التصحر - وهًو تحدي وجودي - تكون قاعدة انطلاق الثورة الصناعية في العراق ؟ - [ ] وهذه واحدة من نقاط الضعف التي قللت من هيبة التيارات الإسلامية الحاكمة ، وأطاحت بقوتهم الناعمة : وأفقدتهم تأثيرهم الآنيّ والمستقبلي على الوعي الجماعي للناس الذي بدأ - ولكن ليس بسرعة كافية : يجد مستقبله ليس مع الإسلاميين العاجزين عن عن فعل أي شيء يذكر يمت بصلة للتكنولوجيا والعلم والحياة … - [ ] يتبع
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الرابع / التعتيم على مصدر قوة ا
...
-
كلمات ضاحكة
-
تآكل هيبة الإسلاميين الجزء الثالث / حقائق الاستعمار المُغَيب
...
-
تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الثاني
-
إلى حجاج بيت الله
-
تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الأول : اوهام وضلالات
-
شعلة 14 تموز : لا تنطفئ
-
قرار معاقبة نتنياهو وقادة حماس : قرار انساني
-
وهم المقاومة المسلحة ومثال جنوب افريقيا
-
زيارة رئيس الوزراء العراقي الى واشنطن من زاوية ثقافية
-
امنعوا ايران من الرد
-
الروائي نجم والي : وتغيير مكان ولغة عالمه القديم / الجزء الا
...
-
بمناسبة عيد الشعوب الكوردية القومي
-
تونسية - بمناسبة ٨ آذار
-
المسرحي باسم قهار
-
السيادة والوعي الطائفي ( ٣ )
-
الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة
-
رمزية نصوص الشاعر محمد النصار
-
مفهوم السيادة والوعي الطائفي
-
لا سيادة في العراق
المزيد.....
-
بزشكيان: دعم إيران للشعب الفلسطيني المظلوم مستمد من تعاليمنا
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف إيلات وميناء حيف
...
-
المقاومة الاسلامية بالعراق تستهدف إيلات المحتلة بالطيران الم
...
-
اضطهاد وخوف من الانتقام.. عائلات كانت مرتبطة بتنظيم -الدولة
...
-
في البحرين.. اكتشاف أحد أقدم -المباني المسيحية- في الخليج
-
“ولادك هيتجننوا من الفرحة” ثبت الآن قنوات الأطفال 2024 (طيور
...
-
إيهود باراك: على إسرائيل أن توقف الحديث عن ديمونا
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
ماما جابت بيبي..أضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأق
...
-
تفاعل مع استقبال رئيس الإمارات لشيخ الأزهر (فيديو)
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|