|
_12_ أدب القضاة محمود العبطه
خالص عزمي
الحوار المتمدن-العدد: 1766 - 2006 / 12 / 16 - 10:57
المحور:
سيرة ذاتية
اذا ما سرت في جانب الكرخ في الشارع الرئيسي بدءا من منطقة رأس جسر الشهداء ؛ وبمحاذاة شاطيء نهر دجلة ؛ فانك ستمر بمحلة الشيخ بشار ؛ فمحلة سوق الجديد ؛ فمحلة خضر الياس ؛ فمحلة الست نفيسة ؛حيث تسكن عائلة الحاج ابراهيم جاسم العبطة والد كل من الوزير القومي المعروف ( محمد العبطة ) ؛ والذي درسنا الاجتماعيات ؛ في السنة النهائية من ثانوية التفيض الاهلية ؛ والمحامي ؛القاضي الاديب( محمود العبطة )؛ الذي كان قد عرفني عليه في اواخر الاربعينات ؛ الشاعر و الباحث العروضي؛ واحد رادة التراث الشعبي ( عبد المجيد الملا ) في مقهى الخراز في (محلة جامع عطا ؛ لصاحبها المضياف الاريحي ( عبد الله ابو ماشة ) ؛ حيث كنا نرتادها ـ نحن الادباء الشباب ـ على تلك الايام .والتي كان يحضر مجلسها الادبي اسبوعيا ؛ الشاعر المسرحي خضر الطائي ؛ وقاريء القران عبد المنعم السيد علي ؛ والشاعر عبد اللطيف الكمالي ؛ والشاعر كمال الجبوري ؛ واحيانا يوسف الضاحي وفريد فتيان وعبد الرحمن السلوم .
كان محمود العبطة ؛ متوسط الطول ؛ عريض الجبهة ؛ حاد البصر ؛ له شارب قصير ؛ لايكاد المرء يتبينه الا اذا اقنرب منه ؛ قوي الصوت ؛ له ضحكة مميزة ذات قهقة متقطعة ؛ لا تلتقيه الا وقد حمل تحت ابطه الايمن بعضا من الكتب والمجلات التي حرص على وضعها في ملف كارتوني سميك ما استبدله الا نادرا
كان العبطه ؛ قد بدأ النشر في الصحف البغدادية في الاربعينات وهو ما زال طالبا في الثانوية ؛ ثم راح ينشر في الصحف العربية المشهورة ؛ وابرزها ( الرسالة ) للاديب المصري الفذ ؛ احمد حسن الزيات ؛ وتطور نهجه الادبي بعد ذاك ؛ فراح يركز على جانبين مهمين ؛ الشخصيةالثقافية العراقية ؛ والتراث الشعبي . فتوسعت دائرة نشره بتوسع دائرة اطلاعه وتنوعها ؛ وكان لحضوره الندوات والمجالس الادبية سواء منها ما يعقد في البيوت او المقاهي المشهورة ؛ كالبيروتي والزهاوي وحسن عجمي والبرلمان والشابندر وخليل القيسي ؛ وعرب والدفاع البلدية وباب المعظم ... الخ اثره البارز في تطور مفاهيمه الثقافية بعامة . لقد امتهن العبطة المحاماة ؛ وصار ملازما للمحاكم وبخاصة الرئاسية منها المجاورة للقشلة ؛ وكان يطيب له الجلوس في غرفة المحامين حيث يلتقي كبار الادباء المحامين والقضاة ؛ كاحمد حامد الصراف ؛ وعباس العزاوي ؛ وفائق السامرائي ؛ وصادق الاعرجي ؛وداود السعدي ؛وحسين محي الدين ؛ وعبد الامير العكيلي وعبد العزيز المطير وغيرهم كثير ؛ وكان لا يفضل سوى الجلوس في الركن الايسر الاخير من تلك الصالة الواسعة حيث كنا نجلس نحن شباب المحامين آنذاكفي الخمسيتات من القرن الماضي ؛ من امثال عدنان فرهاد ؛ وحارث طه الراوي ؛ وخالد عريم ؛ واحمد فوزي عبد الجبار ؛وعبد الستار الجميلي و فوزي عبد الواحد ؛ وبديع عمر نظمي ... الخ كان محمود العبطة قريبا جدا من القوى اليسارية و الحركة الديمقراطية آنذاك ؛ كما كان قريبا من اقطابها ؛ كالاساتذة ؛ كامل الجادرجي ؛ وحسبن جميل ؛ وهديب الحاج حمود ؛ ومحمد حديد؛ ومظهر العزاوي وغيرهم ؛ ولم ينقطع عن التواصل الا حينما عين في اوائل الستينات ؛ قاضيا خارج بغداد ؛ حيث راح يتنقل في منصبه في مدن شتى كخانقين والمقدادية؛ وبعقوبة ؛ وابي الخصيب ؛ والبصرة ... والذي عرف عنه آنذاك ان اهتماماته الادبية قد تغلبت على توجهه القانوني ؛ اذ لم يتخذ من القضاء مركزا يبرز فيه مواهبه وقدراته وعلمه ؛ لهذا لم يعد من أولئك القضاة المتفوقين في مجالي الادب والقانون ؛ كما مر بنا ونحن نستعرض طائفة بارزة منهم في فصولنا السابقة . وعلى الرغم من تنقلاته بحكم وظيفته ؛ فقد ظل على اتصال مستمر بالحركة الادبية وبجمهرة الادباء والصحفيين ؛ فما من مقال او قصة او قصيدة تنشر في الصحف المحلية او العربية وتثير اعجابه ؛ الا ويكون له فيها رأي او تعليق ؛ وما اذكره ؛ ان اول برقية تهنئة وصلتني في اعقاب نجاح اول حلقة من عملي التفزيوني ( نوابغ الفكر ) عام 1966 ؛ كانت من العبطة حينما كان قاضيا في بلدروز و كان قد ارسلها بتاريخ12 تشرين الثاني 1966 في الساعة العاشرة واربعين دقيقة جاء فيها (بلد روز ــ بغداد وزارة الثقافة والارشاد ــ الاستاذ خالص عزمي : نشد على يدكم ونبارك عملكم الادبي الرائع / محمود ) .
كان محمود العبطة ؛ يفضل نشر دراساته وبحوثه ومقالاته وغيرها ؛ في كتيبات صغيرة الحجم سهلة القراءة والتداول ؛ بعد ان يكون قد نشرها في الصحف والمجلات ؛ وكان من ابرزها ( حول السجن الكبير 1954ومع المجرمين الطيبين 1954؛ والقصة الفصيرة في العراق 1957 ثم تعاقبت مقالاته بعدئذ ومنها ( جعفر ابو التمن ؛ معروف الرصافي ؛ خيري الهنداوي ؛ قاسم العلوي ؛ فهمي المدرس ؛ يوسف رجيب ؛ اتبراهيم صالح شكر ..... الخ ) . اما بحوثه الفولكلورية فاهمها ( رجل الشارع ؛ الفولكلور في بغداد (1963) ؛ الملا عبود الكرخي ؛ عثمان الموصلي ؛ الموسيقى في بغداد...)؛ وتتوزع كتبه على انماط شتى من المعرفة ومنها ( القافلة 1959؛ الديمقراطية في العراق 1960؛ محمود احمد السيد 1961؛ بدر شاكر السياب والحركة الشعرية المعاصرة 1965؛ رؤساء تحرير الزوراء 1969؛ الوطنية في شعر حافظ جميل ؛ والخطيب في تاريخ بغداد 1981 ... وهناك غيرها في الفارابي والرصافي وثورة العشرين ...) اتصف اسلوب العبطة بالسلاسة والبساطة في التعبير ؛ فحينما تقرأه لا تجد فرقابين ما يتحدث به وبين ما يكتبه . فيا طالما راقبته وهو يطلق صوته عاليا وهو يملي على قلمه ما يجول بخاطره ؛ دونما اي تكلف . والنماذج التي نوردها هنا تفصح عن ذلك الاسلوب الذي تصاحبه الانماط الوثائقية والجدية ؛ وبعض من نسمات الظرف البغدادي المعروف عنه . × في الوصف : (بهرز بلدة وديعة واهلها يتصفون بالطيبة ومن المشاهد الرائعة فيها طراز البناء السكني المتباين في الارتفاع .....) ×السياب 1 ــ: ( تعرفت على السياب عام 1943في نادي أدبي صغير ؛ كنا نقيم فيه الاجتماعات الادبية ونكرم الشعراء ؛ وأهم تلكم الاجتماعات احتفالنا بسابع يوم لوفاة الرصافي ؛ وفي هذا النادي ؛ عرفني شخص أجهله الآن ؛ بشاعر من البصرة كما قال وانه تلميذ في دار المعلمين العالية فرع اللغة الانكليزية ؛ وكان سنه ؛ سن تلميذ في الدراسة المتوسطة ؛ فأردتها مناسبة في تقديمه الى اجتماع صغير من ادباء بغداد ؛ وأخذ يقرأ شعرا من انماط شتى ؛بأسلوب مؤثر وحركات غريبة ؛ اذ كان يندمج في جو شعره ؛ اندماجا محببا ويؤشر اشارات تفصح عما في قلبه ؛ وقد حرك الشجون وهز العواطف .)
2 ــ :( عندما اصدر الشاعر ديوانه الاول ازهار ذابلة في 1947 وصدره بقصسدة من الشعر العمودي ومطلعها البيت المشهور ـــ ديوان شعر كله غزل بين العذارى بات ينتقل )؛ أطلع على الديوان الشاعر التقدمي الاستاذ علي جليل الوردي فنظم بيتا على السجية وقال للسياب : كان الاولى لك ان تقول : ديوان شعر ملؤه شعل بين الطليعة بات ينتقل ...)
× الأدب الشعبي : ( لقد نبغ العراقيون بفن قراءة المولود النبوي الشريف ؛ اذ أجمع المؤرخون بأن اول محاولة في هذا السبيل هي التي قام بها المؤرخ ذو النسبتين دحية والحسين والذي توفي في سنة 633 هـ؛ اذ ألف لصاحب أربل كتابا سماه ( التنوير في مولد السراج المنير ) وقرأه عليه في سنة 604هـوشاعت في بغداد ؛ ومنها انتشرت الى سائر الاقطار .وفي المولد يتلو القاريء قصة ميلاد الرسول (ص) بأداء خاص تتخلله وقفات تقوم بها البطانة ؛ وتغني ما يسمى بالتنازيل ويسهم الحاضرون معهم بالترديد او الغناء .)
وكم اتمنى ان تعمد دور النشر الاهلية او الحكومية ؛ لجمع ماكتبه او نشره القاضي الاديب محمود العبطة في مجموعة موحدة لاعماله الكاملة خدمة للتاريخ المعاصر والأدب والتراث الشعبي .
#خالص_عزمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما احلى الوفاء
-
نشر ثقافة الحوار وتطويره
-
نوابغ الفكر العراقي
-
الاتجاه المعاكس نحو البيت الابيض
-
قصة قصيرة : أيام المستشفى
-
ايام العدوان الثلاثي على مصر في لندن
-
لعنة العراق
-
قانون ادارة الدولة الملغي و تعديل الدستور
-
654965
-
الحاضر .... ليس النهاية
-
أدب القضاة 11
-
موسيقى أفلام المقاومة ورحيل الموسيقار أرنولد
-
أيها الخفاق في مسرى الهوى
-
ناتاشا كمبوش وأطفال العراق
-
لقائي الاول مع نجيب محفوظ
-
أدب القضاة 10
-
وردة الغربة على قبر البياتي
-
عزف لبناني منفرد
-
أدب القضاة 9
-
فما لك غير لبنان وتشفى
المزيد.....
-
وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 13 شخصًا جراء غارات إسرائيلية ال
...
-
زيلينسكي يتوقع الحصول على مقترحات ترامب بشأن السلام في يناير
...
-
مصر تتطلع لتعزيز تعاونها مع تجمع -الميركوسور-
-
زالوجني: الناتو ليس مستعدا لخوض -حرب استنزاف- مع روسيا
-
أكبر الأحزاب في سويسرا يطالب بتشديد قواعد اللجوء للأوكرانيين
...
-
استطلاع جديد يوضح بالأرقام مدى تدهور شعبية شولتس وحزبه
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
هل تشعر بالتوتر؟ قد يساعدك إعداد قائمة بالمهام في التخفيف من
...
-
النيابة العامة تحسم الجدل حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد
...
-
نتنياهو: التسريبات الأخيرة استهدفت سمعتي وعرّضت أمن إسرائيل
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|