أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هداياك التي لم تفضّ أغلفتَها بعد (١)














المزيد.....

هداياك التي لم تفضّ أغلفتَها بعد (١)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8034 - 2024 / 7 / 10 - 11:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كلما صدم عينيَّ كومُ قمامة في الطريق، يراودني سؤالٌ: لماذا لا نستحدث وزارة توعية مؤقتة خاصة بالنظافة وحسب، تكون كلُّ مهمتها توعية الناس بأن إلقاء ورقة صغيرة في الشارع جريمة كبرى لا تقلُّ خطورة عن جريمة خيانة الوطن! وينتهي عملُها باختفاء آخر ورقة من آخر شارع في مصر؟ القمامة في الطرقات أمرٌ لا يليقُ بنا ولا نليقُ به! لا يليقُ بـ"الإنسان" بوجهٍ عام، ولا يليقُ بـ"المصري"، صانعِ أولى حضارات التاريخ، على وجه التخصيص.
ولأنني سبق وتكلمتُ عن فرادة "المصري" في مئات المقالات من قبل، دعوني اليومَ أفتحُ مِظلّة الحديث وأتكلم عن فرادة "الإنسان"، ذلك الكائن الأسطوري الذي ميّزه اللهُ بمزايا ومواهبَ خارقة، ومنحه هدايا، غالبًا ما يعيش ويموت دون أن يعرفها أو حتى يفضَّ أغلفتها. وحدهم العباقرةُ والناجحون والاستثنائيون في هذ العالم، اكتشفوها واستثمروا فيها حتى صاروا فرائدَ التاريخ، في حين غفل عنها غيرُهم من عوامّ الناس.
- “مَن أنا حتى أكونَ عبقريًّا ورائعًا وموهوبًا وخارقًا؟!” كثيرًا ما يسألُ المرءُ نفسَه هذا السؤالَ على استحياء. ويجيبُ "العلمُ" عن ذاك السؤال قائلا: - “بل مَن أنت حتى لا تكون كذلك؟!"
وُجِد الإنسانُ للتعبير عن التكريم الذي منحه اللهُ لبني البشر. ذاك التكريمُ لم يمنحه الُله للبعض منّا دون الآخر، بل منحه لكل واحد فينا على حِدة. تقول "ماريان ويليامسون”، الكاتبة الأمريكية الشهيرة: “نحن نخافُ من المواهب الفطرية التي نمتلكها، ربما بسبب الخوف من المسؤولية التي تُلقيها تلك المواهبُ على عواتقنا. إن النورَ الكامنَ داخلنا، وليس الظلام، هو الذي يخيفنا.” واستلهم الفكرةَ ذاتها "ستيفن كوڤي" في كتابه المهم: "العادة الثامنة… من الفعالية إلى العظمة"، الذي أكمل به كتابه المهم أيضًا: "العادات السبع... للبشر الأكثر نجاحًا" الصادر مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي. "العادة الثامنة" هي التي تحوّل النجاحَ، إلى عظمة واستثناء. وملخص "العادة الثامنة": "ابحثْ عن صوتك، وألهم الآخرين أن يجدوا أصواتهم.”
كلما صدمني فعلٌ مُشين يأتي به إنسانٌ ما مثل: البلطجة، العنف، العنصرية، التطرف، البذاءة، التنمّر، القسوة، الكذب، إلقاء القمامة، وغيرها من أدران السلوكات اللاأخلاقية، أقولُ لنفسي إن هذا الإنسانَ "ضحيةُ نفسه"، لأنه أغفل حقيبة الهدايا التي يمتلكها منذ ميلاده، ولا يدري عنها شيئًا، ولم يفضّ أوراقَها بعد. في يقيني أن جميع مجرمي العالم، وجميع أشرار العالم، وجميع سفاحي العالم، وجميع إرهابيي العالم، وجميع الفاشلين في هذا العالم…. هم أولئك الذين تركوا هداياهم خبيئةَ أغلفتها. الفاشلُ هو ذلك الشخص الذي - بسبب انعدام ثقته في نفسه وفي مِنَح السماء - قد ضيّع فرصةَ أن يكون إنسانًا ناجحًا أو عظيمًا أو إصلاحيًّا أو متحضرًا.
"الأفعالُ الصغيرة"، لا تصدرُ إلا عن شخص يرى نفسه "صغيرًا”. وهنا يحاول "علمُ النفس" أن يقنعه بأنه إنسان كبير ومتحقق وعظيم، لكي يرفض من تلقاء ذاته أن يرتكب الصغارات والنواقص. فالإنسانُ الذي يدرك من داخله ويؤمن بأنه "جميل"، مستحيلٌ أن يقبل أن يخدش ذلك "الجمالَ" بسلوكات مُخزية وقبيحة أو لا أخلاقية. إنها جريمةُ "عدم الثقة بالنفس"، التي تنطلقُ منها - في تقديري الخاص - معظمُ آفات السلوك الإنساني غير الكريم، في كل مكان وزمان. لأن الإنسانَ الواثق في نفسه وفي عظمة الخالق التي منحها للمخلوق، يرى نفسَه طوال الوقت جميلا وراقيًّا ومتحضرًا لمجرد كونه "إنسانًا"، فيتصرفُ من تلقاء ذاته بتلك الرؤية، وتصطبغُ جميعُ سلوكاته وأفعاله اليومية بسَمتِ الجمال والرقي والتحضر، فلا يُلقي قمامةً في شارع، ولا يظلم ولا يسرق ولا يرتشي ولا يتطرف.
في مقالي القادم يوم "الخميس" بإذن الله، أحدثكم عن ثلاثة من تلك الهدايا النفيسة، التي ننسى أن نفضَّ أغلفتَها ونستمتع بها.
***
ومن نُثار خواطري:
***
(في زمن الكوليرا)
كان القياسُ خاطئًا
حيثُ أرَّخَ “ماركيزُ" للحبِّ
بطريقةٍ
هى مَحْضُ جنون:
برقياتٌ
في كلِّ محطة
سنواتُ تَعَبُّدٍ
وانتظار
وثلاثةُ أعمار
حتى يُشيِّدَ قصرًا بوهيميًّا
من أجل مَلكةٍ
أبدًا
لن تَجيء
...
لكّنهُ
يقينُ العاشق
الذي يُسقِطُ السنواتِ
ويجعلُ الصَّبَّ
ناسِكًا
في مذبحِ الانتظارِ المقدّس.


***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبلُ … صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر
- فتحُ الكنائس للمذاكرة… هل ثمرة المُحبّ جريمة؟!!
- المذاكرةُ في بيوت الله… من دفتر المحبة
- هكذا وجدنا آباءنا … فتركناه مفتوحًا!
- الفرنسيسكان … رُعاة العلم والفنون
- أخبرني أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!
- “المصري اليوم-… جريدةُ -الضمير-
- مجتمع “قالولووو-!
- الرحلةُ المقدسة … عيدًا مصريًّا
- رسمُ الحياة … في عيون أطفالنا
- كلامٌ في -البديهيات-... المنسية!
- نبوءةُ الرجل المثقف!
- ٦٠ دقيقة… القتلُ مرتين!
- -المتوحّدون”.. النسخة -الأنقَى- من البشر
- -العالِم- … العالِمُ
- قانون -الأخلاق-... عند الجدِّ الصالح
- طيارة ورق … اتركها لفوضاها
- قلقاسٌ أخضرُ … وثلجٌ ناصعُ البياض
- زيارةٌ واحدة … كل شهر!
- إيزيس الحكيم … إيزيس السعداوي


المزيد.....




- مفتي بلغاريا يتحدث عن دور المؤسسات الدينية والإفتائية في موا ...
- “فرحي عيالك ومتعيهم بأجمل الأغاني” إليكم خطوات ضبط تردد قناة ...
- توتر بين الشرطة وجنود.. وتحقيق بـ-إساءات خطيرة- لفلسطينيين ب ...
- ماريا الهطالي: أطلقنا وثيقة أبوظبي في الاستيعاب الشرعي للمست ...
- وزير الشئون الدينية بالجزائر: القصص القرآني فيه تقرير لمبادئ ...
- مصر.. الكنيسة القبطية تطالب باريس بالاعتذار
- رجال الرب في المكتب البيضاوي.. كيف تؤثر الكنيسة على الانتخاب ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- الشيخ صلاح: الموقف الشعبي (العربي والاسلامي الرسمي) -مقموع و ...
- ما حقيقة صلاة الآلاف في فرنسا بعد إهانة المسيح في الأولمبياد ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هداياك التي لم تفضّ أغلفتَها بعد (١)