أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التداخل والتشابك في قصيدة -أكذب- مهدي نصير














المزيد.....

التداخل والتشابك في قصيدة -أكذب- مهدي نصير


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8034 - 2024 / 7 / 10 - 05:37
المحور: الادب والفن
    


" إذا قلتُ أني أُحبُّكِ
أكذبُ :
أنتِ الدَّمُ السَّاخنُ
والقصيدةُ
والماءُ
والفرسُ التي تصهلُ في الليلِ فوقَ الجبالِ البعيدةِ
كي أرتقي نحوها وأنامَ على زندِها
وأغسِّلَ وجهي بماءِ ينابيعها الدافئةْ" .
مهمة الشاعر لا تكمن في وصف الأشياء فحسب، بل في الطريقة التي يُوصف بها الأشياء/الأشخاص، في تجاوزه للمألوف/للعقل، في جعل الأشياء/الأشخاص لها أفعال/قدرات خارقة، في رفعهم إلى السماء وتجاوزهم لما هو (عادي) الشاعر "مهدي نصير" يعطي (المرأة/الحبيبة) هذه الصفات.
يفتتح الشاعر القصيدة بمخاطبة (الحبيبة) الحاضرة له والغائب لنا، وهذا يعطيها سمة القدسية، فهي لا تظهر إلا له، من هنا جعلها (غائبة) لا نراها بعيوننا، لكنا نعرف أفعلها/ أثرها/قدرتها من خلال ما قاله الشاعر عنها.
سنتجاوز فاتحة القصيدة: "إذا قلت أحبك/ أكذب" وندخل مباشرة إلى ما وراء تكذيب الشاعر لقوله "أحبك" فهي مُوجدة للخير/للخصب/للفرح/للسعادة: " الدم الساخن، القصيدة، الفرس" فالشاعر يعطنا ثلاثة أشياء مهمة له، الدم الساخن يشير إلى تعلقه بالحياة الفاعلة والمؤثرة والمتأثرة بما يجري حولها، والقصيدة الأداة التي يكون بها الشاعر شاعرا، ويستطيع من خلالها أن يعبر/يرسم/يتحدث أدبيا عما يريد، والفرس من تأخذه/توصله إلى الحرية/الكرامة التي ينشدها، فهي وسيلته نحو الحياة السوية.
وإذا ما توقفنا عند هذه العناصر سنجدها مكونات الفرح، الأنثى/المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد/الثورة، وسنجد أن الشاعر جمع وزاوج في طريقة تقديمه لهذه العناصر، الجمع بين الأنثى/المرأة وبين الطبيعة من خلال "الفرس، الماء" والجمع بين المرأة والثورة من خلال "الدم الساخن" والجمع بين الكتابة والطبيعية والأنثى/المرأة من خلال "القصيدة والماء والفرس" مما يجعل عناصر الفرح متداخلة ومتشابكة يستحل فصلها عن بعض.
وهذا التلاحم له علاقة ببنية القصيدة وتركيبتها التي تؤخذ كوحدة واحدة، وكحلقة متصلة تبدأ وتنتهي عند نقطة الانطلاق ذاتها، من هنا كان لا بد من وجود (وسيلة) يستطيع بها الشاعر تمرير هذه العناصر المتشابكة والمداخلة، ولا بد من وجود (مادة) تنساب فيها هذه العناصر المتشعبة والمتشابكة بسهوله وتأخذها/تسيرها معها، فكان الماء هو الوسيلة، ألم يقل الله في كتابه "وجعلنا من الماء كل شيء حي" فالماء في القصيدة لم يقتصر دوره على أسباب الحياة العادية، بل تعداه إلى الحياة المتألقة المتحررة من بؤس الواقع ونكده، من هنا وجدنا الماء يتبعه "الفرس التي تصهل في الليل فوق الجبال البعيدة" وإذا ما توقفنا عند هذا المقطع سنجده متعلق بالزمن القاسي والمؤلم "ليل" ومتعلق بالمكان الذي يحن إليه "الجبال البعيدة" وينشده قولا وفعلا، من هنا جاء الحلم/الأمل/الهدف الكامن في: "أرتقي، وأنام، وأغسل"
اللافت في هذه الأفعال أنها بمجملها (روحية) وليست مادية، بمعنى أنها متعلقة بالجمال، بالأخلاق، بالهدوء، بالتحول الإيجابي، وليس لها علاقة بأي شيء مادي/جسدي، فالارتقاء/أرتقي جاء مقرونا بالوصول إلى الجبال البعيدة التي انتهكت من الأعداء، فبوصول الشاعر إليها يكون قد أزال عنها الشر وأعاد لها رونقها وجمالها وناسها/أهلها، مما جعل جمالها طبيعي غير مشوه.
أما النوم/وأنام فجاء كحالة سكون/هدوء بعيدا عن صخب الحياة، وبما أن الشاعر أشار إلى الأنثى/المرأة: "على زندها" فقد أعطى النوم أبعد من فكرة النوم العادي، فهو نوم هانئ، نوم حبيبين، نوم ينتج عنه الخصب الروحي والجمالي الذي جاء بعد: "أغسل وجهي"
فالاغتسال أدبيا ودينيا له علاقة بالتحول إلى ما هو جديد وإيجابي، فأنكيدو تحول من وحش إلى إنسان بعد أن اغتسل، وأكتمل المسيح بعد أن تعمد بالماء، وأصبح عمر الفاروق بعد أن اغتسل، وعندما اغتسل وجه الشاعر أنتج وكون هذه القصيدة، وما خاتمتها: "وأغسل وجهي بماء ينابيعها الدافئة" التي جعلته يرتقي روحيا وجماليا وأدبيا، إلا صورة عن هذا التحول الإيجابي.
فنجد الشاعر يعطي ثلاثة نتائج لفعل "أغسل" "ماء، ينابيعها، الدافئة" وكلها ألفاظ فرح/بيضاء ومتعلقة بالماء، مما يشير إلى تواصل بينية القصيدة وتكاملها.
قلنا: إن القصيدة تبدأ وتنتهي عند نقطة الانطلاق ذاتها، فقد بدأت من المرأة/الأنثى وانتهت بها وعندها: "زندها، ينابيعها" وقلنا أن هناك تداخل/تشابك في عناصر الفرح: المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد، وهذا أيضا وجدناه في الخاتمة، عندما تحولت الجبال البعيدة إلى أنثى ينام على زندها، ليقوم بعد النوم ويغسل وجه، "بماء ينابيعها الدافئة" إذا ما ربطنا هذه الخاتمة المتألقة بما جاء سابقا: "القصيدة والماء والفرس" سنتأكل أن هناك تلاحم/تكامل/تواصل فيها، فالماء ذكرة (مباشرة) مرتين: الماء، بماء" وذكر حالته "الدافئة" التي ستمتع الشاعر وتجعله قادرا على الإبداع والتـألق.
من هنا لا يمكن لأي قارئ أن يرى/يجد امرأة عادية تتكون من لحم ودم في هذه القصيدة، بل امرأة أخرى، أبعد وأكبر وأعمق مما يظهر على سطح القصيدة، فهي مرتبطة بالدم الساخن، بالجبال البعيدة، بالفرس التي تصهل، بالينابيع الدافئة، وإذا ما توقفنا عند "الدم الساخن" وما فيه من قوة وفاعلة على إزالة الأوساخ، وبين "الينابيع الدافئة" سنصل إلى ما أراده الشاعر الذي يحترم عقل المتلقي، ويقدم قصيدة يتداخل فيها الظاهر مع الباطن.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكان وانسياح الشخصيات في رواية -ما لا نبوح به- ساندرا سراج
- الفلسطيني والاحتلال في مجموعة -على جسر النهر الحزين- محمد عل ...
- رواية ذاكرة في الحَجْر تفضح أنظمة الاستبداد كوثر الزين
- المثقف في رواية -موسم الهجرة إلى الشمال- الطيب صالح
- الصوفية والحرب في -أجيء إلى ذراعيك- جواد العقاد.
- الشاعر والوطن في ديوان -لا أكتب الشعر- جمال قاسم
- تناسق الشكل والمضمون في -ديوان ما ظل مني- عبدالسلام عطاري
- الهدوء والقسوة في -ولي لغتي- جمال قاسم
- العدوان واللغة في قصيدة -نهار متوحش- جواد العقاد
- عناصر الفرح/التخفيف في أنا لا أكتب لأحد جروان المعاني
- الهزيمة والنصر في قصيدة -أمطار حزيرانية- علي البتيري
- رواية الحكاية في رواية -تزوجت شيطانا- كفاح عواد
- القصيدة الساخنة -رسائل لم تصل- سميح محسن
- انحياز المرأة للمرأة في -نساء في غزة- هند زيتوني
- الواقع الفلسطيني في قصيدة -سجل- هنادي خموس في ذكرة الخام
- درب الآلام الفلسطيني في قصيدة -وكبر الرحيل- منير إبراهيم
- الطرح الكامل في قصيدة -جذور- سامي البيجالي
- المسموح والممنوع في -شرط- مأمون حسن
- ثنائية الإبداع في قصيدة -خلف الباب- سمير التميمي
- الازدواجية في كتاب متلازمة ديسمبر للكاتب فراس حج محمد


المزيد.....




- مهرجان الجاز الدولي الأول في بطرسبورغ يجمع 600 موسيقي و200 أ ...
- تفاعل واسع مع تتويج بلال محمد كأول بطل عالم فلسطيني للفنون ا ...
- عاصمة مملكة كندة.. المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية ثامن ...
- كولومبيا.. الإعلان عن تشكيل جبهة ثقافية عالمية لدعم فلسطين
- إدراج أم الجمال الأثرية الأردنية في قائمة اليونسكو لمواقع ال ...
- الفنانة لطيفة تثير الجدل بتصريح حول المهاجرين خلال حفل في تو ...
- اليونسكو تدرج أربعة معالم إفريقية على قائمة التراث العالمي
- وفاة إيدنا أوبراين مؤلفة رواية -فتيات الريف- عن عمر يناهز 93 ...
- أكبر جدارية وسط خيام النازحين.. فنان فلسطيني يجسّد بريشته مآ ...
- عودة روبرت داوني جونيور إلى أفلام -مارفل- بشخصية شريرة


المزيد.....

- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التداخل والتشابك في قصيدة -أكذب- مهدي نصير