ابراهيم نور الدين
الحوار المتمدن-العدد: 8031 - 2024 / 7 / 7 - 21:04
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ أربعينيات القرن العشرين والأنظمة العربية تتلاعب بالقضية الفلسطينية وفي الثمانينيات دخلت دول إقليمية على الخط واختلطت الأوراق والخاسر الوحيد هو الشعب الفلسطيني.
قبيل نكبة ثمانية وأربعين فرضت بريطانيا على الدول العربية أن تدخل في حرب مع العصابات الصهيونية وهي تعلم أن هذه ال أنظمة لا تملك القوة الكافية للوقوف في وجه الحركة الصهيونية لكن الهدف الخفي لذلك كان بالإضافة إلى منع الفلسطينيين من حل قضيتهم مباشرة مع الصهيونيين أن تخلق صراعا بين الفلسطينيين والعرب بتحميل الأنظمة العربية وزر الهزيمة ومسؤولية ضياع فلسطين وبالتالي تخلق الصراع الذي لن ينتهي بين الفلسطينيين والأنظمة العربية. ولا تخفى الأيدي البريطانية في مؤامرات تغييب قادة الدول العربية التي شاركت في الحرب حتى تشفي صدور الفلسطينيين من أعدائهم الوهميين. وخلال عشر سنوات كانت كل أنظمة الشرق الأوسط قد تغيرت.
وفي الستينات عاودت الأنظمة العربية التلاعب بالقضية الفلسطينية فخلقت القمة العربية منظمة التحرير الفلسطينية لتحميل الفلسطينيين وحدهم مسؤولية قضيتهم وبعد ذلك بسنة أو اقل خلقت الأنظمة العربية منظمات فلسطينية مسلحة بهدف وهمي عنوانه تحرير فلسطين بطريقة الحرب الشعبية لكن ذلك اضر بالقضية ضررا لا يوصف نعاني منه حتى الآن.
ولا يخفى ما الذي حدث ما بين حرب حزيران وحرب أكتوبر، ست سنوات عجاف عاشتها القضية الفلسطينية أسفرت عن تدمير القضية وتحويلها إلى مجرد قضية صراع إقليمي برزت فيه منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وكانت تلك الفكرة من اختراع هنري كيسنجر وقد أدت وظيفتها تماما في استكمال تدمير القضية الفلسطينية وضياع حقوق الشعب الفلسطيني وتحويل قضيته إلى مجرد سعي لإقامة سلطة بعنوان القرار الفلسطيني المستقل.
هذه المقدمة ربما تكون ضرورية لفهم إبعاد المشكلة التي تعاني منها المنطقة الآن. ما هي المشكلة الآن؟ أنها من ذيول اجتياح لبنان في الغزو الإسرائيلي عام 1982 الذي دمر منظمة التحرير وحولها من قوة مسلحة إلى مجرد فصيل سياسي يسعى لتحقيق مكاسب حتى لو كانت على حساب الحق الفلسطيني في التحرير والعودة.
معروف أن إسرائيل على الدوام مستعدة لتوجيه ضربة عسكرية لأعدائها وفي بداية ثمانينات القرن الماضي كانت منظمة التحرير الفلسطينية هي العدو الأساسي لإسرائيل. وقد كانت المنظمة تحكم جنوب الليطاني حكما مباشرا تقريبا وتحكم لبنان حكما غير مباشر في خضم الحرب الأهلية اللبنانية.
ما الذي اشعل الغزو الإسرائيلي في حزيران 1982؟
كانت الحرب العراقية الإيرانية مشتعلة وكانت القوات العراقية تتراجع في الجبهة وقد خسرت كل الأراضي الإيرانية التي احتلتها في بداية الحرب كما بدأت تخسر أراضي عراقية. ولأجل تحويل أنظار العرب عن الهزيمة العراقية أمام إيران حرض العراق منظمة فدائية فلسطينية باغتيال السفير الإسرائيلي في لندن وكانت تدرك أن الرد سيكون هجوما واسعا على منظمة التحرير في لبنان. وهذا الذي حدث بالفعل وانشغل العالم العربي كله بالغزو الإسرائيلي الذي وصل إلى بيروت ودمر منظمة التحرير واجبرها على نزع سلاحها والتخلي عن مبدأ المقاومة المسلحة والتحرير وأجلاها من لبنان وجعلها فصيلا سياسيا يسعى إلى المكاسب السياسية مثل أي حزب سياسي.
نتائج حرب لبنان خلقت الفرصة لإيران لإنشاء حزب الله ليكون ذراعها في المشرق العربي.
سياسة تحويل الأنظار عن القضايا الكبرى التي تعاني منها الدول الإقليمية لم تتوقف. فالعراق في التسعينات عندما كان يعاني من ضغط العقوبات الدولية والتفتيش على أسلحته ظل يحرض الفلسطينيين وحركة حماس بشكل خاص على تخريب عملية السلام من خلال التفجيرات الانتحارية التي نجحت في تدمير كل الفرص التي اتيحت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وبعد سقوط صدام حسين تولت إيران هذه المهمة بتعاون خفي من جهات إرهابيه ومشبوهة فملأت غزة بالسلاح والعتاد ودمرت كل فرصة لتحسين العيش ونفع الفلسطينيين في القطاع وحولت السكان إلى مجرد أدوات بأيدي حماس والجهاد. ومن غير المستبعد أبداً أن انقلاب حماس في عام 2007 كان بتحريض وتمويل من إيران.
ولأجل تخريب عملية التطبيع التي كانت ممكنة بين إسرائيل وبعض الدول العربية واهمها المملكة العربية السعودية جرى تحريض حماس على عملية السابع من أكتوبر التي تشكل نكبة جديدة للشعب الفلسطيني ستكون نتائجها بالتأكيد أكثر دمارا من نكبة عام 1948. كما يمكن أن يكون هدف إيران من إشعال جبهة غزة ولبنان خو تحويل الأنظار عن تسارع عملية تخصيب اليورانيوم لصنع القنبلة النووية.
لقد عمل النظام العراقي وكذلك السوري ومن ثم الإيراني على تخريب كل فرص قطاع غزة لكي يتحول إلى منطقة طبيعية للعيش. وكانت الخطط الموضوعة بعد عملية أوسلو أن تصبح غزة أشبه بدبي وهونغ كونغ لكن محور الشر عمل على إضاعة هذه الفرصة.
والان ما الذي يجري في الشرق الأوسط؟ إلى أن يتجه الوضع العام وما هي نتيجة الحروب التي وقعت والتي ستقع قريبا؟
من الواضح أن إسرائيل تستعد لهجوم قوي جدا يدمر قوة حزب الله مثلما تم تدمير قوة منظمة التحرير كما سيدمر لبنان معه. لكن ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
في عام 1982 وبعد تدمير المنظمة جاءت قوات أميركية لحفظ الأمن والنظام في لبنان وكان يمكن أن تأخذ الأحداث مسارا مختلفا إلا أن تفجيرات كانت إيران وراءها دفعت الولايات المتحدة لسحب قواتها الأمر الذي حول لبنان إلى ساحة مفتوحة لإيران لكي تخلق حزب الله وتعزز دوره وتعظم سلاحه وتصل أمور لبنان إلى ما وصلت إليه اليوم.
في هذه المرة يجب أن لا يجبن العالم الحر ولا بد من تشكيل قوة تحالف دولية سواء كان ذلك بقرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع أم بدون قرار، لأن روسيا والصين قد تنقض القرار، وتكون مهمة هذه القوة الدولية تخليص لبنان من حزب الله وسلاحه بصورة نهائية وإعادة تشكيل لبنان وفق ما يريد أهله بعيدا عن هيمنة إيران وسوريا.
إذا لم تتحرك القوى الدولية بهذه الطريقة فإن نتائج أي حرب إسرائيلية على حزب الله ومع أنها ستؤدي إلى تدمير الحزب وقوته لكنها ستؤدي أيضا إلى حرب أهلية جديدة في لبنان وربما إلى تدخل سوري وإيراني ولن نعود نرى لبنان الذي نعرفه.
أما فيما يتعلق بقطاع غزة فالمطلوب قوة عربية بقرار من مجلس الأمن يفرض السلام في القطاع لكي تبدأ مسيرة بناء جديدة تعيد الحياة إلى القطاع وتحوله إلى مكان قابل للعيش وقادر على النمو والتطور فالشعب الفلسطيني في القطاع المغلوب على أمره والمسلوب الإرادة من قبل أدوات إيران يستحق حياة أفضل.
#ابراهيم_نور_الدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟