سعيد اتريس
الحوار المتمدن-العدد: 8031 - 2024 / 7 / 7 - 21:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
1_ يَقُولُ نِيتْشَة فِي كِتَابِ "هَكَذَا تَكَلَّم زَرَادُشْت" ص 153 بِتَرْجَمَة عَلَى مِصْبَاح : "هُنَاكَ أَلْفٌ طَرِيقٌ لَمْ تَطَأْهَا قَدمَ بَعْدَ، أَلْفِ عَافِيَة و جَزِيرَة خُفَّيْة لِلْحَيَاة، غَيْر مُسْتَنفذ وَ لَا مُكْتَشِف يَظَلّ الْإِنْسَان، وَ كَذَلِكَ أَرْضُ الْإِنْسَان، لِتَظْلوا يَقَظَين وَ لِتَصْغوا أَيُّهَا الْمُتَوَحِّدين ! مِنْ أَصْقَاع الْمُسْتَقْبَل تَأْتِي رِيَاح تَخْفِق بِأَجْنِحَة سُرِّيَّةٍ، وَ الْأذْن المُرْهَفِة هِيَ الَّتِي تتَلَقَّى رِسَالَة الْبشَرِى". حَدِيثُ نِيتْشَة هُنَا يُعَبَّرُ عَنْ فِكْرَةِ أَنْ الْعَالِم مَلِيء بِالْفُرَص وَ الْمَجْهُولُ الَّذِي لَمْ يُكْتَشَفْ بَعْدُ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ كُلِّ مَا نَعْرِفُهُ وَ نَرَاه، هُنَاك دَائِمًا الْمَزِيد لِاسْتِكْشَافُه وَ إكْتِشَافِه. كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ نَفْسَهُ غَيْرَ مُسْتَنفذ، أَيْ إنْ طَاقَاتِه وَقُدُرَاتِه لَا تَنْتَهِي، يُمْكِنُه دَائِمًا الْعُثُورِ عَلَى طُرُقٍ جَدِيدَةٍ لِلتِّطور وَالنُّمُوُّ، تَأْتِي أَهَمِّيَّةَ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ بِأَنَّهَا تُشَجِّع الْإِنْسَانِ عَلَى الْمَغَامِرَة وَ الِاكْتِشَاف، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَالَمِ الْخَارِجِيِّ أَوْ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِه، وَالسَّعْي الْمُسْتَمِرّ لِتَحْقِيقِ الْمَزِيدِ وَفهِم الْمَزِيد. هِيَ رُؤْيَةُ تَحُثُّ عَلَى التَّطَلُّعِ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ بِعُيُون مَفْتُوحَة وَإِرَادَة قَوِيَّة لِاسْتِكْشَاف الْمَجْهُول
2 _ هُنَاكَ مُسْتَوَى , هُوَ مِنْ أَعْلَى الْمُسْتَوَيَات الَّتِي يُمْكِنُ إسْتِشْعَارِهَا بِعَالِم الْإِحْيَاء. مُسْتَوَى الْمَزْجِ بَيْنَ الرَّائِحَةِ و الْمُوسِيقَى و الطَّبِيعَة. مُكَوِّن مُرَكَّب يَجْعَلَك تَسْتَشْعِر إنْحِنَاء السَّطْح الْأَمْلَس لِجَنِين كُلُّ مَا هُوَ مَخْلُوقٌ خَارِج بَطْنِ الْأَرْضِ. تَرَى عَيْنُك وَهِي تَخْتَرِق سَطْح الْفُقَّاعِة. يَمُرُّ الزَّمَن بِبُطْأ وَ الْحَرَكَة نَاعِمَة مَنْ فَرَّطَ سُرْعَة كُلّ شَيْئ ! شَتَّانَ بَيْنَ الِإحْتِرَاق و إشْتِعَال السُّكْر , بَيْنَ النَّارِ وَ جَمْر الْفَحْم الْمَاكِث, بَيْن عُنْف سُقُوط جَبَل و إنْهِيَار نَهْرٍ. مِنْ اللَّطِيفِ تَحْوِي كُلُّ قُوَّةٍ. كتَاو "Tow" يَتَحَرَّكُ و يَخْلُق ذَاتِهِ مِنْ عَدَم
3 _ تِكْنُولُوجْيَا الْأَقْدَمِين, لَا تَتَلَخَّصُ فِي رَفْعِ الْحِجَارَةِ, أَوْ فَتَحَ أَبْوَابَ نَجْمٍية أَوْ خَيْمَياء مُتَطَورة لتشُكَيْل الْمَعَادِنُ ! لَا تَلْتَفِتُ لِلْقَشور عَزِيزِيّ. تِكْنُولُوجْيَا الْأَقْدَمِين لَمْ تَطَوُّر حَقِيقَةً غَيْرَ مُفَاعِل سري قَوِيّ إسْمُه " الْإِنْسَان "
4 _ نَقِيقَ الضِّفْدَعِ يُعَبِّرُ عَنْ إعْلَان شَكْل وُجُود و نُفُوذ حُدُود و دَلَالَة نِدَاء بِوَقْت التَّكَاثُر. صَوْت الْكَرَوَان يُعَبِّرُ عَنْ إنْفِرَاجِه وَ فهِمَ بَعْد حُزْن. لَكِنَّهُ لَيْسَ نِدَاء تَكَاثَر جِنْسَيْ و حَسْبُ. بَلْ تَكَاثَر تَعَدَّدي لِوُجُودِ فَكَرِة أَوْ حَدْسٌ ظَهَر نَقِيّ و يَرْغَبُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى إِظْهَار. أَنَّهُ إظْهَارُ وُجُود لِأَمْرٍ مَا لَا يَنْتَمِي لِمَنْطق الْمَادِّيُّ, بَلْ لِحَدِس رُوحِي, فِيهَا الْفِكْرَة تَدْغَدغ فِطْرَةُ تِلْك الْكَائِنَات الْمُتَّصِلَة, فَتَظْهر دَلِيلٌ ! أَنَّهُ نُزُولٌ بَذْرِة فَكَرِة عَلَّهَا تَجِد أَرْض تَحْتَضِنُهَا !
5 _ الْقِطَارُ لَنْ يَتَوَقَّف لَئِنْقذ أَحَدُهُمْ وقِفَ بِطَرِيقِ سَيْرِه صُدْفَةٌ أَوْ خَطَأً. لِأَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ سَيَمُوت كُلٍّ مِنْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى عَاتِقِهِ بِعَرَبَاتِه ! هَكَذَا تَتَحَرَّك مَتَاريس الْكَوْنُ, دُونَ شَفَقَةِ أَوْ رَحِمَة ! إنْتَبَهَ ! لَا تَضَعُ نَفْسَك فِي الِاحْتِمَالِ الْمُهْلِك, ثُمَّ تَطْلُبُ مَغْفِرَة ! التَّنْوِيرِ هُوَ تَحَرَّك قَافِز بَيْنَ عَجَّلَات الْقِطَارُ. يَحْتَاج لِيَاقَة رُوحِيَّة مَطْلُوبَة و إنْتِبَاه حَاد. تتمُّاهي مَعَ مَتَاريس جُبَارَةُ, و الْحِسّ حَيّ يُدْرِكُ كُلُّ تَفَاصِيلُ هَذِهِ الرِّيَاحِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ حَرَكَةِ الْمُتَارَيس. تُحَاسَب نَفْسَك بِعَدْلٍ عَلَى كُلِّ صِفَةٍ. وَتُكْسَر سَرِيعًا كُلّ وَهُمْ
6 _ رَاقِبْ بِلَا تَوَدَّد أَوْ رَفَضَ. بِلَا إنْبِهَار أَوْ إسْتِعْلَاءً، فَقَطْ مُرَاقَبَة. أَنَّه إسْتِشْعَار حَرَارَة العُشْبُ الأَخْضَرُ بِلَا لَمْسُه.
7 _ إذَا إسْتَطَاعَتْ الْبَشَرِيَّة أَنْ تُطَوِّرَ ذَاكِرَة الْإِنْسَان لِيَتَذَكَّر فَقَطْ تَفَاصِيل أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ كَامِلٍ بِحَيَاتِه ! سيرِتقي الْوَعْيُ بِشَكْل فَجَائي وَ مَهُول. مَا يَسْهُلُ تَلَاعُب الْجَمِيعِ هُوَ النِّسْيَانُ, أَوْ التَّنَاسِي, أَوْ التَّشْتِيت. الذَّاكِرَة هِيَ الْأَدَاةُ الْأُولَى فِي تَلَاعُب الْبَشَر وَأَعَادَة بِرَمَجَتِهِمْ وَ كِتَابِة تَارِيخِهِمْ. كُلُّ ثَمَانِ سَاعَاتٍ يَتِمّ تَغْيِيرٌ أَوْ مَحْوٌ أَوْ إزَاحَة مَعْلُومَة وَاحِدَةٍ وَ بِدَوْرِه يُسَبِّب ذَلِكَ قَطْعٌ تَسَلْسَل الِاحْتِمَال الْبِنَاء ! فَائِدَة التَّأَمُّلِ فِي الْمَنَاطِقِ الْبَعِيدَة الطَّبِيعِيَّة, هُوَ تَكْرَارٌ الْحَيَاة الْمُتَسَلْسِل لِفَتْرَة تَذْيِد عَنْ 8 سَاعَات بِمُضَاعَفَتها. ذَلِكَ يُعْمَلُ عَلَى إعَادَةِ تَمْغًنط الْفِكْرَة. آسْتَقِيمُوا يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ !
8 _ لِتَحْصُلَ عَلَى تَحْقِيقِ رَغْبَتِك عَلَيْك أَنَّ يَكُونَ حُدُودِهَا الْعِنَان. الْكَوْن يُحَقِّقُ مَا يَجِدُهُ أَقَلَّ مِنْ الْمَطْلُوبِ, لِذَلِك إجْعَلْ الْمَطْلُوب مُسْتَحِيل ! يَعْمَل الْقَانُونِ فِي الِاتِّجَاهان سَلْبًا وَ إِيجَابًا ! يُحَقِّق أَقَلَّ مِنْ الرَّغْبَةِ بِشِقِّله, وَ يُزيد عَلَى خَيَال الْمُشْكِلَة شقله. سُلْطَانٌ الرُّوح بِالْإِرَادَة, و الْإِرَادَة تَعْمَل بِوِتْيرة خَاصَّةً عَلَيْك إتْقَانُها ! فَقَطْ تَذَكَّرَ أَنَّ يَكُونَ لِلْمُعبد بُنْيَانٍ و عَوَامِيد بَسِيطَةٌ أَوَّلِيَّة لِتَرْتَفِع النَّارُ عَلَيْهَا ! لِأَنَّهُ بِدُونِ إعْطَاءٍ سَبَب لِلرَّغْبَة يُعَدُّ عَدَمُ إحْتِرَام لِلْقَانُون و يَتِمّ مَحْو الرَّغْبَة !
9 _ عَزِيزِيّ لِنَكُنْ صَادِقِين, إنَّهَا مُجَرَّدُ مَلْهَاة سَتَنْتَهِي بعْدَمية. أَنْتِ تعْرِفُ ذَلِكَ جَيِّدًا عِنْدَمَا تَحْتَضِن صَمْتُك فِي أَحَدِ أَرْكَانِ حَيَاتَك وَحِيدًا ! لِذَلِك عَلَيْك التَّسَارُع, لِخَلْق أَمْرٍ مَا يُظِلُّ قَائِمًا رَغْم عَدَمِيَتِهَا. أَمْلَىء وَقْتُك نَجَاح و سَعَادَة وَ فَرَحٌ يَظْهَرُ عَلَى وُجُوهٍ الْاخَرِين عَل ذَلِكَ يَكْسِرُ الْفَرَاغ الْقَابِع بِقَلْبِك. لَا تَدَعْ الزَّمَن يَعْصِرك بَرَّتْابة دُونَ أَنْ تَدَاعبه بِالرُّوحِ. إذَا كَانَتْ الظَّلَمَة قَانُون, رُبَّمَا بِبَعْض الْمَصَابِيح الْمُلَوَّنَة الصَّغِيرَة تَخَلَّق بَعْض الْبَهْجَة. الْجَمِيعُ لُصُوص الزَّمَنِ, لَكِنْ شَتَّانَ بَيْنَ لِصّ أَحْمَق, وَ بَيْنَ نَبِيل عَرَفَ كَيْفَ يَسْتَعِيد مَا سَرَقَ مِنْه ! أَجْري عَزِيزِيٌّ فِي دَوَائِرِ, تَارِكًا بِكُلّ دَائِرَة أَثَر يَمِيزك ! يَرْحَمُ اللَّهُ بِالنِّهَايَة مِنْ صُنْعِ لِرَحْمَتِه مَجْلِسًا !
10 _ عِنْدَ سُقُوطِ الْقَطْرَة تَبْدَأُ فِي الَّتِكور, التَّشَخُّصِن, الجَاذِبِيَّة الْأَرْضِيَّة تَجْعَلَهَا تَنْفَصِلُ عَنْ الْمَصْدَرِ, تَتَمَاسَك ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَسْقُطُ لِتَصْنَع مَوْجَات مَرْكَزِيَّة الْمَصْدَر لِتعَبر عَنْ الَّذِوَبِأَنّ فِي الْمِسْطَحِ الْمَائِيِّ الَّذِي إحْتَوَاهُا. لِتَبْدَأَ فِي الَّذِوَبِأَنّ هِيَ وَ الْكُلِّ وَاحِدٌ. فِي هَذَا الْمَشْهَدِ الْكَثِيرِ مِنْ الْمَعَانِي الَّذِي يَعْكِسُ طَبِيعَة الْقَانُون الفِيزِيقِيّ فِي تَعَامُلِهِ مَعَ كُلِّ كِيَان رُوحِي. النَّفْسِ عِنْدَ إنْفِصَالِهَا بِسَبَب الثِّقَل بَعْدَ نُضْجِ مَشِيمَتِهِا. تَكُونُ الشَّخْصِيَّة, وَ هِيَ حَالَّةٌ ذَاتِيَّة إنْعِزَالِيَّة لِلْأَنَا. ثُمَّ تِلْكَ الشَّخْصِيَّة تتْرَك أَثَرًا فِي مُحِيطِهَا بِصُورَة مَوْجَات ذَائِبُهْ فِي الْحَالِ الْجَمْعِيّ الْحَاوِي لَهَا. لِتَنْتَهِي أَخِيرًا فِي صُورَةِ دَفْق مَع التَّيَّار ! حِينَهَا تَتَبَدَّل الشَّخْصِيَّة مِنْ حَالِة ذَاتِيَّةٌ إلَى حَالَةٍ جَمْعِيَّة ! إسْتِعْدَادًا لِلدَّوَرَان فِي دَوْرَةِ جَدِيدَة إحْيَائِية, تَنْتَهِي إمَّا بِالدُّخُولِ فِي هِيكَلْ جَدِيد حَيّ أَكْثَر وَعْيًا. حِينَهَا تَقُوم الْجُذُور بِإمْتِصَاصِهَا مِنْ جَدِيدٍ ! أَوْ تَنْتَهِي بِالتَّبَخُّر الذَّاتِيّ صَاعِدَة عَكْس الجَاذِبِيَّة !
11 _ لَتَكْسِب نَفْسَك, أَفْهَم الْاخَرِين, لِتَفْهَم الْاخَرِين, عَلَيْك أَنَّ تَكُونَ نَفْسَك. وَلِتَكُون نَفْسَك عَلَيْك أَنَّ تَتْرُكَ نَفْسَك ذَاتِيَّة رَدَّ الْفِعْلِ. وَلِلْوُصُول لِذَاتَيْة رَدُّ الْفِعْل عَلَيْك الَّذِوَبِأَنّ بِالْمَوْقِفِ مَع الْاخَرِين. هِيَ إذْنٌ ذَاتِيَّة الْحَرَكَة أَتَوْماتيكَيْة لَا تَتَوَقَّفُ. لَا تُعْرَفُ نَفْسَهَا إلَّا بِإخْتِبَار دَوَرَانِهَا. أَنْتَ لَا تَتَعَلَّمْ بِمَعْلُومِة, أَنْت تَتَعَلَّم بِحَرَكَة. ذَاكِرَة الْحَرَكَة و الدَّوَرَان أَهَمُّ مِنْ قَاعِدَةِ تَتْبَعُ ! كُلُّ خَطَأ تَتَعَلَّمُ مِنْهُ, تُحْسَبُ أَنَّه وَعَي جَدِيدٍ أَوْ فَكَرِة تَمّ هَضْمِهَا, بَيْنَمَا منْ يَتَعَلَّمُ بِحَقٍّ هُوَ تِلْكَ النَّفْسُ ذَاتِيَّة رَدّ الْفِعْل.
12 _ الْخَوْفُ ذَيْل. و الرَّأْس وَهُمْ. إذَا تَغَلَّبَت عَلَى الرَّأْسِ, سَهْل سُحق الذَّيْلِ ! مِنْ إبْتَلَع ذَيْلِه تَمَكَّنَ مِنْ التَّدْوِير !
13 _ فِي عِرْفَانِ الْمُعَلِّم عِنْدَمَا يَصِلُ الْمُعَلِّم لِكَمَال تَجْرِبَتِه, عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَار.أَمَّا تَطْوِير الْعَالِمِ وَرَفْعَ وَعْيِه,أَوْ الْمَوْتِ وَ الِانْتِقَال بِسَلَام. دُونَ ذَلِكَ يَظَلّ شَوْكَة عَالِقة بِظَهْرِ الْكَوْنُ ! عَالِمًا الْقَاعِدَة الْأَهَمّ : عِنْدَمَا يَتَحَوَّل الرَّمْز لطقس " فِعْلُ " تَظْهَر قُوتِه, عِنْدَمَا يَتَحَوَّل الطَّقْس لِرَمْز يَخْفَت
14 _ الْقَلْبِ رُبَّمَا لَيْسَ مِنْ الْغَرِيبِ أَنَّ يُسَمَّى الْقَلْب بِهَذَا الِاسْم ! قَلْب. مُتَقَلِّب. قَالِب. إنْقِلَاب، لِأَنَّه الْمَضخة الَّتِي تَقُومُ بِتَفَعيل دَوْرَة الْحَيَاة. عَلَيْهَا إنْ تَكُونَ مَسْرَح الْمُتَعَاكَسَات, الْمُتَنَاقِضَات, قَمَر شَمْس, خَيْر وَ شَرَّ, أَبْيَض و أَسْوَدُ. إمَّا الْقَلْب الْحَقِّ فَهُوَ ثَالُوثَهُمْ. هُوَ الْفُؤَادُ, و الْفُؤَادِ مِنْ الْفئيد, هُوَ صَوْت النَّارَ الَّتِي تُحْرَقُ شَوَائِب الْحَيَاة. نَارًا هِيَ إذْنٌ يَحْوِيهَا مضخة ثُنَائِيَّةٍ. ثَلَاث تَخَلَّق إثْنَانِ. وَ عَلَى الْعَيْنِ إنْ تُفْهَم !
15 _ حَتَّى الْوَتَد الْقَاسِي, هُو أَلْيَاف رَقِيقِة، ضَعِيفَة، مُتَرَاكِمَة، مُتَرَاصَّة بِعِنَايَة !
16 _ لَنْ تَحْدُث لَك أَيْ مُعْجِزَات مَادِّيَّة, قَبْلَ أَنْ تَمُرَّ بِأَعْظَم مُعْجِزَة رُوحِيَّةٍ, هِيَ الِاسْتِفَاقَة الْحَيَّة ! مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا ! السَّمَاءِ لِمَا لَا تَسْتَجِيبُ لِلْجَمِيعِ ! لِأَنَّ مَا يصَلِّهَا يصَلِّهَا فَقَطْ مِنْ الَّذِينَ إخْتَرَق نَصْل نَارِهِمْ الْحِجَاب. اللَّهُ إلَهٌ إحْيَاء, وَالْأحْيَاء هُمْ مِنْ مَاتُوا قَبْلَ زَمَنِهِمْ ! هِيَ لَيْسَتْ بِإسْتِجَابَة وَحسِب، بَلْ بِتَحْقِيق. أدَّعي وَ حَقِّقْ مَا دَعَوْتُ لَهُ بِتَرْتِيب الْأَعْلَى كَمَا بِالْأَسْفَل, عَل اللَّه يَهبَك تَدْبِير ذَلِكَ ! وَفِي ذَلِكَ سرَّ لِمَنْ رَأَى وَ تَيَقَّن !
17 _ مِنْ الْحِكْمَةِ إخْتِبَار الْفُرْسَان، مَنْ يَقُومُ بِإخْتِبَارِهِمْ هُوَ رَسُولُ الْمَلِكِ الْمُحَنَّك، مُتَخَفِّيًا فِي صُورَةِ أَعْرَابِيّ غَرِيب. مَشِيئَةِ الْأَبِ فِي الِإخْتِبَارِ لَا تَتَّفِقَ مَعَ مَشِيئَةِ الِابْن. أَغْمَض عَيْنَيْك وَتَنَفَّس. أَصُمْت قَلِيلًا وَثِق. دَعْ الْخَلْقِ لِلْخَالِقِ وَتَنْاغم مَعَهُمْ.
18 _ الْخَوَاصُّ مِنْ شِدَّةِ خَوْفُهُمْ مِنْ الْعَوَّامِ يُعَامِلُونهم بِقَسْوَة. الْعَوَامُّ مِنْ شِدَّةِ خَوْفُهُمْ مِنْ الْحَيَاةِ يَكْرَهُونَ كُلَّ آخِرَ ! الْجَمِيعِ بِالنِّهَايَة طِفْل مُتَوَهَّم مَرَّتَعب ! لَا أَحَدَ يَلْعَبُ مَعَ مَنْ أَتْقَن شِطْرَنْج الرُّوحِ ! لِأَنَّهُ تَسْقُطُ أمَامُهُمْ حَقَارَةَ النَّفْسِ وَ أَدَوَات الْوَهْم, و عَبَث ضَحِكَات الْمِهْرَج، مِنْ مُجَرَّدِ مُصَافَحَة وَاحِدَة يَتِمّ مَعْرِفَة مَكْنُونَات النَّفْس !
19 _ مِنْ لَدَيْهِ بِوَصْلِة الْحَقّ تَتَحَطم إمَامَةُ أَصْنَام الْوَهْم سَرِيعًا بِمُجَرَّدِ لَمْسٍ قَلْبِهَا, مَنْ هُوَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ هُمْ الْأُعْجُوبَة الْحَقِيقِيَّةِ عَلَى الْأَرْضِ. لَا تَنْبِهر بِصَنَم فكَرِة, أَوْ مَنْهَجِ أَوْ عَاطِفَةٌ, أَوْ أُسْطُورَةٌ, أَوْ عَادَةً, أَوْ حَتَّى جَبَل يَتَحَطم أَمَامَكَ لِتُرَاب ! لِأَنَّك أَعْظَم حَتَّى مِنْ رِيَاحٍ لَطِيف الرَّبِيع ! الطَّبِيعَة مُعَلِّمَك, و دَوَائِر أَفْلَاك الْحَقّ تَهَبَك السِّرُّ فِي هَمَس لَطِيف أَثْنَاء حَرَكَتُهَا و دَوَرَانِهَا المَهُول. لَا تَلْتَفّ, لَا تَنْبِهر, لَا تَتَمَسَّك, إنْضَبَط, تَدَفُّق, و أَصُمْت بِمُرَاقَبَة حَيَّة !
20 _ الْوَعْيِ الْقَائِمِ عَلَى إنْبِهَار, يُتَبَخَّر، يَمِيل لِلنِّسْيَان, لِأَنّ عُنْصُر النَّارِ فِيهِ أَعْظَمُ مِنْ الْمَاء ! الْوَعْي الْقَائِمِ عَلَى فَهْمِ وَ يَقِينَ, يَتَكَثف يَمِيلُ لِلْحُضُور, لِأَنّ الْعُنْصُر النَّارِ فِيهِ مُتَّزِن مَع الْمَاءِ ! بِدُونِ مِلْحٌ لَا خُلُود !
21 _ لَا تعْطَي الْأُمُورَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا, لِتَدْرُكُهَا جَيِّدًا ! ثُمَّ أَعْطي الْأُمُورَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا لِتَحَمَيْهَا وَ تَطَوُّرها ! الأَنْفُسُ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ يَمْكُثُونَ فِي غُرْفَةٍ الْمِرْجَل أَسْفَل قَبْو الْقَصْرِ, وَ فِي أَعْلَى الْغُرَفِ حَيْث مَجَالِس الِاسْتِشَارَة ! الْأَنْفُسِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي فِي كُلِّ مَا تَبْقَى مِنْ الْقَصْر !
22 _ الْحِكْمَةُ رَحمَة مُتَّفَكرة, عَاطِفَةٌ الْحَقّ حِسّ. الْعِرْفَاني مُحَقَّقٌ ذكِّي, الطَّبِيعَة أَدَوَاتِه !
23 _ منْ يَعْظُم صَغَائِرَ الأُمُورِ, يَبْتَلِيهِ اللَّهُ بِأَعْظَمِهَا ! هَذِهِ الْكَلِمَةِ العَبْقَرِيَّة تَحْفَظ سِرًّا عَظِيمًا لِلْحَيَاة و الْوَعْي. تُوَضِّحُ أَنَّ الْأُمُورَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ فِي نِصَابِهَا, زَمَنًا و مَكَانًا و فِكْرًا. مَا جُعِلَ كَثِيرُون يَفْشُلون وَ يَتْلَاشَوْن مَعَ الزَّمَنِ هُوَ تَكْبِير وَهمْ الذَّات و تَكْبِير حَجْمِ كُلِّ شَيْ لِيَسْتَشْعِرُوا بَعْضُ الْخَوْفِ الَّذِي أَصْبَحَ يَسْرِي بِالدِّمَاء لِيُطَمَأَنُّوا بِهِ ! عِنْدَمَا تَتَّخِبط كُلُّ الْأُمُورِ, آسْتَسْلَم بِرِضَا حَدّ التَّسْلِيم !
24 _ لَتَكْسِب نَفْسَك, أَفْهَم الْاخَرِين, لِتَفْهَم الْاخَرِين, عَلَيْك أَنَّ تَكُونَ نَفْسَك. وَلِتَكُون نَفْسَك عَلَيْك أَنَّ تَتْرُكَ نَفْسَك ذَاتِيَّة رَدَّ الْفِعْلِ. وَ لِلْوُصُول لِذَاتَيْة رَدُّ الْفِعْل عَلَيْك الَّذِوَبِأَنّ بِالْمَوْقِفِ مَع الْاخَرِين. هِيَ إذْنٌ ذَاتِيَّة الْحَرَكَة أَتَوْماتيكَيْة لَا تَتَوَقَّفُ. لَا تُعْرَفُ نَفْسَهَا إلَّا بِإخْتِبَار دَوَرَانِهَا. أَنْتَ لَا تَتَعَلَّمْ بِمَعْلُومِة, أَنْت تَتَعَلَّم بِحَرَكَة. ذَاكِرَة الْحَرَكَة و الدَّوَرَان أَهَمُّ مِنْ قَاعِدَةِ تَتْبَعُ ! كُلُّ خَطَأ تَتَعَلَّمُ مِنْهُ, تُحْسَبُ أَنَّه وَعي جَدِيدٍ أَوْ فَكَرة تَمّ هَضْمِهَا, بَيْنَمَا مِنْ يَتَعَلَّمُ بِحَقٍّ هُوَ تِلْكَ النَّفْسُ ذَاتِيَّة رَدّ الْفِعْل.
25 _ سَتَظَلّ الْإِنْسَانِيَّة حَال مُتَفَرِّد يَثْبُت الْكَثِيرِ مِنْ صِحَّةِ مُعْجِزَةُ خَلْقٍ الْإِنْسَانُ, رُوحٌ مَسَّتْ سَطْح الْمِيَاه فَخَرَجَتْ حَيَاة ! "خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَّق "
26 _ أَنْتَ لَا تَسَامُحَ أَحَد, أَنْت تتَصَالح مَعَ إنْطِبَاع طَبْعِهِمْ لَدَيْك.
#سعيد_اتريس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟