أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - العراق .. مسيح ٌ ، أجفانه ُ دمعة مؤذن . وضحكته ُ مريم العراقية














المزيد.....

العراق .. مسيح ٌ ، أجفانه ُ دمعة مؤذن . وضحكته ُ مريم العراقية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1766 - 2006 / 12 / 16 - 10:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لاتعرف المريم العراقية أبنة الخمسة اعوام ، سكنة كرادة مريم ، وهي تنطفئ مع ضوء شمعة عمرها حين كانت تجلس في باب مطبخ البيت لتخترق صدرها المتوهج ببياض القيمر شظية بحجم حبة حنطة ، من هاون آتٍ من مجهول لايرصده أحد . لتموت مريم وهي لاتعرف بعد دينها ، ومستقبلها وأكتمال إنوثتها . ماتت وليتها لم تولد ، تقول أمها : لقد خسرت عليها حناناً بحجم الارض ، وكنت أحلم أن تكون يوما ملكة لجمال العراق ، لإن زرقة عينيها تسرق سحر كل بحر .
ثم أردفت بدمعة الفيروز لتردد كلام يسوع المسيح : طوبى للرحماء فإنهم يرحمون .
من هذه العبارة نعرف إن مريم ، الزهرة العراقية ، هي من قوم عيسى . وهم كما في رؤى الإنتماء للتأريخ العراقي يتوارثون محبة طين الفراتين منذ نصرانية الحيرة وقبائل دولة الخورنق ، وكانوا في الفتح الأسلامي يحملون رقائق نصرانيتهم ليقولوا : نحن أبناء المسيح ومحمد من صلب نبينا ، ونحن لسنا في إخوة الجسد معكم فقد بل في إخوة الدين .
لهذا يشارك الأطفال المسيحيون موت الاطفال من المذاهب الاخرى ، ويتقبلون عن طيب خاطر الموت بشظية هاون ، رغم إن الحروب كلها صممت الهاون ليقتل الجنود في الأفواج المتحاربة عن قرب وليس لقتل اطفال المدن الآمنة .
ورغم هذا تموت مريم بشظية هاون ، ومعها تموت كل عاطفة ونخوة وإنسانية لذلك النهار الذي أمتد به عنق الهاون صوب المنطقة السكنية في بغداد والموسومة كرادة مريم .
وهكذا هو ثم الإنتماء الى العراق ..يدفع ثمنهُ حتى الاطفال ، رغم انهم ليسوا ملزمين بهكذا ثمن تعس ان يموتوا ولم يحملوا على ظهورهم حتى حقائب المدرسة الابتدائية وحتى لم يكملوا دورة التلقيح ضد شلل الاطفال .
يرى يسوع وميلاده يقترب مع اقتراب اجراس الكنائس وقناديل الحب مع مكان كنيسة المهد ، إن موتا كهذا يجعل العراق بلد للاسى وعلينا أن تصلي من أجله ، كل المذاهب والطوائف كي نقيه هذا الشكل العبثي من الموت ، الذي يصبح فيه الهاون رضاعة حليب أسود تفقد الطفولة بريقها .
يبكي مسيح المحبة والسلام ونحن نبكي معه . ولكي يؤدي رؤى قصيدة الحب التي ولد من إجلها تحت ظلال نخلة هزت رطب الوجد في ذاكرة مريم يفكر بأن يجعل من صورة الطفلة مريم التي أحرقت براءتها شظية الهاون ذات صباح في كرادة مريم ، يجعلها بطاقة تهنئة لكل الديانات في الكون ، من بوذا الى مراقد اولياء العراق ، فقط لكي تنبه العالم الى مايحدث في بلد الرافدين من مأساة الموت العلني ، وموت لاتبرره أي سابقة تاريخية ، ولاأي عصبية طائفية او قبلية ، بل إنه في حقيقته وليد نوازع هجينة لم يألفها النسيج العراقي في أي لحظة من لحظات تأريخه القائم على الآلفة والتجانس بين شتى مكونات المجتمع العراقي ..ولهذا يريد مسيح الرحمة من ميلاده السنوي ان يكون ميلادا اخر لمريم ، واستذكار لحجم معاناة الناس هنا ، كي نفكر بدرء الخطر والموت عن الذين بقوا يمسكون تراب وشبابيك العراق ، مثل غريق يمسك موجة الماء لينجوا .
وحتما مع دعوات نبي كريم كيسوع ، ومعه صوت آذان الصباح من كل جوامع العراق ، سيطل امل ما ، وربما سيكون موت مريم ، حافز لميلاد جديد ، وللحظة جديدة ، نفكر فيها ان نرفع هذا الهاون المقيت من ذاكرتنا ، ولنبدأ معا خياطة ثوباً جديدا لمريم عراقية جديدة في عيد ميلاد جديد .....



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر من لقاء لباولو كويلهو..صاحب رواية الخيميائي
- كيف تكتب خاطرة . بمزاج ستيني
- السيد غابريل ماركيز يطرق الباب
- العراق الذي نصفه رغيف . والنصف الآخر دمعة
- الحوار المتمدن / ذاكرة إبداعية متحضرة
- العراق بين تقرير بيكر وسيف عنتر
- شهوة اللسان . كلام أجفانك
- العراق ..بين الشهداء ، ودموع الأئمة ..والأنبياء
- العراق بين الطيف والسيف والسفارة الأمريكية
- مجلات أدبية . تطلق الرصاص على القاعدة وفرق الموت
- ( إسم الوردة ..وإسم الطين (
- العراق.. (من الذي يموت ...من الذي يزرع الوردة) ؟
- إيروتيكا ...الشفاهُ المبللةُ
- أنثى ..متصوفة في جسدها ..وبس
- العراق بين صوت الله ..وصوت الآه
- لاهوى إلا هوى العراق
- عطر مكة والتوهج الذي فيكِ
- رندة المغربي . موسيقى المكان . وحس الشعر . ودمعة باشالار الب ...
- ليلك ِ .. شراشف ضوء . السرير جفن - السيف
- وليد حسن جعاز - شهيد الحلم والوطن وطفولتنا معا ...


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - العراق .. مسيح ٌ ، أجفانه ُ دمعة مؤذن . وضحكته ُ مريم العراقية