|
لصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الخامس
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1766 - 2006 / 12 / 16 - 11:00
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نظرا لما للحركة التي يقودها الفلاحون الفقراء بأوزيوة من أهمية في الصراع الطبقي ، بين الطبقات البورجوازية و الكومبرادور و الملاكين العقاريين و المافيا المخزنية ، و بين الطبقات الشعبية من طبقة عاملة زراعية و فلاحين فقراء و صغار و كادحين ، إرتأيت تقديمة دراسة مستفيضة حول منطقة سوس التي تعتبر فيه تارودانت مركزا حضاريا هاما ، تأسس عبر التاريخ الطويل للإنسان بالمنطقة ، و هي اليوم تعيش تهميشا ممنهجا نتيجة السياسات التبعية للرأسمال المركزي ، إستمرارا لما تم تخطيطه خلال مرحلة الإستعمار المباشر لطمس تاريخ المدينة و تحويلها إلى مرتع للعاملات الزراعيات ، اللواتي يتم استغلالهن بالضيعات الفلاحية و معاملة التلفيف التي أقامها المعمرون الجدد على أراضي الفلاحين الفقراء بسوس.
معطيات إحصائية بتارودانت :
تمثل مساحة تارودانت 16500 كلم2 بنسبة% 2 من مساحة المغرب منها %60 من السلاسل الجبلية و %40 من السهول . موارد غابوية جد مهمة ب 570 ألف هكتار تضم في أغلبها غابات الأركان ب 456 ألف هكتار في الجبال والسهول و390 ألف هكتار من المراعي و200 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة من بينها 100 ألف هكتار مسقية. موارد مهمة من المياه لوجود طبقة مائية جوفية ذات احتياطي يقدر ب 50 مليار متر مكعب منها 8 مليارات يمكن استغلالها بنيت عليها 5 سدود:
ـ سـد عبد المومن بحقينـــــــة : 216 ملون متر مكعب . ـ سـد أولوز بحقينـــــــــــــــــة : 110 مليون متر مكعب . ـ سـد إيمي نلخنك بحقينــــــــة : 12 مليون متر مكعب . ـ سـد الداخلة بحقينـــــــــــــــة : 700 ألف متر مكعب . ـ سـد المختار السوسي بحقينة : 50 مليون متر مكعب .
تساقطات مطرية تتراوح بين 275 و 400 مليمتر في السنة بالإضافة إلى الكتل الثلجية التي تغطي قمم جبال الأطلس الكبير و التي تغذي المياه الجوفية ، كما تتخلل الجبال و السهول مجموعة من الوديان التي تزود وادي سوس أهمها تقع بين جبل سيروا بالأطلس الصغير و جبل توبقال الذي يحتوي على بحيرة إيفني بالأطلس الكبير.
و تتوفر المنطقة على موارد معدنية هامة منها الفضة و النحاس و الحديد و البريتين و الجبس و غيرها.
كثافة سكانية متوسطة ب 48 نسمة في الكلم2 و نسبة المدنية % 24 و تغلب نسبة الشباب ب % 67 أقل من 25 سنة من مجموع سكان الإقليم الذي يبلغ 788 ألف نسمة منها % 76 في البوادي .
و يتوزع الإقليم إداريا إلى :
07 بلديات و 82 جماعة قروية و 05 دوائر و 15 قيادة.
السياسة الفلاحية الطبقية بسوس :
يمكن للمعطيات السالفة الذكر أن تسمح بتركز تنمية فلاحية مهمة بالإقليم يمكن معها تطوير حياة الفلاحين الفقراء بحوض سوس ، لكن إقامة نظام للري بالمضخات في اتجاه فلاحة ذات طابع مضارباتي من أجل التصدير الذي ابتدأ العمل به منذ الأربعينات من القرن الماضي في عهد الاستعمار المباشر ، و الذي تسارعت وثيرته في الستينات من القرن 20 خلال مرحلة الاستقلال الشلكي ، نتجت عنه اختلالات في تدبير المياه بالطبقات المائية الجوفية و يتضح لنا ذلك في الجدول التالي الخاص بالحوامض فقط :
1976 1960 1955 1950 1940 السنة 19.000 10600 5300 2200 100 مساحة الحوامض بالهكتار
و بلغ استغلال الإراضي حاليا مداه بمنطقة أولاد برحيل و أولوز ب : 12 ألف هكتار من الحوامض في طور الإنتاج منذ سنة 2002 ، بناء سيدي أولوز و المختار السوسي و نبض المياه الجوفية بسبت الكردان ، و كان لقرار وزير الفلاحة في حكومة ما يسمى بحكومة التناوب سنة 2000 الذي يقضي بالسماح باستغلال 10 آلاف هكتار بهذه المنطقة ، أثر كبير في تدمير غابة أركان و ابتلاع أراضي الفلاحين الفقراء من طرف الملاكين العقاريين الكبار الذين جادت عليهم هذه الحكومة بالقرون . لقد تم إنشاء ضيعات الحوامض الموجهة للتصدير من طرف الملاكين العقارين الكبار على حساب الفلاحين الفقراء الذين تم الاستيلاء على أراضيهم ، وتحويلهم إلى عمال زراعيين بضيعات الحوامض و معامل التلفيف وطبقة عاملة بالمعامل بالمدن المغربية ، وتم تدمير غابات أركان من أجل إنشاء ضيعات الحوامض وبالتالي تدمير الطبقات المائية الجوفية ، كما هو الشأن بمنطقة سبت الكردان التي تعد من بين المناطق الأوائل التي أقيمت فيه مشاريع الاستثمار الفلاحي الرأسمالي في عهد الإستعمار المباشر ، الشيء الذي دفع النظام الحاكم باتخاذ قرار إنشاء ضيعات الحوامض بمنطقتي أولاد برحيل وأولوز في سنة 2000 ، نظرا لما تشتمل عليه المنطقة من الأراضي الخصبة وطبقات مائية جوفية مهمة لقربها من سدي أولوز و المختار السوسي .
خلال السبعينات من القرن الماضي وصل مجمل الأراضي المسقية بالمضخات إلى أكثر من 50 ألف هكتار ، ويتسابق الملاكون العقاريون الكبار وراء الربح السريع بواسطة إقامة مضخات ضخمة لضخ المياه من أعماق الطبقات المائية الجوفية التي وصل عمقها إلى أكثر من 50 مترا في تلك المرحلة ، الشيء الذي وضع الفلاحين الفقراء في وضعية صعبة للحصول على المياه مع تنامي سنوات الجفاف منذ الثمانينات وضخ المياه الجوفية بضيعات المعمرين الجدد ، و وصل هبوط مستوى الطبقات المائية الجوفية إلى أكثر من 200 متر في بعض المناطق ( سبت الكردان و أحمر الكلالشا ) ، مما تستحيل معه الحياة الطبيعية للفلاحين الفقراء الذين يعجزون عن الوصول إلى مياه الري مما يدفعهم إلى بيع أراضيهم إلى الملاكين العقاريين الكبار، و هكذا يتم ابتلاع أراضي الفلاحين الفقراء من طرف هؤلاء و بالتالي تدمير غابات أركان و الزيتون بإنشاء ضيعات الحوامض و تدمير الفرشة المائية .
وأمام هذه الكارثة التي بدأت في التشكل منذ مرحلة السبعينات من القرن 20 قام خبراء من برنامج الأمم المتحدة للتنمية PNUD و منظمة الفلاحة والتنمية FAO بدراسة وضعية حوض سوس ، و خلص الدارسون إلى إمكانية الاستمرار في الاستغلال المكثف للطبقات المائية الجوفية بسوس إلى حدود سنة 2007 ، وهو التاريخ المقرر لاستغلال سد أولوز لإعادة إمداد منطقة سبت الكردان بالمياه عبر السواقي ، و في إطار ما سمي بسياسة السدود شرع في بناء سد أولوز سنة 1985 لتأمين تزويد المشاريع الرأسمالية للملاكين العقاريين بسوس بمياه الري ، و كان لهذه السياسة أثر كبير على حياة الفلاحين الفقراء بأوزيوة خاصة منهم الذين تعرضوا للتهجير القسري بعد ما سمي بنزع ملكية ممتلكاتهم التي من المنتظر أن تخمرها مياه السد ، و قد شمل ذلك 10 دواوير تم ترحيلهم في ظروف قاسية حيث لم يتم التخطيط المحكم لإعادة إدماجهم في تجمعاتهم السكنية التي من المنتظر إقامتها بالقرب من السد . و قد أثبتت الأحداث المأساوية التي تعرض لها الفلاحون الفقراء بأوزيو أن التخطيط الذي كان معدا للمنطقة هو تحويلها إلى مجال طبيعي يحيط حقينة السد ، يكون خاليا من الإنسان لفسح المجال لتحويله إلى محميات للإستثمار الرأسمالي في مراحل مقبلة ، إذ كيف يعقل التخطيط لترحيل السكان الأصليين من حقينة السد و تشجير ما تبقى من أراضيهم البورية ، ذلك ما عاناه سكان دوار تسدرمت الذين يمتلكون بالقرب من السد أراضي بورية خصبة حاولت مؤسسة المياه و الغابات السطو عليها بمحاولة تشجيرها بأشجار الكلبتوس ، لكن مقاومة الفلاحين الفقراء أرغمت هؤلاء على التراجع عن مخططاتهم مرحليا ، و بالمقابل مسؤولي المياه و الغابات الضغط عليهم بمحاولة محاصرتهم في تجمعاتهم السكنية ، و ذلك بإنزال الغرامات المالية الخيالية عليهم لمجرد إدعاء أن أغنامهم قد خرقت جدود ما يسمى زورا بالملك الغابوي ، هذا الملك الذي لا تملك الدولة أصلا عقاريا له ذلك أن السكان الأصليين يملكون وثائق مؤرخة منذ مئات السنين ، تثبت حقوقهم الشرعية في امتلاك هذه الأراضي بأشجار أركان الشجرة الضاربة في أعماق التاريخ . إن سياسة النظام الحاكم التي تهدف إلى تشجير المنطقة بشجرة غريبة عن هذه البيئة الطبيعية و هي شجرة الكلبتوس التي نعرف جميعا الكمية الكبيرة التي تستهلكها من المياه مقارنة مع شجرة أركان التي تحافظ على الفرشة المائية ، يهدف من ورائها الملاكون العقاريون الكبار إلى احتلال المناطق الجبلية بعد الإستيلاء على أراضي الفلاحين الفقراء بالسهل ، و بعد فشل مخططاتهم هذه قام النظام الحاكم بتقسيم منطقة أوزيوة بإحداث جماعة تسراس سنة 1992 لتقسيم سكان المنطقة ليسهل ضرب نضالهم ، و بالتالي التهييء للمخطط الثاني الذي يهدف إلى بناء سد المختار السوس في المنطقة العليا لأوزيوة الذي سينتج عنه ترحيل 07 دواوير في سنة 1998 في ظروف مأساوية ، و استمرار لمحاولة السطو على ممتلكات الفلاحين الفقراء قام رئيس جماعة تسراس سنة 2001 بمحاولة تحفيظ 121 هكتارا من أراض السكان المهجرين من سد أولوز ، و اعتمد في طلب التحفيظ على وثيقة مزورة يدعي من خلالها ملكية هذه الأراضي التي يستغلها أصحابها ، كما ساهم في تفويت 20 هكتارا من الأراضي لأحد المسؤولين الكبار بعمالة تارودانت في مرحلة الثمانينات و التسعينات و المسؤول على جميع الخروقات بالإقليم و بسد أولوز خاصة ، و مازالت ثلاثة ملفات هذه الأراضي تروج بمحاكم النظام الحاكم و ما زال الفلاحون الفقراء يواجهون نفس السياسات التي تم التخطيط لها في سنوات القمع الأسود . و لمواجهة هذه المخططات قام الفلاحون الفقراء بتأسيس جمعياتهم التنموية التي من خلالها يتم تنظيمهم للدفاع عن حقوقهم ، و كان أول هذه الجمعيات التي تدافع عن حقوق المهجرين من سد أولوز قد عانت من حيف السلطات بتارودانت بعد منعها من وصل الإيداع منذ تأسيسها في أبريل 1997 إلى مارس 2000 ، و هي اليوم تعاني من منع السلطات من تسليمها وصل التجديد منذ 23 أبريل 2006 كما تعرض أعضاء مكتبها للمحاكمة بعد تنظيم المسيرة الحمراء يوم 07 ماي 2006 ، و لتعزيز تنظيم الفلاحين الفقراء تأسست نقابة فلاحين أولوز و تنسيقية الجمعيات التنموية بأوزيوة للنضال من أجل الحق في الأرض و الماء و أركان و تنمية اللغة و الثقافة الأمازيغية ، و استطاع الفلاحون الفقراء المهجرين من سد أولوز محاكم رئيس الجماعة في انتخابات سنة 2003 بعدم التصويت علية و هم اليوم يسيرون شؤون الجماعة . تارودانت في : 14 دجنبر 2006
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الرابع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثالث
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثاني
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الأول
-
في الذكرى الخامسة لتأسيس الحوار المتمدن
-
حملة التضامن مع مناضلي جمعيات الجتمع المدني بأوزيوة بتارودان
...
-
من سيطرة الدين على الدولة إلى تسخير الدين أيديولوجيا
-
النهج الديمقراطي : الإنتخابات أم التجذر وسط الطبقات الشعبية
-
تارودانت / حاضرة سوس و معقل حركة الفلاحين الفقراء في مواجهة
...
-
دور التحولات الكمية لوسائل الإنتاج في التحولات الكيفية للطبق
...
-
حركة المجتمع المدني بتارودانت في مواجهة الملاكين العقاريين ا
...
-
الملاكون العقاريون الكبار بتارودانت و الإستغلال المزدوج للمر
...
-
ظاهرة الحركات الإجتماعية الإحتجاجية المطلبية بالمغرب
-
تداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل في ظل المجتمعات الإ
...
-
-السيد -جاك شراك- بتارودانت بالمغرب من منتجع - الغزال الذهبي
...
-
النهج الديمقراطي و الإشتراكي الموحد بتارودانت نضال مشترك مع
...
-
حتى لا ننسى محاولات تمطيط الملفات الحقوقية بتارودانت
-
جبهة دعم الحركات الإجتماعية و محاولة عرقلة أنشطتها النضالية
-
البرنامج النضالي لجبهة دعم الحركات الاجتماعية
-
حملة ضد المحاكمة الصورية لمعتقلي تماسينت الإثني عشر يوم الثل
...
المزيد.....
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|