أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - الانتخابات البريطانية المرتقبة والتناوب الآثم على السلطة!















المزيد.....

الانتخابات البريطانية المرتقبة والتناوب الآثم على السلطة!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 8025 - 2024 / 7 / 1 - 15:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في سنة 2015، وعلى إثر فشل حزب العمال، تحت قيادة إدوارد ميلباند، Edward Miliband في الفوز بالانتخابات العامة، صعد إلى قيادة حزب العمال القائد اليساري المعروف جيرمي كوربن، Jeremy Corbyn.

وقد أفلح جيرمي كوربن في توسيع القاعدة الاجتماعية للحزب، وزيادة عضويته. كما عمل كوربن، بدأب كبير، خلال مدة توليه لكي يُمَكِّنَ الحزب من استعادة روحه اليسارية التي طمرتها السياسات اليمينية والانتهازية لطوني بلير، Tony Blair، ومجموعته.

غير أنَّ قُوَى اليمين، داخل حزب العمال وخارجه، تحالفت بشكل غير مقدس، وشككت بقدرة السياسي اليساري كوربين على قيادة الحزب، وتآمرت عليه، وشوهت سمعته شعبيًا، ثم اغتالته سياسيًا وأتهمته بالعداء للسامية.
وعقب فشل الحزب، تحت قيادة كوربن، في الانتخابات البرلمانية سنة 2019، أُبْعِد كوربن من قيادة الحزب، وحل محله كير ستارمر، Keir Starmer، وتم إحالة كوربن للتحقيق، بتهمة العداء للسامية، Anti-Semitism، وفصلهِ من الحزب.

وقد عَمِد ستارمر إلى تطهير حزب العمال من مناصري جيريمي كوربن ومؤيديه، وتم تقويض التيار اليساري في حزب العمال، وفُتحت أبواب الحزب، على مصراعيها، لليمين السياسي من أتباع توني بلير، أمثال: كير ستارمر نفسه، واللوبي اليميني والصهيوني في الحزب.

لقد أقدمت قيادة حزب العمال اليمينية الحالية على ذلك لكي يتلاءم الحزب مع المصالح الكبرى للرأسمالية في الداخل والخارج، ومع التوجهات الإمبريالية والصهيونية، وخصوصًا مع إسرائيل والولايات المتحدة. وبذلك، أصبح حزب العمال البريطاني، تحت القيادة الحالية، نسخة مكررة من حزب المحافظين في بريطانيا، وحزب الليكود في إسرائيل.

ولقد ترتب على هذه التحولات احتجاجات عمالية وطلابية، شعبية وحزبية واسعة النطاق، على سياسة حزب المحافظين الحاكم، وحزب العمال المعارض إزاء مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والأخلاقية، الداخلية والخارجية. وبذلك فأن السؤال الجوهري المطروح هو: ما العمل؟ وكيف يمكن إحباط أو تفادي التناوب الآثم على الحكم من قبل الحزبين الكبيرين؟

إنَّ الإجراءات التعسفية التي اتخذتها القيادة اليمينية الجديدة لحزب العمال ضد الجناح اليساري في الحزب، وتماهي قيادة الحزب الجديدة مع سياسة حزب المحافظين، ترتبت عليها نتائج بالغة الأهمية.

وأعني هنا، تماهي سياسة حزب العمال المعارض مع سياسة حزب المحافظين الحاكم على صعيد السياسات الداخلية، وعلى صعيد القضايا الدولية، ولا سيما التواطؤ مع جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ورفض وقف إطلاق النار في غزة.

كل هذه الإجراءات والسياسات أسفرت في الأشهر الماضية عن استقالات كثيرة من الحزب، وعن احتجاجات واسعة في صفوف الحزب وخصوصًا في المجالس المحلية العمالية، فضلًا عن الاحتجاجات الواسعة في صفوف الطلاب والقطاعات العمالية في المجتمع البريطاني.

ومع الإدراك المتزايد للخطر الداهم الذي يمثله حزب المحافظين والأحزاب اليمينية، الأكثر تطرفًا، مثل حزب الإصلاح البريطاني، The Reform UK party، فأنَّ السؤال الملح أمام اليسار البريطاني، هو: كيف يمكن تفادي التناوب الآثم للأحزاب اليمينية على السلطة في المملكة المتحدة؟
وفي هذا السياق، يمكننا القول إنَّ المواقف الاحتجاجية الضاغطة والشجاعة لقيادات المجالس المحلية العمالية في بريطانيا على قيادة الحزب في الأشهر المنصرمة، كانت محمودة، وجديرة بالتقدير والثناء. فهي محاولات شجاعة سعت لثني قيادة الحزب عن توجهها المتناغم مع المحافظين الموالية لدولة الفصل العنصري، Apartheid، والإبادة الجماعية، genocide، في إسرائيل.

غير أنَّ الضغوطات السياسية للمجالس المحلية لن تجدي نفعًا ولن تزحزح قيادة حزب العمال الانتهازية عن مواقفها المساندة لإسرائيل، لأنها قيادة مترددة وجبانة، وتخشى أنْ تُلصق بها تهمة العداء للسامية، Anti-Semitism، فضلًا عن أنها معبرة عن مصالح الطبقة الرأسمالية البريطانية، التي ترتبط بوشائج عميقة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

ولذلك، فقيادة حزب العمال الحالية مستعدة أن تؤيد إسرائيل وتتغافل عن جرائمها في غزة لكي تبدو مختلفة عن قيادة جيرمي كوربن ورفاقه، وتنجح، بأي ثمن، في الانتخابات المقبلة في 4 يوليو 2024. ثم إحلال حزب العمال المحافظ في السلطة بدلًا من حزب المحافظين وتكرار ذات السياسات اليمينية الشوهاء.

وهذا يعني ببساطة أنَّ الطبقة الحاكمة في بريطانيا، بوسائلها الماكرة، تفرض على الشعب البريطاني، أن يتقبل هذا التناوب الآثم لسلطة رأس المال، ويبتلع سياسات حزب العمال الوافدة، كما ابتلع سياسات حزب المحافظين المغادرة.

إذن الأحزاب السياسية الكبرى تحاول أن تبدو محايدة أمام الناخبين، فيمَا هي تخدم الطبقات الاجتماعية المهيمنة، وترعى مصالحها وتحافظ على نظام الرأسمالية، وتشرِّع لاستغلال الطبقة العاملة. فهي تخدع الشعب البريطاني في الداخل تحت لافتة الديمقراطية، وتتوسع، استعماريًا، في الخارج، وتخون القيم الإنسانية، تحت ذرائع كثيرة، منها الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان!

وعليه، يمكننا القول إنَّ هدف حزبي المحافظين والعمال في بريطانيا، هو الوصول إلى الحكم وخدمة مصالح الرأسمالية والإمبريالية وليست خدمة المصالح المشروعة للشعب البريطاني، والتعبير عن المواقف الإنسانية للشعب البريطاني تجاه ما يجري في العالم ولاسيما في غزة من جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.

ولذلك، يجب على قيادات المجالس المحلية العمالية في بريطانيا وعلى قواعد الحزب ومؤيديه، وعلى النقابات العمالية البريطانية، وعلى مجموع المواطنين البريطانيين الأحرار، الذين يتطلعون إلى الديمقراطية والعدالة الحقيقيتين، أن يشاركوا في الانتخابات في 4 يوليو 2024.

ولكن عليهم إذا أرادوا التحرر حقًا، أن ينتخبوا الشخصيات اليسارية في الحزب والشخصيات اليسارية المستقلة، مثل جيرمي كوربن ودَيان أبوت، وفايزة شاهين، وفيونا لالي، وجورج غالوي، وغيرهم من الشخصيات اليسارية.

كما أنَّ عليهم أن ينتخبوا الشخصيات التقدمية والليبرالية في الأحزاب الأخرى وخصوصًا في حزب الخضر، وفي حزب الديمقراطيين الأحرار، وغيرهم من التقدميين، وخصوصًا إذا أدركوا إمكانية فوزهم المؤكد في الانتخابات وفقًا للاستطلاعات العامة وليس لمجرد التخمين.
ما لم فأنَّ عليهم أن ينتخبوا أعضاء حزب العمال ولا سيما من ذوي التوجهات الليبرالية، برغم مساوئ الكثير منهم، لكي يتخلصوا من طغيان وعدوانية وتعفن حزب المحافظين الحاكم، وإحباط مساعي الأحزاب ذات الاتجاهات اليمينية، مثل حزب الإصلاح البريطاني وغيره من الأحزاب اليمينية المتطرفة.

كما ينبغي لهم أن يعملوا بدأب ومثابرة في صفوف الكتلة البرلمانية لحزب العمال وفي صفوف الحزب عمومًا وقاعدته الشعبية من أجل استعادة الوجه اليساري التقدمي له. وأعني ذلك الوجه الذي عبر عنه جيرمي كوربن، وقبله طوني بن، ودينيس سكينر وغيرهم من اليساريين العظام، وتم انتزاع روحه مِنْ قِبَلِ السِّيَاسِيَّيْنِ الْيَمِينِيَّيْنِ الْاِنْتِهَازِيَّيْنِ: طوني بلير وكير ستارمر.

لقد انحرف حزب العمال البريطاني عن توجه الاشتراكي التقدمي منذ عهد طوني بلير، وأصبح معبرًا عن مصالح الشركات الكبرى والتطلعات الإمبريالية، وعليه أن يستعيد روحه لكي يصبح معبرًا بحق عن مصالح الطبقة العاملة البريطانية وعن الشرائح الدنيا من الشعب البريطاني ومدافعًا عن العدالة والقيم الإنسانية.

إنّ السياسة البريطانية، سواء تحت قيادة المحافظين أو العمال، تخدم مصالح الطبقة الرأسمالية في الداخل وتتبنى سياسات إمبريالية توسعية في العالم، وتدافع عن دولة الإبادة الجماعية في فلسطين.

وهذه السياسات العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني لا تنفصل عن سياسة الطبقة الرأسمالية في الداخل، النابعة من سلطة يمينية حاكمة وجماعة يمينية معارضة. وبهذا المعنى، فأنَّ الأحزاب البريطانية جميعها كانت دائمًا متعاطفة مع الحركة الصهيونية. والأمل مرهون بحزب العمال دون غيره من الأحزاب البريطانية القائمة، ولكن بعد أن يستعيد توجه الاشتراكي الأصيل ويتحرر من النزعة اليمينية المدمرة.
في الختام، سيربح حزب العمال الانتخابات المرتقبة يوم 4 يوليو 2024، ولكن بسياسات محافظة، وسيخدم مصالح الرأسمالية والصهيونية كما خدمها المحافظون. وسينتقل المحافظون إلى المعارضة، ولكنهم سيعودون إلى الحكم بعد أربع سنوات، وحينها سينتقل حزب العمال مرة ثانية إلى المعارضة، وهكذا وهذه هي الدورة الجهنمية للأحزاب الرأسمالية التي تتناوب على سلطة رأس المال في بريطانيا.

ولذلك، يجب على العمال والطلاب والمثقفين المخلصين للقيم الإنسانية أن يتضامنوا ويكونوا بديلًا ثوريًا، بأفق إنساني، لتقويض هذا التناوب الآثم وغير الإنساني وتحقيق السلام والتقدم في بريطانيا والعالم.



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى ال 76 لقيام دولة إسرائيل ونكبة فلسطين!
- تجنبوا مكر الحاخام القاتل والإمبريالي السافل و الشيخ الغافل!
- طوفان مانديلا التحرري وانغلاق الموقف اليمني الرَجعي!
- اليمن كبير أيها الصغار!
- فلسطين المحاصرة والأحزاب اليمنية المُناصِرة!
- الجريمة الصهيونية، أطرافها وتجلياتها، في فلسطين!
- العرب والصهاينة والمفارقات المحزنة!
- العرب والصهاينة والمفارقات المحزنة!
- تقرير غضبان عن غزة وإنجازات الجيش الصهيوني الجبان!
- قمة الرياض يجب أن تكون عربية تحررية وليست رجعية صهيونية!
- فلسطين وقمة القاهرة للسلام وغياب الفعل وكثرة الكلام!
- التحرر من الاستعمار واجب اللحظة!
- المجد لليمن واللعنة على الأوغاد صُنَّاع الكوارث والمحن (3-3)
- المجد لليمنِ واللعنة على الأوغاد، صُنَّاع الكوارثِ والمحن! ( ...
- المجد لليمن واللعنة على الأوغاد صُنَّاع الكوارث و المحن! (1- ...
- السودان يقتفي خُطى اليمن ويلج عرس الدَّم !
- الحرب بين روسيا والغرب في أوكرانيا تنذر بالخطر الشديد على ال ...
- السعوديون يَتَحَدَّوْنَ الموقف الوطني لليمنيين ويسعون لتقويض ...
- السعوديون يَتَحَدَّوْنَ الموقف الوطني لليمنيين ويسعون لتقويض ...
- اليمنيون الوطنيون يَتَحَدَّوْنَ الموقف السعودي ويختارون الوح ...


المزيد.....




- تزايد الضغط على بايدن للانسحاب مع انهيار جدار الديمقراطيين ح ...
- الكرملين: بوتين وأردوغان يبحثان -قضايا مهمة- في لقائهما بأست ...
- -صعود اليمين الفرنسي المتطرف يُحيي الهوس القديم باستهداف الم ...
- -كاد النوم أن يغلبني- ـ بايدن يدافع عن إدائه أمام ترامب
- صحفي تركي يتوقع لقاء أردوغان والأسد في أستانا
- مفتي داغستان يفرض حظرا مؤقتا على ارتداء النقاب في الجمهورية ...
- اليابان: نراقب عن كثب تطور العلاقات الروسية الصينية
- هيلاري كلينتون توافق في حديث مع مخادعين روسيين على التآمر ضد ...
- حافلة تقل سائحين من روسيا وبيلاروس تتعرض لحادث في أنطاليا ال ...
- رئاسيات إيران.. جليلي وبزشكيان يتواجهان بمناظرة أخيرة قبيل ج ...


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - الانتخابات البريطانية المرتقبة والتناوب الآثم على السلطة!