أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رحيم العراقي - ماوتسي تونغ















المزيد.....

ماوتسي تونغ


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1765 - 2006 / 12 / 15 - 10:53
المحور: سيرة ذاتية
    


عمل مؤلف كتاب : ماوتسي تونغ لمدة ثلاثين عاما مراسلا للـ «بي.بي.سي» في العديد من عواصم العالم، وخاصة في بكين حيث عاش في الصيف خلال عقدي السبعينات والثمانينات وعاد اليها بانتظام بعد ذلك، إنه صحافي ومؤرخ وأحد أهم الخبراء الغربيين في الشؤون الصينية. قدم العديد من الكتب من بينها دراسة شهيرة للمقارنة بين الصين والاتحاد السوفييتي عندما كان هذا الأخير إحدى القوتين العظميين في العالم..
يعيش المؤلف منذ سنوات في جنوب فرنسا. يتميز هذا الكتاب عن سيرة حياة «ماوتسي تونغ» بأن مؤلفه يستطيع الوصول إلى العديد من المصادر كما أنه تلقى العديد من شهادات كبار مسؤولي الحقبة الماوية في الصين. وما يؤكده المؤلف منذ البداية. وحتى النهاية هو ان ماوتسي تونغ كان رجلا «ذا وجوه عديدة» لقد كان شاعراً وفيلسوفا وقائدا حربيا ورجل دولة ورجل استراتيجيات أيضا هذا إلى جانب مراوغته السياسية عندما اقتضى الأمر ذلك.
بكل الأحوال يؤكد المؤلف بأشكال مختلفة بأنه لن يكون ممكنا فهم «اليقظة» الاستثنائية التي شهدتها الصين «إمبراطورية الوسط» بحيث أنها تحقق منذ سنوات طويلة معدل نمو اقتصادي يقارب الـ 10% سنوياً، دون معرفة الدور الذي لعبه «ماوتسي تونغ» منذ سنوات العشرينات وحتى سنوات السبعينات.
ذلك أن المؤلف يقول إنه إذا كان هناك عملاق في القرن العشرين، فلاشك هو «ماوتسي تونغ». هذا إلى جانب تأكيده على «الطبيعة الاستبدادية التوتاليتارية» للنظام الذي أقامه وتدخل في جميع ميادين حياة الصينيين. بقي «ماوتسي تونغ» أربعين سنة على رأس السلطة في الصين، وتوفي قبل ثلاثين سنة، لكنه بقي في ذاكرة الصينيين كأحد أباطرتهم الذين كانوا يحكمون قبل ثلاثمئة أو ثلاثة آلاف سنة.
وكان «ماو» نفسه قد قارن نفسه، وهو في غمرة جنون العظمة لديه، فعندما وصل إلى السلطة عام 1949 ألقى خطاباً قصيراً قال فيه: «لقد استيقظ الشعب الصيني، وسوف يشعّ مستقبله حتى الأبد».
إن مؤلف هذا الكتاب يؤكد على «يقظة» الشعب الصيني كانت مع «ماو» إذ كان يعيش جائعاً معرّضاً للاستغلال يتحكم فيه سادة الحرب ومدبرو المذابح والسادة الأجانب. باختصار كانت تسود حالة من الفوضى الكاملة. وماوتسي تونغ هو ابن فلاح ميسور ومولود عام 1893، وكانت والدته «بوذية» ورعة، لكنه كان منذ سنوات طفولته الأولى ميّالاً للتحدي والتمرّد مع مسحة من النزوع إلى الفوضوية، مثل هذا النزوع قد رافقه حتى نهاية حياته،
كما يقدمه مؤلف هذا الكتاب الذي يؤكد بأنه كانت تراوده بين الفينة والأخرى رغبة نبرر الفوضى حوله، وحتى لو كان ذلك في معسكره.. وحتى «الثورة الثقافية» نفسها كانت تتضمن في بعض جوانبها نوعاً من النزاع و«كسر» المألوف.. ان «ماو» كان شاعراً «ولعل هذا سره».
ويؤكد المؤلف على أن «الرعب» في الصين كان دائماً متجاوزاً لما هو معروف ومألوف في المناطق الأخرى»، انه «رعب» متطرف في زمن الشيوعية وفي زمن ما قبلها حيث كان الفلاحون يقتاتون بالقشور ولا يتورعون عن بيع أطفالهم (ما بين 100 و200 دولار للقطعة).. وكل ما كان يبدي منهم شيئاً من الاحتجاج أو حتى «التململ» فإنه كان ينال عقابا شديداً.
لقد رأى ماوتسي تونغ هذا كله.. وهذا دفعه إلى الالتزام بالماركسية.. لكنه أرادها ماركسية ذات «لون» صيني ومن هنا جاءت خصوماته المتكررة مع الروس الذين كانوا بسيرون «قيادة» المعسكر الاشتراكي كله. إن مؤلف هذا الكتاب يرى بأن ماوتسي تونغ قد استخدم تلك الماركسية كمجرد أداة تساعد على التمرد وعلى العمل دون توقف..
وكان هذا كله بمثابة مقدمة إلى «المسيرة الكبرى» الشهيرة ثم إلى ما يسميه بـ «الجنون الهائل» الذي مثلته «القفزة الكبرى إلى الأمام»، لكن هذا كله لم يمنع «ماو» من «الترجل عن حصانه» بين مسيرتين قسريتين كي يتأمل المنظر أمامه ويؤلف بعض الأبيات الشعرية.. يقول في إحدى «قصائده» التي ينقلها المؤلف: «مئة سفينة تمخر عباب الماء/ النسور تضرب بجناحيها الخواء اللامتناهي/ والأسماك تدور حول نفسها في المياه العميقة».
و«قطعة شعرية» أخرى تقول: الريح الغربية باردة/ وعلى البعد والبرد القارس تعبر الوزات الوحشية تحت ضوء القمر الصباحي». أما العمل العسكري فقد أخذ عنده صيغة أغنية تقول: «عندما يتقدم العدو، نتراجع/ وعندما يستريح نقض مضجعه/ وعندما يتعب نشن الهجوم/ وعندما يتراجع نلاحقه».
لكن «الثورة» ليست أغنية وليست ملتقى شعرياً.. إنها عنف وموت للآخر أو للذات.. وما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن «الثورة» الماوية عرفت أشنع الممارسات حيال الخصوم، ولكن أيضاً حيال الأصدقاء.. في المعسكر المقابل أو في المعسكر نفسه.. وإذا كان من السائد اعتقاد ان «ماو» كان سيداً مطلقاً دون أية معارضة من قبل رفاقه، فإنه من الواضح من خلال سيرة حياته بأنه قد عانى كثيراً «من خيانة موسكو»..
ولكن أيضاً من معارضة رفاقه الذين وصل بهم الأمر إلى «خلعه» من القيادة مرات عدة. لكنه كان يعرف كل مرة كيف يراوغ ويلعب أوراقاً رابحة كي يعود إلى موقعه وينزل أشد العقوبات بمعارضيه ثم يكرّس أكثر فأكثر «عبارة الفرد» حيال شخصه.
ومن السمات التي يتم تأكيدها في شخصية «ماوتسي تونغ» حبه الكبير للكتب والقراءة.. ففي كل مرة كان يشعر فيها بالحصار أو كان يتم وضعه على الهامش قليلاً كان يأنس إليها.. ويشير المؤلف إلى أنه اعتكف ذات مرة في كوخ مصنوع من خشب البامبو كعملية احتجاج على وضع لم يكن يعجبه ولم يكن يستطيع أن يفعل شيئاً حيال ذلك..
لقد أخذ هيئة «المتقاعد» في ذلك الكوخ بعد أن علّق على بابه لوحة خشبية كتب عليها «صالة ثروة الكتب»، وبل ويذكر المؤلف بأن «ماو» الذي أصبح رئيساً لأكثر من مليار شخص قد عاش تجربة قاسية جداً أثناء الحياة السرّية الطويلة التي عرفها، وكانت ثروته آنذاك تقتصر على غطاءين وسروال وقميص من القطن ومعطف خفيف للوقاية من المطر، ومظلة مكسورة، ومجموعة من الكتب.
قد أقر «ماوتسي تونغ» ومارس هو نفسه العنف، لكنه كان أيضاً قد عانى منه حتى في حياته الشخصية التي كانت تتسم ، كما يرسمها مؤلف هذا الكتاب، بقدر كبير من «المأساوية». ذلك أن زوجته الثانية سحلها القوميون المتشددون وعرفت قبور أهله التدنيس مرات عديدة، أما زوجته الثالثة فقد عانت من جرح خطير أثناء «المسيرة الكبرى» هذا إلى جانب التخلي عن الأطفال في الطريق عند الفلاحين، وكان أحد الأبناء «مختلاً عقلياً، بينما قتل ابن آخر له في كوريا.. كانت إجابة «ماو» على هذه الآلام هي بالدرجة الأولى اللجوء إلى الكتب.. وإلى النساء.
المثير للعجب هو أن ماوتسي تونغ كان يصطحب معه أينما سافر سريره الواسع بحيث أنهم أطلقوا على هذا السرير صفة «البساط السحري» مثل بساط علاء الدين.. وكان يحرص دائماً على أن لا يكون سريره خالياً من الفتيات، بحيث ان عددهن كان يصل إلى خمس أو ست «حسب الأمسيات».. وكان يحب أن يقضي بعض الليالي في «المكتب المعطّر بالمدينة الممنوعة» .. كما كان يحرص على أن يكون بمتناول يده دائماً، حتى في أمسياته «الحمراء» بعض الكتب.
ويكاد مؤلف هذا الكتاب أن يقول بأن ماوتسي تونغ كان مجنوناً، وإنما كان فريداً لا يماثل أحداً غيره من المجانين. لقد كان قادراً على التظاهر بأية صورة يريدها وأن يخفي كل حقيقية يريد إخفاءها، هكذا بقيت دائماً مناطق ظليلة في علاقاته مع أقرب المقربين له من أمثال شو إن لاي، هكذا عندما كان في الثانية والسبعين من عمره أظهر لمن حوله بأنه قد أصبح عجوزاً منهكاً قد استنفد كل طاقاته. وبأنه يرغب بالتنحي والابتعاد عن القضايا العامة، لكنه كان بالوقت نفسه يحضر سراً بعيداً عن الانظار «الثورة الثقافية». لم يشك أحد بشيء..
لكن فجأة انطلقت تلك «الثورة الثقافية» التي ترتبت عليها آثار شديدة التخريب، كان في مقدمتها «الثقافة نفسها».. لكن بعيداً عن هذا الواقع فإن «ماو» عرف يومذاك كيف «يعبيء» الملايين من الشباب الذين حملوا بأيديهم «الكتاب الأحمر» الصغير الشهير الذي تضمن مقولات وآراء «ماو العظيم»، وكانت زوجة ماو الأخيرة «جيانغ كينغ» التي حوكمت وأدينت فيما بعد في إطار ما عرف بـ «عصابة الأربعة» من أكثر المتحمسين لـ «فكر ماو الذي ينير الطريق».
أما «ماو» كما يرسمه مؤلف هذا الكتاب يشكل مزيجاً عجيباً من التناقضات.. إنه المرعب والمخيف والشاعر والمضحك «بالوقت نفسه». ولاشك بأن وجود مؤلف هذا الكتاب لأكثر من عقدين من الزمن في الصين ومعرفته القريبة بالصينيين وفهمه لآليات عمل الحزب الشيوعي الصيني.. أمور قد ساعدت كلها في رسم صورة تتحلى بقدر كبير من الدقة والموضوعية لرجل وجه تاريخ الصين.. وعبرها إلى حد ما تاريخ العالم. وسيرة حياة رجل استثنائي



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية والديمقراطية
- فن الحياة
- عالم المافيات
- ستالين الطيب
- التلفزيون والإنزال الثقافي الأميركي
- اليوناني الرائي
- لماذا يقتتلون في الشرق الأوسط..؟
- تهافت الديمقراطيات الصناعية
- موسوعة التنوير..غيرت مسار التأريخ
- من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية
- هكذا تكلم الفيلسوف الماركسي هابرماس
- العالم عام 2020 ..حسب تقرير السي آي أيه
- مواطن الإرهاب الجديدة
- بغداد..الصعود والسقوط
- إستغراق في الديمقراطية
- كاثوليك ..مطلوبون للعدالة
- السيد المسيح..جمهورياً
- الأصولية
- علماء وأنبياء..
- الفكر الإغريقي والثقافة العربية


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رحيم العراقي - ماوتسي تونغ