|
نداء متجدد في اليوم العراقي للسلم الأهلي من أجل مواصلة مشوار مكافحة نهج العنف وتمكين نهج التعايش
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 8024 - 2024 / 6 / 30 - 16:12
المحور:
المجتمع المدني
منذ سنوات بعيدة كأداء عانى العراق من عنف الصدمات والمتغيرات الراديكالية التي مزقت نسيجه واختلقت متاريس الاحتراب والاصطراع حد ارتفاع منسوب أنهار من دماء أبنائه وبناته.. وتواصل نهج العنف وخطاب الكراهية والحقد مقابل تمسك أطياف الشعب بالهوية الوطنية جامعا لهم بروح إنساني من قيم التسامح والإخاء والبحث عما يتصدى لنهج العنف من جهة ويمكّن نهج التعايش السلمي من جهة أخرى واختارت مبادرة اليوم العراقي للسلم الأهلي أن يعلو صوت الإخاء وطنيا إنسانيا وأن يتصدى بشجاعة وجرأة ومازالت تواصل مهام تنمية ثقافة بديلة لتقول في وقت قريب يسود فيه تبادل الثقة والاحترام وفتح جسور العلاقات بوصفها بيئة للبناء والتنمية هي بيئة وحيدة لخيار الحياة مقابل خيار الموت والقتل وعنف خطابهما.. اليوم الثلاثين من حزيران يونيو يوم عراقي للسلم الأهلي وسيتواصل الطريق حتى تعميده بشموخ بناء البيت الوطن العراقي مجددا يعلو ويزهو بالسلام نموذجا لشعوب الكوكب.. تحية للمبادرة وإلى مسيرة جديدة في دروب التنمية وبناء الإنسان العراقي الجديد.. إليكم بضعة أسطر بالمناسبة هي نداء هذا العام لنهج السلام والتعايش بين أطياف الوطن ***
يومٌ للسلم الأهلي، ليس كثيراً على تطلعات العراقيات والعراقيين
تطلعات لتعزيز احتفالية اليوم العراقي للسلم الأهلي حيث فضاء الاستقرار والأمن والأمان وتعايش الجميع بسلام
ليس أدعى للخطر وتهديد السلم الأهلي أكثر من استمرار الأزمات واشتداد حال العصبية.. مرة لتمييز بخلفية طائفية وبأخرى لتمييز عشائري قبلي وثالثة لأسباب لن تكون استثناء في طبيعتها المختلقة وضعف حجتها وهزال منطقها واستناده لخطاب عنصري التوجه أناني القيم..
لقد أفضت ظروف الأزمات المتعاقبة المتلاحقة إلى إثارة مشكلات وعراقيل غير هينة؛ كما جاءت حال خطابات الطائفية وقواها لتنزلق نحو تكريس مشاعر تتناقض والروح الوطني ومثلها جاء التوجه لتبني المنظومة القبلية بنيوياً، ليشكل تمترسا آخر خلف نهج كرَّس ويكرس خنادق الخلافات المستعرة وصراعاتها.. وبين المناطقي والطائفي والقبلي العشائري وبين عنف ضغوط السقطات المعقدة التي يجابهها عراق ما بعد 2003، وجد الإنسان العراقي نفسه ملقى بأتون حرائق وحروب تتوالى وتتعاقب بلا منتهى!
مقابل هذا الواقع فإنّ الأساس لأي حراك تنموي يتطلب الاستقرار والأمن والأمان ووضعا مشهودا للتعايش السلمي بين مكونات تعايشت عصورا طويلة في موئلها موطنها الأصل، لكنها اليوم باتت مدفوعة كرها وقسرا نحو الاصطراعات المرضية بخلاف ما يُنتظر من تطبيع الأوضاع لاستعادة الاستقرار والسلم الأهلي سريعا عاجلا..
هنا بات تحقيق السلم الأهلي ليس حاجة تنموية عادية بل ضرورة استثنائية عميقة الأثر والدور لتجاوز ما انحدر إليه الجميع ما يوصف بكوارث المحن والظروف الكأداء التي بوجه الوطن. ولهذا بالضبط وبدقة، توجهت نخبة من منتجي الثقافة وخطابها للتوعية بأهمية خيار التعايش السلمي وآليات الوصول إليه بظروف مانعة تمارس عرقلة المسارات الإيجابية، فاحتاجت تلك النخب الثقافية الواعية إلى منصة أو مناسبة تشرع في ضوئها بمهام التنوير بحركة السلام وأدوارها المؤملة..
ومن هنا وفي ضوئه تمَّ اختيار (يوم السلم الأهلي في العراق) الذي يأتي حاليا ومبدئيا في الثلاثين من حزيران يونيو من كل عام بوصفه مناسبة أكثر من مهمة في تعميد اشتغال العراقيات والعراقيين بتطبيع الأوضاع وتمتين جسور العلاقات بين المكونات على أسس المواطنة والأنسنة وسلامة أسس العيش المشترك كما شعوب الأرض المتقدمة وعيا وإدراكا لعلاقاتها البينية ولعلاقاتها ببيئتها أو بيتها الوطن..
ومعروف أن تلك العلاقة تنبع من التمسك بتوفير أجواء البناء وإطلاق مسيرة التقدم والتنمية بوصف ذلك أداة الجميع للعيش بكامل الحقوق والحريات وبتمام الروح الإنساني الأنجع للعيش بحرية وكرامة..
لقد اختارت الشعوب طريق السلام مثلما اختارت التعايش السلمي ونبذ أشكال التمييز والعنصرية ورفض تفوق هوية على أخرى وهذا بالضبط هو خيار العراقيات والعراقيين جميعا باختلاف الانتماءات القومية والدنية والمذهبية والعقائدية الفكرية السياسية والثقافية فخيار السلم الأهلي هو خيار عراق يمكنه أن يبني ويتقدم ويسمو بمهام التنمية إنه خيار كل أطياف المجتمع لممارسة وجودية أولا لهوية وطنية تليق بحماية مصالح المواطنات والمواطنين وترتقي بها لما يطمح الجميع معا وسويا بتعاضد جهودهن وجهودهم بلا استثناء أو تمييز..
وإذا كان خيار العراقيات والعراقيين بكل هوياتهن وهوياتهم الفرعية هو خيار السلم الأهلي معا وسويا فإن وسائل التعبير عنه، التي مازالت منزوية بعيدا عن كرنفالات الميادين بأسباب مختلفة، لا يمكنها إلا أن تظهر على تفاصيل الأداء اليومي للعراقية والعراقي في التصدي لأسباب العنف الطاغي في مسارات العيش ما يتطلب موقفا شجاعا جريئا بالضد من استسهال انفلات المشاعر نحو التعصب ومنظومته الانفعالية المندفعة والمتفجرة بصيغ مختلفة للعنف النفسي الاجتماعي والسياسي ومن ثم للعنف المسلح بصيغه الفردية والجمعية المغامرة بكل شيء لا توفر فيه فرصة لسلامة أو سلام يمكنهما من خلق بيئة تفهّم الأمور وتمكين التفاهم بين أطراف الوجود الوطني الذي يتداعى هدما بخلفية استمرار نهج العنف وأشكاله البسيطة العابرة منها والمعقدة الخطيرة..
السلم الأهلي قيمة عليا تستحق أن تكون خيار لتفاصيل أيامنا العادية جميعا وأن تؤسس لاستراتيجية وجودية هي الوحيدة الكفيلة بأن توجد بيئة لحمايتنا ومنع انتهاك الكرامة الإنسانية لأي منا.. وما نريده لأنفسنا لن يتوافر من دون أن يكون للآخر أيضا، أي أن الانتهاكات لن تتوقف مادام أي طرف في الوطن يحيا مهضوما مكسور الجناح..!
إن النداء الجوهري لليوم العراقي للسلم الأهلي يكمن في إعلاء رايات السلام والتعايش بين الجميع ومن دونه كل الأصوات التي تتحدث عن الانتصار على الإرهاب ستكون مجرد زعيق يصم الأذان مؤقتا لكنه لن يمنع ضجيج التفجرات وأصوات الكراهية وتفاقم مشاعر الحقد وعنفها المندلع بحرائق الصراع الدموي الكارثي.. لهذا ومرة أخرى يؤكد خيار العراقيات والعراقيين ليوم للسلم الأهلي أنهم اختاروا طريقا رافضا لما أوقعهم به أعداؤهم من مطبات مختلقة وفرقوا شملهم بتبريرات وذرائع وادعاءات لا أساس لها فالحقيقة تقول أن لا سلام ولا ديموقراطية يمكن تحقيقهما بالقوة المسلحة وبعنف ما تشتغل به من أساليب ومناهج ولكن بالسلم وبجسور العلاقات بهوية وطنية تقر بالتنوع والتعددية وترتقي بقيم الأنسنة يبدأ طريق النباء والتقدم والتنميةمنذ سنوات كانت مبادرة اليوم العراقي للسلم الأهلي قد انطلقت وأرادت أن تكون ككرة الثلج في نموها وتوسع أداء نهجها إلا أننا اليوم مازلنا ببواكير الطريق ومازال أمامنا مهام تعميد المناسبة وتعزيز برامجها ومحاور أدائها سواء بالشروع بكرنفالات ممنهجة أم بما يحيط بالمهمة من توظيف بنّاء لوسائل الإعلام والميديا ولصفحاتنا الخاصة والعامة نكافح معا كل أشكال استيلاد الخلافات والتناحرات والفتن ومسببات الكراهية والحقد لنأتي بالبديل في تمكين الوداد والإخاء والتسامح وكل ما يكرس نهج التعايش السلمي..
ومن سيتبنى الرؤية لا نطالبه بالتغافل عن العنف ونهجه بل نطالبه بشف ما وقف وراءه وتسبب به بمعنى حاجتنا في اليوم العراقي للسلم الأهلي للتصدي لخطاب العنف وكل تبعاته ومحاور أفعاله التخريبية وبممارسة أروع قيم التسامح والمبادرة بها كونها المنطلق نحو تمكين خطاب الطمأنينة وتبادل الثقة والاحترام مع الآخر وفتح جسور الحوار بالإصغاء وبالتعبيير عن الذات بطريقة بناءة موضوعية سليمة..
ليعلو صوت ندائنا من أجل اليوم العراقي للسلم الأهلي بكل ما يعنيه من غايات سامية وما يتفتح به من نهج جديد بديل لما تسيد طوال العقود المنصرمة..
وليكن الشعب العراقي بأطيافه جميعا صاحب كلمة إنسانية سامية في خيار السلم الأهلي ونهجه نموذجا يُشار إليه بزمن عالمنا بحاجة لكبح جماح أصوات الحرب والعنف في العلاقات ومثلما انتصرت جنوب أفريقيا لنهجها البديل بالتسامح وإعلاء الحقوق والحريات وقيم التعايش فإن العراق بلد الحضارة والمدنية وقيم الأنسنة والسلام ومن ثم قيم البناء والتنمية هو الأجدر بحمل توصيفه بخيار السلم الأهلي وكل تفاصيل ما يعنيه من ابتعاد عن نهج التسلح برصاص الموت وجهنمه باختيار التسلح بقيم التعايش السلمي ومبادئه ومناهجه السامية
هذا النداء إلى كل عراقية وعراقي كي يكون البدء بمناهج العيش بتفاصيل اليوم العادي وإلى كل قوى التقدم والتنوير بتفاصيل ما تختار لاستراتيجيتها الجوهر والمنطلق وجوديا وإلى الأطياف والمكونات وهي تلوذ بقيم العيش الأنجع على أساس من قيم التسامح ووسائل تحقيق العيش الحر الكريم
كل عام وأنتم الأقرب للعيش بكرامة وبتمام الحقوق والحريات في ظلال السلم الأهلي وليس بخنادق الاستعداد للاقتتال والاحتراب ومزيد نكبات!!
فلنحيا معا وسويا بظلال السلم الأهلي
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنا والآخر والعلاقات الإنسانية التي تقف بوجه أشكال التمييز
...
-
لنعمل على إنهاء كل أشكال خطاب الكراهية من أسباب ونتائج
-
الشبكة العربية للإبداع والابتكار ولادة مؤسسة للنهوض بحركة ال
...
-
الصحافة العراقية احتفالية للفرح أم للاحتجاج والتطلع لاستعادة
...
-
تهنئة بمناسبة عيد الأضحى وكلمة إلى أهلنا من مسلمي العراق وال
...
-
رؤى أولية بشأن ما يُسمى وساطة بغداد بين دمشق وأنقرة؟
-
تشغيل قاهر لأطفال العراق في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفا
...
-
في اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء ما هي أوض
...
-
في الطريق لإحياء اليوم العالمي للطفل وتثبيته في أجنداتنا الن
...
-
العيد الوطني العراقي ورموزه ودلالاته
-
العراق بين ثراء تنوعه الثقافي ونهج سلطة الأحادية والإقصاء وا
...
-
واقع الصراع الراهن في العراق ومساعي التغيير من أجل العيش بأم
...
-
الأسرة نواة مجتمعية لرعاية الإنسان وحمايته والتأسيس للتنمية
-
النبات وحيواتنا في العراق وفي عالم تعصف به المتغيرات المناخي
...
-
في اليوم الدولي للصحافة: صحفيات العراق وصحفيوه في أتون المعا
...
-
اتحاد الطبقي والوطني يصارع الاستغلال الطائفي القبلي في العرا
...
-
بمناسبة اليوم العالمي للإبداع والابتكار العراق والحاجة لاهتم
...
-
الإبداع والابتكار بين الإهمال وفقدان الاستراتيجية وبين ضرورة
...
-
تهنئة إلى اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق وجميع أعضائه
...
-
مسرح المقاومة بين الجمالية والمحمولات الاجتماعية السياسية
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|