أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - ليست قصة قصيرة














المزيد.....

ليست قصة قصيرة


كريم الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 8023 - 2024 / 6 / 29 - 16:13
المحور: الادب والفن
    


لشدة ما كان يزعجها تلك الشآمة التي تتربع مُضيئة وتستوطن أعلى شفتها العليا من جهة اليسار والتي صارت محط أنظاروتندر ليس الشباب وحدهم بل كبار السن أيضا ، أمّا فيما يتعلق بصديقاتها اللواتي لم يحظين بمثل ما حظيت به ، فقد نافست وجودهن بحضورها ، يفقدنّ السيطرة على توازنهن درجة ، كُنّ يبالغن بتحميلها الذنب ما ليس فيها ، كونها تستدرج الآخرين " بدراية أو دون دراية " ، من خلال شدّهم للنظر عند شامتها عبر تلامض شفتيها عند الكلام ، فيجدن أنفسهن مهمشات منزويات فيدفعن بتعليقاتهن وتندرهن أبعد ما يكون ، لكنهن حين يختلين بلسان حالهن فالأمر معكوس تماما . المتزوجات يتمنينها لإسعاد أزواجهن الذين يشاطروهن الأسرار الصغيرة والكبيرة في أوقات بعينها ، ناهيك عن الفتيات اللواتي يتمنين الإيقاع بفتى الأحلام بأكبر عدد من الإغراءات..
يوما مازحتها صديقتها إبتسام في ساعة إنسجام ووئام ، فقد عبّرت عن أمنيتها المُستحيلة ، فيما لو يمكن استعارة شامتها المُضيئة ولو لليلة واحدة ، لا لشيء سوى لرد الصاع صاعين لزوجها فريد الذي يفتش في نواقص غيره وينسى عيوبه ..
كاشفت سهام أمّها عمّا يحصل لها من مضايقات أثناء العمل من قبل الجنسين بسبب تلك الشامَة المشؤومة ، كان جواب أمها :
" ياغشيمة " أنت مبخوتة إذ وهبك الله خصلة مضيئة بها يُجلب المُريد ، تغطي بعض نواقصك كما إنّها مركز الاستقطاب والتركيز .. ياإلهي ، وأنا أمك ، اتقبل كل تقلباتك حين أتطلع إليك من خلالها خاصة حين تخرجين من الاستحمام فتبدو مثل حبة كرز حمراء يافعة ، لكم تمنيت لو اطبق عليها بأسناني همممم .. حتى اخذتها ضحكة مجلجلة ، ثم تصافت وبنبرة جادة أردفت : ثم أنّ الشامات تضيء ليلة الوحشة عند القبر كما يُحكى على لسان جدتي رحمها الله . لم يخفف كلام أمّها معها معاناتها اليومية وإن كان يمدها بشيء من الاسترخاء والزهو ما يجعلها تبتسم لحظيا ..
جرجرتها وساوسها عند غرفتها فراحت تفكر في طريقة جديّة تجعل من الأمر هيّن عليها وتستمر بحياتها بشكل طبيعي ، قالت بصوت يملؤه الجرأة : سأتخلص من الخجل واتعود المواجهة . ربما احتيال أمّها بعد كلامها معها ساعدها بتنشيط عزيمتها ما جعلها تتخطى طبيعة خجلها ، هذا ما حدثها به "صوت فطنتها " ، لا لا يجب أن احسم الأمر فلا استطيع الاستمرار بهذا التردد المقيت . انتبهت انها بدأت تحاور نفسها وبواقعية واصرار وهذا امر جيد ، فمثل هذه المحادثات لابُد أن تُسفر عن قرار ، مع نمو هذا الإحساس وتطويره ستتبدل شخصيتي الخجولة وسيتعود الذين التقيهم على غير تلك التي تعودوا عليها " صوت عزيمتها " .
فرحت بهذا الاستقواء ما دفعها لتقوم بواجبات البيت برغبة ينم عن سعادة واضحة . انتبهت والدتها لذلك وفرحت به قبل أن يباغتها فضولها لتسألها عن السبب ، قالت :
-سيتغير كل شيء ، ستريني مبتسمة على الدوام ..
- هل تقصدين .... وقبل أن تُكمل جملتها ، أجابتها :
-نعم يجب مواجهة نفسي أولا ، هناك تغييرات حاسمة اتمناك توافقيني عليها ..
في الصباح الباكر وفيما كانت تستعد الذهاب إلى عملها بعد تصليح مكياجها وتضبيط هندامها تمعنت في المرآة المترية المركونة قرب البوابة الخارجية والتي تبين تمام قامتها ، انتبهت ، أنّ الشامة والتي كانت تستجلب نظرها بحكم العادة ، لم يعد لها ذلك الحضور ، وإن الموظفين الذين كانت تنتظر تعليقاتهم المتحرشة ونظراتهم الذئبية عند شفتيها لم يعد لهم ذكر ، " مواجهة خوفها المستبطن "، لكنها انتبهت أيضا لمزايا أنثوية أخرى يمكن أن تجلب الإنتباه أيضا وتجعلها في حرج ما يقيد حريتها ، مثلا غصن رقبتها الممدود بأناقة علاوة على برونزيته الموهوب جاذبية ، ثم أنّ نهديها المرتكزين بدلالة قوام صدرها المشدود والذي يجعل من حركتها مهما كانت بسيطة ، سببا لتقافز التفاحتين بطريقة يستجلب الكثير من الإدهاش في ثعلبية تركيز العيون العطشى . كان نهدها الأيسر يباغت نهدها الأيمن هلمّ نتسابق ! . كثرت وتصاعدت الأصوات الضآجة كلما توغلت أكثر في انثوية أبعادها حتى كادت تلتصق بالمرآة بمقدمة أنفها ، فيما كان تنفسها قد فيّض قبل أن يُغيّب ملامحها حتى تبلور الماء في وجه المرآة وسال لعابه . لمّت قوامها وانتصبت ، وقبل أن يباغتها سيل من الأسئلة اللحوح تناولت مزهرية ورد اصطناعي كانت مسترخية عند قاعدة المرآة وهشمت به تمام جسدها المطبوع قبالتها على المرآة . رمت بكل شي خلفها ، تطشر مع قطع وشظايا المزهرية، وبعد أن تخطت عتبة باب الداركانت تمشي بثقة لم تتعودها من قبل وهي تمسك بحضن يدها اليسرى حقيبتها الرصاصية الصغيرة المعلقة بنطاق جلدي أنيق ، جانب رقبتها ، لكي لا يؤثر ترنحه على هفهفة حركاتها ..
ومازالت تمشي الهوينا بثقة " الواثق يمشي ملكا " .
بعد أن اخرست كل منافذ الوسواس الخناس
لم يكن هناك جمهور ولا مسرح وكأنها وحدها... ولوحدها.



#كريم_الثوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة بخط مستقيم
- أم الشامات
- أحمد عبد الحسين مرة أخرى
- البوصلة صوب كربلاء رؤية في رواية “ حريق الممالك المشتهاة - ل ...
- الصوت اليضْهِّر الدم
- رفعت الجلسة
- هنا في استراليا
- غير منصوص عليه 3
- غير منصوص عليه 2
- أحاديث ما بعد التفجيرات
- ذاكرة المكان محَمد خضير في عيون جاستون باشلار
- بعد خراب البصرة
- استغرب
- بلاش نزعل الشيوعيين
- الحقيقة الخالدة
- باااااااااااااااااااااااااااااي
- مرثية بوظة بكداش ( سوق الحميدية )
- المومس والكاتب
- صباح الخير ياعراق
- اكريّم ياطلايب الله


المزيد.....




- عرس وموسيقى بين الأنقاض.. -كلنا في غزة مشاريع شهداء ولكننا ن ...
- صناعة الحرير على طريق الحضارات.. سمرقند تنسج التاريخ بخيوط ا ...
- ترقية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أد ...
- -كناوة- والصويرة ..شغف فني في -المدينة السعيدة-
- شرور الديكتاتورية وترياق الأدب.. رحيل كاتب ألبانيا الكبير إس ...
- لينك مباشر بضغة زر.. نتيجة الدبلومات الفنية ” زراعي وصناعي و ...
- -في قلبي- الإصدار الرّوائيّ الأوّل للمحامي رضوان صندوقة
- استمع/اغنية مشتركة تجمع سامي يوسف والفنان الايراني همايون شج ...
- -زيارة خاطفة-.. مغني الراب الأمريكي الشهير كاني ويست في موسك ...
- رحلة السقوط الحر.. المخرج شريف عرفة تحت المجهر


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - ليست قصة قصيرة