عبدالوهاب الحراسي
الحوار المتمدن-العدد: 8021 - 2024 / 6 / 27 - 09:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أفضل الآلهة هو الإله الحر، الغني بحريته، الذي يفيض بها.
ما أجمله وأقواه من إله!!
وما أجمل أن تكون عبدا لإله حر!
للإله قرر أن يضع، بنفسه لنفسه، شرطا واحدا ليحدّ من حريته المطلقة.. ثم أعلن أنه ملتزم باحترام هذا الشرط: لقد حرم على نفسه الظلم.
هو، أيضا، أغنى الآلهه.. لأنه الإله الوحيد الذي يمنحك الحق بأن تكفر به.
لا يمكن بناء موقف أصيل ومباشر، وعلاقة حقيقية بين الإنسان وإلهه.. باعتماد التقليد والتلقين؛ فالمليارات مؤمنون بالنشأة والتقايد والتلقين، وكذلك ملايين الملحدين أيضا. وهذا هو تعليل ندرة الأنبياء في جميع المجتمعات البشرية، في مقابل وفرة الكهنة.
فكل نبي وُجِدَ في التاريخ كان حرا في تفكيره وفي حصوله على إيمانه.
ومع هذه الندرة، فكل مجتمع توارث النبوة.. فإن إيمانه تلقيني، متوارث.. وقد توقف عن تطوير علاقته بالله والحياة والانسان والكون؛ فهو غارق في أوهام بداياته .. تلك الأوهام التي تسببت في مآسي للبشرية.
إن الحرية، وحدها، هي عماد العلاقة بالله والموقف منه.
الحرية هي سبيل الأنبياء والعلماء والمفكرين والفلاسفة، وسبيل كل مؤمن وملحد خارج على النشأة ورافض للتقليد والتلقين.
ومهما كانت العلاقة.. ومهما كان الموقف من الإله (إيمان/إلحاد) وبسبب الحرية فإننا سنشهد مقامين مائزين جديدين ومتجددين بين الإنسان والإله:
مقام الإرادة
فإذا ألحَدّتَ.. فللملحد صفات يجب عليك أن تتصف بها كأن تكون صادقا، ذكيا، تقيا، نقيا، ثريا، عبقريا، سويا، محاربا للموت، مدافعا عن الحياة وفيا لها.
وسوف تتحمل عبئا ثقيلا ( كأن تراقب وترصد وتحصي وتقارن وتجرب وتعي و تشك وتقلق وتتراجع وتفسر وتسأم و تحتج وتتهم و ترفض وتشترط وتحاكم و تتألم وتتأمل ). فإذا كان الله موجودا فلابد أنه في يوم ما، من أيامك، قد بكى من أجلك، وأنه في باقي الأيام يشتاق إليك، وينتظر لقاءك.
مقام النقاش
وإذا آمنت.. فيجب أن تكون ذكيا، تقيا، قويا، صارما، متمردا، خلاقا، متواضعا، سعيدا، اشتراكيا غنيا، لطيفا، رقيقا، صبورا، متفجعا، هلوعا.
فكل تلك الصفات تؤهل صاحبها لمقام النقاش مع الله عن المسؤولية : كأن تسأله عن مسؤوليته في الشر الطبيعي، ويسألك عن مسؤوليتك في الشر الأخلاقي.
#عبدالوهاب_الحراسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟