أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - كيف يُحتسب الزمن عند النوم ؟














المزيد.....

كيف يُحتسب الزمن عند النوم ؟


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 8020 - 2024 / 6 / 26 - 19:01
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مقالتي هنا عن جزء مهم من العالم الداخلي للإنسان طالما ان العالم الخارجي اليقظ الان مليء بالشرور والضغينة والحروب والمطامع بين الإنسان وأخيه الانسان سواء تعددت الاجناس او التأمت في جنس واحد وكأن الله كان يقول : جعلناكم شعوبا وقبائل لتتخاصموا وتتنازعوا طمعا وشراهةً واستحواذا . ولنعد الى موضوعنا البايالوجي حول النوم السريري :
حينما ينام الانسان ويدركه النعاس يتحول إلى شجرة ، وهذا الحال يشترك فيه بقية البشر بلا اية استثناءات ، فهناك زرّ كهربائي في المخ ينطفئ في لحظة النوم فيسود الظلام و تسود الغيبوبة و تمر الشخصية بحالة غرق و يتحول الإنسان إلى شجرة ، إلى نبات بدائي ؛ إلى شيء تستمر فيه الحياة على شكل وظائف جسدية ليس الاّ كالتنفّس وضخ الدم وكذا الحال بقية الوظائف البايلوجية .
لكن دورة الدم تجري والنفَس يتردد والخلايا تفرز والأمعاء تهضم .. كل هذا يتم بطريقة تلقائية والجسد ممدد بلا حراك تماماً مثل نبات مغروس في الأرض تجري فيه العصارة و تنمو الخلايا و تتنفس من أوكسجين الجو .
إنها لحظة غريبة يسقط فيها الجسد في هوة التعب و العجز .
و يستحيل عليه التعبير عن روحه و معنوياته الراقية فيأخذ إجازة بعيدا عن الوعيّ و يعود ملايين السنين إلى الوراء . انه يعيش بطريقة بدائية كما كان يعيش النبات ،انها حياة مريحة لا تكلف جهداً .
إن سر الموت يكمن في لغز النوم لأن النوم هو نصف الطريق إلى الموت , نصف الإنسان الراقي يموت أثناء النوم شخصيته تموت وعقله يموت و يتحول إلى كائن منحط مثل الإسفنج و الطحلب .
يتنفس و ينمو بلا وعي و كأنه فقدَ الروح .
إنه يقطع نصف الطريق إلى التراب و يعود مليون سنة إلى الخلف .
يعود عقله الواعي إلى ينبوعه الباطن . و تعود شخصيته الواعية إلى ينبوعها الطبيعي الذي يعمل في غيبوبة
كما تعمل العصارة في لحاء الشجر . و يلتقي الإنسان بخاماته الطبيعية ؛ بجسده و ترابه و مادته و الجزء اللاوعي من وجوده .
فالشعراء يقولون أن لحظات النهار سطحية لأن ألوان النهار البراقة تخطف الانتباه و لحظات الليل عميقة لأن الليل يهتك هذا الستار البراق و يفك أغلال الانتباه فيغوص في أعماق الأشياء .
وأن لحظة النعاس هي أعمق اللحظات لأنها تهتك ستاراً آخر و هو ستار الألفة .
النعاس يمحو الألفة بين البشر و بين الأشياء فتبدو غريبة مدهشة مما يدعوننا أحياناً إلى التساؤل ونحن ننظر
حولنا في غرفة نومنا بين النوم و اليقظة و نهمس : أين نحن ؟
فالسياق الزمني في النوم غريب ؛ إنه زمن آخر غير زمن الساعة ؛ فالحلم قد يحتوي على أحداث سنة كاملة بتفاصيلها من حب إلى زواج إلى طلاق إلى جريمة و مع هذا لا يستغرق بحساب الساعة أكثر من ثانية .
و العكس يحدث أحياناً فتمر على النائم عشر ساعات و في ظنه أن عقرب الساعة لم يتحرك إلا دقائق معدودة .
وهكذا فإن الزمن يتخلص من قيود الساعة أثناء النوم و يخضع لتقدير آخر هو تقدير المخيلة التي توسع و تضيق فيه وفق ازدحامها بالحوادث و الرغبات ؛ إنه من صناعة النائم و خلقه فهو ذاتي صرف .
النائم كالفنان الذي يؤلف قصة .. يخلق زمن القصة كما يريد .. و يعيش في قمقم خرافي من أوهامه .. يتمطى فيه ويصرخ بالرغبة التي يحبها في حرية مطلقة تصل إلى حد العبث .
ومعظم أحلامنا هي عبث في عبث و أمنيات مستحيلة و لكننا نعيشها كما نريدها ونحن نائمون .
والنوم أرخص أنواع الحياة من حيث الكلفة .. فمقدار السكّر و الأوكسجين الذي يحتاجه النائم ليستمر في الحياة أقل بكثير من المقدار الذي يحتاجه في اليقظة .
و الإنسان الذي يعيش مئة سنة بين نوم ويقظة يستطيع أن يعيش ثلاثمائة سنة إذا عمل وفق حسابه أن ينامها كلها .
و مادة النوم رخيصة لأن الإنسان يقترب فيه من التراب ويعود إلى الآلية الكيميائية المتأصلة في خلاياه من بداية الحياة
هكذا هو النوم بايالوجيا ، على العكس مما قاله الشاعر العراقي معروف الرصافي للشعب النائم المستكين على الإذلال رغم صحوته وهو حيّ يرزق :
ناموا ولا تستيقظوا ---- ما فاز الاّ النوّمُ
من شاء منكم ان يعيش اليوم وهو مكرّم
فليمسِ لا سمــعٌ ولا بصرٌ لديـه ولا فــمُ
يبدو اننا نتصف بالحالتين معاً عند النوم الحقيقي بايلوجيا وعند اليقظة من سباته فننام على الذلّ والاستكانة وارتضاء الظلم والخنوع والخوف والترهيب والمأساة الكبرى ان نومنا قد أضحى نوما كهفيا سائدا دون وخزة ضوء أو ركلة تحفزنا على اليقظة والصحو .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنْ تكون إنسانا وملاكا واقفا بقامتك الفارعة
- حينما تتوحش المدنيّة
- طرائق حكّام سنغافورا في محاربة الفساد
- هكذا يراعون الهرِمين والعاجزين
- انحسار الوعي الفني والثقافي في بلاد الرافدين
- أيها المعلمون ؛ احفظوا قدسية رسالتكم
- قصة الفتى مخترع الواتسآب
- السعدُ الممتنع
- غيبة مصونة أيها الوطن ؛ لا لقاء بعدها
- عندما يعود رفيق عمرك منهكاً الى البيت يا ربّة الأسرة
- ما الذي يُبهج الرجلَ في حبيبته ورفيقة عمره ؟؟
- اختناقات وزحام عربة الحبّ
- تأملات في قراءة قصيدة الشعر
- حينما تحكم المرأة ويهمّش الرجل معزولا
- ولكلام الحبّ مراتبُه السبع
- بين بيكاسو وحلاّقهِ ؛ صديقه الحميم
- قصيدة - العَودُ أبعدُ -
- عندما يكون العقل مبدعا ثريّا والضمير نقيّاً
- طبائع وصفات لا تحبذها المرأة في رفيق عمرها الرجل
- أيها الزوجان والحبيبان ؛ تخاصما تتحابّا


المزيد.....




- وزير الطاقة السعودي يعلن عن اكتشافات جديدة للزيت والغاز في ا ...
- طائرة بوينغ تابعة لـ-إير أوروبا- تهبط اضطراريا في البرازيل ب ...
- مراسل RT: أنباء عن وقوع قتلى في اشتباكات بين الجيش التركي وم ...
- نتنياهو: نقترب من تصفية البنية العسكرية لحركة -حماس- في قطاع ...
- -بوغاتي توربيون-.. زوجة زيلينسكي تشتري واحدة من أغلى السيارا ...
- -رهائن طائرة- احتجزهم صدام خلال حرب الكويت يقاضون بريطانيا
- بعد إغلاق دام أكثر من ثلاثة أشهر إعادة فتح معبر رأس جدير بين ...
- بالفيديو.. نازحات سودانيات يروين رحلة فرارهن من جحيم الاقتتا ...
- استدرجتها لكمين.. سرايا القدس تبث مشاهد تفجير آليات إسرائيلي ...
- حذاء إلفيس بريسلي يُباع بمبلغ 150 ألف دولار في مزاد علني


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - كيف يُحتسب الزمن عند النوم ؟