|
والله يازول الحال تعبان
رولا حسينات
(Rula Hessinat)
الحوار المتمدن-العدد: 8019 - 2024 / 6 / 25 - 15:07
المحور:
المجتمع المدني
والله يا زول الحال تعبان كنا يوما في الإعدادية في سن تكون فيه أجساد الفتيات الغضة قد أثمرت بغضاضة تلهف قلوب العاشقين من فتيان المدارس القريبة والبعيدة على حد سواء، رسائل الغرام والنقش بقلوب وسهام الحب تغص بها حيطان مدرستنا العتيقة، لم يكن بالأمر بأن يمتد لاغتصاب أو لهتك عرض ولكنه كان لواحدة من فتيات مدرستنا في القرية الغائبة عن خريطة التحرر، في بداية الأمر هاجت المدرسة وماجت بأخبار ساخنة من هنا وهناك وانتهت بتزويج الفتاة المغتصبة من مغتصبها والستر مطلوب، وحين كانت تلك الصغيرة الغضة التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها مالكة لذهنها وعقلها، فقد كانت في مكان آخر قصة أخرى لفتاة لم تمنحها الإرادة الإلهية الكثير، فكانت بائسة مسكينة لكنها إن تعلمت شيئاً أتقنته فسبحان الخالق حين منع شيئاً أعطى آخر، كان من أمرها أن عملت في أحد مراكز التشغيل والتي تبعد عن مكان سكنها عدد من الكيلومترات، والتي تتطلب منها بأن تكون بانتظار الحافلة قبل الخيط الأبيض...وما كان إلا أن بدأ بطنها بالكبر بعد أن مضى على عملها عدداً من الأشهر، فزع إخوتها بعد ظهور التقرير الطبي بأن هذه المسكينة حامل بالأشهر الأربع الأولى...فكروا وقرروا قتلها ودفنها خوفاً على سمعتهم ورأسهم الذي تمرغ بالتراب. لكن أحداً منهم فكر غير تفكيرهم: ماذا لو أبلغنا المركز الأمني، لنعلم من ذلك الفاسق الذي فعل بالمسكينة أختنا واغتصبها...لاقت مقولته استحساناً وما كان منهم إلا أن أخذوا شقيقتهم المسكينة والتقرير الطبي للمركز الأمني، لم يعرف أحد الكثير من مسكينة لم تعرف الكثير فذلك مبلغها من العلم. قرروا أن يتبعوا سير المسكينة وأن يضعوا كميناً لذلك الفاسق، وبالفعل كان أن وقفت الحافلة الصغيرة، حيث تقف المسكينة كل يوم، ينزل الفاسق من حافلته يسير بها بين الأحراش ساعة من الزمن ثم يمضي وإياها في طريقهما لمكان عملها كما اعتاد، غير أن هذا اليوم لم يكن كأي يوم فقد وقعت عليه قوات الأمن كالصاعقة متلبساً بالجرم المشهود. كان هذا لفتاة صغيرة غضة القلب والجسد لم تتجاوز الرابعة عشرة من العمر، وفتاة مسكينة أخرى ذلك مبلغها من العلم، دون أن تكون هنالك حروب أو أزمات قد تحصل حالات للإغتصاب ولكن لا يمكن تعميمها بأن تكون ظاهرة، وقد خدم العلم الكيفية في إثبات الإدعاء لأحد الأطراف في قضايا الاغتصاب بفحص ال DNA في دائرة الطب الشرعي والتي تظهر مدى صحة الادعاءات في حالات الاغتصاب. غير أن الحال على النقيض في ولايات السودان فليس هناك حاجة لمعرفة المغتصب الزنديق وهو يرتدي الرداء الرسمي، وكأنه يمنح نفسه تصريحاً بالقيام بجميع الأعمال والأنشطة المنوطة به على أكمل وجه؛ ومنها اقتحام البيوت واغتصاب الصغيرات أمام أعين العالم، قذارة الصراع السلطوي وقذارة الزنادقة تسير على التوازي لا يمكن نزع أحدهما دون الآخر والضرب بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية تحت أقدامهم النجسة. ما يحدث في ولايات السودان عندما لم تفرق القوات المتحاربة باسم الشرعية بين قاصر أو متزوجة أو طفلة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، جميعها بالنسبة لهؤلاء الزنادقة أجساد وجب اغتصابها أمام مرأى الأزواج والآباء والإخوة والعشيرة...وفي زمن ما بعد تسعة من الأشهر سيكون الجيل من أبناء الزنادقة...في تقرير لحملة "معاً ضد الاغتصاب والعنف الجنسي" بتوثيق 81 حالة اغتصاب كان أغلبها في ولاية الجزيرة أواسط السودان، ونقلاً عن التقرير نفسه بأن ما نسبته 32% من القاصرات وقد سجلت ولاية النيل الأبيض 13% وولاية شمال دارفور 11% وولاية الخرطوم 6% وذلك خلال الفترة من 15 ديسيمبر كانون الأول حتى 29 شباط من العام الحالي. لم تكن لتغطي هذه الإحصائيات واقع الحال منذ منتصف أبريل نيسان من عام 2023 بعد أن سقط السودان في دوامة صراع مسلح بين أكبر قوتين عسكريتين مدججتين بالأسلحة في البلاد، أدت إلى نزوح وتهجير ما يقارب خمسة ملايين وثمانمئة ألف شخص بسبب القتال وقد شهدوا العديد من الانتهاكات وجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي دون أن يكون هناك أدنى اهتمام للقانون الدولي ولأبسط حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية...وفي تقرير للهيومن رايتس بأن 9000 شخص قد قتلوا أثناء القتال من المدنيين في إحصائيات غير رسمية...ما يحدث في السودان لم تفصح عنه عين الحقيقة إذ أن ما تعصف به منطقة الشرق الأوسط في الحرب الإسرائيلية والانتهاكات على قطاع غزة والصراع الإقليمي في الحرب الروسية الأوكرانية...الجميع متساوون في الحرب إذ أن هنالك أوغاد زنادقة وخونة وهناك ضعاف وبسطاء لا يملكون سوى أن يدفنوا أحياء. والله يا زول الحال تعبان. وأذوب العجز في السيل العرم وبجهالتي اسمع من به صمم
#رولا_حسينات (هاشتاغ)
Rula_Hessinat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيد علم الدين 2
-
الفرار المحتوم
-
المألوف المجتمعي
-
السيد علم الدين
-
المألوف المجتمعي بين التغيير والتحول
-
فأر أسود
-
الشبيه
-
Children of Gaza are dolls, and perhaps its inhabitants are
...
-
It is not as any other stories
-
قراءة نقدية في المجموعة القصصية اعترافات ثملة بقلم الناقدة و
...
-
رحلة في تابوت
-
رشفات الحياة
-
رواية شيفرة الإنتقام
-
الرسالة الأولى
-
الرسالة الخامسة
-
منعرجات النسيان
-
الرسالة السادسة
-
الرسالة السابعة
-
الرسالة الثامنة
-
بانتظار القيامة
المزيد.....
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
-
مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
-
الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
-
تونس: توجيه تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام إلى عبير موسي رئيسة
...
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|