أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابوالقاسم المشاي - خريف طرابلس -2- بين صمام الامان والفوضى الخلاقة















المزيد.....


خريف طرابلس -2- بين صمام الامان والفوضى الخلاقة


ابوالقاسم المشاي

الحوار المتمدن-العدد: 1764 - 2006 / 12 / 14 - 10:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


" إن وضع علاقة عملية من الاهتمام والحاضر المباشر،
في مكان ما سيأتي مسجلاً في الحاضر، يتطلب وعياً عقلانياً،
بحسب الأشياء ويطرح الغايات بصفتها تلك كإحتمالات،
ويغذي مسألة الصلافة التي تطرح
كما هي في غايات لا يتم الاعتراف بها./ بيار بورديو".


1


البداية تتأسس بالخروج عن أي تأويل سياسي محض أو مجهرية سلطوية (؟).. وليس بمنحى عن أزمة التيارين أو الإطارين الذين تمت الإشارة اليهما في (خريف طرابلس-1) إذ أمكن وصف أحداهما بالحركة التصحيحية (وما نعته البعض بأسم أضافي (الحرس الجديد)، والثاني أطلق عليه اختزالاً بالحرس القديم والذي انضوت تحت تسميته:(المافيا، القطط السمينة، التحالفات البيروقراطية غير الشريفة، المرتزقة،..) وأنحصر الصراع والتنافس والجدال واحتدمت الأزمة المكبوتة بينهما في جملة من القرارات وتشكيل اللجان والاجتماعات والمناشير واللقاءات الإعلامية وتصدير الشائعات ونشر الفضائح علي شبكات أو مواقع الانترنت ومن جانب ثاني كمحاولة لامتصاص غضب وعنف الشارع (بشفاه ضفدع!!!).بينما في جهة الأكثرية المحرومة يزداد الوضع الانساني بؤساً وانتهاكاً وحرماناً...// وبرؤية مغايرة فهي تفضح المؤسسات العقيمة والجاهلية الجديدة. وفي بنية وجوهر التيارين لا نجد سوى محتوى إقصائي يجد مبرره في إطلاق الشتائم والسباب وإنتاج لغة البذاءات التشهيرية والافتراء والتزييف وربما يذهب كل طرف إلى ابعد من ذلك وهذا..// تعكسه وعكسته بشكل جزئي مخرجات برامج القنوات المرئية الفضائية والأرضية (خلال شهر رمضان!!!). ولن نجانب القول إذا قلنا بأنها منحتنا مشروعية إعادة القراءة: لخريف طرابلس ( بين الحركة التصحيحية وصكوك الغفران). والمشهد صور لنا تزوير لصكوك الغفران وإعادة بيعها في الأسواق الرخيصة مع انعدام وانكسار تروس الحركة التصحيحية (حركة 20 أغسطس!!).

وعلى سدة اتجاهات وتيارات يتم تجاهل توجهاتها ومطالبها ورؤاها عديدة وطنية مستقلة / وتنويرية عقلانية / وبين ليبرالية وطنية و ليبرالية مستوردة/ وبين ملكية وراثية أو ملكية دستورية/ وبين إسلامية محافظة ومعتدلة أو متطرفة ومغلقة / وبين يسار ضعيف ويسار جديد / بين علمانية مهجّنة ولائكية مستنسخة../ وبين صراعات نفعية رخيصة وبين صراع عشائري قبلي وبين صراع هويات وعرقيات../ وبين مختلف الاحتقانات أكثرها تأزماً وحضوراً (الفساد/ الفاقة/ الحرمان/ الفقر/ التجويع/البطالة/ التعليم/ الصحة/ التلوث/ التهجير). وبين تماسيح فقدت أسنانها وقدرتها من كثرة الالتهام والافتراس وبين طفيليات وراثية بدأت تبحث عن أجساد لتلتصق بجلودها وتتسلل في أنسجتها ودمها وكأنها الوريث الشرعي للتماسيح .. وغير ذلك من التصنيفات والتوصيفات التي سمعناه وقرأناه وفضلنّا اختصارها ليس لنفيها أو تجاهلها.. ولكن لرصد ملامحها العامة التي تلتقي حولها الأسئلة والاستفهامات الوطنية التي تتجاوز المصالح السياسية الضيقة / ولكنها بفرضية موازية تلتقي بالاشتراطات المحلية والالتزامات الدولية التي تتجه إليها المطالب بالتصحيح والتغيير وبأكثر تطرفا فأن الشارع والمجتمع سيبتعد أكثر عن اطروحات المصالحة لأنها منحازة وتشترط خضوع الناس لمزيدٍ من الفقر والجوع والمرض ومصادرة وانتهاك الحقوق دونما أسف أو اعتذار!!!!

2

واستناداً على أكثر القراءات منطقية لمرحلة وحضارة عصر جديد.. حيث العصر الماضي الذي خلق وأبدع الحداثة وصاغ خطاباتها وحفر افهوماتها ووضع وسائط تسللها ووضع منهجياتها... وأنتج آلياتها الاستحواذية المتصلة والمرتبطة والمحتكرة للقوة ( حضارة الأقوياء) وتمظهرت نداءاتها ومقولاتها داخل أنسجة الإيديولوجيات السياسية ولبست ثوبها وعلقتّ شارتها ( وطالت حتى الخطابات العلمية بحتميتها الخادعةّ!!!). وتداولتها الشمولية والاستبدادية برغبة وشجع ونهم بدءٍ من تحريك الجماهير المغفلة وإشعال حماسها المطفئ واستفزاز تفاعلاتها العقيمة // وصولا إلى إعلان الحرب على الفساد ومقاومته / مرورا بتصفية وتهجير النخبة وتجويع الجماهير وتشريدها وحرمانها وقمعها تحت ستائر الاتهامات الجاهزة دائماً/ مع تزويرها خيانة/ تامر/ وما أكثر التضحيات باسم الوطن ؟؟؟ والذي صار فيه الخروف الوطني أكثر وطنية!!.

وعلى أثر ذلك نقف أمام متصور مفهوم دولة العقول ( الذي جاء به الفكر المعاصر). فدولة العقول ليست فضاءً وبناءً سلطوياً يبني عدمه من مصادرة وانتهاك الحقوق وأتباع سياسات التهميش والإقصاء والمصادرات وتكميم الأفواه وخنق الحريات وقطع لسان الحق.. ولكنها فضاء عادل للمساواة والحقوق والتسامح والتعايش... والذين لا يفهمون ولا يعون معنى التنمية والبناء المعرفي ولا يعطون لا نفسهم إمكانية الفهم والتعليل والتأسيس ( ويجيدون ممارسة لعبة الاستبداد والفساد..) باتوا يعرفون أن العصر الذي نعيشه هو عصر الذي يصل أسرع وبالتالي نراهم وكأنهم لا يعلمون بأنهم يتجهون بسرعة عالية إلى الهلاك و بلا عثرات..

3

على دفة التسارع المتواتر( داخلي وخارجي واقليمي) سيكون من الأجدى والأكثر منطقية البحث عن آليات وتصورات للحوار الوطني العقلاني الذي يضع المصلحة الوطنية على رأس الاطروحات التي يحاول كل طرف أن يستمد منها مشروعيته دون تزييف للحقائق والثوابت الوطنية. وفي فترة سابقة تم الحوار بين عدد من الأسماء الليبية المهاجرة في أوربا وأمريكا وبريطانيا، ولأن المعلومات والآراء والاتفاقات أو الوعود غير واضحة لدينا، ولكن نتمنى أن لا تقفز عن الثوابت الوطنية تحت أي تسمية أو تحت أي مغلف سياسي يتناقض مع المواقف الوطنية الداخلية، والتي سيكون القفز عليها أو تجاوزها (صفقة خاسرة!!)، ولأننا نعي جيدا الدور الفاعل والحيوي لعديد التيارات الليبية في المهجر والذي يمنحها رصيدا هاما في الداخل وسينعكس بشكل ايجابي على التحليلات والقراءات التي نتابعها عبر منابركم المختلفة والمتعددة. بينما تذهب عدد من منابر ومواقع الانترنت في الداخل ( وتتجه اغلبها إلى لغة التشهير والفضائحية ونشر الغسيل وتذهب عديد منها إلى الإسفاف والابتذال وانعدام المسئولية الأخلاقية التي يؤسس لها العقل وتكرسه لها الفضيلة). وتبحث جلها عن طرق تؤول إلى إساءة الفهم من جانب ومن جانب آخر إلى سوء الفهم وما بينهما يحاول عدد من الجهلة الصعود أو خلق البلبلة والفوضى، كما تشكل إساءة كبيرة للمجتمع الليبي وثقافته ووعيه الاجتماعي وتعايشه المتسامح.

ويمكن لنا أن نتسأل (؟) من هو المستفيد الأول من كل تلك الجلبة والصخب وزيادة مساحات التشهير وتأجيجها لتخدم أطراف محددة ومن ثم يسهل لها الاختفاء وراء قلب الحقائق وتزييفها وهي تسعى إلى خلق رؤية ضبابية معتمة وتحويل الصدق إلى كذب والحقيقة إلى زيف والفساد إلى فضيلة والارتزاق إلى مشروع//.. وكل ذلك وأكثر من شأنه خلق مناخات ومساحات مقطوعة الحوار والتواصل وتغليب لغة البذاءة ونشر السخافات التي تبتعد عن الحقيقة وتختفي عنها الموضوعية وتتجه بنا إلى مرحلة اسوأ مما نحن عليه وتذهب بنا إلى أوضاع تدعو إلى الفرقة والصراع والاحتدام..

كما أن التغيرات السريعة في تدفقات ومخرجات الوسائط الإعلامية المتعددة وزيادة حجم (الانفلاتات) التقنية وعدم وجود رؤية واضحة للازمة التي نعيشها على مستوى ما تطرحه مرحلة المعلوماتية و الثقافة الالكترونية وتصاعد الحراك الاجتماعي السياسي ( حقوق الإنسان والديمقراطية) وزيادة معدلات الشفافية التي تخدم الجانب السوسيو- ثقافي وبالتالي تشترط وجود ثقافة وسلوك أنساني يحترم الآخر ويصوغ التفاعل الموضوعي بين عديد الأطراف والاتجاهات مسلكها السياسي الأخلاقي ويزرع مفاهيم الهوية الوطنية (لان الفرق الجوهري بين الشخصية وبين الوطنية عميق وليس مجرد بطاقة لازلنا نعتبرها شخصية!!!)

وبالتالي فان أي حوار يبني متصوراته وتحليلاته على قواعد وآداب وفكر الاختلاف الذي يحترم الرأي والتعبير. والذي يعد نقلة نوعية متميزة إلى الأمام من اجل تأسيس قواعد وأسس الحوار والاختلاف. بالرغم من وعينا بأن (المافيا والقطط السمان ومراكز القوة وعصابات الفساد..)، ترفض الحوار والاختلاف / لأن الجهل يبرر الإقصاء والتهميش ويدفع بالبلاد إلى نفق مظلم / وهذا يدفعنا للوقوف ضد أي محاولة رخيصة ودنيئة ستحاول أن تقود ليبيا إلى صراعات أو تصفية حسابات وعلى حساب الليبيين الذين قدموا الكثير ودفعوا دمهم وعانوا الجوع والمرض والفاقة والبؤس والانتهاكات المستمرة لحقهم في الحياة بكرامة وشرف. مؤكد أن التداعيات السلبية في ليبيا ترجع لغياب أسباب كثيرة ومركبة أهمها انعدام وجود استراتيجيات ومؤسسات فاعلة لتطبيق التشريعات والقوانين والمحاسبة كما إن الصحافة في ليبيا لا يمكن مجرد وصفها بأنها صحافة والإعلام هو الآخر يعاني بحة وبكم وانحسار خطابه../ وهذه من شأنها إن تغلق أي نافذة للحوار أو مجرد المشاركة ( لأن الاتهام والقمع والاستبداد المؤسساتي الذي يتبناه عدد من المسئولين الفاسدين سيكون دائما سيد الموقف) كما إن انعدام وجود خطط مستقبلية للنظم الإدارية وثباتها واستقرارها وعدم شفافية القضاء وعدله، وفي زحمة المتناقضات التي حاولنا أن نلمس جزء منها ونحاول مناقشتها دون ارتهان لأي شرط غير موضوعي. ستشكل أساس الأزمة لتطيح بأكثر البناءات وأشدها صرامة..!!

وإذا كانت الدولة تقيم وترسخ من خلال الإطار الذي تفرضه على الممارسات أشكالاً ومقولات للإدراك وللتفكير مشتركة ورؤى اجتماعية وثقافية للفهم أو للذاكرة، لتخلق شروط أولية للتنظيم المباشر للحراك الاجتماعي السياسي... تنظيما هو نفسه تأسيساً لنوع من الإجماع حول هذه الجملة من البداهات المشتركة التي تصوغ وتشكل الدولة كانتماء وحس وواجب مشترك - أسميناه (وطن)!!.. ولكن الطاعة التي تتصف وتتحلى بها الدولة الليبية أمام ايعازات المافيا والمسئولين الفاسدين لا يمكن فهمها أو تفسيرها إلا (كإذعان آلي لقوة ما وليس كرضى واع لنظام ما- دون المرور بطريق الوعي أو الحساب العقلي والأخلاقي).

4

ولأن (الغد) ينقلنا إلى يوم لا يحين أبدا إلا بالقيامة وفقاً للفهم اللغوي والمتصور الميتافيزيقي للزمن / ولذا كان من الأجدر إن يكون المشروع ( ليبيا المستقبل) لأن المستقبل صورة الحاضر الذي لا يتحقق دون المرور عبر نفقه الزمني.وبالرغم من نزوع المشروع المقترح أو انزياحه للشوفينية أو المغالاة التي تذكرنا بحركة 14 يوليو 1789 والتي جاءت أحداثها صدامية وعنيفة بين الفئة البرجوازية الناشئة الشابة والمتحفزة للتغيير، والأرستقراطية المترهلة الشائخة المتشبثة بامتيازات العصور الوسطى. وبين المتصور الجماهيري للديمقراطية وبين مفهوم الدولة الوطنية مسافة طويلة ووعرة وشائكة ومتشابكة من الأفكار والآراء والاستنتاجات والممارسات والشعارات والخطابات والإسقاطات أو الارتفاعات الإيديولوجية البرغماتية أو التناقضات المحتدمة منذ أزمنة بعيدة، وعلى منحنى الزمن وخط المسافة فإن نقطة الالتقاء لا تنجذب ولا تقترب إلا بقوة شد عالية وتجاذب كوني قد يصل بها إلى نقطة الخضوع والكسر أو يذهب بها إلى نقطة التصادم والتهشّم.. ولكنها في ذات الوقت تطرح تسأولاتها الخاصة والعامة المخفية والمعلنة في عديد الدراسات والبحوث والخطابات والقراءات، وخارجها جميعا فإن أي حركة إصلاحية تصحيحية تشترط الخروج من إي إطار أو محتوى سياسي إيديولوجي وإخضاع مختلف المتغيرات والاشتراطات والمساومات والاكراهات والالتزامات إلى مرحلة انتقالية يرسم ملامحها ويؤسس لهياكلها مفكرين ومثقفين وطنيين ينطلقون من قاعدة وركيزة ( لا ولاء إلاَّ للوطن، وليبيا لليبيين دون تمييز أو تفرقة دينية أو عرقية أو سياسية أو خطابية نفعية دونية) ومن دون ابتزازت آو مضايقات أو تجويع أو إقصاء أو تهميش لبناء مجتمع ديمقراطي حر وعادل يقدس حقوق الإنسان و يحترم الأخر ويتعايش بسلم وامن وطمأنينة يتجه لتحقيق الرفاهية والسعادة لابنائه ويشارك العالم في تكريس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكما ذهبنا في البداية بأن التحديات والمعوقات التي تواجه ليبيا ( اليوم قبل غداً) والتي يمكن رصد ملامحها في القلق واليأس الاجتماعي وارتفاع حدّ الفقر إلى أكثر من 60% من إجمالي السكان وتدني مستويات الصحة والتعليم، يضاف إليها جملة من الاختناقات والإخفاقات المتصاعدة والمرتفعة وبوتيرة متسارعه ( إلا من بعض جرعات تخذير وتغييب)، فعديد المدن والقرى والأرياف الليبية تعيش دون مياه أو رعاية صحية أو خدمات عمومية منذ عقود طويلة وأصبحت ظروف العيش والحياة مع انعدام شامل للتنمية الأساسية المتصلة بالماء الصالح للشرب والغذاء والدواء، وهاته المؤشرات تلتقي تحت ظروف وضغوط متزايدة ومساومات وأنماط متنوعة من التجويع والتخريب وانتشار الفساد والمخدرات والأمراض الصحية والاجتماعية والاضطهاد المؤسساتي.. وأكثر، ومع ذلك فإن المسافة بين التصحيح و الإصلاح والتوبه وبين الصراع وتصفية الحسابات والانهيار، يمكن تقدير مسارها كمتغير زمني متسارع جداً ومتضاعف ومتراكم. فالاتجاه الأول ينطلق من خطاب سيف الإسلام الذي جاء في 20 أغسطس والثاني من كلمة معمر القذافي التي جاءت في ملتقي الفعاليات الثورية ليلة أول سبتمبر، وكذلك مداخلته بمجلس التخطيط العام والآراء التي أعلنها لمعالجة الأوضاع القائمة والتي تلتقي مع ما جاء في خطاب سيف وتتطابق معه كلياً وتعد التوبة والاعتراف بالأخطاء الماضية النقطة الجوهرية التي احتواها الحديث وهي في حد ذاتها إعلانا و اعترافا صريحا بحجم الماسأة والكارثة والتي تنذر بثورة اجتماعية عقائدية عشائرية مركبة أقلها حضوراً (نموذج دار فور) وأكثرها سطوعا (نموذج العراق)، وجل هذه التوصيفات والقراءات ليست جديدة فقد سبق التنويه إليها في أكثر من مجال واعتمدتها عديد التقارير الدولية والتحليلات الإعلامية والدراسات البحثية التي خلصت إلى إن الأوضاع في ليبيا تنذر بكارثة حقيقية ما لم يتم تدارك ذلك. وهذا المتصور الذي أسست له (مراكز القوة والمافيا) ودعمته وكرّست مشروعيته عناصر الارتزاق وسلالات الفساد..// سيقود ليبيا ويعود بها إلى ما قبل 1977 أو أسفل وأبعد.. والتناقض والتنافر بين الإصلاح والتغيير أو ما أطلق عليه بأسم الحركة التصحيحية وبين الاعتراف والمسألة والتوبه وما سيحدث عنهما من تصادم وتضارب يرى المحللون انه آخر محاولة لأنقاض الوضع السياسي و الأمني في ليبيا والذي ما لم يتم تداركه بوعي وطني وبروح من التسامح والتعايش وقبول الأخر في ظل مؤسسات دستورية وتشريعية وقانونية عادلة ومستقلة عن إي تيار سياسي، تربطها مصلحة الوطن واحترام حقوق الإنسان وتتجه نحو التفكير في بناء مستقبل ليبيا ومستقبل الأجيال القادمة. (وكأننا نشهد على تاريخه ومساره ومصيره!!!). كما نود أن نشير إلى أن تاريخ الاعتراف تحول تحولات جذرية في تاريخ الفكر والاعتقاد وخرج من الكنيسة إلى ساحات القضاء في أواخر القرن التاسع عشر ومن ثم ومع اختراع وسائط الأعلام تحول إلى المنابر الإعلامية والصحفية (اعتراف كلينتون كرئيس لأمريكا عَبر الأعلام ومباشرة كان أهمها في القرن العشرين)، وإذا كان الاعتراف بالحق فضيلة فمن الجدير الانتباه والإقرار بأن مختلف الرؤى والتصورات الفكرية السياسية ليبرالية.. يسارية.. لا يختلف كلاهما عن العقل والفضيلة باعتبارهما أساس العدالة والديمقراطية، وبين متصور أن تكون الحرية اختيار أو تكون قدر، لقد قدر الله لنا إن نكون أحرارا. وبين الحق والحرية فإن (المجد أبدا) سيتوج لشهداء الحرية ولشهداء الحق.

5

قرأنا ما ذهبت إليه المطالب الجديدة والانتقال من مشروع الغد إلى مشروع الصدمة!!! التي يتجه إليها سيف الإسلام ويراها عبر العلاج بالصدمة ولم نقرا هل العلاج سيكون عبر إحداث صدمات داخلية (نموذجها سلوفينيا/ رومانيا/ المجر/غانا/ والمكسيك..) أم أن تكون خارجية (نموذجها العراق/ أفغانستان/ ..) وعبرّ عن ذلك خلال الحوار الذي أجرته معه الصحيفة (كورييري ديلا سيرا) الإيطالية. حيث أوضح تبنيه احداث التغييرات السياسية والاقتصادية في ليبيا والشرق الأوسط عبر "علاج الصدمة". والجدير بالقول أن ما سمي بنظرية العلاج بالصدمة. بالرغم من الاتفاق أو شبه الإجماع الدولي على إن العلاج بالصدمة لم يكن ناجحا لأسباب كثيرة (وفي حالة مثل ليبيا) فهو يعني احداث تغيرات هيكلية أساسية قبل اعتماد أي مشروع أو نظرية سواء جاءت بالصدمة أو بالإنعاش. سواء بالتغيير أو بالهيكلية (نظرية انتوني غيد نز). وعلى أساس إن الجانب النظري للعلاج بالصدمة يشخّص بواسطة آليات الخصخصة السريعة لأصول وأملاك الدولة وتحرير القيود التجارية وزيادة تدفقات الرأس مال النقدي للأسواق المحلية ( تحت غطاء افتراضي يسمى أحيانا / استثمار أو يطلق عليه اعتباطا / تنمية!!!)، ويتجه الجانب الوظيفي من النظرية بصيغة عبارة فضفاضة تحرير الأسواق وإنتاج مجتمع الاستهلاك. ولو أخذنا وضع الدول التي تبنت العلاج بالصدمات لأمكننا فهم ومعرفة الأسباب التي أدت إلى فشل هذه النظرية أو الآلية للعلاج. وخاصة الدول التي لم تنجح في قطاعات الصناعة والإنتاج. ولم تكن لها بنية أساسية كافية وتفتقد إلى مؤسسات تشريعية وقانونية فاعلة. بينما الاتجاه الذي يدعو إلى استخدام النماذج الراديكالية للعلاج بالصدمة (من الخارج) ويفسر صندوق الدولي بكثير من التفاصيل والاستنتاجات إلى أسباب فشل العلاج بالصدمات والتي أدت إلى انهيارات كبرى في اقتصاديات الدول النامية التي استخدمت هذه الطريقة. والنماذج التي تصور لنا الفشل الذريع لهذه النظرية مازالت ماثلة والعراق نموذجها الساطع والحاضر ونظرا لعقمها وما حققته هذه النظرية صار يطلق عليها (نظرية العلاج بالفوضى). ولكننا نتفق إلى حد كبير..// فيما ذهب إليه من توصيف للوضع الحالي في ليبيا والتأكيد على ضرورة : " خلق مثال يقتدي به للإصلاح الشامل وللديمقراطية، حيث يجب إعادة النظر في توزيع الموارد ومحاربة الفساد والرشوة بجدية، وإجراء تحديث شامل للاقتصاد وللجيش وقوى الأمن، لأنها مزيفة في الوقت الحالي". وبالتالي يدفعنا إلى القول هل العلاج بالصدمة والفوضى الخلاقة كفيل بحل كل المشاكل العالقة والتي تتزاحم وتتراكم حد (صمام الآمان). وخارج الصمام لن يبقى سوى الفوضى والانتحار السياسي!!!!

6

الفرق جوهري بين الوقوف لحظة صمت للحداد أم الوقوف لحظة صمت للتأمل (!!) وسرعة الأحداث تزيد من توتر الصورة المستقبلية والتسارع يضاعف من حجم الاهلاكات البنيوية السياسية/ الاجتماعية/ الثقافية/الاقتصادية/.. لتقوّض مستويات عدة كما تحمل قوة تفككها في داخلها مثلما أَستلبت قوة بناءها.. وينمو في ظل هذه الانهيارات تصدعات ليس من السهل (ردم هوتها أو سد فوهتها) عبر العنف والصراع الاجتماعي وربما يشبهه البعض (بالتصادم المفاهيمي/ العقائدي) حيث يجد الصراع ذروته بين المافيات ومراكز القوة التي تشكّلت وأسست لها منهجيات اشتغالها (قوة / سلطة/ مال !!) والشارع ينتظر المواجهة التي نشهد على بروز ملامحها وبدأت تطفو(حالة السطو/ النشل/النهب/ ارتفاع معدلات الجريمة..) وينكفي الصراع والعنف بشكل أوسع علي التحالفات المافاوية والعشائرية والجهوية (!!!)، وبينما تحيط بنا سذاجة (أنصاف الماهرين) يصفهم باسكال: (بالذين لا يريدون أن يقعوا في الشرك/ الفخ !!!) وتحت مظلة أخري: يجدر الانتباه وبجدية للمحاولات المريضة والرخيصة والمتكررة التي يؤسس لها وينتجها ويدافع عنها ويتكلم بأسمها عدد كبير من المسئولين الفاسدين ويتلونون بأصباغها في سوق المزايدات ومنهم من تمادي في غيه وظلاله وجهله إلي ادعائي في منتهي السفالة والنذالة ويمنح للمارساته الاستبدادية المريضة مشروعية وحماية.. وتتنامى أساليب ووسائط شرعنة الفساد وتأخذ مداها وتزييفها للحقائق والوقائع والممارسات ... لتطول عدة مؤسسات علمية بحثية وفكرية وثقافية مع التعمق في أنتاج مفردات وممارسات التهميش والإقصاء والاتهامات المعتمدة والجاهزة .. لينمو شبح الخداع والكذب والافتراء لإعادة إنتاج (كهنة) جدد للتعتيم والاعتداء وربما الاغتيال للكفاءات والعقول والمفكرين واقلها عملاً مصادرة حقوقهم وكأننا في سياق هذه المداخلة نصل إلي أن (الاستحواذ والاستبداد الذي يتم الحصول عليه / يتم تعميه عبر شبكة العلاقات الارتزاقية. مؤديا بذلك إلي تشكيل سلالة وطبقة سياسية جديدة .. فاسدة أصلاً وموضوعاً..// وعلى أساس انه لا احد سيبقى محايداً إلى الأبد بالضرورة (وكل معسكر يحدد موضعه إنطلاقاً من تعارضه مع الآخرين فلا يستطيع أن يتفهم الحدود التي تفرض نفسها في العمل الذي بواسطته يتركب المؤلف / بيار بورديو – أعادة النظر إلي الفلسفة). كما إن الصراع بين السائدين والراغبين في التغيير / من خلال المسائل التي يتصادمون من اجلها.. تتفق علي إن مخطط الصراع سيتحدد توجهه إلي النهاية ومع انسداد أفق المصالحة أو الاعتراف والتسامح فإن القبول باللعبة القادمة سيكون عملاً أكراهياً وأجبارياً لان اشترطات اللعبة تخترعها لحظتها غير المتوقعة والتي لم يتم وضعها في الحسابات والتنبؤات وستكون ملهبة للمجتمع بمختلف أطيافه / لأنها فرجت عن الحسابات المنطقية وتجاوزت معرفة الفاعلين !!!. (وما يؤدي إلى وجود أزمة / مشكلة: هو إن النظام أو الوضع القائم لا يطرح في جوهره أي أزمة)، وهذه الدهشة الهيومية (نسبة إلى ديفيد هيوم) تصوغ السؤال البدئي لانبثاق كل فلسفة سياسية !!؟ وعلى حد الوصف الذي يعتبر إن مسألة شرعية الدولة أو النظام الذي تقيمه لا تطرح أي إلا في الأزمات والاضطرابات..

(كي لا نثق فيمن خدعنا و لو لمرة واحدة..// ديكارت



#ابوالقاسم_المشاي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريف طرابلس(1) بين الحركة التصحيحية.. وصكوك الغفران
- الصورة النقطية لظل حواء
- مقاربات كونية جديدة-2
- مغفرة مؤججة بالترف!!
- الكلمات ... بيان النزيف
- ظلُ لكاحل بريقها !!
- تكنولوجيا الخطاب -1
- النقد تصوغه الخطابات الفلسفية/حوار.
- بنية المخيلة الأسطورية/رمزية التآلف والتناقض
- بنية المخيلة الأسطورية/رمزية التآلف والتناقضة
- مجتمع المعلومات/ بين الشفافية والمراقبة!!
- مقاربات الكونية الجديدة / الارهاب الديجيتالي .. وهيمنة دولة ...
- نون الصدفة .. أنثى الاشتباه
- التنمية وحقوق الانسان / بين الفشل المؤسساتي والوعي الاجتماعي
- نزيف الطمأنينة / الرهق الاول
- نستولوجيا الكينونة والكتابة على الجسد
- رماد السلطة ... الجنازة المحترقة
- أزمة النص: خضوع الكتابة... غياب القارئ
- أبدية اللغة : نص التوهمي ... وتضاريس الكتابة !!
- زغب الحنين


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابوالقاسم المشاي - خريف طرابلس -2- بين صمام الامان والفوضى الخلاقة