|
توأم السلطة والجنس
أوميد اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 1764 - 2006 / 12 / 14 - 10:43
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
المتابع لكتب المؤلفة (نوال السعداوي ) تلك الكاتبة الجريئة دوماً والمدافعة عن حقوق المرأة يشده كتابها الذي صدر في سنة ( 1999) بعنوان ( تؤأم السلطة والجنس) والتي تتناول فيه تلك العلاقة القديمة بين السلطة والجنس والتي نشأت منذ انقسام البشر الى حكام ومحكومين والى النساء والرجال ، منذ ما سمي في التاريخ بالنظام العبودي او الطبقي الابوي حيث كان الاب هو صاحب السلطة والنسب والاملاك التي تشمل النساء والاطفال والماشية والارض .
تقول المؤلفة : "لقد ولدت انثى وادركت في جميع مراحل عمري ان هناك علاقة وثيقة بين السلطة والجنس وبين الدين والجنس يكفي ان نرجع الى الكتب الدينية لنرى هذا الترابط الوثيق بين الثالوث السلطة والدين والجنس" ، وتذكر الكاتبة ان حياتها الخاصة كإمرأة وطبيبة قد أتاحت لها الفرصة لإدراك التناقضات التي تقع فيها سلطة الدولة والدين فيما يخص الاحكام والقونين التي تحكم بها النساء وهي السلطة لم تنقصم عراها في اي عصر من العصور ولا في اي بلد من بلدان العالم حتى يومنا هذا .
ترى الدكتورة السعداوي ان نظام تعدد الزوجات ما كان ليسود ويستمر دون قمع النساء بكل أشكال السلطة المتاحة . هذه السلطة تحتاج دوما الى عنف او القوة او فرض قوانينها المزدوجة غير العادلة ، فقانون الطاعة هو الذي يحكم النساء في بلادنا حتى اليوم اذ ينص قانون الزواج على أن واجب الزوج الإنفاق وواجب الزوجة الطاعة . فالطاعة مفروضة على المرأة بقوة القانون اي قوة السلطة وقوة الدين معا ً وكان لا بد من قمع النساء جسديا وروحيا للخضوع لنظام ( الرق) هذا وترى المؤلفة ان من مظاهر عبودية المرأة فرض الحجاب عليها حتى لايراها رجل آخر غير زوجها ، وفي بعض الاحيان يفرض على المرأة عدم الخروج من البيت حتى لا يراها أحد ، وتقول الدكتورة السعداوي:" درسنا في كلية الطب عملية الولادة فقط لم ندرس العملية الجنسية أبحنا أطبء وطبيبات ولا نعرف لماذا يقطع ( بظر) البنت وهي طفلة في السادسة او السابعة من عمرها ولماذا تقطع (غرلة) الولد وهو طفل في الاسبوع الاول من عمره " .
من هنا بدأت رحلتها الشاقة والطويلة في سراديب التريخ المظلم فالدراسة العلمية كانت تعد احيانا من المحظورات او المحرمات ، خاصة فيما يتعلق بالثالوث المحرم الدين والجنس والسياسة وفي رأيها ان ( تأثيم ) المعرفة كان احدى وسائل السلطة للسيطرة على الاجساد والعقول والارواح أما أخطر السلطات فهي السلطة داخل الاسرة ، حين يصبح من حق الرجل ان يمنع من الخروج او العمل ويفرض عليها الحجاب وتسخر المؤلفة من ظاهرة الحجاب ( المعصرنة ) فتقول : "أصبح مألوفا أن نرى إمرأة تسبح في بحر وهي مرتدية الحجاب والسروال الطويل " هذا المشهد يبدو متناقضا.
فهو كذلك بالفعل ، ولكنه بمثل الوجه المزدوج للنظام ترابط السلطة والجنس عن طريق في بشر وخاصة أجساد النساء ومن مظاهر عبودية المرأة عند السعداوي حق الاب في حرمان ابنته من المدرسة وتزوجها من رجل عجوز قد لا تجد الابنة خلاصا منه الا في الموت وحق الزوج في خيانة زوجته او طلاقها بارادته الممطلقة او الزواج عليها او ضرها للتأديب وحقه في خداع العذراوات فتنهي الواحدة منهن حياتها بيدها خوفا من الفضيحة .
فالشرف هو حق الرجل وان كان هو الجاني والمرأة بلا شرف وان كانت الضحية وتضرب المؤلفة مثالا صارحا على قهر المرأة في ظل النظام الاسلامي فتقول : " لم اعرف انني محتبسة بحكم القانون الا حين اردت تجديد جواز سفري ذهبت الى الضابط المسؤل فرفض تجديد جواز سفري لماذا؟ لمجرد انني امرأة متزوجة لا يحق لي تجديد جوازسفري دون موافقة الزوج وشعرت بالاهانة فأنا استاذة في جامعة ( ديوك ) من اكبر جامعات العالم وكاتبة معروفة وطبيبة أعالج الناس فكيف يضع الناس أرواحهم في يدي وأنا لا أملك أمر نفسي ؟ " وترفع المؤلفة صوتها إحتجاجاً على هذا الواقع المخزي تجاوزت الستين من العمر والمفروض إني كاملة ألأهلية إلا إني أتقهقر الى الوراء فاصبح مثل طفلة قاصرة في حاجة الى موافقة ولي الأمر في أبسط الأمور مثل تجديد جواز السفر.
( الختان ) ظاهرة اخرى من ظواهر عبودية المرأة خاصة في الشرق وهي طبيبة تخصص جانبا مهما من كتابها في انتقاد هذه العادة الاجتماعية السيئة وتبيان مضارها الصحية والنفسية والاجتماعية وقامت هي نفسها بمعالجة بعض الحالات حيث أشرفت بعض الفتيات بسبب النزيف الناجم عن اجراء عملية الختان بطرق بدئية وقذرة انها ترى في الختان ( جريمة ) لا انسانية تحرم المرأة عن ممارسة حياتها الجنسية الطبيعية في المستقبل بحجة العفة لا سند طبيا ولا قانونيا لها والاغتصاب عند الدكتورة السعداوي هو جريمة الرجل وليس المرأة وبالتالي فان المُغتصِب هو الذي يفقد شرفه وليس المُغتصَب وهي المرأة ولكن حسب القيم الموروثة فإن المرأة هي التي تفقد شرفها مع فقدان عذريتها أما الرجل لا أحد يحاسبه على فساده الجنسي والاخلاقي قبل الزواج وبعده لا يقتصر الكتاب الذي يتضمن سلسلة مقالات نشرتها المؤلفة في مناسبات مختلفة على قضايا ظلم العقل ( الشرقي ) للمرأة انه يتضمن ايضا مقالات ذات طابع سياسي واجتماعي كتبت بعقل مستنير ومنفتح كُتبت باسلوب الدكتورة السعداوي الممميز وفكرها الثائر على القوالب الجاهزة ويقتحم قلمها الحاد بؤر القهر في النظام السائد ليكشف عن خلل داخل الاسرة وفي المجتمع بلغة بسيطة واضحة تجمع بين علم الطبيبة والبراعة الأدبية .
#أوميد_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقطات مروعة وثقتها كاميرا مثبتة على جسد ضابط وهو يضرب سجينًا
...
-
بعدما حاول منعه سابقا... ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق
...
-
محلل عسكري: الاتحاد الأوروبي يعاقب نفسه ولا حاجة لروسيا أن ت
...
-
جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يحبط هجمات إرهابية ضد ضابط بوزار
...
-
نصيحة غذائية بسيطة لتحسين صحة القلب وتقليل الكوليسترول
-
أبرز الروبوتات الشبيهة بالبشر في 2024
-
أمل ينبعث من ركام الحرب في سوريا.. زوجان مسنان يعودان إلى من
...
-
زاخاروفا: الإنصات لزيلينسكي خطير لسببين
-
موسكو: الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تحضران لاستهداف الق
...
-
وزير خارجية الهند يناقش المشاكل العالمية مع مستشار ترامب
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|