خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 8007 - 2024 / 6 / 13 - 15:16
المحور:
القضية الفلسطينية
اعتدنا على سماع أخبار عمليات المقاومين الفلسطينيين التي تختتم بالإشارة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أقدمت على هدم منزل عائلة منفد العملية . نمر مرور الكرام على حدث كهذا ، فلا نتساءل عن القصد من تحميل العائلة و استطرادا الجماعة ، مسؤولية فعل قام به فرد من أفرادها ، دون علمها و موافقتها بالضرورة ، الأمر الذي يؤكد مفهومية التطابق لدى المستعمر المستوطن ، بين الفرد المقاوم من جهة و بين المكان من جهة ثانية ، لذا يكتسب تدمير المنزل رمزية الاقتلاع .
يحسن التذكير هنا بأن الإسرائيليين احتلوا في سنوت 1980 نصف لبنان الجنوبي تقريبا ، نجم عنه بلوى أصابت الناس جميعا في عيشهم ، ما تزال أثارها تتفاعل في الحاضر ، و لكن العسف كان أكثر فظاعة و ايلاما في المناطق التي طال احتلالها ، حيث كان عسكر المحتلين يتصرف كما لو أن الضيعة الجنوبية سجينة في معسكر اعتقال ، فيدخلها بين الفينة و الفينة ، ليستجوب السكان و يهدم بعض المنازل السكنية ، قبل انسحابه منها ، بذريعة أن أحد الأبناء ناشط في حركة سياسية وطنية ، فتوجب اقتلاع منزل عائلته .
يمكننا الآن الاستنتاج بأن الاقتلاع يكون أحيانا موضعيا ضمن حدود ضيقة أو واسعة و أحيانا شاملا . فعلى سبيل المثال ، شاهدنا في مدينة بيروت خلال الحروب المتتالية و المختلفة الأهداف ، فيما بين الطوائف أحيانا و بين الطوائف و مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أحيانا أخرى ، أحياء سويت أبنيتها بالأرض . ثم تكرر ذلك و لا شك في أنه كان على نطاق أعم ، في العراق ، في بغداد في الفلوجة في الموصل ، إلى أن جاء الدور على سورية ، على دمشق و حلب و حمص و تدمر و جسر الشغور و غيرها ، أسماء أماكن دخلت الذاكرة الجمعية و غرقت فيها في سبات عميق .
يحق لنا أن نسأل عما إذا كان هذا الدمار الشامل الممتد من شمال إفريقيا إلى تخوم إيران ، تمهيدا لما يجري اليوم في فلسطين ، حيث يترافق غالبا باقتلاع الناس الأصليين ،إرهابا و تجويعا و قتلا و إخلاء ! أما ما يبرر طرح هذه الفرضية فهو وجود الولايات المتحدة الأميركية و دول الاستعمار القديم الأوروبية ، الثابت و الرائد في هذه السيرورة .
هنا لا بد من البحث عن الغايات الحقيقة من وراء هذه الحروب ، التي أدت إلى جعل المكان غير صالح للعيش ، مما دفع أعدادا كبيرة ، مئات الألاف ، ملايين ، إلى النزوح أو " الهجرة " ، علما أنها نهائية ، بعد أن صارت شروط إعادة تأهيل المكان غير متوفرة ، نتيجة اختلال ميزان القوى في المدى المنظور بين عوامل البقاء من جهة و أدوات الاقتلاع و الإبادة من جهة ثانية !
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟