|
طوفان الأقصى.. بين كونه - تابو- ، وحق النقد
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 8007 - 2024 / 6 / 13 - 12:23
المحور:
القضية الفلسطينية
عندما نحاول قراءة ما جرى يوم 7 أكتوبر، وبالطبع ارتباطا بالنتائج الملموسة التي نتجت عنه، سرعان ما يداهمك سؤال، يقول: هل غاب عن حركة حماس كيف سيتصرف العدو ردا على الزلزال الذي أصابه وأصاب ميزة الردع التي يعتبرها ضمانا لأمنه في مواجهة الدول العربية وفصائل المقاومة، ويباهي بها على مستوي يتعدى حدود المنطقة العربية؟ ليس بالطبع ملاحقة المقاومة في الأنفاق، ولكن في جعله أهل قطاع غزة في ذاتهم هدفا لآلته العسكرية؟ ومن الطبيعي أن يكبر السؤال كلما كبر حجم الكارثة التي لحقت بغزة وأهلها وأعادتها عشرات السنين إلى الوراء، بعد ساعات من عملية طوفان الأقصى والمستمرة حتى الآن، فيما هي تدخل شهرها العاشر، ومن ثم هل كانت حماس تتوقع وفق قراءة وتقدير موقف وحسبان كل الاحتمالات، حول رد فعل الكيان الصهيوني الذي أصيب في هيبته، وخطأ حساباته حول احتواء حماس، الذي كان مطمئنا إلى أن مرور الدعم المالي القطري بمعرفة وموافقة أجهزة الأمن الصهيونية كمرتبات لموظفي سلطتها في غزة كمؤشر إيجابي على نوايا حماس تجاهه على الأقل مؤقتا؟ لكن من جهة أخرى هل وقائع ما جرى في مراكز الجيش والمستوطنات من انهيار، ربما فاجأ أيضا حركة حماس، كان سببا في نشوة غير محسوبة أو موضوعية، بل والبناء عليها في تقييم الموقف والذات، وهو التقييم الذي جعل حماس ربما تقدر أن الكيان يتداعي قياسا على ما جرى في مستوطنات غلاف غزة، ارتباطا بحجم القتلى والأسرى من عسكريين ومدنيين صهاينة، الذين جرى نقلهم إلى غزة في مشاهد احتفالية تعلن النصر ، وأن الكيان يعيش حالة فقدان للتوازن جراء الصدمة، قد تؤثر على قدرته على الرد؟ وقد عزز خطاب زعيم حماس إسماعيل هنية حالة النشوة تلك وهو يزف البشرى للشعب الفلسطيني، فيما مشاهد احتفالات غزة بغنائم عملية الطوفان تشكل خلفية خطاب مسؤولي حماس، ولدلك أعلن رئيس المكتب السياسي لحماس في 7 أكتوبر من أن "المقاومة الفلسطينية، نقلت المعركة إلى قلب الكيان المحتل". في حين أن المعركة ومنذ أشهر تدور في غزة، وليس في فلسطين المحتلة، بل إنه وجه حديثه لقادة الاحتلال الإسرائيلي، بالخروج من القدس، وأضاف نحن اليوم على “موعد مع النصر العظيم والفتح المبين". لكن الوقائع لا تزكي ما قاله إسماعيل هنية، الذي كان عليه أن ينتظر قليلا، كون الإرادوية والشعارات لا تصنع الوقائع لأن الوقائع هي نتاج فعل يمارس، وبالطبع هناك من يصدق ما قاله هنية ممن يريد ذلك وليس لأنه كذلك، والعبرة في النهاية يرسمها بشكل موضوعي مشهد القطاع وأهله، الذين كانوا ضحية حرب إبادة طوال أكثر من تسعة أشهر تجاوز فيها عدد الشهداء والمفقودين والمصابين الـ 130 ألف من عدد سكان القطاع البالغ 2مليون و200 ألف، وهي نتيجة صادمة بكل المقاييس السياسية والإنسانية. فيما لا يكف البعض ممن لا يقيم وزنا لضحايا الإبادة وتدمير قطاع غزة، عن التغني بنصر طوفان الأقصى، كونه يحاكم الطوفان كحدث جرى يوم 7 أكتوبر؛ بمعزل عن النتائج التي هي عودة الاحتلال الصهيوني، والتسليم الدولي والعربي بدور أمريكي يتولى هندسة مستقبل القطاع، حسب خريطة طريق الرئيس الأمريكي بايدن، ومشروع خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط ذات النقاط العشرةـ التي كشف عنها الخميس 13 يونيوـ وتنص النقطة الثانية منها على أنه: "لا يمكن للمجموعات التي تتبنى استخدام العنف أو ترتكب هجمات إرهابية ضد المدنيين أن تحكم مستقبل غزة أو تمليه. ويجب على جميع المنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة نزع سلاح العنف ونبذه. وستيسر آلية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج هذه العملية في غزة". وبصرف النظر عن القدرة على فرض ذلك، إلا أنها في النتيجة تعكس إرادة وتوجه أمريكي وإقليمي وأوروبي، لمستقبل غزة. وفي ظل هذا الحصاد المر عبر مشروع عودة الوصاية على الشغب الفلسطيني، يقفز إلى الذهن موضوع الدروس المستفادة الذي بدا أنه كان غائبا لدي حماس ، في حين أن حروب الكيان على قطاع غزة من شأنها أن تكشف طبيعة سلوكه على أن يؤخذ ذلك في الحسبان لدى أصحاب القرار، وقد بدأت تلك الحروب بعملية "الرصاص المصبوب" في 27 ديسمبر 2008 ، واستمرت حتى عملية "الفجر الصادق" 2022، مرورا بعملية "الجرف الصامد" 2014 التي كانت الأكثر دموية وتدميرا، بلغ فيها عدد الضحايا 2189 شخصاً، والجرحى قرابة 11100، من بينهم 3374 طفلاً. في حين أن حجم الأضرار الذي طال قطاع غزة لم يسبق له مثيل، بأن تعرض نحو 113 ألف منزل للضرر. إن هذه المقاربة في طوفان الأقصى الفعل والتداعيات هدفها أن تضع طوفان الأقصى كفعل بشري محلا للقراءة عبر نزع صفة الــ"تابو" عنه من أجل استخلاص الدروس بعيدأ عن الترهيب بكل أشكاله، على قاعدة أن المقاومة بكافة أشكالها هي حق مشروع للشعب الفلسطيني، شرط أن تعكس النتائج صوابية السلوك ومشروعيته الوطنية، وإنه كان مفارقا أن لا تكون المجازر عاملا حاضرا ومقررا في تصرفات المقاومةـ سيما إذا ما جرى التعامل مع هذا الكم من الشهداء والمصابين والمفقودين والخراب الشامل في غزة كـ"وسيلة" لتحقيق غاية معينة، من ذلك أن يحيى السنوار زعيم حماس في غزة قد اعتبر "إن استشهادهم سيبث الحياة في عروق هذه الأمة، وسيوصلها إلى ارتفاع مجدها وشرفها"، هذا الاختزال المخل يسيء إلى الشهداء والسنوار نفسه، وإلى فكرة المقاومة كفعل ومفهوم هدفه الأساسي التحرير من أجل حقوق وكرامة الناس. ومن ثم فإنه ليبدو نوعا من غياب النزاهة بمعناها الفكري والسياسي، تصوير تضامن معظم شعوب العالم والكثير من الحكومات مع مأساة أهل غزة، على أنه تضامن مع مفاعيل الطوفان وليس مع أهل غزة، الذين هم ضحية حرب إبادة ينفذها الكيان الصهيوني.
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطوفان بين حرب التحرير.. ووقف إطلاق النار
-
إدارة غزة.. بين شرعية السلطة وبندقية حماس..!
-
معبر رفح.. الغياب الفلسطيني
-
اليوم التالي للحرب.. مشروع وصاية أمريكي على غزة
-
الجنائية الدولية..الكيان الصهيوني في قفص الاتهام
-
عيد أطفال غزة .. مختلف *
-
أمريكا.. لا أقل من صفقة رهائن هذه المرة
-
بايدن ونتنياهو: معركة رفح.. نعم بشرط
-
التعديلات القضائية وأزمة الكيان الصهيوني البنيوية 2/2
-
التعديلات القضائية وأزمة الكيان الصهيوني البنيوية 2/1
-
ذهنية الفزعة.. وترتيب سلم الأولويات الكفاحية
-
قرار مجلس الأمن حول غزة..مقاربة مشاكسة ؟!
-
قرار طرد حماس من الدوحة.. إرادة قطرية، أم أمريكية؟!
-
حرب تجويع غزة.. وسؤال الضمير الإنساني العالمي..!
-
تهديد الحريديم بعودتهم إلى ديارهم الأصلية.. وهشاشة الكيان..!
-
هدف الرصيف البحري.. تكذبه مرات الفيتو الأربع
-
العار الأمريكي.. بايدن يعترض على مجرد القلق..!
-
رؤية نتنياهو.. تشديد وتحديث الاحتلال..!
-
مرافعة أميركا أمام العدل الدولية..وقاحة وعنجهية وتجاهل للقان
...
-
لحكم الضفة وغزة.. تزكية السعودية للسلطة.. ليس مكافأة
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|