أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - كرم الدين حسين - -ضغوط البكالوريا: بين تطلعات الأسر ومعاناة المراهقين - مأساة فتاة من أسفي بالمغرب-














المزيد.....

-ضغوط البكالوريا: بين تطلعات الأسر ومعاناة المراهقين - مأساة فتاة من أسفي بالمغرب-


كرم الدين حسين
صحفي باحث وكاتب

(Karameddine Hcine)


الحوار المتمدن-العدد: 8007 - 2024 / 6 / 13 - 00:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


تعد البكالوريا مرحلة مهمة في الحياة التعليمية للإنسان، وبوابة لولوج التعليم العالي، وخطوة أساسية لبناء المستقبل المهني والثقافي. إن الحصول على شهادة البكالوريا يعد من أكبر هموم فترة المراهقة وحلم كل شاب يافع، بل هي أيضًا حلم ورغبة أسر هؤلاء التلاميذ، هذه الأسر التي لم تذخر جهدًا طوال 12 سنة، من التعليم الابتدائي والإعدادي إلى غاية التعليم الثانوي التأهيلي، مما يجعل الأسرة تحرص على نيل التلميذ لشهادة البكالوريا أكثر من التلميذ نفسه.
وهنا مربط الفرس، حيث إن هذا الضغط الأسري والمجتمعي وتعظيم شأن امتحان البكالوريا إلى حد أنه مسألة حياة أو موت قد يكون له أثر سلبي، خصوصًا أننا نتعامل مع فئة حساسة جدًا وهي المراهقين. هذه الفترة تشبه الشرنقة التي يخرج منها الإنسان من مرحلة الطفولة والبراءة إلى مرحلة الشباب والنضج، حيث يواجه مشاكل الحياة ومصاعبها لوحده.

إن الإنسان في مرحلة المراهقة تكون همومه وأحماله غالبًا تتمحور حول ذاته ورغباته دون أي شعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، وهذا هو الأصل والفطرة السليمة. لكن تهويل أمر امتحان البكالوريا من طرف بعض الناس من محيط التلميذ وخصوصًا المحيط الأسري، يحمل هذا التلميذ المراهق أكثر مما يمكنه تحمله، حيث يحس أن نجاحه أو فشله في امتحان نيل شهادة البكالوريا لا يهم مستقبله وحده فقط بل مستقبل واستقرار أسرته كلها، وهو ما يزيد من الضغوط النفسية على المراهق سواء قبل أو أثناء الامتحان.

إن هذا الضغط الأسري والمجتمعي يفسر لنا ما حدث بمدينة آسفي المغربية، يوم الاثنين 10 يونيو الجاري، حيث أقدمت تلميذة في مقتبل العمر على الانتحار برمي نفسها في البحر، بعد أن تم ضبطها بحالة غش بواسطة هاتف وتحرير محضر بذلك في أول أيام الامتحان.
دفعت هذه الحادثة الأليمة التي شغلت الرأي العام المغربي كثيرًا، إلى التفكير والتأمل العميقين في سؤالين مهمين هما:
الأول هو: من المسؤول عن إقدام الفتاة على الانتحار؟ حيث أجمع أغلب رواد المواقع على أن الأستاذة التي حررت المحضر كانت مسؤولة حيث أعلمت الفتاة أنها لن تتمكن من إجراء الامتحان لمدة سنتين على الأقل، بينما حمل البعض الآخر، ومنهم عم الفتاة، إدارة المؤسسة والمشرفين على الامتحان داخلها المسؤولية، بحيث كانوا ملزمين بعدم ترك الفتاة تغادر المؤسسة وكان يجب إعلام ولي أمرها بما حدث وتسليمها له.

أما السؤال الثاني الذي تبادر إلى ذهني وكان الأهم بالنسبة لي، هو: ما الذي يدفع بفتاة في مقتبل العمر أن تلقي بنفسها في البحر، وهي التي لم تثقل كاهلها بعد هموم الدنيا وأثقالها؟ خصوصًا أن تصريحات عائلتها ومقربين منها تؤكد أن حياتها كانت عادية ولم تكن تعاني من أزمات أو مشاكل حادة في حياتها. أهمية هذا السؤال بالنسبة لي تكمن في أن الجواب عليه سيمكننا من جواب عن السؤال الأول، وتحديد المسؤول الرئيس عما حدث.

لا شك أن الانتحار في أغلب الأحيان قرار انفعالي، يكون نتيجة يأس أو خوف، وهو ما يمكن أن يسقط على حالتنا هذه، لكن بتفكير مالي في الأمر، خصوصًا أن الضحية أرسلت رسالة صوتية عبر تطبيق "الواتساب" إلى عائلتها تطلب منهم المسامحة وتخبرهم بنيتها الإقدام على الانتحار، أي أن غضبًا لحظيًا وخوفًا من محضر الغش ليسا الدافع الرئيسي، خصوصًا وأن التلميذة كانت عازمة على الغش وبالتالي كانت تضع في حسبانها احتمال انكشافها ولو بنسبة 1٪. وبالتالي يبقى الضغط الأسري والعائلي هو السبب الأول في نظري.

أما مسألة أن المؤسسة كانت ملزمة بالحفاظ على الفتاة إلى غاية تسليمها إلى ولي أمرها، فإنها وإن كانت تبدو مسألة منطقية، إلا أنها صعبة لسببين: أولاً أن التلاميذ في المغرب يجتازون الامتحان في مؤسسات تعليمية غير مؤسساتهم، وبالتالي المؤسسة مركز الامتحان لا تتوفر على المعلومات اللازمة مثل رقم هاتف ولي الأمر، بالإضافة إلى أن يوم الامتحان يكون كل الأطر التدريسية والإدارية في حالة استنفار.

أنا هنا لا أدافع عن طرف وأحاسب آخر، لكن أحاول أن أكشف عن تصرف خاطئ يمارسه المجتمع والأسرة خلال هذه المرحلة الدراسية. وإذا كان ما وقع لهذه الفتاة المسكينة في آسفي هو حدث نادر الوقوع، فإن حالات عديدة يكون هذا الضغط سببًا في ضياع أصحابها بطرق أخرى غير الانتحار مثل الخدر الدراسي، الإدمان، الهرب، الغش، وغيرها من الظواهر السلبية. بل قد يكون هذا الضغط سببًا في إخفاق الطالب في النجاح أو في حصوله على شهادة بمعدل ضعيف رغم تفوقه الدراسي.

كلامي هذا لا يعني أن تتملص الأسرة من دورها أو أن تتعامل مع البكالوريا كمجرد مرحلة دراسية عادية، بل يجب مراقبة التلميذ وحثه على النجاح دون الغلو في ذلك، وتصوير الحصول على البكالوريا كأنه عمل يقوم به التلميذ من أجل أسرته بأكملها. بل العكس، هو أمر مهم له وحده ومستقبله لوحده.



#كرم_الدين_حسين (هاشتاغ)       Karameddine_Hcine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزمتني بدمعها
- رقصة الأحمق: -خيوط الفراق وعزف الندم-
- التخاذل العربي أمام مأساة رفح: خيانة الضمير وصمت السلاطين.
- -سرقة الأحلام-
- خريجو القانون في المغرب بين مطرقة الفساد وسندان شح المناصب ا ...
- التطبيع في المغرب أول ضحايا عملية طوفان الأقصى


المزيد.....




- رويترز تتحدث عن -عشرات الوفيات- بلهيب الشمس بموسم الحج
- يورو 2024.. قيادة منتخب البرتغال تدافع عن مشاركة رونالدو
- بعد هدوء لـ3 أيام.. -حزب الله- يعلن تنفيذ عملية ضد موقع إسرا ...
- الدفاع الروسية: استهداف منظومة صواريخ -إس-300- أوكرانية ومست ...
- روسيا تكشف عن منظومات صاروخية مضادة للدرونات والزوارق المسيّ ...
- ذهب رقمي.. ما هو شرط انتشار عملة بريكس في العالم؟
- روسيا تشل السلاح الأمريكي في أوكرانيا
- خداع استراتيجي.. كيف احتالت واشنطن على -السيد لا-؟
- لافروف: روسيا تدعو إلى إدارة عادلة للمجال الرقمي العالمي
- هنغاريا تعارض ترشيح فون دير لاين كرئيس للمفوضية الأوروبية


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - كرم الدين حسين - -ضغوط البكالوريا: بين تطلعات الأسر ومعاناة المراهقين - مأساة فتاة من أسفي بالمغرب-