أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !














المزيد.....

العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8006 - 2024 / 6 / 12 - 20:15
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العشائر والشعائر .. الفزعة العصبية والنزعة الاستعلائية !


في المجتمعات التي تنام وتصحو على إيقاع عنف الجماعات الأصولية المنفلت من عقاله ، واستشراء نوازع العدوانية للأصوليات والعصبيات المتكارهة والمتباغضة ، فان بحوزة كل جماعة سوسيولوجية أو مكون انثروبولوجي مجموعة من الممارسات الشعائرية والأنشطة الطقوسية ، التي أشبه ما تكون بالفروض الدينية واجبة الطاعة وإلزامية التنفيذ . ولأن طبيعة العلاقات داخل مؤسسة (العشيرة) لا تعتمد في تلبية ضروريات تكوينها ، وتأمين شروط ديمومتها على مصدر خارجي يفرض عليها خصائص القيم وأنماط السلوك التي ينبغي اعتمادها . فهي عادة ما تميل الى التماسك الداخلي بين أعضائها والتخادم البيني على مستوى مكوناتها ، ليس فقط لدرء المخاطر الخارجية التي تهدد وجودها الاجتماعي وكيانها الحضاري فحسب ، وإنما لضمان استمرار تداول العادات والأعراف والتقاليد المتوارثة التي تمدّ جسور هويتها الحضارية والثقافية بين أجيالها السابقة واللاحقة أيضا".
وكأي جماعة (عصبية) ، فان (العشيرة) دائما"ما تكون بحاجة ماسة لممارسة بعض (الشعائر) و(الطقوس) التي من شأنها الحفاظ على كيانها الاجتماعي ، وتعزيز الروابط الأسرية والصلات القرابية والعلاقات الاجتماعية ، بحيث تشدّ الجميع الى ثوابت أروماتها التاريخية والثقافية والقيمية والرمزية واللغوية . ولعل من أبرز تلك (الشعائر) التي تحرص (العشائر) كل الحرص على تكريسها في الوعي وديمومتها في السلوك ، هي الاعتزاز بكل ما يعبر عن خصوصيات العشيرة المعنية (أصول حتى ولو كانت مختلقة ، ومواريث حتى ولو كانت ملفقة ، وسرديات حتى ولو كانت مصطنعة ، والتفاني بالدفاع عن قيمها حتى ولو كانت عصبية ، والذود عن أعرافها حتى ولو كانت استعلائية ، والمنافحة عن رموزها حتى ولو كانت أسطورية . ولعل هذه المظاهر من (الاعتزاز) المتطرف و(التفاني) المتعصب قمينة باستتباع مجموعة من التصورات والتواضعات والممارسات المستهجنة أخلاقيا"وحضاريا"وإنسانيا"، يمكن إدراجها ضمن اصطلاحين أساسيين يفضي أحدهما الى مجال الآخر هما ؛ (الفزعة العصبية) و(النزعة الاستعلائية) ، مع ما يتمخض عنهما من تداعيات اجتماعية وتبعات نفسية غالبا"ما كانت عوامل هدم لكيان المجتمع ومسخ لشخصيته ونسخ لهويته .
ففيما يتعلق بخاصية (الفزعة العصبية) التي تعتبر حجر الأساس في بناء المكون العشائري ، فقد ساهمت هذه الخاصية الانثروبولوجية على امتداد تاريخ المؤسسة (القبلية / العشائرية) في إذكاء الروح العدوانية بين أفراد العشيرة الواحدة لأسباب تتعلق بالأدوار والوظائف والمكاسب من جهة ، وفيما بين القبائل والعشائر المختلفة لأسباب تتعلق بالمصالح الاقتصادية والوجاهات الاجتماعية والزعامات السياسية من جهة أخرى . واللافت في الأمر ان القاسم المشترك بين الحالة الأولى والحالة الثانية ، هو الاحتكام الى لغة (القوة) واستخدام (العنف) بين المتنافسين والمتخاصمين ، بصرف النظر عن أهمية الأسباب الباعثة لهذا التصرف أو قيمة الدوافع المؤطرة لأنماطه وأبعاده . لا بل ان الطرف الذي يسعى لحل مشاكله وتسوية أموره عن طريق (القانون) باللجوء الى مؤسسات الدولة ، لا يعاب فقط في رجولته ويطعن في كرامته من جانب أٌقرانه فحسب ، بل وكذلك يفقد حقوقه كفرد وتهدر قيمته كانسان . من منطلق ان الفرد الذي لا يأخذ (حقه) بقوة يده ، ولا يفرض (هيبته) بصلابة إرادته ، لا يعد – وفقا"للقيم والأعراف العشائرية - رجلا"يستحق الاحترام والاعتبار .
وحين يعيش الفرد (العشائري) في بيئة اجتماعية من هذا النمط العدواني والاقصائي ، لا يمكن إلاّ أن يكون شديد الاعتداد بنفسه وكثير التحمس لعشيرته من جهة ، وشديد الازدراء لغيره وكثير التحسس إزاء آخره العشائري من جهة أخرى . ولعل هذه الحالة الشعورية المليئة بالزهو البدائي والمفاخرة الاستعراضية كفيلة بتضخيم أناه (المستقوي) بغيره ، وتعظيم نزوعه (المستعلي) بما ليس فيه ، على كل من يتموضع في الجانب الآخر من طيف الانتماء التحتي (العشائري) والولاء الفرعي (القبائلي) . بحيث لا يني إحساسه الذاتي يتوسع ويتعمق إزاء قيمة الحدود المكانية والفوارق الاجتماعية والحواجز النفسية الفاصلة بين (النحن) الأفاضل و(الهم) الأراذل ، والتي رسختها في وعيه وأوجبتها في سلوكه تلك البيئة المتشظية والمستقطبة .
وكما في كل حالات (المفاضلة) العصبية (الاثنية والقبلية والمذهبية والمناطقية) التي تستبطن شعائرها وتجتاف قيمها الجماعات العشائرية ، فان عواقب هذا الضرب من مشاعر (الاستقواء) و(الاستعلاء) كفيلة بإجهاض قيم التعايش السلمي بين المكونات السوسيولوجية والانثروبولوجية من جانب ، والإجهاز ، من ثم ، على كل ما يمت الى روح (المواطنة) الحضارية بصلة من جانب ثان . وهو ما يؤدي ، في نهاية المطاف ، الى جعل المجتمع بمثابة بركان يغلي بالكراهيات المدمرة ويتفجر بالصراعات المهلكة ، التي كان العراق – ولا يزال – مسرحا"لها طيلة العقود الماضية . ولهذا فان ما يشاع في الندوات التلفزيونية واللقاءات والمؤتمرات والقنوات الفضائية ، حول دور (العشائر) العراقية في توطيد السلم الأهلي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي ، لا يعدو أن يكون (فرية) لا أساس لها في الواقع . ذلك لأن (العشائر) ما كانت يوما"– ولن تكون في المستقبل – مصدرا"لترميم المتصدع في بنائنا الاجتماعي ، وترصين المتخلع في كياننا الحضاري .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج
- دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)
- عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...


المزيد.....




- الكشف عن أفضل الخطوط الجوية في العالم لعام 2024 بحسب تصنيف - ...
- مذيع CNN محاط بأسماك قرش.. وخبيرة ترشده لكيفية مداعبتها
- تقرير: تضاعف عدد المسؤولين الأمريكيين المثليين ثلاث مرات من ...
- -جوع ومعاناة-.. روايات من قلب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في  ...
- -خطة- لطرد ملايين الأجانب والمجنسين من ألمانيا.. ما خطورة ذل ...
- الهواتف تضاعف مشاكل النوم عند الشباب.. كيف؟
- دخل حيز التنفيذ.. أهم شروط قانون الجنسية الألماني الجديد
- من -بيبي الثاني- إلى -معمر القذافي-.. أطول فترات الحكم في ا ...
- انهيار منزل من 4 طوابق في اسطنبول (فيديو)
- روسيا.. الأمطار الغزيرة تتسبب بخروج قطار عن سكته ومصرع راكبي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !