عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8005 - 2024 / 6 / 11 - 02:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المتأمل لأسفار التوراة لن يجد صعوبة في تشخيص تأثير أساطير الأولين في قصصها، وبشكل خاص الأساطير الشرقية القديمة، وهي مزيج من أساطير البابليين والكنعانيين والمصريين القدماء.
يثير العجب والتعجب معًا، الإله "يهوه" ذاته، فهو خاص بأهل التوراة دون غيرهم. غيور عليهم، يحقد على أعدائهم، ويجيز سرقتهم ونهبهم. ليس هذا فحسب، بل يبارك قتلهم بأساليب بشعة تماثل ما يعرف في عصرنا بحروب الإبادة الجماعية.
أهل التوراة بحسب أسفارها، يتفوقون على غيرهم، ويحق لهم الاستعلاء على غيرهم، لأنهم "أبناء الله". هذا التمييز العنصري بدمغة دينية ليس منافيًا للعقل والمنطق فحسب، بل لا يمكن أن يصدر عن إله. ولكن يبدو أن الكهنة كتبة التوراة غاب عن أذهانهم ذلك.
تبدو الأساطير ظاهرة جلية في سفر التكوين، على سبيل المثال لا الحصر، ما يتعلق بقصص الخلق وسقوط آدم من جنة عدن.
المؤرخ والفيلسوف الروماني وأحد مؤسسي علم الأديان، ميرسيا إلياد له رأي لافت بخصوص ما نحن بصدده، مفاده أن الدارس لتاريخ العبرانيين سيفاجأ بأنهم كلما عاشوا حقبة سلام ورخاء كانوا يبتعدون عن إلههم "يهوه" ويقتربون من إله الكنعانيين "بعل"، وإلهة الحب والحرب البابلية "عشتار". وعندما تحل بهم كوارث يعودون إلى "يهوه" موجهين له نداءً يقرون فيه بأنهم أخطأوا بترك الرب وعبادة البعليم والعشتاروت، والآن "انقذنا من أعدائنا فنعبدك". طيب، إذا الإله خاصتهم يقايضونه بانقاذهم كي يعبدوه، ويبتزونه على هذا النحو، فكيف يمكن التفاهم معهم؟!!!
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)