أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ادم عربي - القيمة وأهميتها الإقتصادية عند ماركس!














المزيد.....

القيمة وأهميتها الإقتصادية عند ماركس!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8004 - 2024 / 6 / 10 - 22:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقلم : ادم عربي

في كِتابِهِ "رَأسُ المَالِ"، حَلَّلَ ماركس بِعِلمِيَّةٍ وَعُمقٍ النِّظَامَ الاقْتِصَادِيَّ الرَّأسمَاليَّ وَآلِيَّةَ عَمَلِهِ. وَإِنْ تَحَدَّثَ بِاخْتِصَارٍ عَنِ الصَّنَمِيَّةِ السِّلعِيَّةِ وَبَيَّنَ مَنطِقَهَا الاقْتِصَادِيَّ المُتَدَاعِيَ وَالمُتَهَافِتَ، إِلَّا أَنَّهُ استَرسَلَ فِي ظَاهِرَةِ الوَثَنِيَّةِ السِّلعِيَّةِ. وَلَعَلَّ مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ سُوءُ فَهمِ النَّاسِ لِلذَّهَبِ، فَهَذَا المَعْدِنُ الغَالِي الثَّمَنِ، وَبِجُزءٍ قَلِيلٍ مِنهُ تُشتَرَى سِلَعٌ كَثِيرَةٌ، كَانَ يُنظَرُ إِلَيهِ أَنَّهُ يَستَمِدُّ قِيمَتَهُ مِن صِفَاتِهِ الطَّبِيعِيَّةِ، فَهُوَ غَالٍ لِأَنَّهُ ذَهَبٌ.

قَدِيمًا، تَفَتَّقَتْ لَدَى أَحَدِ الكِيميَائِيِّينَ فِكرَةٌ طَمُوحَةٌ، فَقَدِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ بِطَرِيقَةٍ مَا يُمكِنُ أَن يُحَوِّلَ الرَّصَاصَ إِلَى ذَهَبٍ. لَا أَعرِفُ لِمَاذَا اختَارَ الرَّصَاصَ وَلَم يَختَرِ الحَدِيدَ، فَقَد تَوَهَّمَ أَنَّ النَّجَاحَ فِي سَعيِهِ هَذَا سَيَجلِبُ لَهُ ثَرَاءً قَارُونِيًّا، لَكِنَّهُ سُرعَانَ مَا اكتَشَفَ الحَمَاقَةَ فِي فِكرَتِهِ الذَّكِيَّةِ هَذِهِ. فَتَسَاءَلَ أَحَدُ الحُكَمَاءِ ضِدَّ فِكرَتِهِ قَائِلًا: "فَهَلِ الذَّهَبُ يَبقَى ذَهَبًا إِذَا حَوَّلنَا كُلَّ مَا لَدَينَا مِن رَصَاصٍ إِلَى ذَهَبٍ؟".

لَقَد تَصَوَّرُوا الذَّهَبَ الأَصفَرَ، الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ لَونُهُ مَهمَا طَالَ بِهِ الزَّمَنُ. تَخَيَّلُوهُ أَنَّهُ يَستَمِدُّ قِيمَتَهُ مِن نَفسِهِ، فَالذَّهَبُ صَنَمٌ يَستَمِدُّ قِيمَتَهُ مِن كَونِهِ ذَهَبًا، جَاهِلِينَ أَنَّ الذَّهَبَ لَا يَختَلِفُ عَن سَائِرِ المَعَادِنِ إِلَّا فِي اشْتِمَالِهِ عَلَى مِقدَارٍ أَكبَرَ مِن العَمَلِ. فَالذَّهَبُ يَحْتَاجُ وَقتَ عَمَلٍ كَبِيرٍ لِاِستِخرَاجِهِ، وَلِذَلِكَ قِيمَتُهُ التَّبَادُلِيَّةُ عَالِيَةٌ مُقَارَنَةً بِغَيرِهِ مِنَ المَعَادِنِ.

وَمَعَ خُرُوجِ الذَّهَبِ كَعُملَةٍ مِنَ السُّوقِ لِيَحُلَّ مَحلَّهُ الأَورَاقُ النَّقدِيَّةُ، تَعَزَّزَتْ ظَاهِرَةُ الصَّنَمِيَّةِ الاقْتِصَادِيَّةِ وَهَبَطَتْ مَعَهَا عَقلِيَّةُ الاسْتِثمَارِ وَغَرِقَتْ فِي الخُرَافَةِ وَالوَهمِ. فَالأَصنَامُ المَصنُوعَةُ مِن ذَهَبٍ حَلَّ مَحلَّهَا نَوعٌ آخَرُ مِنَ الأَصنَامِ، وَهِيَ الأَصنَامُ المَصنُوعَةُ مِن وَرَقٍ. وَاستَبَدَّتْ فِي عُقُولِ المُستَثمِرِينَ فِكرَةُ أَنَّ المَالَ يَلِدُ مَالًا مِن جِنسِهِ. وَلَو سَأَلتَ أَيَّ مُستَثمِرٍ عَن كَيفِيَّةِ الاسْتِثمَارِ لَأَجَابَكَ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ: "إِنَّهُ كَومَةٌ مِنَ الأَورَاقِ أَشتَرِي بِهَا أَورَاقًا أُخرَى حَسَبَ قَانُونِ العَرضِ وَالطَّلَبِ وَأُحَقِّقُ أَربَاحًا مِنَ الفَرقِ بَينَ سِعرَي الشِّرَاءِ وَالبَيعِ، وَتَنمُو ثَرْوَتِي وَتَتَرَاكَمُ، فَالمالُ يَلِدُ مالًا مِن خِلَالِ لُعبَةِ الاسْتِثمَارِ فِي أَسْوَاقِ المَالِ".

لَقَدِ ارتَدَّ المُستَثمِرُونَ عَنِ الاقْتِصَادِ الحَقِيقِيِّ، خَالِقِ الثَّرْوَةِ وَهُوَ العَمَلُ. وَلَا شَيءَ غَيرُ العَمَلِ خَالِقٌ لِلثَّرْوَةِ. وَاستَبدَلُوهُ بِدِينٍ جَدِيدٍ أَشبَهَ مَا يَكُونُ لِلشَّعوَذَةِ وَالسِّحرِ، فَهَذَا المَالُ يَلِدُ مالًا وَيَتَكَاثَرُ كَمَا يَتَكَاثَرُ البَشَرُ.

لَكِنَّ لِنُحَلِّلَ الاسْتِثمَارَ فِي الأَورَاقِ المَالِيَّةِ، الدِّيَانَةَ الجَدِيدَةَ لِلِاسْتِثمَارِ. لِنَفرِضَ أَنَّ مُستَثمِرًا استَثمَرَ فِي نَشَاطِهِ هَذَا مِليُونَ دُولَارٍ وَرَبِحَ فِي نِهَايَةِ المَطَافِ نِصفَ مِليُونِ دُولَارٍ، فَأَصبَحَ يَملِكُ مِليُونًا وَنِصفَ المِليُونِ مِنَ الدُّولَارَاتِ. لَكِنَّ هُنَاكَ فِي الطَّرَفِ الآخَرِ مُستَثمِرٌ آخَرُ لَا بُدَّ أَنَّهُ خَسِرَ نِصفَ مِليُونٍ. فَمَا رَبِحَهُ المُستَثمِرُ الأَوَّلُ هُوَ مِقدَارُ خَسَارَةِ المُستَثمِرِ الثَّانِي. بِهَذَا المَعنَى يُمكِنُنَا الحَدِيثُ عَنِ الأَربَاحِ فِي الأَسْوَاقِ المَالِيَّةِ. وَلِنَنظُرْ بِعُيُونٍ لَا يُغشَاهَا الوَهمُ لِحَجمِ الاسْتِثمَارِ فِي مِثَالِنَا هَذَا وَقَد كَانَ مِليُونَينِ اثنَينِ مِنَ الدُّولَارَاتِ. هَذَا المَبلَغُ الاسْتِثمَارِيُّ، هَل أَضَافَ لِلثَّرْوَةِ الوَطَنِيَّةِ مِلِّيمًا وَاحِدًا؟ كَلَّا، لَم يُضِفْ شَيئًا، بَل بَقِيَ كَمَا هُوَ مِليُونَينِ اثنَينِ مِنَ الدُّولَارَاتِ. لَكِنْ لَو جِئنَا بِهَذَا المَبلَغِ وَالَّذِي كَانَ فِي مِثَالِنَا مِليُونَينِ اثنَينِ مِنَ الدُّولَارَاتِ، وَاشتَرَينَا أَدَوَاتٍ وَآلَاتٍ وَفَتَحنَا مَصنَعًا وَوَظَّفنَا فِيهِ عَدَدًا مِنَ العُمَّالِ، فَإِنَّ هَذَا المَبلَغَ لَن يَبقَ مِليُونَينِ اثنَينِ مِنَ الدُّولَارَاتِ، بَل سَيُصبِحُ ثَلَاثَةَ مَلايِينَ مِنَ الدُّولَارَاتِ. وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَحَسْبَ يُصبِحُ مُمكِنًا جَعْلُ المَالِ وَسِيلَةً لِتَنمِيَةِ الثَّرْوَةِ الحَقِيقِيَّةِ لِلمُجتَمَعِ. إِنَّ الاقْتِصَادَ المُنتِجَ لِلسِّلَعِ هُوَ وَحدَهُ الاقْتِصَادُ الحَقِيقِيُّ، وَمِن خِلَالِهِ تَتَحَوَّلُ الثَّرْوَةُ الوَرَقِيَّةُ إِلَى ثَرْوَةٍ حَقِيقِيَّةٍ.

وَمَا نَعِيشُهُ اليَومَ هُوَ تَعَاظُمُ انفِصَالِ الاقْتِصَادِ الوَرَقِيِّ عَنِ الاقْتِصَادِ الصَّحِيحِ وَالحَقِيقِيِّ. فَجَمِيعُ الأَنشِطَةِ الاقْتِصَادِيَّةِ وَالأَموَالِ تُضَخُّ فِي الأَسْوَاقِ المَالِيَّةِ وَالأَسهُمِ وَالسَّندَاتِ، وَالنَّتِيجَةُ الحَتمِيَّةُ لِذَلِكَ مَزِيدٌ مِن أَسبَابِ الهَلَاكِ لِلمُجتَمَعِ، فَلَا يَنجُو مِن أَزمَةٍ مَالِيَّةٍ إِلَّا لِيَقَعَ بِأَشَدِّ مِنهَا.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب وأوجه الأزمة في تعريف -الحقيقة-!
- أحْكَم الناس في الحياة أناس علَّلوها، فأحسنوا التعليل!
- الطبيعة كما تقدم نفسها إلينا!
- كيف تكون -الوحدة الجدلية العليا- بين الفلسفة والعلم
- الإرادة ما بين المثالية والمادية في الفهم والتفسير!
- نسبية الحقيقة لا تتعارَض مع موضوعيتها!
- الوحدَّةُ بينَ الفلسفةِ والعلم!
- شيءٌ في الديالكيك!
- التقويم الجدلي للتناقض في الشكل الهندسي لحركة التاريخ!
- كيف نتعلم الحوار!
- الأخلاق تتغير وفق نمط العيش!
- ما المنطق ومن أين جاء؟
- الفكرُ الماركسي في المنهجيةِ لا في الدغمائية!
- في جدل هيجل!
- الماركسية والالحاد!
- دَحْضَاً لحُجَج مُنكري ماركس!
- نظرية ُدارون من وجهة نظر الفلسفة!
- الاحتجاجات في الجامعات الامريكية!
- العقل المثخن بجراح التعصب !
- في يوم العمال العالمي ...تحديات وأزمات!


المزيد.....




- -14 مليون بطل ووسام خالد-.. كيف كرّم السوفييت أبطالهم؟
- المزارعون في جنوب أفريقيا: بين أقصى اليسار الأفريقي وأقصى ال ...
- مئات المتظاهرين في فرنسا احتجاجا على استهداف الصحافيين في غز ...
- بالفيديو.. -البيسارية- الشهادة والشهيدة على جرائم الاحتلال ا ...
- الحفريات الحديثة تدحض أسطورة حول حتمية وجود فجوة كبيرة بين ا ...
- توجهات دولية في الحرب التجارية الضروس
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 600
- العدد 601 من جريدة النهج الديمقراطي
- ارتفاع أسعار الذهب اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025.. توقعات باس ...
- الجبهة الشعبية في يوم الأسير: الأسرى في قلب المعركة الوطنية ...


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ادم عربي - القيمة وأهميتها الإقتصادية عند ماركس!