عزيز سمعان دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 8004 - 2024 / 6 / 10 - 16:11
المحور:
المجتمع المدني
الحفل الكريم، أسعدتم مساء.
"مَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ." (2 كورنثوس 9: 6)
نحتفلُ اليومَ بتخريجِ الفوجِ السّبعين، بتخريجِ (92) أميرةً وأميرًا، ليُـشكِّـلوا مع من سبَقَهم من الخريجين منذ الفوجِ الأول، (رواد سلسلة التخرّج في سنة 1955، إذ نبتهجُ اليومَ بحضورِ بعضٍ منهم معنا) وهم حتى الآن (3873) خريجًا وخريجةً، ثمرُ تعبِ سنينَ طويلةٍ امتدت على مدارِ (88) سنةً (منذ تأسيسِ المدرسةِ المعمدانية في الناصرة سنة 1936). لكلّ الطاقم الرائع، من مؤسسين ومتابعين، من الذين سبقونا والذين معنا كلّ الشكر والتقدير.
نحن جميعًا أهالٍ ومدرسة بمساندةِ المؤسساتِ الرسميّة، من وزارةِ التربيةِ المتمثلةِ بالشماسِ
د. جريس منصور وطاقمِهِ وبلديةِ الناصرة المتمثلة بالسّيد علي سلام، جميعُنا نساهمُ في لبِّ وجوهرِ الوجودِ الإنسانيِّ، في بناءِ الأجيالِ الناشئةِ، لتحقيقِ خطّةِ اللهِ الرائعةِ في حياةِ أولادِنا وبناتِنا، لخيرِ وتقدمِ مجتمعِنا وعالمِنا، ولمجدِ الربِّ يسوع، وذلك من خلالِ تربيةٍ وتعليمٍ مميزَيْنِ، في مسيرتِنا لمأسَسَةِ بيتٍ ومركزٍ للتربيةِ للحياةِ والسلام.
جنبًا إلى جنبٍ للعملِ التربويِّ المقترنِ بالتحدياتِ الجمّةِ في مجتمعِنا وعالمِنا المُعاصرِ، نُـشيدُ بالإنجازاتِ الأكاديميةِ للمدرسةِ وهي وليدةُ "الخيطِ المثلوّثِ" المتينِ. مدرستُنا المتمثلةُ بمجلسِ الأمناءِ بقيادةِ المهندسِ ناجد عزام، والمتألقةِ بالطاقمِ الإداريِّ والمهنيِّ الرائع من عاملينَ وموظفاتٍ ومربينَ ومربياتٍ من البساتينِ حتى الثانويةِ، وبدعم وشراكةِ الأهالي بقيادة السيّد رمزي ناصر رئيس لجنة الأهالي، وجهدِ وتألقِ طلابِنا الأحباء بقيادة الخريج سامي منصور رئيس مجلس الطلاب، هي في ريادةِ المدارسِ على مستوى الدولةِ في العديدِ من المسابقاتِ القطريةِ الرفيعةِ المستوى، مثل: مسابقات الأبحاث العلمية، مسابقة ستوكهولهم للمياه، مسابقة المسيّرات - طائرة بدون طيار، مسابقة فان لير للأفلام الطلابية وغيرها.. كما أنها تتربع على قمّة المدارس ذات التحصيل العلمي – الأكاديمي الأعلى، من نسبةِ الاستحقاقِ لشهادةِ البجروت 100%، ونسبةِ شهاداتِ البجروت بامتيازٍ (أذ أنّ شهادات البجروت المعتبرة شهادات تفوّق وامتياز حسب معايير وزارة التربية والتعليم فوق نسبة 50%)، هذا إضافةً للحفاظِ على النزاهةِ في امتحاناتِ البجروتِ 100% نزاهة، وصفر دفاترِ مشكوكِ بها. هذا بعضٌ من بحرِ الإنجازاتِ التي نعتزُّ بها.
يذكرُ الكاتبُ فالاس في كتابهِ البسيطِ العميق "ما هو الماء؟"، سؤالاً طرحته سمكةٌ متقدمةٌ بالعمرِ لسمكِ في جيلِ الحداثةِ يسبحُ باتجاهٍ معاكسٍ لها، فسألت مستفسرةً: "شباب.. صبايا.. كيفَ الماءُ؟" فتابع السمكُ مسيرَهُ قدمًا في الماءِ دونَ اهتمامٍ للسؤالِ المطروحِ، وبعد لحظاتٍ نظرَتْ واحدةٌ منهم للآخرينَ: "خبّروني ما هو الماء؟!". يعيشُ السمكُ في الماءِ ولا يدري غالبًا ما هو الماءُ، ونعيش نحن في هذه الحياة، وغالبًا لا ندرِكُ عمقَ معنى الحياة، فغالبًا ما تمرّ الحياة بجانبنا ولا نشعر بزخم بركاتها وروعة خيراتها.
الأهالي الأحباء، ما هي الحياةُ حقًا؟ أحيانًا نظن أنها مفهومةٌ ضمنًا لنا ولشبابنا، والحقيقةُ أنها سيرورةُ تعلّمٍ واختباراتٍ وقراراتٍ وتوجهاتٍ وغيرِها وغيرِها... مع حاجةٍ ماسةٍ لصدرِ أهالٍ متفهمينَ ولمساحاتِ استماعٍ واهتمامٍ من الأهالي والمربينَ لهذا الجيلِ، لتتناغمَ محبتُنا لهم مع العيشِ بالحقِّ والحكمة في مواجهة التحديات، ليعيشَ أولادُنا الحياةَ بكلِّ ما تقدمُهُ من روعتِها وخيراتِها بأمانٍ وسلامٍ، ليدركوا أنَّ الحياةَ تُصبحُ ذاتَ معنى عندما تتكلَّلُ بمحبةِ اللهِ ومحبةِ القريبِ، عندما تكونُ إنسانًا أولاً وقبلَ كلِّ شيءٍ، عندما تعطي من ذاتِكَ وتهتمُّ بالآخرينَ ولو بكلمةٍ لطيفةٍ، لمسةٍ طيبةٍ، وعطاءٍ مباركٍ.
عالمُنا اليومَ يتمحورُ في جُلِّهِ في التركيزِ على الذاتِ.. غالبًا ما يعتبرُ كلٌّ منّا نفسَهُ مركزًا للعالمِ… قد تظنُّ أنَّ الآخرينَ يقفونَ ضدَّكَ أو يعيقونَ عملَكَ خلالَ تحقيقِ أهدافِك، ولكن قد تكونُ الحقيقةُ مقلوبةً نوعًا ما، إذ قد تكونُ أنتَ حقيقةً، إن كنتَ تعلمُ أو لا تعلمُ، أنتَ هو من يقفُ ضدَّ الآخرِ أو يعيقُهُ من تحقيقِ هدفِهِ، وقد تكونُ له حاجةٌ مُلحّةٌ أكثرُ منكَ أو ظروفٌ أصعبُ من ظروفِكَ ليكونَ تصرُّفُه على هذا المثالِ، فما أحوجَنا نحنُ الأهالي لنغرسَ ونرويَ قيّمَ ومهاراتِ وتوجهاتِ التربيةِ للحياةِ في أولادِنا على امتدادِ حياتِنا، ما أحوجَنا لنكونَ قدوةً لهم ليتبعوا الطريقَ خلفَنا ويتقدموا في طريقهِم أمامَنا باسترشادِ بوصلةِ الحياةِ الفضلى والمستقبلِ الأفضل.
أحبائي الخريجاتِ والخريجين، والديكم ونحن زَرعْنا فيكم بذورَ القيَمِ الإنسانيةِ والأخلاقيّاتِ الحميدةِ والروحانيّاتِ السامِيَة، سقينا وتابعْنا باهتمامٍ وسهرٍ، وها أنتم اليومَ على عتبة أبوابِ الحياةِ المفتوحةِ بمصراعَيْها لتتسعَ فيكم ومعكم، لذا ندعوكُم للزرعِ، ورسالتُنا لكلٍّ منكم: ازرع ما تريدُ أن تحصدَهُ، واعلمْ أنَّهُ من أهمِ مبادئِ الزرعِ والحصاد:
أولًا: أنتَ تحصُدُ من نفسِ نوعِ ما تزرعُ، إن كانَ خيرًا أو شرًا.
״لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. ״ (غلاطية 6: 7).
ثانيًا: أنت تحصدُ غالبًا بكميةٍ أكثرَ وأوفرَ مما تزرعُ، فانتبهْ لما تزرعَ وكيف تزرعُ؟
"هذَا وَإِنَّ مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ." (2 كورنثوس 9: 6)
لذا ندعوكم لتزرعوا بذورَ الخيرِ وتغرِسوا أشتالَ المحبةِ وروحَ التفاهمِ والمسامحةِ في داخِلِكم، في عائلاتِكم، في مجتمعِنا الطيّبِ وعالمِنا الأوسع، لأنَّ اللهَ محبةٌ، محبتُهُ تشملُ كلًّا منكم ومنكنّ، وكلٌّ منكم كإنسانٍ له قيمةٌ عظيمةٌ خاصةٌ في عينيِ الرّبّ، خالقِ السماءِ والأرضِ، ولكلٍّ منكم توجدُ خطّةٌ إلهيّةٌ عظيمةٌ لصُنعِ مستقبلٍ أروعَ، وما علينا سوى أن نمسكَ بيدِ اللهِ طالبينَ حكمتَهُ ومشورتَهُ، نعمتَهُ ومراحمَهُ ليقودَنا لتحقيقِ قصدِهِ الرّائعِ في حياةِ كلٍّ منكم ومنكنّ.
صلاتي لأجلِ كلِّ خريجٍ وخريجةٍ: "يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَمًا." (العدد 6: 24 - 26)
كونوا ملحًا طيبًا لأنفسِكم ولكلِّ مَن حولَكُم، ونورًا مُشرِقًا لمحيطِكم وعالمِكم… كونوا ودوموا بروعةِ تألقِكم وسموِّ تواضعِكم ورفعةِ محبتِكم.. أحبُكُم.. نحبُكُم.
شكرًا جزيلًا لكلّ من ساهم في التخطيط والترتيب والتدريب والمتابعة لإنجاح هذا الحفل، شكرًا للمربيات والمعلمين، لجميع أعضاء الطاقم، للعاملين والموظفات، ولأعضاء لجنة الأهالي ولكل المساهمين. شكرًا لكلّ منكم ومنكنّ أيّها الحضور الطيب.
كلّ الشكرِ للرّبِّ الهنا الصالح الذي أعانَنا إلى هنا.
مباركٌ تتويجُكم... مباركٌ لمدرستِنا... مباركٌ لأهاليكم... مباركٌ لمجتمعِنا وعالمِنا...
تخريجٌ مبارك يا رب.
#عزيز_سمعان_دعيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟