|
صدى الغربة في ايران ..يوميات حالم 3
علي الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 1763 - 2006 / 12 / 13 - 09:03
المحور:
سيرة ذاتية
هور همت الايراني وهو من الاهوار التي استخدمت كجبهة عسكرية مهمة للقوات الايرانية ابان الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات كونه يقع بقرب الحدود المائية (الاهوار) العراقية الجنوبية . في وسط هذا الهور ثمة خط عسكري ستراتيجي للقوات الايرانية انشئ في الحرب لايصال الامداد اللوجستية للجيش الايراني وعلى طول هذا الخط وعلى الضفتين التي تفصل احداهما عن الاخرى خمسة الى ستة امتار فقط بنيت اكواخ القصب من قبل العراقيين الفارين من النظام العراقي السابق بعد ان منعتهم السلطات الايرانية من الدخول للاراضي كما اشرنا في الحلقة الماضية وقد استغرق المنع ثلاث سنوات قضى فيها العراقيون اوقاتا مؤلمة ومعاناة لا توصف لعدم وجود اية امدات ايرانية حقيقية لهم ولهذا كانوا يقضون ايامهم بطرق بدائية ادواتها من القصب وما تنتجه الطبيعة . اضافة الى يلقونه من مضايقات نفسية من قبل السلطات الايرانية لدفعهم الى العودة الى العراق . اما دور ما يسمى انذاك بالمعارضة العراقية التي تتخذ من ايران جبهة لمعارضة نظام صدام حسين هذه المعارضة وبمختلف فصائلها واحزابها كانت تاتي لهور همت لاجل كسب مؤيدين وانصار والعمل على ترويج خطاباتها وغير ذلك لم يلمس العراقيون منها أي تحرك يساهم في التخفيف من معانتهم غير الوعود التي ملوها لكثرة تكرارها حتى ادرك العراقيون بعد وقت قصير ان المعارضة تلك لا تهدف غير الوصول الى نمط من انماط الهيمنة وايجاد اوراق رابحة يمكن ان تثقل كفة هذا الفصيل مقابل ذاك . النتيجة ضحايا كثر اضطر سكنة هذا الهور بناء مقبرة لدفن ضحايا المضايقات الايرانية والاهمال من قبل احزاب المعارضة . هذه صورة مركزة وشاملة عن هور همت في مسلسل غربة العراقيين في ايران . أعود الى ايام تواجدي في هور همت وبعد مضي ثمانية ايام قضيناها وسط هذا الهور بطريقة يصعب عليّ شرحها أذنت لنا السلطات الايرانية بالدخول الى اراضيها وايوائنا في مخيمات سكنية أعدت مسبقا . دخلنا بحافلات حملت اسم مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة وتوجهت بنا الى محافظة آراك الثلجية المعروفة بإسم (يخجال ايران) اي ثلاجة ايران، ذلك لشدة برودتها صيفا ولكثرة ثلوجها شتاء التي لا تغادر منخفضاتها فضلا عن سفوح جبالها البيضاء دائماً. وهناك وجدنا مجموعة من الخيم أعدت لنا وللقارىء ان يتصور حجم المعاناة التي ستواجهنا في هذا المخيم نتيجة التساقط المستمر للثلوج في فصل الشتاء مع عدم توفر أي وسيلة للتخلص من البرد القارس وتراكم الثلوج ، غير تلك الخيم التي ضمت الواحدة اكثر من سبعة اشخاص. عندما وصلنا هناك بدأتُ اتساءل هل سيسمحون لنا بالخروج من هنا بأوراق ترخيصية ؟، وهل أنهم سيمنحوننا أوراقا ثبوتية تؤكد لنا إذا ما أراد بعضنا العمل او الدراسة بإننا عراقيين لاجئين دخلنا الى ايران بعد حصول الأذن من قبلها ؟. أجابنا من سبقنا الى هذا المخيم لا رخص ولا أوراق ثبوتية ولا هم يحزنون !، المكان هو عبارة عن معسكر للاسرى العراقيين وإن القائمين عليه سابقا مازال الكثير منهم باق في إدارته حتى اللحظة وهم نفر من الحاقديين جداً على العراقيين نتيجة ظروف الحرب ويتعاملون مع الجميع بنفس الطريقة والاسلوب كما ان قلوبهم لاتعرف معنى الرحمة والعطف والانسانية ، لذا فان الكثير ممن أوصله قدره هنا لاذ بالفرار والهروب من هذا المخيم !. فإذا كنت ممن لايحتمل الوضع- وهو لا يحتمل- فمن هذه اللحظة استعد للهروب الى جهة تجد فيها من يرشدك ويدلك على طرق خلاص العراقيين في ايران . اجبت ممن كنت اتحدث معه أني جأت الى ايران بقصد الأنضمام الى حوزاتها الدينية .. التفت الي قائلا: قد ضللت السبيل ! قلت: كيف؟ قال هنا لا تجد بغيتك! وما تحمله عن ايران هو بسبب الاعلام الايراني المخادع والكاذب . هنا يا سيدي لا يوجد غير الكذب والنفاق والعنصرية. هنا سيدي لا حقيقة لرؤاك وتصوراتك الحالمة . هنا النقيض , هنا الضد , هنا عكس كل ما تحمله عن هذه البلاد والعباد؟!!. نزل هذا الكلام على نفسي كصاعقة افقدتني التوازن والثبات وسببت لي الدوار والشك في كل شيء , وان كنت لازلت في قرارة نفسي غير مصدق , بيد ان عوامل الريبة بدأت تجد لها طريقاً لقناعاتي السابقة وشيئا فشيئا بدأت تتحول لدي الشكوك الى يقينيات وان كانت بنحو بطيئ جدا ذلك بسبب عمق الترسبات البيئية المحافظة التي تلقيتها منذ طفولتي . لذلك قررت الخروج بعد مضي اكثر من شهر على وجودي في المخيم وبعد ان يأست من الحصول على ترخيص او أذن مؤقت بالخروج , قررت السفر الى مدينة الاحواز العربية لوجود بعض الاقارب والمعارف ولكونها مدينة عربية تكفيني مؤونة التعامل مع غير العرب .
#علي_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدى الغربة في ايران يوميات حالم 2
-
صدى الغربة في ايران يوميات حالم
-
الزنديق بوصفه اكثر الالفاظ إثارة في العقل الاسلامي
-
المرأة العراقية والدعوة الى تحررها وسفورها
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|