يطرح السؤال افتراضا مفاده فشل الاحزاب والجماعات السياسية العراقية في مد جسور التواصل مع الشعب العراقي وبالتالي اشر مقدما لفشلها في لعب دور فعال في قيادة البلد باتجاه تخطيه لازمته العامة التي يجد نفسه فيها الان. وبهذا تكون هذه الصياغة قد وفرت الجهد من ناحية لمناقشة واثبات هذا الفشل وفي نفس الوقت حدت من افق اندفاعة النقاش بحصره في تلك الدائرة المحددة من المشكل حول فشل او نجاح الاحزاب السياسية في انجاز مايلقيه الواقع عليها موضوعيا من مهام وادوار.
الموضوع واسع وقابل للنظر فيه من زوايا متعددة وضمن وجهات نظر مختلفة. لكن المنطلق الاولي للسؤال يفرض علينا تحديد موقف منه باعتباره مدخلا اساسيا للمعالجة. فالوقائع الاولية تقدم لنا صورة تجعلنا نقبل مضمون السؤال لكن مع تعديل ينطلق من ان التجربة لم تاخذ ابعادها بعد ولم تحصل الاحزاب والجماعات السياسية العراقية على فسحة معقولة من الوقت لتثبت الفشل او العجز او عكسهما، بالاضافة الى ان الارضية التي تتحرك عليها هذه الاحزاب هي ارضية متحركة ورجراجة. هكذا ولاجل تعميق النقاش في جوهر الموضوع نجد لزاما ان ينعطف هذا النقاش باتجاه المسلمة التي افترضها السؤال لطرح سؤال يتقدم عليه وهو:
لماذا فشلت تلك الاحزاب ؟
لاجل البحث في تشخيص اسباب اي مشكلة يواجهها الانسان عليه بالبحث في اسبابها الحقيقية ولايخترع لها اسبابا فيخذل الواقع ويربك الفكر.. عليه ارى ان الاجابة على سؤال اسباب الفشل تتاسس عميقا في ميدان نظر واسع يتخطى بالتحليل حالة الاحزاب السياسية الراهنة ليمتد الى النظر في بنية المجتمع العراقي وتاريخ الحياة السياسية المعاصرة في العراق وربما، اذا شئنا تعميقا او تعقيدا اكبر للموضوع ، سوف نعثر على ابنية معرفية ولاشعورية في المنظومة الاجتماعية والثقافية التي ولدت فيها هذه الاحزاب. لكن هذا بعيد عن الاهتمام الان وسنركز على بعض ملامح تكوين هذه القوى وممارساتها وقيم عملها في حياتها الداخلية والعامة.
المصدر الاول للخلل يكمن في طبيعة التركيب لغالبية هذه الاحزاب، فتلك الغالبية لاتمتلك المقومات الجوهرية لهيئة الحزب السياسي الحديث، فهي تشكل امتدادا وانعكاسا لبعض مظاهر وانماط العلاقات والمنظومات الاجتماعية القديمة كالعشيرة او العائلة او الجماعة وبعضها ياخذ شكل عصابات او مافيات بمضامين واهداف سياسية، مع بعض الاستثناءات هنا وهناك وبدرجات متباينة، من هنا نرى هذا الدور المتحكم والاهمية الاستثنائية للفرد القائد في تلك الاحزاب ولطرق بناءها الداخلي التراتبي والميال للقسر والتحكم برغم تاكيدات انظمتها الداخلية على الطرازات الحديثة في نظام الاحزاب من قيادة جماعية وادارة ديمقراطية لمقرراته وبرامجه والخ.
ولكي لايبدو كلامنا هذا تجريدا عاما فلندخل في بعض مسميات تلك الملامح.
التنظيم الرئيسي في الاحزاب السياسية القومية الكردية، الحزب الديمقراطي الكردستاني،هو مركب على اساس عشائري عائلي بحت فقائده، بعد وفاة< الملا مصطفى البارزاني> رئيس الحزب الاول، هو ولده < مسعود البارزاني> وهو منتخب لفترة او دورة محددة لكنها دائمة التجديد تلقائيا. وكذلك الاعضاء القياديين في الحزب وفي مراكز الادارة الاساسية بعد خروج المنطقة الكردية من سيطرة النظام العراقي في العام 1991 هم من افراد العائلة. والحزب يدير علاقاته الداخلية وغالبا الخارجية على اسس عشائرية بحتة كوجوب الاحترام والطاعة المطلقة لقائد الحزب. ولايتعارض مع هذه الصورة في حالة هذا الحزب او غيره، وجود بعض الاستثناء في الطبيعة التكوينية او نمط العلاقات وهذا يعود بدوره لبعض من اثر التغيرات في المجتمع وضغطها على الواقع الداخلي لهذه الاحزاب، من غير ان نغفل عنصر اخر له تاثير ايضا، هو الطابع العسكري لدى هذه الاحزاب فهي، وبحكم المشكلة القومية في العراق، تشكلت بطابع عسكري- ميليشياوي- مما ترك اثره، بالتفاعل مع الخلفية العشائرية، في تكريس البيروقراطية والفوقية في اساليب عملها.
الحزب الاخر وهو الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة< جلال الطالباني> يتميز بتركيب تنظيمي هو خليط من العلاقات العشائرية وماتفرده للفرد الرئيس< المام> من مكانة ووجوب الطاعة ومن علاقات مدنية مختلفة كالنمط الفاشي ومايستوجبه من تقديس للقائد
( الاستاذ ) ومن نمط مافيوي يولي اهمية كبيرة لفروعه وقادة العوائل الصغار الملحقين بالعصابة< نو شيروان>< ملا بختيار> مع الابقاء على القيادة والرياسة الروحية للعراب الاكبر< المام والاستاذ>. واساليب ادارة هذا التنظيم لعلاقاته الداخلية والخارجية يغلب عليها طابع القمع والتآمر والاندساسات والعنف وغيرها مما تزخر به حياة العصابات والجماعات الفاشية. ولايلغي هذه الطبيعة توفر خطوط وافراد داخل هذا التنظيم من المتعلمين والمثقفين انتظمت فيه بدوافع الطوبى القومية والنزعة العنصرية او الشوفينية ونزعة رومانسية ثورية ممزوجة بمزاج فاشي.
تشكل المجموعات الماركسية والشيوعية والديمقراطية والاسلامية في تلك المنطقة استثناءا من حيث التركيب والممارسة والبرامج والافكار لكنها بشكل عام صغيرة ومحدودة التاثير وتتاثر بشكل متفاوت ببعض من تلك النزعات وانماط العلاقات القائمة في الاحزاب الكبيرة. وقد انتظم عمليا معظم هذه التنظيمات، تحت ضغط الظروف ، في احد الاطارين التنظيميين الاساسسيين.
اما في القسم العربي من العراق- ان جاز التعبير- فتنتظم الساحة مجموعة واسعة من التنظيمات والاحزاب منها من هو قديم في العمل السياسي عرفت له مكانة وشهدت له ادوار في تاريخ الحياة السياسية ومنها من هو جديد، افترض لنفسه امتدادات معنوية لبعض التنظيمات القديمة، ويتمركز داخل هذا الخط الاخير بشكل عام مجاميع مايطلق عليهم اللبراليين.
التنظيمان الاساسيان واللذان يشكلان استثناءا جليا في تركيبتهما وطرق عملهما من حيث اقترابهما من الطراز العصري للحزب السياسي بغض النظر عن شكل تحدده، وهما عموما من الاحزاب التي يطلق عليها بالاحزاب ذات القاعدة العريضة، بمعنى ليست نخبوية كطرز الاحزاب اللبرالية، هما حزب الدعوة الاسلامية والحزب الشيوعي العراقي.
هذان الحزبان بعيدان بدرجة آمنة عن الصفات المرضية التي توسم الاحزاب الاخرى من عشائرية وهيمنة فردية وعلاقات تراتبية فظة وان شابت الحزب الشيوعي العراقي شائبة مقلقة تتعلق بطول فترات مكوث الكادرات القيادية وبالذات السكرتير الاول وبعض اعضاء اللجنة المركزية لفترات طويلة نسبيا في مواقعها مما يوحي او يعكس خللا في قدرة الحزب على التجدد وعلى انعدام الحيوية في مسار العمل التنظيمي وتطوير الكادر القيادي ، وقد برز هذا الحال بعد ازمة عام 1963 فمنذ تلك الفترة، منذ عام 1964 تحديدا ولغاية 1993 كان على راس الحزب كسكرتير للجنة المركزية شخص واحد هو <عزيز محمد> رغم حدوث متغيرات في الظروف التي تحيط بالحزب شهدت تحولات في حياته ونشاطه، من عمل سري الى علني الى سري مرة اخرى وعمل عسكري.. الخ. و كذلك بقاء العناصر البارزة للجنة المركزية لفترات طويلة جدا في قيادة الحزب. ومع ان الحزب بشر بتغييرات في منهجه العام وطرق عمله التنظيمية بعد عام 1993 الا انه لم يستطع ان يتخطى الحالة القديمة ومكث من حينها على راس قيادة الحزب السكرتير الاول الحالي< حميد مجيد موسى> والذي كان انتخابه حسب الوثائق المعلنة مؤقتا مع اشارة الى ان الانتخابات ستكون دورية. وعمومالاتوحي المؤشرات الحالية على امكانية انتخاب سكرتيرا اخر،اذ، وكما يبدو، ان كل الاجراءات التنظيمية والتربوية واشكال ادارة الحياة الداخلية للحزب واشكال واسس اختيار الكادرات القيادية والوسطية تعمل من اجل تثبيت دعائم هذا الاختيار المؤقت واعاقة طرح سؤال جدواه وشرعيته.
يدير الحزب الشيوعي العراقي، بالقياس الى الاحزاب والقوى الاخرى، علاقاته الداخلية واكثر الجماهيرية او الوطنية بنمط ديمقراطي وبقدر من التواضع والاحترام المتبادل وعلى مستوى مقبول من الانفتاح وقبول نسبي بالراي الاخر وقدرة اكبر على التفهم والمناقشة رغم الحساسية والخوف المزمنين لديه< وهما من نقاط الضعف الكبيرة> من الانقسامات ومن تفكك وحدته، حتى وان بنيت هذه الوحدة على اسس واهية، وينتابه القلق الدائم من < سرقة> تراثه واسمه. ورغم ان هذا الحزب هو الافضل من بين الاحزاب السياسية في اقترابه من الصدق والموضوعية في تنظيم علاقته الداخلية والوطنية الا انه لايخلو من عواهن وعقد كبيرة ومهمة تؤثر على مستوى علاقته بالشارع السياسي. واذا كان يغرف الان من رصيد تراثه الكبير وحضوره المميز في الوجدان العراقي الا انه قد يخسر الكثير من هذا الرصيد مما يوقعه في مازق العزلة والفشل ان لم يتدارك عقده وتناقضاته الداخلية، وهي عقد وتناقضات لاتتعلق بشعار او برنامج او موقف بقدر تعلقها بادوات تنفيذ وصوغ هذه المواقف والبرامج، اي سياسة بناء الكادر الحزبي وطرق ادارة الحياة الداخلية للحزب الخ..
اتسم نشاط حزب الدعوة الاسلامية بالوضوح والثبات والنزعة الاستقلالية، رغم تواجد غالبية اعضاءه على الاراضي الايرانية. وماالانقسامات التي شهدها هذا الحزب الا دليل حيوية وقدرة على التجدد والحراك الداخلي الضروري عند تغيرات الظروف، وسيبقى هو والحزب الشيوعي العراقي اكثر حضورا واهمية في الحياة السياسية، ان لم يكن في المستوى الفوقي- الادارة والحكم- فعلى مستوى الشارع . وسيلعب تياره الديمقراطي على وجه الخصوص دورا مهما في المستقبل القريب لحيوية وعقلانية طروحاته وقدرته على التقاط الموقف المناسب والمعبر عن ادراكه لمتطلبات الجديد في الحياة، وسيحقق حضورا سياسيا مؤثرا رغم محاولات المجلس الاعلى وتيار الصدر الثاني احتكار التمثيل السياسي الشيعي.
اما التنظيمات السياسية الاخرى فتندرج عموما تحت التوصيف الاول في تركيبتها فالمجلس الاعلى هو بالاضافة الى ارتباطه المباشر بالدولة الايرانية- صنيعتها- فهو تنظيم يعتمد على اسم العائلة< آل الحكيم> وافرادها حيث هم الذين يشغلون ويديرون المراكز القيادية لهذا التنظيم.
اما باقي الاحزاب ولاسيما القومية وبعض الجماعات المرتبطة بالادارة الامريكية مباشرة فيصعب تصنيفها على انها احزاب سياسية رغم ارتباط البعض باسماء تشكيلات حزبية مهمة كحركة القوميين العرب. وعموما تمارس هذه الجماعات السياسة بطريقة العصابات او التنظيمات < الثورية> التي تصل الى مراكز السلطة والنفوذ من خلال المؤامرة او الانقلاب او بالارتباط النخبوي بمراكز السلطة والقرار او الارتباط بقوة خارجية تفتح لها الطريق مقابل خدمات. اما حزب البعث فلا ادري ان كان سيجد له مكانا في الشارع والحياة السياسية في العراق بعد تجربة الدمار والمقابر الجماعية... لااظن ان له مستقبل، ان لم يكن بسبب اطره التنظيمية واصوله الفكرية والايدلوجية، فبسبب تاريخه البشع رغم محاولات التجميل البائسة التي يمارسها بعض عتات البعثيين والانتهازيين كالبزاز وغيره في اعتبار تجربة نظام صدام الدموي لاتمثل حزب البعث ولايربطها رابط به.
طبعا ليس من الحصافة لمن يبغي التحليل، خارج اطار البحث التاريخي البحت، ان يلجا لبناء رايه وتحليله للاحزاب والقوى السياسية على ضوء ماتقوله هي عن نفسها وماتعلنه في برامجها وانظمتها الداخلية المعلنة. لهذا انطلقت هنا مما هو معروف ومشخص عن هذه الاحزاب في محاولة قراءة لاوضاعها وعلاقاتها الداخلية والخارجية وتاريخ نشاطها بغير اغفال طبعا لاسسها الفكرية والايدلوجية.
لايمكن اعتبار هذه المحصلة العامة في اوضاع هذه الاحزاب وتركيبها منفصلة عن واقع المجتمع العراقي بتركيبته وانماط علاقاته وقيمه وموروثاته اللاتي شكلت الجذر المادي، البعيد والغير مباشر في التاثير، لطبيعة هذه الاحزاب المستمدة بطريقة ديناميكية عن اوضاعه ومساره. كذلك لايمكن اغفال مامر به الشعب العراقي من سياسات التجهيل والابعاد عن ساحة الفعل والوعي لاسيما في العقود الثلاث الاخيرة.
كذلك لايفوتنا ان نستحضر في الذهن ان طبيعة الانظمة الحاكمة في الوطن العربي عموما وفي العراق بصورة اكثر كثافة وقسوة عملت على ابعاد وتهميش المعارضة السياسية، فاورثها عجزا وضعفا، بالغائها للحياة السياسية ومصادرتها لكل الياتها بقضائها المبرم على كل نأمة او هامش للديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية باعتباره المناخ الاكثر ملائمة لحياة سياسية سوية يكون للمعارضة فيها حضور ودور مكمل لاليات السلطة والحكم، يعترف بوجودها ويغذيه كضمانة لبقاء وتطور الحياة السياسية وبالتالي التطور الاجتماعي و النموالاقتصادي .
ان بدت هذه الصورة، في المنطقة عموما، قابلة للاستيعاب وتتيح المجال لادانة المعارضة في حالة فشلها بلعب دورها الافتراضي في الحياة السياسية فان الحالة العراقية تبدو عصية على هذه المقايسة لطبيعة الممارسة السياسية القاسية والجذرية في عنفها التي مارسها النظام البعثي الفاشي مما اوهن ودمر كل وشائج الحياة السياسية وعرقل مسار نمو او تطور الاحزاب السياسية وعزلها قسرا عن الشارع السياسي اولا، وادخل المواطن العراقي وبصورة مركزة في غياهب من ظلامات العزلة والخوف والتفكك في الشخصية والاطر والروابط الاجتماعية حيث اشاع سيكلوجية الخوف والانانية والنفعية وانعدام الثقة ثانيا، مما ترك اثره الواضح على طبيعة الوعي في المجتمع ومستوياته وبالتالي ليمتد الى نوع العلاقة بين المواطن وبين التمثلات السياسية من احزاب وغيرها رغم مانشهده من اندفاع عملي من قبل المواطنين للتعبير عن انفسهم واستجابتهم الحيوية لمحاولة الاحزاب تجسير الفجوات بينها وبينهم. ومن هذه الخلفية يمكننا ان نقيم الممارسات والمظاهر الصاخبة من استقبالات مريبة وحاشدة لوجوه سياسية ودينية، اخرها واكثرها ريبة ودلالة على مانذهب اليه هو الاستقبال الذي اقيم< للاميرعلي بن الحسين> المطالب بعرش العراق، وهي ممارسة عكست مدى التشوش في مزاج الشارع السياسي ان كانت تظاهرة الاستقبال فعلية وغير ماجورة وعندها تكون الطامة اكبر اذ سيدلل ذلك على مستوى الانتهازية ونفس الارتزاق الموجود لدى المواطن العراقي.
وعلى العموم هي ليست حالة عراقية ففي كل التجارب والبلدان وجدت هكذا حالات.
عموما ان مجموع مايجري من مظاهر للارتباط بالاحزاب او الجهات السياسية الان لايمكن الاعتداد به او قبوله لاسلبا ولاايجابا لطارئيته ومؤقتيته فالكثير من الاوراق لم تنكشف بعد والمواطن يقدم على هذه الممارسات متاثرا بالدوار الذي اصابه بعد سقوط النظام ومقدار الحرية الذي حصل عليه بعد سنوات القمع والعتمة.
اما الاحتلال الامريكي فهو له الدور الاكبر في عرقلة مد الجسور بين الاحزاب السياسية والمواطنين بالتشكيك بتلك الاحزاب وبقدراتها ومحاولة تقليص دورها واهميتها لحين تمكنه من بسط الهيمنة الكاملة والمطلقة وصناعة نظامه او قواه التي ستمثل مصالحه وتقديمها بلباس شرعي ومقبول بل ومطلوبا من الشارع .
ان هذه الاحزاب ومع كل فشلها الواقعي والمحتمل تبقى هي التي تشكل النواة التاسيسية وخميرة التشكيل للحياة السياسية والحزبية الناضجة في المستقبل العراقي حيث ستنبثق( ربما على انقاضها) من حركة المجتمع، وهذا هو مايرهص به الواقع الان، حركة سياسية عريضة ومتنوعة تقوم على اساس النقض لهذه القوى سواء نقضا ماديا من خلال حل تلك الاحزاب والحلول بديلا متطورا عنها او بالنقض المعنوي من خلال اخذ ادوارها وشغل اماكن الفراغ التي تتركها.
بعد هذا العرض يبقى السؤال الان:
هل ستستطيع هذه الاحزاب تشكيل حكومة وطنية تلعب دور في قيادة البلاد ام الافضل ان تتشكل حكومة تكنوقراط تنقذ البلد وتدير مؤسساته وتخلق تاريخ جديد للعراق؟
ان الظرف الاني بتعقيداته لايسمح لحكومة تكنوقراط بحتة ان تدير البلاد بدون مؤازرة او مشاركة القوى السياسية بكل تياراتها الاساسية، فمن غير البعد السياسي، الذي يخلق روابط توجيه وادارة سياسية للمجتمع، لاتستطيع حكومة ادارية ان تقود البلاد، ولاغنى للطرفين عن بعضهما البعض. ولهذا فان( تنازل!!) بعض القوى والتيارات عن تقديم ملفاتها الخاصة على حساب المشروع الوطني والديمقراطي والعمل على تشكيل جبهة سياسية وطنية عريضة تتفق على الخطوط والثوابت الوطنية وتوحد جهودها ومواقفها سوف لن يتحقق بدونه اي استقرار او خلاص حقيقي يحّول هزيمة النظام الفاشي الى نصر حقيقي للشعب العراقي في القضاء على قيم الاحتكار السياسي و قيام الديمقراطية والنمو الاقتصادي والاستقلال الوطني الحقيقي.
السويد
14-06-2003