هل هي سذاجة سياسية أم موقف وطني أم مزايدة تقتضيها الأحوال أن يطلب عدد من السياسيين والأحزاب ضرورة أن تخرج قوات التحالف هذه الأيام لتترك العراق بوضعه الحالي في مهب الريح ؟
ثمة من يدعو لرحيل القوات بالرغم من كونه لم يكن يستطيع أن يصل العراق أو يوصل صوته داخل العراق حين كان محكوماً بسلطة الموت والدم ، ومع أن بعض يشعر بألأمتنان والعرفان لموقف التحالف حيث لم نكن نتخلص من وباء صدام لولا تدخلهم ، لكن ثمة من يدعو لرحيل قوات التحالف بالرغم من معرفته ويقينه أنه أمام حالة تبعثر العراق وتمزقه ، وكونه ألان أكثر من أي وقت وفي ظل هذه الظروف العصيبة عرضة للتدخل والاحتلال والثلم والتجاوز من جميع دول الجوار .
ثمة من يدعو الى رحيل قوات التحالف الآن ومع معرفته انعدام الأمن وانفلات الوضع الداخلي ، ثمة من يصرح عكس ما يقول ويقول بعكس ما يطرحه أمام الآخرين .
الموقف كلمة تنبع من الواقع والمصلحة الوطنية ، المبادئ الوطنية تدعو للتأمل في مصلحة العراق وما ينفع النا س ، فهل في مصلحة العراق أن ندعو للرحيل المبكر لقوات التحالف ؟ هل من المصلحة الوطنية أن نخفي عن الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في القضية ما ورد بقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بشأن العراق ؟ هل من المصلحة الوطنية أن نجعل قوات التحالف تتنصل من التزاماتها القانونية بعد أن أسقطت لنا سلطة الطاغية صدام ؟
فأذا كان الموقف السياسي يؤسس على المزايدة الكلامية والشعارات المتناقضة مع الواقع ومصلحة الناس ، وأذا كان الشعار المجرد لاينفع الناس ولا يجلب لها الخبز أو الأمن ولا يساهم بأي شكل كان في استقرار الوضع في العراق وعودة الحياة الطبيعية ، وأذا كان الموقف السياسي لمجرد المزايدة وحجب الحقيقة عن الناس ن فأن الأمر لايعدو الا خداع للجماهير وتزييف للحقيقة ومحاولة بائسة للاصطفاف في الصفوف الأولى ولو على حساب مستقبل العراق .
لايختلف عراقي على ضرورة عودة الأمن والحياة الطبيعية وتشكيل الحكومة العراقية وتشريع الدستور الذي يقرره الشعب ومحاكمة أقطاب العهد المباد وتشكيل مؤسسات المجتمع المدني وممارسة الديمقراطية فعلاً لا قولاً ، وحين يعود الموظف الى دائرته والجندي الى معسكراته ويتمكن من الدفاع عن حدودنا والشرطي الى مركزه والعامل الى معمله والطفل في روضة الأطفال وفي مدرسته ، وحين يستمر دوام الجامعات ويؤمن العراقي معيشة أطفاله وتقوم الحكومة بتقديم الخدمات للشعب ويستقر السوق ، نطلب حينها جميعاً من قوات الأحتلال بالرحيل من العراق ونحن ممتنين لها عملها وتضحياتها ، ولن نفرط بمصالحنا الوطنية أزاء مصالحها التي لابد أن نحترمها بالقدر التي لاتمس سيادتنا ولامصالحنا الوطنية ، وممتنين جداً لمساهمتها في أعمار العراق وتعاضدها معنا حين كنا ضعافاً وممزقين وعرضة للتدخل الأجنبي من دول الجوار ، وحين تخلى عنا الأشقاء ووظفوا قنواتهم الفضائية لتمزيق نسيجنا ووحدتنا العراقية وبث حالة اليأس فينا .
حينها نقول جميعاً لقوات التحالف آن الآوان للرحيل ولكن ليس الان وفي هذا الوقت العصيب .