عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 14:21
المحور:
الصحافة والاعلام
تنبهت رئيسة الجلسة الفكرية إلى أن المتدخل الأول من أصل خمسة تجاوز الوقت المحدد له 20 دقيقة، والحال أنه لم يكن قد استنفذ الورقة الثالثة من 10صفحات بعد. ولما كانت الندوة فرصة حقيقية من أجل الحوار وتبادل الأفكار ووجهات النظر بين المنصة من خبراء وأكاديميين ومختصين من جهة وحشد جماهيري متابع مهتم حول موضوع راهن مشترك وأكثر أهمية من جهة ثانية. فإنها بهذا المعنى أسلوب تواصلي غاية في الأهمية، وطريقة تفاعلية موضوعاتية يرفع منسوب نجاحها نسبة التفاعل ومشاركة المعلومات بين الحضور والمنصة. وذلك يتوقف حتما على نجاعة التسيير وقدرة المسير على ضبط الإيقاع والتحكم في مجريات اللقاء.
لم يكترث المتدخل أول الأمر، بل اكتفى بإرسال ابتسامة جانبية نحو رئيسة الجلسة، ابتسامة توحي بأنه تلقى الإنذار وفهمه، لكنه سيسترسل في القراءة غير مكترث. أما الحضور المتابع لأطوار اللقاء فلا أستطيع بكل ما أوتيت من وعي أن أصف مشاعره . كان مزيجا من الحسرة والشفقة والاستهجان تغاضت رئيسة الندوة عن الأمر لحظات، ومرت دقيقتان ونصف. أرسلت المسيرة إشارة ثانية لم تغادر حدود اللياقة، لكنها على مشارف الاستفزاز. ثم ما لبثت أن أمسكت بقلم ومررته فوق ورقة معلنة أن للصبر حدود..مسحت الفضاء بنظرة استكشافية، ثم توجهت نحو المحاضر وقد طرقت بالقلم ثلاث طرقات لطيفة متصاعدة. ثم ما لبثت أن ذكرت المتدخل من جديد أمام ذهول الحاضرين . اعتذر المحاضر هذه المرة ،لكنه طلب إمهاله دقيقة واحدة نظرا لأهمية الموضوع. فما كان على المسيرة إلا الرضوخ للرجاء . نظرت إلى ساعتها فيما يشبه ترقب الفرح أو السخاء. في هذه الأثناء قام المحاضر بحركة يفهم منها تبرئة الذمة. لقد تخلى عن قراءة ثلاث صفحات، وبدا أمام الحاضرين كما لو أنه تخلى عن جزء هام من المحاضرة. وأن الفهم سيكون ناقصا وغير مكتمل . وأنه لا يتحمل المسؤولية الناجمة عن أي تقصير في فهم أطروحته .
كان الجو مثقلا قليلا، والنظرات زائغة والتركيز غادر أعشاشه نحو الواتساب وما شابه. وأغلب الحضور انصرف. كان جميع المتدخلين الأربعة متشبعين بنفس المسار ،وكرسوا نفس الممارسة . وما بقي من الحضور محسوب على اللجنة التنظيمية للقاء ليس إلا . أما فرصة النقاش وتبادل المعلومات مع الحضور فقد تضاءلت إلى درجة العدم . .لست أفهم لماذا لا يحترم المتدخلون المحاضرون المثقفون عندنا في مجالس المستشارين والنواب والتلفزيون واللقاءات العامة وغير العامة ولا يعيرون للزمن المحدد لتدخلاتهم أي اعتبار؟ إنهم يحسبون أن الحديث إلى الناس غنيمة بلا قيود او ضوابط .يتحدثون كلاشيء ويقولون لا شيء والنتيجة لا شيء ..
تيسير الجلسات والندوات واللقاءات في غالب الأحيان يحتاج إلى شيء آخر غير اللياقة والمرونة الزائدة عن الحد ،هذا إلى جانب شحنة قوية من الصبر واتحكم في المشاعر ...فضلا عن أن مجمل ذلك فن وعلم!!أليس كذلك يا عبد الحكيم ؟
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟