أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - منع الإضراب العمالي إحكام للاستبداد السياسي















المزيد.....


منع الإضراب العمالي إحكام للاستبداد السياسي


المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 8000 - 2024 / 6 / 6 - 10:08
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    



الافتتاحية

بلغ استهدافُ حرية الإضراب في المغرب مستوى بالغا مُشْرٍفا على إجهاز تام عليها. فطيلة تاريخ البلد العمالي كانت إضرابات الشغيلة الرامية إلى تحسين أوضاعهم، وتأمين حرية التنظيم، هدفا للقمع بالقانون (ما يسمى عرقلة حرية العمل في المادة 288 من القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 2 فبراير 1958 القامع لإضراب الموظفين …) وحتى بدون قانون (الاقتطاع من أجور المضربين…). وبلغت شراسة القمع استعمال السلاح ضد الجماهير المنتفضة في إضرابات عامة، مثل يونيو 1981 وديسمبر 1990.

ومنذ مطلع سنوات 2000، تتالت مشاريع قوانين تروم منعا فعليا للإضراب، بحجة تأطيره بالقانون إعمالا لمادة وردت في أول دساتير الاستبداد منذ ما ينيف عن ستة عقود، وهي ماثلة في صيغة الدستور الجارية؛ ومعها حملات تضليل تتقَنَّع بحرص كاذب على مصلحة المواطن من أضرار توقف العمل بالمرافق العامة بفعل الإضرابات.

هذا ضمن مشهد عام من تضييق الحريات وإعدامها العملي. ففضلا عن شتى صنوف الأغلال في قوانين الحريات العامة، تتصرف السلطات بمنطق قمعي لا يقيم وزنا لما يبدو بصيص حرية في القانون ذاته، بمبررات من قبيل تهديد الأمن العام، وحتى بدون تكلف اصطناع مبررات، ولا شك أن أسطع أمثلة هذا العسف منع وصول الإيداع القانونية عن الجمعيات غير المرغوب فيها، لعل أبرزها الجمعية الوطنية للمعطين التي ظلت منذ تأسيسها قبل ثلث قرن بدون وصل ايداع.

وانضافت مشاريع قانون، متتالية هي أيضا، تستهدف إحكام تعسير تأسيس النقابة العمالية وتسخيرها لأغراض الدولة، وذلك بعد سن قانون للأحزاب لا يتسع سوى لأحزاب مُدَجَّنَةٍ قابلة لمحددات نظام سياسي مستبد قائم على نظام اقتصادي- اجتماعي ظالم مفروض فرضا.

على هذا النحو، ليس مشروع المنع العملي للإضراب، الجاري إعدادٌ حثيثٌ لتمريره، بعد تأكيد اتفاق 29 أبريل الأخير بين القيادات النقابية وأرباب العمل ودولتهم عليه، غير استكمال تشريعي لترسانة الخنق وإعدام الحريات بقصد تأبيد نظام مراكمة الأقلية للثروة بامتصاص دماء الأغلبية، وإخضاع البلد لقوى استعمار جديد تنهبه وتديم تخلفه.

وجلي أن هذا الطور من الهجوم إنما أتاحه تدهور ميزان القوى لغير صالح الطبقة العاملة وعامة المقهورين. فمنذ هزم حراك الريف في العام 2017، الذي أنهى دورة كفاح شعبي امتدت عقدين من الزمن، تعددت الغارات على الحريات العامة وتنوعت، في سياق انحدار مستمر لليسار التاريخي، ولمكونات الحركة النقابية التي زادت اندماجا في آلية تدبير الدولة للمسألة الاجتماعية المستفحلة.

وقد دلت مواقف قيادات الحركة النقابية من مختلف مشاريع المنع العملي للإضراب، المقتصرة على إعلان الرفض بطرف اللسان والإمساك عن أي فعل مجسد للرفض المزعوم، على استعداد لمساعدة الدولة البرجوازية في بلوغ مراميها القمعية، بقبول جعل قانون الإضراب محط توافق على طاولة “الحوار الاجتماعي”. إنه عين ما جرى تصريفه بشأن ضربات أخرى عديدة كلفت الشغيلة غاليا، منها ما يسمى “إصلاح التقاعد” وإدخال التشغيل بالتعاقد إلى التعليم، مثالا لا حصرا. إن موقف القيادات هو قبول يستحيل التصريح به، وتظاهر بالرفض لا يجد سبيلا إلى التطبيق.

لا يبتغي مشروع قانون الإضراب تقييد الشغيلة بأماكن العمل في مواجهة أرباب العمل بقصد فرض شروط استغلال تُضخِّم الأرباح وحسب، بل إفراغ ما تبقى من حق نقابي من أي مضمون. فما النقابة من دون حرية الإضراب عن العمل (هذه الوسيلة الوحيدة التي تفتح آذان أرباب العمل) غير قوقعة فارغة؟ وفوق هذا وذاك، ثمة هدف إبطال أي تطور لكفاحات العمال إلى مستوى سياسي بوجه ما يعانون من استغلال واستبداد. تخشى الدولة البرجوازية ابسط الإضرابات لإدراكها أنها مدرسة حرب تهيئ الشغيلة، مع تراكم الخبرة، للثورة على النظام الرأسمالي. وقد دلت التجربة التاريخية، عندنا وبكل مكان، أن لا سور صيني بين المطالب المعيشية والمطالب السياسية. فكل مطلب يكتسي صبغة سياسية عندما يكون على نطاق وطني حيث تغدو الدولة طرفا رئيسيا في المواجهة. وبالأحرى الإضراب ذو الطابع السياسي المباشر، كذاك المؤسس لمغربة الحركة النقابية، إضراب 8 ديسمبر 1952 ردا على اغتيال فرحات حشاد في تونس، وإضراب 30 مارس 1979 العام التضامني مع الشعب الفلسطيني.

حتى إن أغلقت الدولة المغربية كل مسام تعبير المجتمع عما يعتمل فيه، ستنفجر التناقضات الطبقية، وتقفز الممارسة النضالية إلى أمام قفزا يبطل كل الأغلال القانونية، وسيكون ضمنها كل ما يقيد حرية الإضراب، مثل الذي شهدنا مرارا فيما يخص حرية التظاهر المشروطة بالترخيص، حيث تتدفق الجماهير إلى الشارع غير عابئة بأي قانون.

مهما بلغ سعي الدولة البرجوازية إلى منع فعلي لأحد أشكال كفاح الشغيلة المتمثل في الإضراب عن العمل، يظل اعتقاد إمكان تقييد ضحايا الاستغلال والاضطهاد محض وهم. فرفض الاستسلام، وصون الكرامة، وشعور القوة المتأتي من الانتماء إلى كيان جماعي، سيجد شكلا ووقتا للتعبير عن نفسه لا يخطران على بال. ولا أدل على ذلك من العفوية التي تسم أعظم التحركات الجماهيرية التي تحوَّل بعضها إلى ثورات. تلك العفوية التي تفاجئ حتى الذين يصلون ليلهم بنهارهم في التحضير للثورة.

وهذه الثقة في مقدرة الجماهير العمالية والشعبية على كسر الأغلال وجهٌ آخر لوعي وجوب تنظيم المقاومة، والانغراس في النضالات اليومية، ودفع كل ما ينمي طاقة الكفاح قدما. ونحن في مسألة “تقنين الإضراب” إزاء معركة سياسية بامتياز، معركة الحريات الديمقراطية وإسقاط الاستبداد. وما يستدعي إجابة فورية هو كيفية تحريك قوة طبقتنا لتنخرط في هذه المعركة بأوفر حظوظ النصر. فما درجت عادة خاطئة على تسميته “القوى الديمقراطية” لم تسع قط سوى إلى الضغط لبلوغ مرام توافقية مع الاستبداد، ضغط استغلت فيه طاقة الشغيلة النضالية بما كان لها من سطوة على قسم من الحركة النقابية، وقد دل التاريخ على الإفلاس الناجز لمسعاها.

ما يقتضيه تحدي تقنين الإضراب هو تجميع القوة العمالية المتناثرة، وتركيز ها نحو هدف إسقاط مشروع قانون الإضراب، وما يوازيه من هجوم على مكاسب التقاعد ومدونة الشغل. وقد دل حراك شغيلة التعليم، طيلة ثلاثة أشهر، على إمكان ذلك التجميع، رغم أنف البيروقراطيات النقابية المتعاونة مع الخصم. فاعتماد كل أشكال التنظيم، سواء في مواقع داخل الحركة النقابية، أو ما باتت وسائل التواصل الاجتماعي تتيحه من تشبيك سريع، والاستنارة بدروس تجارب العمل الموحد السابقة، ونبذ كل ميل إلى الوصاية على الجماهير، ونفض كل عصبوية وعبادة أصنام تنظيمية، كفيل بإتاحة تدفق المقدرات النضالية الهائلة الكامنة في الطبقة العاملة. فلننهض جميعا مفعمين- ات بشعور المسؤولية إزاء طبقتنا وعامة المقهورين- ات، كل من موقعه، فساعة المواجهة الحاسمة تقترب.



#المناضل-ة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات واستنتاجات بصدد فاتح مايو 2024
- الكفاح العمالي، ومعه الشعبي، بحاجة إلى حزب عمال اشتراكي
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- المغرب: في فجيج نساء يناضلن من أجل الصالح العام
- من أجل استعادة 8 مارس النضالي
- 8 مارس؛ يوم نضال النساء العالمي من أجل تحررهن الشامل نحو نضا ...
- حاجة الحركة النقابية المغربية إلى إعادة بناء ديمقراطية ونضال ...
- توقف الحركة الإضرابية بالتعليم فرصة لتحديد الآفاق
- حراك شغيلة التعليم: ظواهرٌ سلبية على صعيد حرية التعبير والدي ...
- النساء في حراك التعليم: مشاركة واسعة تتحدى قيود مجتمع رأسمال ...
- حراكنا في منعطف: ما العمل؟
- حراك شغيلة التعليم: الوحدة والديمقراطية
- حراك التعليم الجاري بمنظار كفاحي ديمقراطي: مقابلة مع الرفيق ...
- كفاح شغيلة التعليم: نحو إضراب عام طريقا إلى نصر أكيد
- كل التضامن مع شغيلة التعليم … إلى أمام نحو اضراب عام وطني، ع ...
- الزلزال! لأجل أوسع تضامن مع ضحايا كوارث طبيعية تفاقمها رأسما ...
- لا حل رأسمالي نهائي للأزمات متعددة الأوجه، يوجد بديل؛ الاشتر ...
- ضد الاجتماع السنوي للبنك وصندوق النقد الدوليين بمراكش أكتوبر ...
- في سيكوميك وفي غيرها: لا لمحاربة التضامن العمالي
- الجفاف: مشكل طبيعة يفاقمه نمط إنتاج رأسمالي مدمِّر للبيئة


المزيد.....




- عاملون في -ستاربكس- يوسعون إضرابهم في مدن أميركية
- تضخم أم تنمية؟ هل تحل زيادة الرواتب أزمة المعيشة في سوريا؟
- زيادة رواتب المتقاعدين في العراق 2025 بقيمة 200 ألف دينار!!. ...
- شوكت رواتب المتقاعدين في العراق شهر يناير 2024 وخطوات الاستع ...
- إضراب عمال ستاربكس يتسع في مدن أميركية
- سرايا القدس تدعو للاضراب وتسيير مسيرات احتجاجا على محاصرة م ...
- موجز سياسات: توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لكبار السن في الأ ...
- الضمان: تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور (290) ديناراً بداية ال ...
- وزارة المالية: سلـم رواتب المتقاعدين الجديد في العراق 2025.. ...
- وزارة المالية الجزائرية توضح..حقيقة زيادة رواتب التقاعد فى ا ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - منع الإضراب العمالي إحكام للاستبداد السياسي