غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 7999 - 2024 / 6 / 5 - 18:47
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
مقاربات الجسد المقدس في الحاضرية الوجودية هو موضوع مثير للاهتمام ويتناول طرق رؤية الجسد البشري في فلسفة الحاضرية الوجودية.ان نظرة الحاضرية الوجودية إلى الجسد كأداة للتجسد والتعبير عن الوجود, وهو وسيلة الإنسان للتفاعل مع العالم والآخرين, الجسد كمركز للخبرة والإدراك, الجسد ليس مجرد حاوية للذات، بل هو جزء من تعريف الذات وامتدادها. الحاضرية الوجودية ترفض الثنائية الكارتيزية وتنظر للجسد والروح/العقل كمتداخلين ومتشابكين,وهذا يمثل مفهوم "الوجود-في-العالم" ,والجسد كوسيلة للتواجد والتفاعل مع العالم المادي والاجتماعي. بشكل عام، فإن الفلسفة الحاضرية الوجودية تنظر الى الجسد باعتباره جوهرا للوجود الإنساني وليس مجرد حاوية له, الجسد هو المركز المادي للخبرة والهوية والحرية, ويمكن دعم هذه الرؤية حول العلاقة بين الجسد والروح/العقل بما يلي:
الأدلة الظاهراتية
تشير إلى تجربتنا المباشرة للوجود المتكامل للجسد والروح/العقل, نحن نعيش تجربتنا الوجودية كوحدة متداخلة بين الجسد والذهن، وليس كثنائية منفصلة.
الأدلة الوصفية
أن الجسد هو المركز الأساسي للخبرة الإنسانية والإدراك, الجسد هو وسيلة امتداد الذات والتفاعل مع العالم.
الأدلة التاريخية والثقافية
كيفية تصور الثقافات المختلفة للجسد والروح كوحدة متكاملة, مفاهيم الجسد المقدس في بعض التقاليد الدينية والفلسفية.
الأدلة من علوم الأعصاب والسيكولوجيا
الأبحاث التي تؤكد ترابط الجسد والعقل/الذهن, الخبرات الجسدية تؤثر بشكل مباشر على المعرفة والعواطف.
الأدلة اللغوية والداللية
تشير إلى الترابط اللغوي بين الجسد والذات في مختلف اللغات والثقافات, المصطلحات المستخدمة للتعبير عن الخبرة الإنسانية تؤكد على الوحدة بين الجسد والروح.
الأدلة الوجودية والتجربة الحياتية
تجربة الإنسان العيش في جسده والتفاعل مع العالم من خلاله. الشعور بالأنا والاختبار المباشر للوجود يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجسد.
الأدلة الفينومينولوجية الوجودية
تحلل كيف أن الجسد هو وسيلة الإنسان للكشف عن نفسه ووجوده في العالم, الجسد ليس مجرد أداة أو حاوية، بل هو طريق الذات للتحقق والتعبير عن وجودها.
الأدلة من الفن والأدب
تجليات الخبرة الجسدية في الإبداعات الفنية والأدبية عبر التاريخ, الطرق المختلفة التي يستخدم بها الفنانون والأدباء الجسد للتعبير عن التجربة الإنسانية.
الأدلة الوجودية من الطب والصحة
تشير إلى تأثير الحالة الجسدية على التجربة الوجودية للإنسان, العلاقة الوثيقة بين الجسد والصحة العقلية والروحية.
بمجموع هذه الأدلة المتنوعة، يؤكد الفلاسفة الحاضريون الوجوديون إظهار أن الجسد والروح/العقل هما وجهان لعملة واحدة، وأن الوجود الإنساني لا ينفصل عن الجسد المعاش. بشكل عام، مفهوم الروح في الفلسفة الحاضرية الوجودية يركز على الوعي والوجود الحاضر للإنسان، وليس على كيان منفصل, والموت لا ينظر إليه كانفصال للروح، بل كامتداد طبيعي للتجربة الإنسانية. فالروح والجسد متلازمان ولا ينفصلان. في الفلسفة الحاضرية الوجودية، مفهوم الروح والوجود بعد الموت يختلف عن المفاهيم التقليدية الدينية أو الميتافيزيقية, هناك بعض النقاط الهامة حول هذا الموضوع:
عدم الاعتقاد بالخلود الشخصي للروح
الحاضرية الوجودية لا تقبل فكرة أن الروح أو الذات الشخصية تستمر في الوجود بعد الموت, فالموت ينهي الوجود الفردي والشخصي للإنسان، وليس هناك حياة أبدية للروح.
الموت كجزء من الوجود
في الفلسفة الحاضرية الوجودية، الموت لا ينظر إليه كنهاية للوجود أو انفصال الروح بل على العكس، الموت هو جزء طبيعي ومتلازم من التجربة الوجودية الإنسانية.
الوجود بعد الموت
مع ان هناك بعض الفلاسفة الوجوديين الذين يرون أن للوجود شكلاً آخر بعد الموت ولكن هذا الوجود ليس شكلاً من أشكال الخلود الشخصي للروح، بل هو كما يؤكد كيركيجارد على أهمية الاستعداد الفردي للموت والأخذ بعين الاعتبار حقيقة الفناء. فالوعي بالموت هو ما يجعل الإنسان يعيش حياة أكثر صدقًا وأصالة، ويتخذ قرارات مسؤولة تجعله يحيا بشكل أكثر وعيًا وتركيزًا. بهذا المعنى، يرى كيركيجارد أن الموت هو ما يضفي قيمة وجودية على الحياة البشرية.
الانصهار في الوجود الكلي
يُنظر إلى هذا الوجود بعد الموت على أنه انصهار الإنسان في الوجود الكلي والشامل, أي أن الإنسان بعد موته ينصهر ويذوب في الوجود العام، دون أن يحتفظ بهويته الشخصية. بشكل عام، في الفلسفة الحاضرية الوجودية لا يكون للروح وجود مستقل أو خالد بعد الموت. ولكن قد يكون هناك شكل آخر من الوجود يتم فيه انصهار الإنسان في الوجود الكلي. إلا أن هذا الوجود لا يحتفظ بالهوية الشخصية للفرد.
في الفلسفة الحاضرية الوجودية، مفهوم "الوجود الكلي" بعد الموت لا يُعتبر بالضرورة شكلاً من أشكال الخلود في المفهوم التقليدي. ولذلك فإن "الوجود الكلي" بعد الموت هو نوع من الانتهاء والذوبان في الوجود العام، وليس خلودًا للذات. بالتلخيص، الفلسفة الحاضرية الوجودية لا ترى في "الوجود الكلي" بعد الموت شكلاً من أشكال الخلود الشخصي. إنه بالأحرى انتهاء للوجود الفردي والذوبان في الوجود العام، دون الاحتفاظ بالهوية المستقلة للشخص.
في إطار التفكير الفلسفي الحاضري الوجودي، قد يكون هناك نوع من التأثير للفرد على الوجود الكلي بعد الموت، لكن بشكل غير مباشر وبدون استمرارية الهوية الفردية. هذا يمكن أن يتجلى في النقاط التالية:
التأثير من خلال الفعل والمسؤولية
الحاضرية الوجودية تؤكد على مسؤولية الإنسان تجاه اختياراته وأفعاله في الحياة هذه الأفعال والاختيارات قد تترك بصمة وتأثيرًا على الوجود الكلي، بغض النظر عن انتهاء الوجود الشخصي للفرد.
التأثير من خلال المساهمة الوجودية
يرى الحاضريون الوجوديون أن للفرد دورًا في تشكيل وصناعة الوجود من خلال التزامه الوجودي وأصالته, هذا التأثير الوجودي للفرد قد يستمر بطريقة ما في الوجود الكلي، دون استمرار الذات الفردية.
التأثير من خلال الذكرى والتأثير الروحي
حتى إذا انتهى الوجود الشخصي للفرد، قد يستمر تأثيره الروحي والمعنوي من خلال الذكرى والإرث الذي تركه, هذا التأثير الروحي قد ينعكس على الوجود الكلي بطريقة ما. في النهاية، الفلاسفة الحاضريون الوجوديون لا يؤمنون باستمرارية الذات الشخصية بعد الموت، ولكن قد يكون للإنسان تأثير غير مباشر على الوجود الكلي من خلال أفعاله ومساهمته الوجودية وتركته المعنوية. رغم ان الأدلة على عدم استمرارية الذات الشخصية بعد الموت كثيرة، لكن الفلسفة تستند إلى مجموعة من الحجج والمبررات الفلسفية والعلمية:
التركيز على الوجود الفعلي
الحاضريون الوجوديون يركزون على الوجود الحالي والملموس للإنسان، أكثر من البحث عن أي وجود ميتافيزيقي أو روحي بعد الموت, فالوجود الحقيقي للفرد هو ما يحدث في الزمان والمكان الراهن ولا يمكن ان يحدث الوجود خارج سياقات الزمان والمكان.
رفض المثاليات والماهيات الجاهزة
الحاضريون الوجوديون يرفضون الاعتقاد بماهيات جاهزة أو جوهر ثابت للذات, بالنسبة لهم، الذات هي مشروع مستمر يتم بناؤه وتكوينه من خلال الاختيارات والأفعال.
التأكيد على الحرية والمسؤولية
الحاضريون الوجوديون يؤكدون على حرية الإنسان في اختياراته وأفعاله، وبالتالي مسؤوليته عنها, هذا لا ينسجم مع فكرة استمرارية الذات الفردية بعد الموت.
الرفض الواقعي للخلود والأبدية
الحاضريون الوجوديون ينظرون إلى الموت باعتباره نهاية حقيقية للوجود الفردي, لا يرون دليلاً واقعياً على وجود حياة أبدية أو خلود للذات بعد الموت. بشكل عام، موقف الفلاسفة الحاضريون الوجوديين يستند إلى التركيز على الوجود الحالي والرفض الواقعي لأي وجود ما بعد الموت، مع التأكيد على حرية الاختيار والمسؤولية الفردية.
أبحاث علم الأعصاب
هناك أدلة من دراسات علم الأعصاب تشير إلى أن الوعي والذاكرة والشخصية البشرية مرتبطة بشكل وثيق بالدماغ. عندما يتوقف الدماغ عن العمل بسبب الموت، فمن المنطقي أن يختفي الوعي والذاكرة أيضًا.
غياب الأدلة التجريبية
على الرغم من البحث المستمر، لا توجد أدلة تجريبية قوية وموثوقة تؤكد وجود حياة بعد الموت. جميع التقارير عن التجارب الروحية والخبرات الخارج جسدية لا يمكن إثباتها بشكل علمي.
التفسيرات الطبيعية للظواهر الروحية
بعض الظواهر التي قد تبدو روحية يمكن تفسيرها بشكل طبيعي من خلال علم النفس والأعصاب، مثل التجارب الخارج جسدية والاتصال بالأرواح.
الأنثروبولوجيا الثقافية
دراسات الأنثروبولوجيا تشير إلى التنوع الكبير في المعتقدات والممارسات المرتبطة بالموت عبر الثقافات، مما يطرح تساؤلات حول وجود حقائق مطلقة بشأن الحياة بعد الموت. هناك أيضًا الكثير من الغموض والمجهول حول طبيعة الوعي والذاكرة البشرية. لذلك فإن الموقف الحاضري الوجودي ينظر إلى هذه المسائل بشكل فلسفي وعلمي، ولا يزال هناك الكثير من الغموض والنقاش حول هذه المسألة، كون الأدلة المتاحة حتى الآن ليست حاسمة كليا.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟