أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الخلل البنيوي للإسلام السياسي العربي (2)














المزيد.....

الخلل البنيوي للإسلام السياسي العربي (2)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7999 - 2024 / 6 / 5 - 16:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن عملية النشوء (البعثة النبوية) ومن ثم الإرتقاء (تشكيل الأمة) كانت لها ظروفٌ محيطة ساعدت كلها على صيرورة الكيان القومي السياسي برفقة الكيان الديني الإسلامي, ولقد ظل الإثنان متلازمين إلى حد كبير, وكان في مقدمة العوامل التي صنعت تلك الصيرورة وجود نبي مع رسالة سماوية ومعهما شخصيات تاريخية من الصعب تكرارها, وسيصير من الصعب توقع عودة الأمة كمثل ما كانت عليه لاستحالة تكرار العوامل والظروف المؤسسة. وإن من الحق التمني لكن على شرط أن تكون الأمنية ناشئة من الواقع لغرض الإرتقاء به مسترشدة بالتاريخ وليس من خلال إسقاط لتاريخ على الواقع المختلف قطعياً عما كانت عليه المقدمات التي صنعت ذلك التاريخ.
وحينما انتقلت الراية الدينوقومية من العرب إلى العثمانيين والصفويين وذهب العرب إلى حالة من التشتت والتمزق فإنه ما عاد ممكناً الجمع ما بين الإسلامي السياسي مع الوطني أو القومي كما هي الحالة إيرانياً وتركياً. لقد ظل هذان البلدان يمتلكان كيانهما الجيوسياسي الموحد عكس العرب الذين صاروا في الوقت الحالي أوطاناً مستقلة يعمل فيها الإسلام السياسي العربي تحت شعار أن وطن المسلم هو دينه ضارباً بعرض الحائط كل الظروف والشروط والقوانين التي صنعت عالم هذا اليوم.
ولعل هذا من ناحية المبدأ هو الذي واجهته حركة الإخوان المسلمين في مصر في عام تمكنها من النظام هناك. فلقد إنكشف سريعاً غياب قرار الحركة الوطني المستقل بغياب صلتهم مع تاريخ قومي أو وطني مصري يتكئون عليه ويلتزم به فكرهم السياسي. ولقد غابت صلة هذا الأخير السيادية وزادت فرص تبعيته حتى لدولة صغيرة مثل قطر بفعل وجود فقيهَهُم السياسي القطري المصري الشيخ القرضاوي وإلتزامهم بشعار (إن وطن المسلم هو دينه).
لقد مارس الإخوان المسلمون في عامهم القصير ذاك ممارسات متقاطعة مع مصلحة الدولة الوطنية المصرية العميقة من خلال علاقتهم بحماس مثلاً واقتراباتهم التركية الخارجة على الدور القومي المعروف لمصر.
إن هذه التقاطعات لم تكن تأسست حينها بفعل من ضغط اللحظة السياسية الفاعلة, وإنما كانت تأسست على فقه إسلامي أممي يجعل التركي المسلم أقرب إلى مرسي العياط من القبطي المصري, ثم دخلت الدولة الصغيرة (قطر) في ساحة التأثير الواضح بفعل وجود شيخ الإخوان المسلمين فيها, ألا وهو القرضاوي, الذي كانت تنحني له جباه قادة السلطة في مصر من الإخوان, فمسخوا بالتالي ما تعنيه كلمة مصر سواء في تاريخها الفرعوني العميق أو على مدار تاريخها في العصور التي تلت, وجعلوا أبا الهول يكاد أن يخر ساجداً لشيخ قبيلة قطرية صغيرة.
وقصة الإخوان في تونس على قصرها كشفت أيضاً عن ميول للتبعية في الإتجاه نفسه الأمر الذي أدى إلى تصاعد حركة المعارضة ضد سلطتهم ثم ضياعها منهم سريعاً.
إن المَثَلين, المصري والتونسي, كشفا بسرعة عن انطواء عقيدة الإخوان المسلمين على خلل بنيوي سرعان ما تظهر تأثيراته السلبية وتداعياته المؤذية حال وجود الإخوان في السلطة.
مع كل ما تقدم فإن أنموذج دولة الخلافة التي حاولت داعش أن تبنيها, وبغض النظر هنا عن الإتهامات التي طالتها لاعتبارها حالة ذات منشأ مخابراتي تابع لإسرائيل أو أمريكا, أو لإيران أو تركيا تارة أخرى, إلا أنها مع ذلك كانت محاولة سياسية وفقهية لبناء دولة إسلامية من خارج النَص التاريخي العثماني أو الفارسي, وهي بالتالي كانت محاولة لملء الفراغ السياسي بين أمة ناشئة وبين غياب صلتها التاريخية بدولة قومية عريقة, وهي على فرض امتلاكها لمقومات القرار السيادي السياسي المستقل عن الأمتين, العثمانية ذات الفقه السني الحنفي, والفارسية ذات الفقه الإثني عشري الإمامي, إلا أنها خلاف تلكما التجربتين لم تكن تمتلك علاقة ايجابية حقيقية مع عمقها الإجتماعي لكونها إخوانية وهابية متناقضة وحتى متقاتلة مع أنصار المذاهب الأربعة, لذلك رأيناها وهي تذهب للقتال مباشرة, ليس ضد الشيعة الذين تكفرهم وتفتي بجواز قتلهم, وإنما أيضا ضد السنة الذين تتناقض مذاهبهم الفقهية مع المدرسة الوهابية الحنبلوتيمية.
وبالتأكيد فأنا أتحدث هنا عن غياب الصلة مع تاريخ قومي أو وطني لبلد الإسلام السياسي, أي غياب الصفة (القوموطنية) التي من شأنها أن تؤسس لحالة السيادة الوطنية للحركة, أي أن حديثنا هنا ينصب حول قدرة الحركة على بناء واحترام البنية التحتية للسيادة الوطنية التي تفترض مسبقاً وجود انتماء هُويّاتي لها.
إن غياب هذه الصلة بين الإسلام السياسي العربي بشقيه السني (الأخوان المسلمون كإنموذج) والشيعي (الدعوة .. على سبيل المثال) يُفقد هذه الحركات القدرة على بناء بنية تحتية للإستقلال الوطني ويجعلهما عرضة للإستقواء والتبعية لدول مجاورة (تركيا وإيران) الّلتيْن تمتلكان هذه الخاصّة.
بكل تأكيد، إن غياب الولاء الوطني والإنتماء التاريخي يعرضان الحركة لخطر الولاء لتجربة مجاورة ويفقدانها في الوقت نفسه صفة الإخلاص لبلد المنشأ, حيث يرافق ذلك تأخر عمليات البناء الوطني أو حتى الرغبة في عدم تحقيق هذا البناء وحتى تهديمه.
ويبقى أن ما همني هنا هو عمل مقارنة نسبية بين التجارب الثلاث, الإيرانية والتركية والعربية, وعلاقة بعضها ببعض من ناحية الولاءات والتبعيات, وأيضاً محاولة العثور على الأسباب الحقيقية للفساد الأخلاقي والإداري الذي يصاحب التجارب العربية تحديداً.
وفي كل الأحوال فإن ذلك لا يعني غياب ظواهر الفساد المصاحب لأنظمة الإسلام السياسي في كل من تركيا وإيران, لكن من الضروري التمييز بين أنظمة فيها فساد, أي أن الفساد هنا هو ظاهرة مرافقة, وبين أنظمة كلها فساد, أي أن الفساد فيها بنيوي ولا سبيل للتخلص منه سوى بالتخلص من النظام الذي أنشأه.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلل البنيوي للإسلام السياسي العربي (1)
- الأيديوغماتية
- حل الدولتين
- عضة كلب
- رغد صدام حسين .. إذا أبتليتم فاستتروا
- مقالتي الألف .. الدم في خدمة الخرافة
- رد على من لا يستحق الرد !
- الوطنية والإسلام السياسي
- خير النساء
- بايدن .. هل كان صهيونياً بحق
- المهدي المنتظر
- الدين السياسي ليس ديناً وليس دولة
- القضية الفلسطينية وصدام الأديان
- فلسطين ومفهوم القضية المركزية
- عن روما القديمة وعن ترامب الآتي وعن مجلس الإنقاذ
- انتحاري على طريقته الخاصة
- القائم من ميتته كي يورثنا الفرحة
- كاريزما الزعيم
- في البحث عن الإجابة الصعبة : مَن في خدمة مَن ؟
- الكيان الشيعي الموازي .. رسالة ورد


المزيد.....




- منبهة من صراع ديني.. الخارجية الفلسطينية تعلن رفضها فرض إسرا ...
- المعهد المغربي للتقييس يعترف بشهادات الإدارة الروحية لمسلمي ...
- حركة النهضة الاسلامية: شروط إجراء انتخابات ديمقراطية في تونس ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة قناة طيور الجنة بيبي2024
- “بابا جاب لي بالون”.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- بعد جدل تجنيدهم.. لماذا حاول يهود الحريديم الحيلولة دون تحقي ...
- الحريديم.. ماذا نعرف عن اليهود الإسرائيليين المتشددين دينيا ...
- بذكرى -ثورة 30 يونيو-.. شيخ الأزهر يوجه رسالة للسيسي والشعب ...
- نحو 30 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- -لا ضرورة لإقامة صلاة العصر في جماعة بعد الجمعة-.. مقتدى الص ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الخلل البنيوي للإسلام السياسي العربي (2)