أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - قاسم وراشيل














المزيد.....

قاسم وراشيل


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7999 - 2024 / 6 / 5 - 05:39
المحور: الادب والفن
    


لم يكن أحد يعرف لماذا يذهب هذا الشاب كل مساء ويظل ينظر بغيظ من خلال الأسلاك الشائكة نحو برج المراقبة في الجهة الأخري من السياج حيث يغني جنود العدو ويتراقصون فوق البرج وهم يلوحون بأسلحتهم .
هو شخصيا لم يكن يشعر أن من بين هؤلاء الجنود الذين يتراقصون فوق البرج كانت مجندة اسرائيلية عندما تلمحه وهو واقف خلف السياج تتوقف عن الرقص وتخفض سلاحها وتظل تتأمل فيه إلي أن ينصرف.
في إحدي الليالي عندما وصل هو إلي السياج كعادته تسحبت هذه المجندة وهبطت من البرج ووصلت إلي حيث يقف هو ملتصقا بالسياج ، ألقت إليه التحية لكنه لم يرد ، حاولت أن تلاطفه بكلام عن عينيه الواسعتين وطوله الفارع وملامحه التي تروق لها لكنه قابل كل ذلك بوجه جامد ودهشة مشوبة بالامتعاض وهو يقول لها ساخرا : الوحوش أحيانا يداعبون فرائسهم.
في الليلة التالية مدت المجندة يدها في محاولة للمس أصابعه التي يقبض بها أسلاك السياج وهي تقول له إنها تتفهم عبارته التي قالها بالأمس ، وتوسلت إليه أن يتفهم أن مشاعرها تجاهه ، وقالت له : أنا لا أعرف لماذا حين أراك من فوق البرج يهتز قلبي وتقفز روحي إلي حلقي وتنتابني رغبة جامحه للطيران من فوق البرج وعبر السياج لكي أرتمي بين ذراعيك ، غير أنه منعها من ملامسة يده ، وحاول أن يلكمها في وجهها من خلال الأسلاك وهو يقول لها : لا أظن أن أحدا منكم له قلب أو روح أيتها العاهره ، وفوجئت هي وراحت تبكي وهو يقول لها: ألستم أنتم من قتلتم أخي الصغير الذي لم يبلغ السادسة من عمره وهو يلهو بطائرته الورقية دون أن يحاول عبور السياج ؟! .
بكت هي بحرقه واعترفت له أن أفراد فريقها هم الذين أطلقوا الرصاص علي رأس الصغير ، قالت له إنهم كانوا يتراهنون فيما بينهم علي من يمكنه أن يصيب شقيقه برصاصة بين عينيه ، انهمرت دموعه وهو يسمع اعترافها ، وحاولت هي التخفيف عنه بأنها تكره وجودها بينهم وأنها تعرف أنها تدافع عن أرض لا تنتمي إليها ، لكنه بصق في وجهها وانصرف.
انتظرت هي أن يأتي الشاب كعادته كل ليله ، لكن مرت عدة ليال دون أن تراه ، بعد أسبوع تقريبا أتي في ساعة متأخرة من الليل ، كان هذه المرة حاملا بندقيته ، تمكن من التسلل من تحت السياج ، وبينما كان الجنود بما فيهم المجندة يتراققصون فوق البرج انتفض هو وراح يطلق الرصاص وهو يصرخ : أيها الهمجيون الأوغاد ، أسقط بعضهم قتلي ، بينما تلقي هو رصاصة في قدمه جعلته ينبطح بقوة علي وجهه وتطير بندقيته بعيدا ، وكانت المجندة قد سقطت من فوق البرج وهي تحاول تفادي طلقات الرصاص وراحت تزحف بسرعه نحو بندقيته في محاولة لالتقاطها ، فيما كان هو يزحف بسرعه ليلتقط بندفبته قبل أن تصل هي إليها..
كانت المجندة قد التقطت البندقية قبل وصوله إليها ، دفس هو وجهه بين ذراعيه وانتظر أن تطلق هي النار علي رأسه ، لكنه فوجيء وهي تقول له : خذ بندقيتك واهرب من هنا بسرعه قبل أن تصل قوة الدعم ويمزقونك برصاصاتهم. ، أعطته البندقية ولما اكتشفت أنه جريح خلعت سترتها وربطت له جرحه كي توقف النزيف وجرته جرا إلي أن وصلت به إلي السياج ودفعته من تحته إلي الجهة الأخري وقبلته من جبينه وهي تقول له : سأنتظرك هنا كل ليلة إلي أن تأتي بعد أن تشفي كي أراك.، وقالت له وهي تودعه : إسمي راشيل ، أراد أن يقول لها أن اسمه قاسم لكنها كانت قد ركضت بعيدا حتي لا يراها أحد من قوات الدعم.
بعد ذلك بشهر تقريبا حدثت عملية الطوفان واندفع هو مع من اندفعوا خلف قوات حماس ، كان جميع من اندفعوا يقتلون من يصادفهم من الاسرائيليين أو يأسرونهم بينما كان هو يركض هنا وهناك بحثا عن راشيل ، كانت الأجواء مليئة بالنار والدم والموت ومفعمة بروح الانتقام ، أخيرا وجدها ملقاة إلي جانب برج المراقبة غارقة في دمها بعد أن تلقت طعنة في بطنها ، خلع سترته وربط الجرح ، ثم حملها وعاد مسرعا واختفي بها بين البيوت .
كان يحملها علي ظهره ويتنقل بها من مكان إلي مكان تحت قصف الطيران الاسرائيلي ، ولما بدأ الغزو البري كان يختبيء بها بين أنقاض البيوت خشية أن يكتشف الجنود وجودها فيأخذونها ويقتلوه ، أو يعلم أفراد حماس بوجودها فيأخذونها ضمن الرهائن ، كانت دهشتها هي عميقه حين لاحظت أن أهالي غزه يساعدونه في علاجها ، ويخبئونها حين يقترب جنود العدو ، ويحافظون علي سرية وجودها خشية أن يعلم بها قوات حماس أو الجهاد ، كان الأهالي يزودونه بالأربطة والأدوية والأطعمه رغم حاجتهم إليها ، وفي أثناء النزوح من منطقة إلي منطقة كان أهالي غزة يخفونهما بين الأغطية والأواني حتي لا يكتشف وجودهما أي من الطرفين المتقاتلين.
لما تكاثف القصف وصار من المستحيل الهرب إلي أي مكان نظرت هي إلي جموع الأطفال والنساء الذين التفوا حولهما لحمايتهما وبكت في حرقة وهي تصرخ : أنا شريكة فيما يحدث لكم من مذابح ، ثم احتضنت قاسم وقالت له : امنحني قبلة أخيرة فأنا أريد أن أموت بين ذراعيك، ضمها هو بقوة ، وحين وضع شفتيه علي شفتيها هبطت قنبلة هائلة ، ويقال إن الانفجار الذي دوي علي إثر سقوط القنبله قذف قاسم وراشيل عاليا حتي أن النازحين من أهالي وسط غزة شاهدوهما وهما يرتفعان إلي أن اختفيا عن الأنظار خلف السحاب.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءه بالمقلوب
- حارة الشيخ شعبان
- أنشودة للحياة
- الشيخ معروف
- هرتلة شخصية
- نظرة إلي التراث
- المستنقع
- الخطاب الديني
- ثرثرات
- المصرية
- الصليب
- السبهلله (29)
- السبهلله (28)
- السبهلله (27)
- السبهلله(26)
- السبهلله (25)
- السبهلله (24)
- السبهلله (23)
- السبهلله (22)
- السبهلله (21)


المزيد.....




- الروائي الليبي هشام مطر يفوز بجائزة أورويل للرواية السياسية ...
- على وقع ضحكات الجمهور.. شاهد كيف سخر الكوميدي جون ستيوارت من ...
- عودة محرر القدس… مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 29 الجزء 2 ...
- جهز مستنداتك.. تنسيق الدبلومات الفنية 2024-2025 جميع المحافظ ...
- استمتع بأقوى الأحداث… موعد عرض مسلسل قيامة عثمان الجزء الساد ...
- حالة رعب حقيقية في منزل فنانة مصرية (فيديو)
- -قضية الغرباء-.. فيلم عن اللاجئين السوريين يفوز بجائزة في مه ...
- نصوص في الذاكرة.. الغريب من كتاب أبي حيان التوحيدي
- -غوغل- يدرج اللغة الأمازيغية ضمن خيارات الترجمة
- فيلم -السبع موجات-.. آخر ما وثقته الكاميرا في غزة قبل حرب ال ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - قاسم وراشيل