أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي القسيمي - دور المملكة العربية السعودية في تمويل الإسلام ونشوء الجماعات الإرهابية















المزيد.....

دور المملكة العربية السعودية في تمويل الإسلام ونشوء الجماعات الإرهابية


سامي القسيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7994 - 2024 / 5 / 31 - 10:21
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


على مدى عقود، لعبت المملكة العربية السعودية دورًا رئيسيًا في نشر الفكر الوهابي، وهو تفسير متشدد للإسلام السني، في جميع أنحاء العالم الإسلامي. استخدمت المملكة هذا الدور كوسيلة لتعزيز نفوذها السياسي والديني، مولت المدارس والمساجد والمؤسسات الإسلامية التي تروج لهذا الفكر. ومع ذلك، مع صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والإصلاحات الجديدة التي تتبناها المملكة، يبدو أن السعودية قد تخلت عن هذا الدور، متجهة نحو الانفتاح والترفيه لزيادة دخلها السياحي. في هذا المقال، سنتناول كيف أن السعودية استخدمت ونشرت الفكر الوهابي، وما الذي حل بدول الجوار نتيجة لذلك، وكيف أن السعودية تتجه الآن نحو مسار مختلف بينما تعاني دول أخرى من تبعات هذا الانتشار.

نشر الفكر الوهابي: الأسباب والوسائل السياسة الدينية والتمويل السعودي:
منذ الستينيات، بدأت السعودية في استخدام ثروتها النفطية لنشر الفكر الوهابي في جميع أنحاء العالم الإسلامي. تم ذلك من خلال تمويل بناء المساجد والمدارس الدينية، وإرسال الدعاة، وتوزيع الكتب الدينية المجانية. الهدف كان تعزيز نفوذ المملكة ومواجهة التحديات الفكرية والسياسية من الحركات القومية العلمانية والإيرانية بعد الثورة الإسلامية في 1979. وفقًا لمصادر متعددة، يُقدّر أن المملكة أنفقت مليارات الدولارات على هذه الجهود، مما جعل الوهابية جزءًا من الهوية الدينية في العديد من البلدان.

النتائج على دول الجوار:
1- التأثيرات الاجتماعية والثقافية
أدى التمويل السعودي إلى نشر القيم والتقاليد الدينية المتشددة في دول مثل اليمن، مصر، باكستان، وغيرها. هذه السياسات ساهمت في تراجع حقوق المرأة، وتقييد الحريات الشخصية، وتعزيز الانقسامات الطائفية. المجتمعات التي تبنت الفكر الوهابي أصبحت أقل تسامحًا وأكثر انغلاقًا، مما أثر على التقدم الاجتماعي والثقافي في هذه الدول.

2- التأثيرات الاقتصادية:
كانت بعض الدول تعتمد على التمويل السعودي لدعم مشاريعها الدينية والخيرية. عندما توقفت السعودية عن هذا التمويل، وجدت هذه الدول نفسها تواجه نقصًا حادًا في الموارد، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفاقم الفقر.

3- التأثيرات السياسية:
استخدام الدين كأداة للسيطرة السياسية أدى إلى زعزعة الاستقرار في العديد من الدول. التوترات الطائفية والسياسية زادت نتيجة للدعم السعودي للحركات الإسلامية المتشددة، مما أدى إلى نزاعات داخلية وانقسامات اجتماعية. كما أن الجماعات المتطرفة التي خرجت من رحم الوهابية، مثل داعش، ساهمت في تدمير العديد من الدول في المنطقة.

نشوء الجماعات الإرهابية وتأثيرها:

الجهاد الأفغاني وتأثيره:
دعمت السعودية المجاهدين الأفغان في الثمانينيات بالتمويل والتسليح كجزء من الجهود الدولية بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة الاتحاد السوفيتي. بعد انتهاء الحرب، تحول بعض هؤلاء المجاهدين إلى حركات متطرفة، مثل القاعدة. أسامة بن لادن، مؤسس القاعدة، كان واحدًا من هؤلاء المجاهدين واستخدم الموارد والخبرات التي اكتسبها خلال الحرب الأفغانية لتنفيذ هجمات إرهابية عالمية، أبرزها هجمات 11 سبتمبر 2001. تجربة الجهاد الأفغاني أسهمت في إنشاء شبكة عالمية من المقاتلين الإسلاميين الذين تلقوا تدريبات وتمويلات ضخمة، مما أدى لاحقًا إلى زعزعة الاستقرار في العديد من الدول.

ظهور داعش:
تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يعتبر من أكثر الجماعات الإرهابية دموية في التاريخ الحديث. على الرغم من أن المملكة لم تدعم بشكل مباشر داعش، إلا أن البيئة الفكرية التي نشأت نتيجة لنشر الفكر الوهابي ساهمت في ظهور مثل هذه الجماعات. داعش تبنت تفسيرات متشددة للإسلام وروجت للعنف والإرهاب باسم الدين، مما أدى إلى تدمير واسع النطاق في العراق وسوريا، وتهجير ملايين الأشخاص.

التغيير السعودي من الوهابية إلى الانفتاح والإصلاحات بقيادة الأمير محمد بن سلمان:
منذ تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، بدأت السعودية تتبنى إصلاحات جذرية تهدف إلى تحديث المجتمع السعودي وتقليل الاعتماد على النفط. تتضمن هذه الإصلاحات رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه. المملكة الآن تسعى لجذب السياح من جميع أنحاء العالم من خلال تطوير مشاريع ضخمة مثل مدينة نيوم، وإقامة المهرجانات والحفلات الموسيقية، وتخفيف القيود الاجتماعية مثل السماح للنساء بقيادة السيارات والعمل في مجالات جديدة. الهدف هو خلق صورة جديدة للمملكة كدولة حديثة ومنفتحة.

التوجه نحو السياحة والانفتاح:
السعودية تستثمر بكثافة في صناعة السياحة والترفيه، مما يعكس تحولا كبيرا في سياساتها الداخلية والخارجية. هذا التحول يأتي في وقت تتجه فيه دول الجوار نحو المزيد من الاضطرابات نتيجة للفراغ الذي خلفه تراجع الدعم السعودي لمؤسساتها الدينية والاجتماعية.

التخلي عن دول الجوار: النتائج والتداعيات
تدهور الأوضاع في دول الجوار:
مع تحول السعودية نحو الإصلاحات الداخلية والانفتاح، توقفت المملكة عن دعم المؤسسات الدينية في دول الجوار. هذا التخلي ترك هذه الدول تعاني من الفراغ الذي خلفه توقف التمويل السعودي. اليمن على سبيل المثال، يعاني من حرب أهلية مستمرة، وتدهور اقتصادي وإنساني حاد. سوريا، العراق، ومناطق أخرى تعاني من آثار مشابهة نتيجة لانسحاب الدعم السعودي وتزايد التوترات الطائفية والسياسية.

المسؤولية السعودية
السعودية، التي كانت السبب الرئيسي في نشر الفكر الوهابي في هذه الدول، تتحمل الآن مسؤولية كبيرة في إصلاح الضرر الذي تسببت فيه. من الضروري أن تتبنى المملكة سياسات تعويضية تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول، وتساعد في تعزيز الاستقرار والسلام. هناك دعوات متزايدة للمملكة للقيام بعملية عكسية تستهدف تمويل برامج تنموية وتعليمية تهدف إلى التخلص من الأفكار المتطرفة ونشر الفكر المعتدل.

الدعوات للإصلاح العكسي:
على المملكة العربية السعودية أن تستثمر أموالها في مشاريع تساعد في تحسين البنية التحتية والاقتصاد في دول الجوار، ودعم منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني لتعزيز الحريات وحقوق المرأة. بهذه الطريقة، يمكن للسعودية أن تساهم في استعادة الاستقرار والنمو في المنطقة، مما يعزز السلام والازدهار للجميع.

النقد الدولي للسعودية
النقد الدولي يركز على كيفية استخدام السعودية لمواردها المالية لنشر الفكر الوهابي وتحويله إلى أداة سياسية ودينية للسيطرة والنفوذ. هذا التوجه يعكس محاولات السعودية لإعادة كتابة تاريخها وتقليل دور الوهابية في تشكيل الدولة السعودية الحديثة، في ظل سعيها لتحسين صورتها الدولية وتقديم نفسها كدولة حديثة ومنفتحة.

تلعب المملكة العربية السعودية دورًا معقدًا ومتناقضًا في العالم الإسلامي. من جهة، ساهمت في نشر الفكر الوهابي الذي أدى إلى تطرف بعض الجماعات وزعزعة استقرار العديد من الدول. ومن جهة أخرى، تتجه الآن نحو مسار جديد يهدف إلى الانفتاح والتحديث. السعودية تتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية لإصلاح الضرر الذي تسبب فيه نشر الفكر المتشدد. من خلال تبني سياسات تعويضية ودعم التنمية في دول الجوار، يمكن للسعودية أن تساهم في استعادة الاستقرار والنمو في المنطقة، مما يعزز السلام والازدهار للجميع.
تأثير السياسات السعودية على دول الجوار كان له جوانب سلبية عديدة، من تفشي الفكر المحافظ إلى التأثيرات الاقتصادية والسياسية. تحتاج هذه الدول إلى العمل على تحسين أوضاعها الداخلية وتطوير سياسات جديدة لتحقيق التقدم والاستقرار. من خلال التعاون الدولي والإصلاحات الداخلية، يمكن لهذه الدول التغلب على التحديات التي تواجهها وبناء مستقبل أفضل لشعوبها. السعودية، باعتبارها قوة إقليمية ذات تأثير كبير، تتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية لإصلاح الضرر الذي تسبب فيه نشر الفكر المتشدد. من خلال تمويل مشاريع تنموية وتعليمية ودعم حقوق الإنسان، يمكن للسعودية أن تساهم في استعادة الاستقرار والنمو في دول الجوار، مما يعزز السلام والازدهار في المنطقة بأسرها.



#سامي_القسيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برنامج الحج عبر الإنترنت: تجربة الحج في عالم الواقع الافتراض ...
- الحيوانات المتفوقة: تحديات وجودية في ظل عبثية الخلق
- تحليل فلم صاحب المقام للكاتب ابراهيم عيسى
- بائعة جسد متطرفة
- السبايا في القرآن والسنة
- فنون المسلمون في إذلال الذميين
- الحشيش بديلا عن القات في اليمن – رؤية إقتصادية وصحية - جزء ث ...
- الحشيش بديلا عن القات في اليمن – رؤية إقتصادية وصحية - جزء أ ...
- أين هو قبر النبي محمد ؟
- الأمثال والتعابير التي إقتبسها القرآن من الكتب المقدسة
- الحجر الأسود والوثنية
- الحرق وداعش في التراث الإسلامي
- محاولة إنتحار (محمد) وعلاقتة بمرض BPD
- إعصار تسونامي وأسطورة المساجد الصامدة
- فضيحة الزنداني - الكاسيت المرعب
- درع الرسول وصاع من شعير!
- أكل لحوم البشر في الإسلام (The Cannibal)
- نصلي من أجل السلام ونقتل بإسم الدين !
- الزندقة في التراث الإسلامي
- صكوك سورة الإخلاص


المزيد.....




- -حزب الله- اللبناني يؤكد مقتل القيادي البارز إبراهيم عقيل
- غارة إسرائيلية دامية على ضاحية بيروت: تل أبيب تعلن اغتيال قا ...
- إدانة أممية لتفجيرات البيجر وإسرائيل تعلن قتل قياديين بحزب ا ...
- من هو إبراهيم عقيل الشخصية العسكرية الكبيرة في حزب الله التي ...
- المغرب.. التحقيق في ملف -مجموعة الخير- متواصل والقضاء يستمع ...
- حزب الله يصدر بيانا عن مقتل قائد -قوة الرضوان- إبراهيم عقيل ...
- مصر.. مساع لحظر تطبيقات المراهنات بعد تسجيل حالات انتحار ووص ...
- ظهور خطوط دقيقة بارزة على قدم صبي تخفي سببا -مقززا-
- وزير الخارجية الهنغاري: أوروبا تواصل العمليات التجارية مع رو ...
- حميميم: -التحالف الدولي- ينتهك بروتوكولات عدم التصادم في سور ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي القسيمي - دور المملكة العربية السعودية في تمويل الإسلام ونشوء الجماعات الإرهابية