|
كذبة اسمها : مواطن
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:14
المحور:
المجتمع المدني
بدعوة كريمة من أحد الأحزاب السورية، من أجل مناقشة (مفهوم المواطنة). ولمعرفة وجهة نظر التجمع الليبرالي في هذا المفهوم، اعتذرنا، لأننا لا نريد أن نكون شهود زور على شيء غير موجود اليوم في سوريا!! في البداية لا يمكن لمفهوم المواطنة أن يتحقق في سوريا، والسبب في ذلك وجود دستور تقول المادة الثامنة فيه: إن حزب البعث هو الحزب القائد للمجتمع والدولة، وهنا نرى تمييز فاضح، بين من ينتمي إلى حزب البعث، ومن لا ينتمي إلى حزب البعث، وبالطبع هذا لا يتوافق مع الفضاء الرحب الذي يسبح فيه مفهوم المواطنة، فهذا المفهوم لا يستقم أبدا لا مع الأنظمة الشمولية ولا مع الأنظمة الدينية، بسبب كون هذه الأنظمة جميعا ذات بنية ضيقة، يتمتع فيها أصحابها، أصحاب هذه الأنظمة بمزايا ومكافآت ومراكز تُحرم منه بقية أفراد الشعب الأخرى والتي لا تنتمي إلى هذا النظام أو ذاك، وطبعا نُلاحظ هنا الإقصاء وتهميش بقية أفراد الشعب بأبشع صوره، فهناك العشرات لا بل المئات والآلاف من الوظائف والتي محروم على أفراد الشعب الوصول إليها أو الحلم بالوصول إليها، وهنا ينتفي وجود هذا المفهوم بشكل مطلق. ناهيك عن الحرمان من ممارسة الكثير من النشاطات الثقافية والاجتماعية في أماكن يُحظر فيها على المواطن العادي الغير منتمي إلى حزب البعث ولوجها، مثل المراكز الثقافية، ورخص الصحف، والإذاعة والتلفزيون، فهي كلها محصورة ومملوكة لفئة عينها، تُمارس فيها ما قلناه من الإقصاء وتهميش من لا ترغب فيهم.فأي مفهوم مواطنة ننتظر أن يتحقق. إذا ما نظرنا إلى الخريطة العربية، شمالا غربا جنوبا شرقا، هل نستطيع أن نُلاحظ دولة فيها مجتمع مدني حقيقي، وإذا كان الجواب لا، فكيف نطمح إلى وجود مواطن بغياب مجتمعه، وبالتالي كيف سنحوله إلى حقيقة سياسية اجتماعية ثقافية متينة الجذور وعلى العكس من ذلك نجد مجتمعات شمولية أو أصولية يرعاها نظام استبدادي قمعي يُجهظ هذا المفهوم ويجنح به بعيدا، قاذفا به بعيدا عن مضامينه السياسية والتي تُحقق معادلة الموازنة بين متطلبات النظام ومتطلبات الكرامة الإنسانية. هذه الأنظمة والتي لا تعبأ بمصالح المواطنين وتعمل على انتهاك حقوقهم وقمع حرياتهم وسلبهم كراماتهم، مما يؤدي إلى ما نراه من تخلخل وقلاقل وعدم استقرار سياسي وتخلف وانحطاط في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصناعية. لا يستقم مفهوم المواطنة الحقيقية إلا في وسط سياسي ديمقراطي، وإذا كانت الديمقراطية هي حكم الأغلبية، فإن الليبرالية هي حق الأقلية. ومن هنا تفهم الليبرالية المواطنة كحق للآخر بغض النظر عن أي معيار الأكثرية والأقلية. فالليبرالية تنطلق من احترام الآخر بوصفه إنسان شريك في الوطن، له حقوق وعليه واجبات. الاعتراف بالآخر والمسؤولية تجاهه كانسان يملك نفس الحق ويتمتع بنفس الامتيازات التي يوفرها الوطن لأبنائه. مفهوم المواطنة ركنه الأساسي هو المساواة بين الجميع، وعدم قمع واستبداد وفرض من يملك أدوات العنف والسلطة إرادته على البقية.الآخر، والذي نعيش معه داخل المجتمع علاقة اجتماعية ترتكز على الحقيقة والعدالة والتي تُقر للآخر حقه في العيش الكريم باعتباره إنسانا له كرامته ووجوده. ولا يتحقق مفهوم المواطنة أبدا إلا في وجود قانون يحترمه الجميع ولا يجري تجاوزه أو تطويعه من قبل فئة تملك السلطة أو المال. فالقانون يجب أن يكون للجميع، لا أحد فوق القانون.والتأكيد على العلاقة اللازمة بين صحة القانون وتنفيذه .الأيمان بالقانون وممارسته بشفافية وصدق، يؤمن المساواة المطلوبة لمفهوم المواطنة ويدرأ عن الوطن والمواطنين الفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والذي يعتبر من أهم الأمور المنافية للمواطنة الحقيقية المبنية على عدالة القانون وعدم تمييزه بين مواطن وآخر لأي سبب كان. القانون الذي يدعم مفهوم المواطنة يجب بالحقيقة أن يقرّ ويمكّن من قيام نظام اجتماعي تظهر وتتحقق فيه المساواة بين المواطنين ويسمح في قيام علاقات مختلفة متساوية في مأمن من العنف, وسلب الحريات، والنهب، والسرقة، والفساد، واللأستئثار بامتيازات خاصة. أما المجتمع الذي سيقود إلى الالتزام بالقانون فيجب أن تتوفر فيه بعض الشروط (كما يقول جون رولس في كتابه نظرية العدالة ): أن يكون مسالما ويحقق مطمحه المشروعة من خلال الدبلوماسية والتجارة، والطرق الأخرى للسلام. أن يكون النظام الشرعي موثوقا بإخلاص وليس بصورة لا عقلانية بأن ما يوجهه هو مفهوم الصالح العام للعدالة. أن يحترم هذا النظام الحقوق الأساسية للمواطن. يتحقق مفهوم المواطنة أيضا، عندما يشعر كل فرد، في هذا الوطن، أنه شريك في ثروة الوطن، وأن ما في باطن الأرض، وأعماق البحار، هو ملك لكل المواطنين وبشكل متساوي. . واقعيا تتحقق المواطنة العادلة الحقيقية، والشعور الوطني بالشراكة، في أنه يسمح لكل المواطنين على مختلف انتماءاتهم وإيديولوجياتهم بالوصول إلى ثروات الوطن وبالاستفادة من الخدمات المطروحة من صحة وتعليم وسكن ووسائل اتصال وكهرباء وماء مثله مثل غيره، أي لا تكون هذه الخدمات حكرا على طبقة معينة أو فئة معينة, ( حيث تتمتع طبقة معينة بالكهرباء والماء والنظافة وتُحرم طبقات كثيرة من المجتمع من هذه الخدمات). ويشعر الإنسان بحقيقة مواطنته أيضا عندما يتوفر عمل للجميع، وعدم تمييز فئة على حساب فئات، وحصر بعض الأعمال بفئة واحدة، أو طائفة واحدة. ونشعر جميعا بالمواطنة، عندما يُنتفى الفقر المدقع من الوطن، بسبب التمييز بين شرائح المجتمع المختلفة، وعندما يتم تنمية المساواة الحقيقية، فلا تتنعم قلة بالخيرات، بينما يرزح كثيرون تحت وطأة الفقر والجوع. وفي هذه الأيام بالذات، يقوم شبيه المواطن السوري، بالركض وراء جرة الغاز من أجل الحصول على قليل من التدفئة ، والتي تنعدم بانقطاع الكهرباء (بحجة التقنين الأبدي)، وعدم قدرة هذا الشبيه على شراء المازوت، فلا يبقى لديه سوى وسيلة واحدة، آلا وهي الغاز، والغاز مقطوع، والمسئول لا يُحاسب؟ . أما المواطن المسئول فهو ليس بحاجة ليجر خلفه قارورة الغاز من حي إلى حي ومن منطقة إلى منطقة، فهي تصله بالعشرات إلى مزرعته ومنزله الخاص ؟ . فهل نستطيع أن نُطلق على هذا مواطن سوري، وعلى ابن خدام والكنعان والزعبي والدوبا وبعض أبناء رؤساء الأفرع الأمنية، والوزراء والضباط الكبار وأمناء الأفرع الحزبية، اسم مواطنون. طبعا لا يستقم هذا أبدا في سوريا اليوم. لذلك اعذرونا ، ولا تكونوا شهود زور على كذبة وجود شيء اسمه مواطن. دمشق 10-12-006
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خلية معارضة في الأردن
-
من يذبح لبنان المسيحي؟
-
كيف تدعي اسرة بمثل هذا الفساد ، ولها هذا الارتباط بالشيطان ا
...
-
السيد-الجنرال-اشترِ ولا تبع.
-
الصورة اصدق انباءً من الكتب
-
الاسلام بين النفاق وانفصام الشخصية.--وبعد ان قبل اخاه الملك
...
-
عمولات، تقابلها انتهاكات،---.تم اعدام الأميرة رميا بالرصاص ب
...
-
التعيينات في سوريا تتناسب عكسا مع قيمة الزاوية الناتجة من ال
...
-
بحث في اله ليبرالي
-
مسالخ السعودية والنظام القضائي
-
انتهاك حريات--دينية--رق--عبودية--5
-
بيير الجميل--ويستمر الجرح المسيحي ينزف
-
حقوق الانسان عند اصدقاء امريكا--4--
-
((لا يستقم حكم العرب الا بالدين أو السيف)) ويحكم السعوديون ا
...
-
ملكية عائلية--3-
-
ان عائلة سعود شديدة التنظيم مثل فرقة عسكرية-2-
-
((قالت ان الملوك اذا دخلوا قريةَ أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أ
...
-
----نطلب قانون عصري للأحزاب لحماية سوريا من الفوضى والخراب.
-
صراع خير وشر ---وليس صراع حضارات
-
نستحلفكم بالله جميعا، حافظوا على سوريا-----الحوار المتمدن أي
...
المزيد.....
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|