الطبقة العاملة الفرنسية في مسار إستعادة موقعها النضالي الثوري

الشتيوي جوهر

الحوار المتمدن-العدد: 7994 - 2024 / 5 / 31 - 00:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

كتب التاريخ النضالي العمالي في محطات نضالية متعددة ذو أثر بارز بحبر النضالات الطبقية العاملية الفرنسية فوحدها كمونة باريس والحركة النضالية العمالية في الثلاثينات من القرن الماضي ، إنتفاضة 1968 إلخ إثبات كفيل عن ذلك ، فهاهي اليوم الطبقة العالمة الفرنسية من عظمة إرثها النضالي تعلن الإنطلاقة ، فبعد المعركة النضالية النيرة ضد قانون العمل و على ثوابتها ، تواصل الطبقة العاملة الفرنسية المسيرة النضالية النيرة محتلة الموقع النضالي الأول بعدد الإضرابات في 2017 و مواصلة على النهج منذ مطلع 2018 في حركة إضرابات ممتالية أعلن إنطلاقتها الفعلية عمال السكك الحديدية وواصل على نهجها بقية العمال و الشرائح الشعبية ضحية سياسة ماكرون الرجعية
لم تعد وحدها الجماهير الشعبية في اليونان و أسبانيا و البرتغال ضحية أزمة الإتحاد الأوروبي و تبعاتها ، فالإستمرار في نهج العصف بالحقوق العمالية و المكاسب الاجتماعية المحققة نضاليا سابقا أصبح سمة البرجوازية الأوروبية في هجمتها الرجعية ضد الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية المفقرة ، و هاهو في هذه السنوات الأخيرة يأتي الدور على الطبقة العاملة الفرنسية لتكون من بين الضحايا البارزين للسياسة اللاشعبية لحلف الذئاب .
فلقد كان صعود ماكرون السريع و المفاجئ للسلطة من أجل تلك المهمة ، فرجل المؤسسات الرأسمالية العالمية و الأوروبية و ممثل البرجوازية الفرنسية أتى لكي ينفذ السياسة الرجعية لممثليه في أبشع أشكالها ، فلم يكن قانون التشغيل الموقع في الصيفية السابقة الذي أعطى لمالكي الشركات المزيد من الصلاحيات في التوظيف و الإقالة إلا البداية في تفعيل برنامج ماكرون الاقتصادي" برنامج الخوصصة و ضرب القطاع العام و تحويرات شاملة حول عقود العمل" ، و ذلك ما أعلن عليه كقرارات من منطلق سنة 2018 في إصلاحات حول التعليم الثانوي و الجامعي ، إصلاحات حول النظام الصحي ، خوصصة جزء كبير من القطاع العام ، تغيير شامل حول عقود العمل لعمال و موظفي شبكة السكك الحديدية العامة وفقا لقواعد الإتحاد الأوروبي الموجب تطبيقها بحلول عام 2022 ، و بهذا أتت حكومة ماكرون ببرنامج رجعي شامل يلغي في العمق المكاسب الاجتماعية المحققة تاريخيا و المتمتع بها ، و إزاء ذلك و أمام هذه الهجمة على الحقوق العمالية و الشعبية لم تقف الطبقة العاملة الفرنسية في موقع المشاهد بل على ثوابت نضالاتها الطبقية السابقة في أواخر فترة حكم الحزب الإشتراكي في المعركة النضالية الشهيرة ضد قانون العمل ، و إضرابات السنة السابقة ، إنطلقت من هذا المكسب النضالي لتواصل على نهجه في التصدي الثوري لقرارات ماكرون ، فإنطلق عمال و موظفو شبكة السكك الحديدية العامة في إضرابات قطاعية تلاه في منتصف شهر مارس تحرك المتقاعدين و تحركات و احتجاجات و ذلك جله تمهيدا للمعركة النضالية الفعلية في شهر أفريل، ففي الثاني من شهر أفريل أضرب عمال النقل كمقدمة ليوم الإضرابات الشهير الذي أطلق عليه يوم الثلاثاء الأسود ، ففي 3 من شهر أفريل إنطلق عمال السكك الحديدية في إضرابهم المفتوح ل 36 يوم لمدة يومين من 5 أيام في كل أسبوع و تزامن معه الإضراب الرابع لعمال و موظفو و طياري شركة الخطوط الجوية الفرنسية ، كما أضرب في ذلك اليوم النضالي المميز عمال النظافة مصطفين مع عمال السكك الحديدية مطالبين الزيادة في الأجور و تحسين ظروف عملهم ، وهكذا مثل إضراب قطاع النقل البري و الجوي إضافة لمشاركة عمال النظافة أفضل رد نضالي تقوم به الطبقة العاملة الفرنسية إزاء ماكرون و برنامجه الإصلاحي الضارب للحقوق و المكاسب العمالية ، لكن رغم الرد القاسي الذي تلقته حكومة ماكرون من الإضراب الجماهيري ليوم الثالث من و حركة الإضرابات في العام لقطاع النقل لم تعلن تراجعها عن برنامجها الإصلاحي أو إجراء تعديلات حوله بل أكدت أنها سائرة في نهج الإصلاحات الاقتصادية عبر تجميد رواتب الموظفين و العمال بالقطاع العام و تسريح موظفين عبر إلغاء 1600 وظيفة و ذلك كجزء من البرنامج الكامل المتمثل في إلغاء 120000 وظيفة من القطاع العام ، و إزاء الأسلوب الذي تعاملت به حكومة ماكرون و إعلانها السير في تفعيل البرنامج بالتام ، دخلت المعركة النضالية العمالية التي أعلن إنطلاقتها عمال قطاع النقل و تحديدا عمال السكك الحديدية مرحلة أخرى ، فلقد أعلن عمال قطاع الكهرباء و الغاز إنخراطهم في المعركة من أجل الزيادة في الأجور و الحفاظ على الإمتيازات المتمتع بها ، كما إلتحق الطلبة بالحركة النضالية بثقل و فعل بارز ففي شهر أفريل بين يوم و يوم تكاثفت الإضرابات الطلابية في الجامعات و خصوصا الكبرى ردا على التعديلات المبرمة من حكومة ماكرون حول التعليم الجامعي لتضع بصمتها بأثر بارز الحركة الطلابية الفرنسية في المعركة العمالية الشعبية ضد السياسة الرجعية لماكرون معيدة للأذهان الدور النضالي للطلبة الفرنسيين في معركة ماي 1968 ،
إن كان شهر أفريل شهر الإضرابات العمالية فإن ماي مثل إنتقال العمال للحراك الجماهيري ففي الأول من ماي في عيد العمال نظم عمال الإضرابات عبر نقاباتهم تحركا جماهيريا ضم ما يقارب 20 ألف رفع فيها العمال مطالبهم المطروحة و نددوا بسياسة ماكرون و برنامجه في الإصلاحات و الخوصصة ، رغم المواجهات التي وقعت مع قوات البوليس جراء مشاركة مجموعات فوضوية في الحراك إلا أن رسالة العمال الفرنسيين في 1 ماي كانت رسالة واضحة معالم ، و إستمر الحراك الجماهيري في الأيام التالية لينظم في 5 ماي أكبر و أبرز التحركات العمالية الشعبية الذي شارك فيه عموم الساخطين على ماكرون و سياسته الإجرامية تحت عنوان "حفلة ماكرون "و ذلك بمناسبة مرور سنة على حكم ماكرون و ضم هذا التحرك الجماهيري قرابة 160 ألف رفع فيه المتظاهرون شعارات " لا لرئيس الأثرياء "و البديل موجود لا للإنقلاب الاجتماعي " ، كما تواصلت في التزامن مع التحركات الجماهيرية الإضرابات العمالية و خصوصا في قطاع النقل من عمال السكك الحديدية ، و بإضراب14 ماي و 22 ماي يواصل عمال السكك الحديدية و عمال قطاع النقل مسيرتهم النضالية في الدفاع عن القطاع العام و المكاسب الاجتماعية و ضد الخوصصة و تبعاتها ،
من المؤكد أنه أمام إصرار حكومة ماكرون في تمسكها ببرنامج الخوصصة و الإصلاحات ستتواصل المعركة النضالية العمالية الشعبية بأكثر ثبات و إستمرارية و هذا ما يعبر فعليا أن الحركة العمالية الفرنسية قد دخلت مرحلة جديدة في تجاوز لواقع الركود السابق ، فالمعركة النضالية النيرة ضد قانون العمل في أواخر حكم هولند قد كان لها التأثير الفعلي و الإيجابي المطلوب في نهضة الحركة العمالية الفرنسية ففي المواصلة على ذلك النهج قد عرفت فرنسا أكبر عدد من الإضرابات و ساعات الإضرابات في الإتحاد الأوروبي في 2017 و من المؤكد أنه في ضل هذه المعركة النضالية النيرة أن موقع الصدارة في الإضرابات سيكون للطبقة العاملة الفرنسية ، فاليوم فإن المهمة النضالية الأساسية المطروحة هي المراكمة النضالية الثابتة على هذا المنجز النضالي النير بتطوير حركة الإضرابات و عمل على تحقيق وحدتها النضالية في المسار نحو الإضرابات العامة الجماهيرية فالنقابات العمالية المناضلة في قطاع النقل و تحديدا السكك الحديدية التي مثلت اليوم هذه المعركة النضالية في توجه نقابي مناضل بمضامين طبقية عمالية يطرح عليها القطيعة مع القيادة النقابية الممثلة للواقع الركود السابق و المتسببة في أزمة الحركة النقابية و الخروج من الكنفدرالية الأوروبية للنقابات و الكنفدرالية العالمية للنقابات ممثلة النقابات الصفراء و إتخاذ موقعها في الإتحاد العالمي للنقابات مثل ما فعلت سابقا نقابات الكيمياء و الخدمات و ذلك لتثبيت الركائز من أجل تشكيل حركة نقابية ذات مضمون جماهيري و طبقي عبر الوحدة النضالية الثابتة لهذه النقابات و ثباتها في طريق النضالي الجماهيري و التصدي دون مهادنة لعموم السياسات البرجوازية ،فتاريخيا بين 1945 -1976 خاضت الحركة النقابية الفرنسيةعبر الكنفديرالية العامة للشغل التي كانت تشغل قيادة الإتحاد العالمي للنقابات ملاحم نضالية بارزة في الدفاع عن الحقوق العمالية و الشعبية و في التصدي للسياسة البرجوازية كما كان لها دور بارز في التنديد بالسياسة الإستعمارية و الحروب الإمبريالية، فمن التاريخ يستعاد الموقع فهذه المهمة الثورية الجادة هي أساسا مطروحة على الحزب الشيوعي الثوري الفرنسي و عموم التنظيمات الماركسية اللينينية المناضلة في فرنسا من أجل التوصل للهدف المنشود في تشكيل حركة عمالية ثورية تمثل عنوان النضالات الطبقية مستقبلا و تفتح الأفاق نحو التغيير الثوري الاجتماعي ، فالطبقة العاملة الفرنسية و الشيوعيون تاريخيا في فرنسا قد رسموا لوحات نضالية نيرة ، فاليوم فتح الطريق لذلك و على الشيوعيون الفرنسيين أن يكونوا في المستوى المهمة من أجل إستعادة الموقع النضالي الثوري ، فميزة النضالات العمالية الطبقية في القرن 21 أن يكون للطبقة العاملة الفرنسية أثر ثوري فيها ،فالبطولات الباريسية التاريخية هي مشعل المستقبل

#الشتيوي_جوهر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات