|
الهيمنة الإستعمارية الامريكية على تونس و خلفيات التدخل الأمريكي في الشأن الوطني التونسي منذ حدث 25 جويلية
الشتيوي جوهر
الحوار المتمدن-العدد: 7993 - 2024 / 5 / 30 - 09:23
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في مسار تاريخي يتجاوز نصف قرن و في أطوار و مراحل عدة كان للتدخل الأمريكي موقع و أثر في تونس ، لم يكن بالهين بل كان و مازال هاما و في إرتباط بالمشاريع و الأهداف الإستعمارية الأمريكية و موقعها في الوطن العربي ، فلقد أسس تاريخيا النظام اللاوطني العميل على أعقاب تأزم الإستعمار الفرنسي و تأجج الحركة الوطنية العربية و النضال الوطني الثوري في المغرب العربي و تونس بتخطيط و تدبير أمريكي في عمق تفعيل مشروع الإستعمار الجديد الأمريكي ،حيث دعم بورقيبة و حزب الدستور في الوصول للسلطة عن طريق التسوية الأمريكية الفرنسية و قد إستوضح ذلك و كان البيان بين أحداث معركة بنزرت و زيارة بورقيبة لأمريكا و اللقاءات مع كينيدي و القروض من البنك الدولي و التمويلات الأمريكية في فترة الستينات و قوانين 72 ، 74 التي مثلت التعبير الفعلي عن الإستعمار الأمريكي المعاصر ، و قد تلى ذلك بين المراحل في التدخلات السياسية و الإقتصادية من سياسات الإصلاح الهيكلي و إعداد بن علي و إصعاده للسلطة ، فجل ذلك كان أمريكيا بوطئة قدم هامة إلى هذه العشرية الواقعة التي بينت كذلك بين أحداثها أثر التدخل الإستعماري الأمريكي سياسيا و إقتصاديا قد خلخلت إنتفاضة 17 ديسمبر النظام اللاوطني العميل بالواجهة الدستورية و بن علي و لم يكن ذلك الأمر بالهين على الإمبريالية الأمريكية التي أصعدت بن علي للسلطة زمن تأزم النظام البورقيبي و كانت داعمة له ، لكن فقد إقتضى الأمر في سقوطه في ضل إفلاسه السياسي و أمام أوج النضال الجماهري الشعبي الذي كان مستهدفا لمنظومته النوفمبرية إجمالا أن تعد بديلها الإسلامي الذي وضفته في عدة بقاع من العالم تارة في الدور الوظيفي لشرعنة التدخل الإستعماري و تارة في تأزيم الوضع من أجل تهيئة الظروف لذلك التدخل ، و ما كان الدور أتيا للإخوان في تونس من قبل الأمريكي "واشنطن و إدارة أوباما" إلى الوصول لسدة الحكم لتأدية الدور في الشأن المحلي الوطني و في الشأن الإقليمي في ضل مشروع شرق الأوسط الجديد و مقتضياته ، فلقد عبد الطريق بين أطوار الأحداث الواقعة عبر حكومتي الغنوشي الأولى و الثانية مرورا بحكومة السبسي إلى المجلس التأسيسي لإيصال الإخوان للحكم ، فقد كان الموقع في السلطة السياسية للإخوان بدعم أمريكي واضح إرتبطت به القوى الإقليمية العميلة في المهمة و تقاسم الأدوار على مستوى إقليمي عربي في عمق مشروع شرق الأوسط الجديد في إستهداف سوريا لإحتلالها و تقسيمها، فقد كانت الدعوى و إعداد الجهاديين و تأهيلهم للمهمة في سوريا من إخوان في تونس و لم يرافقها كذلك سوى الإرهاب إزاء الأعداء السياسيين و الإغتيال و إقتصاديا إقرار الإتفاقيات الأمريكة و التركية و تفعيلها ، و أينما تأزم حكم الإخوان في تونس و الذي إرتبط بأزمتهم في مصر و سقوطهم و تراجع دورهم الحربي العسكري في سوريا و مأزق المشروع الإستعماري الأمريكي في المنطقة العربية ، سارع الأمريكي مرورا بين الواقع المصري الذي عجزوا عن مواكبته إلى تونسي اينما سارعوا تداركا للتفاعل السياسي مع المتغيرات الواقعة في أزمة حكم الإخوان في هدف حماية موقع الإخوان في السلطة السياسية و منع لتكرار السيناريو المصري عبر التسريع في إستكمال مسار الإنتقال الديمقراطي كتجاوز لحالة الأزمة و قد كان ذلك في عبر الحوار الوطني الذي طبخ و أعد أمريكيا بمشاركة أوروبية واضحة. إن الواقع بين تعاقب الأحداث لم يبين إلا أن التدخل الأمريكي كان في موقع محوري و هام في الشأن السياسي الوطني و ذلك تحديدا و خصوصا في مراحل الأزمات السياسية ، أينما هو اليوم كذلك الذي إرتسم و كان بينا في حدث 25 جويلية ، حيث مباشرة و على إثر إعلان رئيس الدولة القرارات الإستثنائية كان الموقف الأمريكي الأول و على رأس المواقف المصرح بيها من قبل القوى الدولية و الإقليمية و أكثره عمقا في مضامين التكيف مع الواقع و مع عموم التطورات الواقعة مستقبليا و بين عمق الإهتمام الأمريكي بالشأن التونسي و تدخله الإستعماري في الشأن الوطني تماشيا مع مصالحه و أهدافه الإستعمارية هو ما كان واقعا في سير الأحداث و التطورات حيث في شهر أوت أتى وفد أمريكي في زيارة لتونس يترأسه نائب مستشار الأمن القومي للقاء مع رئيس الدولة ، تكاثف هذا الأمر و بين الحقائق في الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد الكونغرس الأمريكي يترأسه السيناتور الصهيوني كريس مورفي في هدف اللقاء مع عدد من الأحزاب و الجمعيات و الشخصيات و على رأسها حركة النهضة في سياق الترتيبات و الإستعدادات مع التطورات للحفاظ على مصالحها و موقعها الأولي في الشأن التونسي و تسييره وفق أهدافها و مصالحها ، و من المؤكد أن التدخل الأمريكي سيستمر و سيتدعم و قد يتخذ عدة أشكال أخرى متجاوزة الزيارات و اللقاءات مع التطورات السياسية المرتقبة و مساراتها و ذلك أساسا لن يكون إلا في هدف أن تكون أمريكا هي المهندس و المحدد لأي شاكلة لإدارة الحكم في تونس و شكل النظام السياسي و محتواه و الأحزاب العميلة التي ستسهر على تنفيذ السياسة الأمريكية فيما يتناسب مع مصالحها و أهدافها مثلما كان ذلك في 2011 في مسار إصعادها للإخوان عبر الإنتقال الديمقراطي الذي أعدت له ووظفته و ليس في تونس فقط ، و كمسألة عامة و قد عبرت مرحليا على محتوى التدخل و الزيارة الأمريكية هو عدم تجاوز سقف الإصلاحات السياسية لمنظومة 23 أوكتوبر أي العودة للمؤسسات و البرلمان في إشتغاله أي إصلاح سياسي للمنظومة المأزومة دون إنهاء الإخوان و إسقاطهم ففي ذلك دعم للإخوان و مسعى للحفاظ على موقعهم مهما كان ، فالإخوان أداة للإمبريالية الأمريكية في مخططاتها و أهدافها الإستعمارية وهي تسعى للحفاظ عليهم في تونس مهما كان الدور و الموقع ، و يضاف لذلك سعي الإمبريالية الأمريكية للحفاظ على مصالحها الإقتصادية في تونس في عدم المساس بالإتفاقيات المبرمة أو إجراء تحويرات أو تعديلات أو الحد من هيمنتها الإستعمارية الإقتصادية على تونس و ذلك أساسا في جانب مهم الإلتزام بإجراءات خدمة الدين العام و الشروط الجحاف المفروضة عن طريقها يرافقه الإلتزام بتنفيذ عموم الإتفاقيات الإستعمارية ، و من جانب أخر تسعى إلى حماية مصالحها الجيوسياسية في المنطقة و مخططاتها تجاه الملف الليبي و مساعيها للتدخل في الجزائر حيث تهدف في سياق ذلك عبر تونس لحماية مصالحها في المغرب العربي عبر نظام طيع عميل يلتزم بالتنفيذ الحرفي لأهدافها الإستعمارية لم يكن التدخل الأمريكي في تونس بين عموم المراحل و الفترات إلى ضد أهداف و طموحات الجماهير الشعبية التواقة للتحرر و الإنعتاق مؤبدا و مكرسا لواقع الإضطهاد الوطني و الطبقي و الخصاصة و البؤس و الخراب و الأزمات الإقتصادية و تدعياتها الإجتماعية و لم يكن إلا الصانع للعملاء أحزابا و شخصيات معبدا إليهم الطريق نحو الحكم و داعما إليهم في عموم المجالات و ساعيا للحفاظ عليهم زمن أزماتهم ، حيث في هذا الأمر و في ضل التدخل الأمريكي المتكاثف و الملموح اليوم و الذي من المؤكد أنه سوف يتصاعد عبر أشكال و أليات أخرى في ضل مخططات واضحة هادفة في أساسها و مضامينها للعودة إلى ما قبل 25 جويلية بأي شكل أو صورة كانت محتوياتها تكون ضد طموحات الجماهير الشعبية و أهدافها النضالية ، فالإمبريالية الأمريكية و الإتحاد الأوروبي أيضا و مهما كان حتى الموقف إزاء الإخوان و مستقبلهم السياسي في تونس فإن تدخلهم في المسار السياسي اليوم هو في هدف أن لا يأخذ "25 جويلية " الطريق نحو الإستنهاض الفعلي للمسار الثوري و الصحوة النضالية الشعبية الواعية في المسار نحو تحقيق أهداف المنجز النضالي الديسمبري و أن لا يتأجج ذلك نحو المس من المصالح الإقتصادية الأمريكية الأوروبية و خصوصا في ملف المديونية و الإتفاقيات و أن لا تكون تونس خادما طيعا لسياستها بالمنطقة مما يعرقل بشكل هام أهدافها و مشاريعها الإستعمارية رفقة عموم الأهداف النضالية المطروحة من منطلق الحدث النضالي ل 25 جويلية و مضامينه و المسار المطروح إتباعه نحو تحقيق المنشود نضاليا و في ذلك سياق تفاعلا مع عموم التطورات المرتقب وقوعها في هذا المسار و من أجل السير بخطى نضالية ثابتة من أجل عدم الرجوع لما قبل "25 جويلية " فإن الأمر يقتضي بكثافة النضال ضد التدخلات الخارجية و خصوصا الأمريكية منها التي مضامينها إستعمارية بالأساس و ضد الإرادة الشعبية في التصدي إليها بعموم الأساليب و الوسائل المتاحة و هذه المهمة و هذا الدور هو موكل إزاء القوى الوطنية الثورية أساسا أن تتحمل على كاهلها هذه المهمة النضالية الجادة ، فلا نجاح و تحقيق لأهداف مسار 25 جويلية دون التصدي الجاد للتدخل الإستعماري الأمريكي الأوروبي و منع تحقيق أهدافه في هذه المرحلة
#الشتيوي_جوهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الذاكرة الديسمبرية المواجهة الثورية
-
المعركة الوطنيّة الفلسطينيّة الكبرى
-
المقدّمات النظرية الماركسية اللينينية ودورها في الثورة البرو
...
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرارات الاضراب العام الوحد
...
-
ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين
...
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام
...
-
قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق
...
-
ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
-
الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع
...
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
-
استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|