أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آرام كربيت - هواجس ثقافية وفكرية ـ 186 ـ















المزيد.....

هواجس ثقافية وفكرية ـ 186 ـ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 7992 - 2024 / 5 / 29 - 18:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مفهوم الشعب مجرد خراء جاف.
في الواقع لا قيمة له، جاء للامتطاء على ظهره وتسييره إلى الجهة المطلوبة
قبل أن أنشر هذا النص ترددت كثيرًا، كتبت ومحيت وتراجعت ثم ألغيت الفكرة.
في البدء كتبت أن مفهوم الشعب ـ الأمة ـ الجماهير ـ الديمقراطية ـ القومية مفاهيم وظيفية، سلطوية، فوقية، ونتعامل مع كل مفهوم كأنه مسلمات ثابتة.
بصراحة رأيت نفسي داخلًا في صدام مع النص، ولم أكن مهيئًا نفسيًا للتعامل معه، فيما إذا علق الأصدقاء أو انتقدوا أو استفسروا.
محيت النص.
ثم جاءني صوت أخر يقول لي هناك من تظاهر، هناك من بصق على تاريخي، هناك من بعصني، بصق في وجهي، في بيروت والشمال السوري وطرابلس لبنان وغزة، عندما حمل البعض الأعلام التركية فوق السيارات فرحًا بانتصار أردوغان.
في الحقيقة حزنت جدًا، وجاء الحزن يكمل بقية الأحزان التي لا تكف تؤلمني منذ بداية الثورة السورية حول ولاء الناس، وولاء الكتاب، والمثقفين لهذه الدولة أو تلك.
أنا حزين جدًا لأن الأغلب الأعم من المسلمات كانت كذبة كبيرة.
نحن لسنا شعب واحد، ولا أمة واحدة، نحن قبائل وعشائر وديوك مخصية.
قرأت زوربا لكن هذا كان قبل عشرات السنين ولم أعد أذكر منه شيئًا سواء أنني كنت أضحك كثيرا واقرأ الرواية، وكنت أحسد كازنزاكي على هذه المقدرة العظيمة على الكتابة.
كتبت هذا النص، وأنا حزين مما أراه ورأيته خلال السنوات العشر الأخيرة، شعرت نفسي في العراء.
عندما انهيت هذا النص القصير لم أرض عنه، خاصة استخدامي لكلمة نابية، ولم أكن واثقًا من نفسي أن النص يلبي غايته، ولكني تمردت على نفسي ونشرته.

إن السبب الأول لفشل أعمالنا الأدبية والفكرية والفنية أننا مقيدون، غير أحرار.
إن العقل الباطن لأغلبنا مقموع، مقيد، مسكون بأفكار ورؤى مختلفة عما يدور حولنا.
إننا نتاج تربية تفرض علينا أو تدعونا أن نبقى مكبلين في كل شؤون الحياة ومناحيها، من الجنس إلى الطعام إلى المرحاض أو في طريقة إدارتنا لحياتنا أو في طريقة الكتابة والقراءة والتفكير أو الزواج والطلاق.
أغلبنا مكون من مواد ثقافية صلبة، بيتون مسلح، لا يمكن هدمه او تكسيره بسهولة، ولا يمكن الالتفاف عليه.
إن تكسير المنظومة الثقافية والفكرية السابقة على عصرنا، الذي جاء إلينا من التراث المتداخل:
ـ الإسلامي، العربي، الفارسي، العثماني، الكردي، الأفغاني، المسيحي، اليهودي الصابئة، الاسماعيلي، الأمازيغي، الصليبي، الآرامي والأشوري والأرمني وغيرهم كثر، تمنعنا من السير إلى الأمام وشق طريق المستقبل.
الرأسمالية بكل انتقالات القاسية وتحولاتها العميقة، لم تستطع أن تكسر هذا البيتون المسلح، فكيف سندخل العصر ونبني منظومة ثقافية فكرية حديثة تنسجم مع العصر وتحرر عقولنا من الجمود العقائدي والفكري والديني والقومي.
الشغل على الثقافة في كل المجالات هو الأهم، هو القادر على تكسير جميع الأصنام الماضوية بعد أن خذلتنا السياسة والعالم السياسي العام.


الأن بسطت روسيا سلطتها على أجزاء كبيرة من أراضي أوكرانيا، عدا عن دمار الحياة والبيوت والموت والخراب والهجرة واللجوء.
وما زالت روسيا تتمدد على جسد أوكرانيا، وربما تأخذها كلها.
ماذا سيفعل زيلنسكي بعد خراب البصرة.
وما يزال مصرًا على القتال.
روسيا مصنعة للسلاح، مصدرة له، بينما أوكرانيا ستشتري السلاح، ستنتظر التجار ليبيعوها السلاح بشروطهم.
يقول البعض أن روسيا دولة عدوانية ظالمة، وأنا أقول لهم أنها دولة عدوانية وظالمة، لكن الحاكم السياسي عليه أن يرى موازين القوة، أن يتعامل بحنكة وذكاء مع هذه الموازين، أن لا ينتظر رحمة الأخرين، أن يجنب وطنه وشعبه المآسي والدمار.
كان بالأمكان منذ الأيام الأولى للحرب أو قبلها أن يقرأ ساسة اوكرانيا بدقة موازين القوة ويتعاملوا معها من موقع المسؤولية السياسية والأمنية والوطنية، أن يلبوا مخاوف جارهم القوي، أن يعطوه الضمانات الأمنية، أن لا يرموا عنبهم بسلة الأخرين.
السياسة هي فن الموازنة بين الممكن والواقع، والواقع هو الاساس.
السياسة ليست ميدانًا للأخلاق والمبادئ والقناعات، أنها ميدان للصراع اللامتكافئ بين قوى لا متكافئ، صراع ينتظر الحسم.


كان ماركس وأنجلس يريان في الليبرالية والبرجوازية والرأسمالية دورًا ثوريًا في التاريخ، بالإضافة إلى شرح تناقضاتها وصيرورتها ومآلاتها وأزماتها.
جاء في البيان الشيوعي في العام 1848:
"إن البرجوازية المعاصرة نفسها، كما نرى، هي نتيجة تطور طويل وسلسلة من الثورات في أساليب الانتاج والتبادل.
وكانت كل مرحلة من مراحل التطور التي مرت بها البرجوازية يقابلها رقي سياسي مناسب تحرزه هذه الطبقة.
لقد لعبت البرجوازية في التاريخ دوراً ثورياً للغاية، فحيثما استولت البرجوازية على السلطة سحقت تحت أقدامها جميع العلاقات الإقطاعية والبطريركية والعائلية العاطفية.
وهي التي خلقت الصناعة الكبرى، والسوق العالمية، وتوسع التجارة والملاحة وتقدم المواصلات البرية بصورة هائلة.
والبرجوازية هي أول من أظهر ما يستطيع إبداعه النشاط الإنساني.
والبرجوازية لا تعيش إلا إذا أدخلت تغييرات ثورية مستمرة على أدوات الإنتاج والعلاقات الاجتماعية باسرها.
وستجر البرجوازية إلى تيار المدنية كل الأمم حتى أشدها همجية."
هذه المقدمة الذي طرحها البيان الشيوعي قبل مئتي عام تقريبًا، هل ما زال صالحًا لتقييم الواقع الموضوعي للرأسمالية اليوم؟ بمعنى، هل ما زالت الرأسمالية ثورية؟
هذا السؤال مهم جدًا.
أنا أرى أن الرأسمالية فقدت ثوريتها بعد الحرب الباردة، وتعمل على إعادة إنتاج نفسها بكل السبل، وبمحاولات حثيثية لأن السوق العالمية متخمة بالإنتاج، بله أضحى ضيقًا أمامها، وأنها تسير في طريق مسدود، باتجاه أزمة بنيوية.
وإذا استمرت في طريق مسدود ستأكل نفسها، والأخضر واليابس، وستدمر نفسه ومن معها.
لقد توحد الإنتاج والتبادل، وخلال العقد القادم، بتقديري سيتوقف التبادل، وستدخل الرأسمالية في عنق الزجاجة، وبدلا من ان تكون ثورية ستتحول إلى عائق لنفسها، وستصبح رجعية بامتياز.

يتعمد البعض إهمال الحبيب أو الصديق أو الشريك عبر اللعب على مشاعره وعواطفه وأحاسيسه.
إن الإهمال اسوأ أنواع العلاقات الإنسانية، وأكثرها دونية وقذارة وجريمة.
يظن من يقدم على هذا الامر، السلوك القذر، أنه يستطيع بفعلته هذه أن يسيطر على الحبيب، ووضعه تحت سيطرته عبر اللعب بعواطفه، بيد أن هذا المريض ينسى أو يتناسى أنه يدق مسمارًا في نعش العلاقة، ويمزقها من الداخل، ويفتح جرحًا عميقًا فيه لا يمكن للأيام أن ترممه.
المرضى يتفننون في تمزيق ذواتهم، وذوات أحبتهم، دون إدراك لمخاطر فعلتهم وآثارها عليهم في المستقبل.
ستدفعك الأيام ثمن فعلتك هذه، وسترى نفسك في الزمن القادم أنك وحيد، كئيب، تحتاج إلى يد حنونه تقدم لك البسمة العابرة أو الضحكة أو فنجان قهوة بارد من يد كائن بارد.
الإهمال ظاهرة اجتماعية مرضية موجودة في البلدان والمجتمعات الاستبدادية، في بلاد تكون فيها التراتبية الاجتماعية عمودية وشديدة القسوة ولا رحمة فيها بين الناس، الغاية منها هو تأكيد الذات والسيطرة على الآخر.
أغلب الشرائح الاجتماعية في هذه البلدان لديهم هوس، وقلق ورغبة أن يصبحوا أوصياء على بعضهم، ووضع أحدهم الآخر تحت عباءته أو عبه
إنها ظاهرة مرضية، أغلب الناس فيها يعانون من الخواء النفسي والعقلي والروحي، وعدم الثقة بالنفس، لهذا يلجأون إلى الحيل والأساليب الملتوية للتمكن من الآخر والسيطرة عليه.
إن الذي يريد أن يسيطر على غيره كائن ضعيف مهزوز جبان، خائف على نفسه من الحرمان، وخائف من الوحدة والفراغ، وليس لديه إحساس بالأمان، لديه رعب من فقدان الحبيب أو الصديق أو الشريك أو جوانب أخرى من جوانب الحياة.
لديه وسواس قهري عميق، يأرقه يدفعه إلى ابتكار الكثير من الأساليب الملتوية للبقاء في القمة، أو يعتقد أنه سيبقى في القمة، ووضع الآخر تحت ظله أو جناحه.
جميع رؤوس الدول العربية والإسلامية ليسوا أقل قذارة، أنهم الأكثر دونية وخضوع وابتذال.

أقسى شيء تتعرض له الأسرة الشرقية في السويد خاصة، والغرب عامة، أنها تفقد الرمز، الأب.
تم قتل الأب، الرمز منذ زمن طويل.
فمنذ أن قطعت أوروبا رأس الملك لويس السادس عشر أصبحت بلا رأس، واستعانوا عن ذلك بالمؤسسة.
المؤسسة هي أب برأس مقطوع.
الغرب المقطوع الرأس، يرى ويسمع الرأس المدلى للأب المقتول يمشي في جنازة نفسه، وتسير خلفه بقية الرؤوس المقطوعة.
يتحول الرجل الشرقي المتعالي، من رجل مسيطر، الكلمة كلمته، والرأي رأيه، رمز القوة والسطوة إلى شخص عادي جدًا، ضعيف لا حول له ولا قوة، بل أن ابنه الصغير ابن العامين يستطيع أن يتحكم به ويخضعه لرغباته وقرارته.
ويستطيع أن يركعه إذا اقتضى الأمر.
الدولة أو المؤسسة هي السيد، هي التي تحمي المواطن، تصرف على الأطفال، تحميهم، تدعمهم تشجعهم على الاستقلال الذاتي والعام فيما إذا تعرضوا للأذى من الأبوين، وما على الأطفال إلا أن يبلغوا عن ذلك مع وعد أن تأخذهم إلى مكان آخر أكثر أمانًا.
لا كبير في الحياة، جنون العظمة الذي كنت عليها في وطن الاستبداد، كانت كذبة كبيرة. وشخصك المضخم لم يكن إلا بالون فارغ عززته الحضارة الأبوية لك ورفعت من مكانتك.
في الغرب، نحن لا رجال ولا نساء، مجرد كائنات متحركة على فراغ الذات.
حضارة ضخمة، عريضة طويلة تسير فوق رأسها، رأسها المقطوع، والخير لقدام.
صورة الأب انزاحت لتحل محلها صورة الدولة، رضي المجتمع المتقدم بالواقع الجديد، طالما هناك قوانين ترسم الحدود وحرية الفرد ومسؤولة ومساواته الحقيقية.
وهذا له تأثير سلبي على المغتربين لأنها تخلخل العائلات الشرقية بل خلخلتها، إلى حين يستقر التوازن من جديد

هؤلاء الذين لديهم عقدة الاضطهاد، لديهم شبق السيطرة على كل شيء، وفي أعلى درجاته، إن يحوزوا على كل شيء.
جنونهم المرضي يدفعهم على تكسيرك، عزلك، إبعادك عن طريق مكاسبهم، مصالحهم بكل الوسائل.
فهذا المجنون، لو ملك العالم كله، بثرواته وأمواله وحدوده الأرضية والسماوية، بالنجوم والكواكب كلها لن يتوقف هنا، سيطلب المزيد والمزيد.
ربما تظن أن ما بحوزته سيكتفي به، هذا ظنك الخاطئ، لأن هذا المتعطش للملكية لا يرتوي ابدًا. سيعمل على أخذك من نفسك، على تحطيمك بعد عزلك عن ناسك وأهلك وأقرباءك وأصدقاءك، ولن يهنأ له بال مهما فعلت له، حتى لو أخذ الطريق الذي تسلكه أو الجلوس عليه، وسيرميك كما ترمى العظام للكلاب الشاردة.
ابتعد عن هؤلاء الذين معهم جنون الارتياب، لن يتركوا الدم يجري في عروقك فيما إذا تنازلت له عن نفسك، أو قدمت له شيئًا من لدنك.
اعتقاده المرضي يوجهه، يدفعه أن يرى الحياة له وحده، ولدت له، لخدمته، وأن الناس كلها مجرد عبيد ولدوا ليخدموه.
ليس مهمًا إن كان هذا الشبقي بحب ذاته جاهلًا أو أديبًا أو مفكرًا، هذا الأسر يأسر من يعيش بالقرب منه
إذا صادفت أحدهم يريد أن يأكلك لا تستغرب ابدًا، حاول الهرب منه بسرعة البرق. إن بقاءك معه أو بالقرب منه سيدمرك، سيحولك إلى مجرد شبح تدور في فلكه، ولن تخرج من تجربتك معه سوى حطام أو أقل.
لا يمكن تحجيم هذا المريض المتطلب، هوسه الداخلي يدفعه دفعًا على تدميرك من الداخل، داخلك.

ولإن الأيام تتلو الأيام، رقيقة مرنة، ناعمة، فرجة مجانية، تمنحك ذاتها دون توقف ودون منّة.
وتتوسل رضاك وتعبد الطريق لخطاك.
وترفع نخبك، تضع وردة فواحة في طريقك أنّ ذهبت، كأم ترعى طفلها في المهد.
وأنت يا ناكر الجميل لا تألُ جهدا في احتقارها، وتتعالى عليها. تحتقرها وتنسى نكران ذاتها لتكون أنت أنت.
وفي النهاية، تصل إلى النهاية دون ذاكرة، ترمى بعيدًا في الزمن كزمن زائد.

في زمن الفرجة والجمال والانفتاح، أي قبل ولادة الله وأديانه الثلاثة، كان في سوريا العديد من الآلهة لهم وظائف متعددة.
هذا التعدد كان متناغمًا منسجمًا مع تفكير الإنسان السوري الحر الغير مقيد بقيود الايديولوجية العفنة والفكر الشمولي.
وكان لكل إله اختصاص.
لهذا نقول أن تعدد الآلهة هو إفراز لواقع موضوعي للإنسان السوري، ينسجم مع قلقه وتوتره وتمرده واغترابه وخيباته وأمله ونجاحه.
ربما الإنسان السوري من أكثر الناس على الأرض رفضًا لما هو قائم. ولا يتناسب معه إلا مجتمعًا منفتحًا وعلاقات منفتحة.
هل استطاع الإله الواحد أن يروضه؟ هل تروض الإنسان السوري؟
في الشكل أو الظاهر يقول الواقع نعم، بيد أن المضمون يقول لا.
المضمون يقول أن الإله الواحد لم يغيره. لم يغير ما هو كامن في داخله، في سيكولوجيته العميقة.
الحرية والله متناقضان، ولا يلتقيان لا في الجنة ولا في جهنم.

في الثمانينات كان يوجد عريف اسمه ابو صلاح في مدينة الحسكة.
هذا العريف كان جلفًا، أي غليط الطبع وأحمقًا.
هذا العريف التافه كان باستطاعته تعرية المدينة كلها وسوقها إلى الموت دون اعتراض من أي إنسان.
ودون قدرة على قرع الأرض أو الجدران أو الخزان كما جاء في رواية رجال تحت الشمس.
هذا هو حال المدينة العربية.
بعد الخروج من الخزان ميتًا لا فائدة من كلام الجثث المتفسخة.

إن الساسة الذين يخططون سياسة الولايات الاستراتيجية، يظنون أن آسيا وأفريقيا وأوروبا هي منطقة عملياتهم السياسية، لهذا يحفرون الأرض السياسية فيها وعليها سياساتهم، معتقدين أن الضرر السياسي، والتشوه الاجتماعي سيقع على العالم القديم تحديدًا، وسيكونون بمنآى عن الضرر، ناسين هؤلاء الأغبياء أو متناسين أن جميع البشر يعيشون على مركب واحد اسمه الكرة الأرضية، وأي خطر على منطقة من العالم هو خطر على الجميع.

في الأرض المسرة, روايتي الجديدة
ـ سأغني لك, بالأرمنية, الأغنية التي تحبها, وتصبح دليلك للوصول إلي.
كنت ألبط خصر الحمار, وأتمايل معه. أرقص على إيقاع الأغاني والموسيقا التي تبثها سيلفا وزوجها. رأسي يترنح على الميلين طربًا, وفرحًا. وحماري يتجاوب معي. شعرت أنه مرح, سعيد. مضى ينقل حوافره باسترخاء كأنه في حفلة موسيقية هادئة تستدعي الرقص على أنغام حركته. بدت لي الحياة لعبة غير متقنة. طوفانًا دائم. تذكرت نوحًا, الحكاية الغريبة. قلت محدثًا نفسي:
ـ هل بدأت الحياة من الطوفان؟
انحنيت تحت ثقل انحناء الحمار عندما أراد ان يتناول الحشيش. أردت أن أتوازن بالرغم عني. كانت الرؤية معدومة. حاولت ثانية. فجأة, كان القلق قد أخذ حيزًا واسعًا مني. واستولى علي تماماً. مر في خاطري شريط طويل من الأفكار الغريبة كأنني على جبل عال أتنهد في حضرة الآلهة. رأيت ذلك القارب المصنوع من القير. بقيت أسير على الطريق متجهًا نحو الشدادة. تتراقص أمامي انعكاسات الضوء على الضوء فوق مياه الخابور. فتأتي الصور ممزوجة باللون الأحمر القاني, لترتد وتقع على عيني كشفق موجوع. مشدودًا إلى الصوت العذب لهذا الدودوك المخملي, وصوت سيلفا الرخيم. أميل بأذني لأوجهها نحو مصدر الصوت.
غمرني الطرب, جسدي كله ينتفض. رفعت رأسي وحدقت في المدى الواسع, رأيت الأعشاب البرية منتعشة, الزهور والصفصاف ونهر الخابور. زينة الحياة الدنيا, يغمرها الفرح بهذا الطرب الجميل. قلت محدثًا نفسي:
ـ صوت الدودوك عذب يا سيلفا, وعزفكم أيضًا. الفن, الموسيقا, كائن خالد, انتصار الحياة على الموت. دعيه يخلق السماء والماء والنجوم, والفضاء الرحب, يحلق ويعطي, بيد أن السؤال الذي يساورني ويقطع نياط قلبي, ويدفعني للاستفسار:
ـ من قطع رأسك؟ كيف, ومتى؟

من يملك القوة, يملك الحق. هذا هو التاريخ, ولا شيء يعلو على القوة. جميع السلط, عملوا على امتلاكه لفرض إراداتهم على الأضعف منهم.
في هذا العصر, اعطوا, السلط الكبيرة والصغيرة, لأنفسهم في خطوة استباقية, معيار جديد, هو, أنا الحق والمرجع, وقبل أن يقع, ومن ليس معي فهو ضدي, ووضعوا ميزانًا لذلك. الارهاب. كل من يختلف معهم أو يقف في وجههم, إما ارهابي أو مجرم أو قاتل.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية وفكرية 185
- هواجس ثقافية ـ 184 ـ
- هواجس سياسية وثقافية 183
- هواجس ثقافية وفكرية 182
- هواجس ثقافية ـ 181 ـ
- هواجس ثقافية 180
- هواجس سياسية ـ 179 ـ
- هواجس متنوعة ـ 178 ـ
- هواجس الثقافة ــ 177 ــ
- هواجس ثقافية ـ 176 ـ
- هواجس ثقافية وأدبية 175
- هواجس ثقافية ـ 174 ـ
- هواجس ثقافية ـ 163 ـ
- هواجس فكرية وثقافية وسياسية 162
- هواجس ثقافية 161
- هواجس ثقافية وأدبية ـ 160 ـ
- هواجس أدبية ودينية 159
- هواجس سياسية 158
- هواجس ثقافية وسياسية 167
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية وأدبية ـ 166 ـ


المزيد.....




- بادعاء التحريض: لائحة اتهام ضدّ خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكر ...
- انقطاع الكهرباء في مصر: -الكنائس والمساجد والمقاهي- ملاذ لطل ...
- الرجل الأسطورة متحدثا عن أغلى أمنياته: -لو عشت مرة أخرى لكنت ...
- الرجل الأسطورة متحدثا عن أغلى أمنياته: -لو عشت مرة أخرى لكنت ...
- جيش الاحتلال يجند 3 آلاف شخص من يهود الحريديم
- تأثر مارتن لوثر بالإسلام.. تمرد على الكنيسة والثالوث ورفض ال ...
- إسرائيل.. أوامر فورية للجيش بتجنيد 3 آلاف شخص من يهود -الحري ...
- كيف ترى الصهيونية الدينية الضفة الغربية والقدس؟
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع حيوي في إيلات ...
- حرب غزة: قرار إلزام اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية ي ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آرام كربيت - هواجس ثقافية وفكرية ـ 186 ـ