|
الشاعر الإنسان عايد سراج غيفارا يبحث عن صديق ...؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1761 - 2006 / 12 / 11 - 09:31
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
عايد سعيد السراج شاعر رقي برقّة الفرات ومسالم في سريانه وشديد البأس في فيضانه يتعرض لقيود الحرية فينتابه اليأس أحيانا والغضب حيناً آخر ولكنه بالنتيجة ينفجر حباً ووداً وقلباً أبيضاً ناصعاً يكاد يستوعب حتى الأعداء .. الشاعر الثائر رأى ولمس ما قبل عبودية الفرات عندما كان حراً متمرداً ثائراً ينضح شباباً وفتوة في تدفق مياهه الهاديء منها والصاخب ولكن لنيسان عند الفرات مراسيم الشبق والفحولة يعطي الأنثى لذة وطفلاً وحباً وسعادة ويمنح الناس موسماً أبيض ويوزع بسمات الأمل على الفلاحين والمالكين سواء ، ثم يستكين في بقية المواسم وديعاً أليفاً عذباً يُغـْني أخيلة الشعراء بتدفق معطاء فيزدهر سوق عكاظ وتسود الإنسانية ، وعندما وقف الإنسان بوجه هذا الثائر وشل حركته بالسدود الجبارة ، صار العملاق ذليلاً هادئاً يبكي بكاءً صامتاً يبحث عن صديق شاعر يبثه لوعة الظلم وذل الاستكانة والخضوع ، ويعيش الشاعر ملحمة الفرات وهمه في الحياة العطاء الإنساني عبر القيود والسدود سلطوياً واجتماعياً ، مادي التفكير روحاني الأمل والحب يزرعهما وفي كل الفصول في كل مكان لتعود عليه بالشوك والمحل واليباب ، يبحث عن الصديق منذ وعيه بين أبناء جلدته صديق أو صديقة سدود الجهل والأنانية تقف أمام مطلبه الإنساني ولا يوفق ، والنبي لايكرمّ في وطنه ، أصدقاؤه ينتشرون في أصقاع البسيطة إلاّ في مدينته ، بلد المخبرين والحسد والنميمة .. غيفارا ينثر عطور الحب والوفاء ليقابل بنتانة الحصاد المر ومع ذلك غيفارا الشاعر يتحدى بالشعر والقصيدة وكأنه يرتل مع نشيد الإنشاد ... ( وكالعبث مع أبكار اورشليم ذوات النهود البيضاء مثل قطيع من الماعز على جبل جلعاد )... وقبل الدخول في رحبة ديوان الشاعر نمر سريعاً على إهداءت لأصدقاء منهم لم يبقى منه سوى الذكرى وماخطه من إبداع فيهدي ( غربان تيرير إلى صديقه رياض عبيد .. أنت هناك في تيرير ..( مدينة في ألمانيا) تسفح عطر روحك المر .. تتحلل بعبق " كانت " .. وأنا أتسربل بالنسيان .. مابين دموع " النيل الرقي" وغربان تيرير ... كما يهدي قصيدته ( الصديق ) إلى خليل هلال ... غربتي غربتان .. غربة روحي والزمان .. كيف تفرّ من شباك قلبي .. ألم نكن صديقان ... وإلى ابراهيم الجرادي ( لست وحيداً ومامن أحد معي ).. دمعي الذي يضج باللهاث.... أفاع من الأوردة .. دروب تضيق حد البكاء .. ورأسي يطاردني بالأسئلة ويعزي في قصيدته ( الحسون ) الراحل مصطفى الحسون ... وذهبت أبعد من ذهول الموت .. هجرت النهر والأبراج والسور القديم .. قصر البنات ضج بالعويل .. أين الرحيل ..؟ ماذا أقول لمعبد .. والقوافي نكست أعلامها وجف الحبر ... وأنا الذي أبكيك .. أم أبكيني فيك ... ودمعة وداع إلى محمد عمران الشاعر ( نياشين الماء )... وأنا مدعوك بالصمت.... ونياشين الماء ... مَلجَت دمائي روحك .. وخرّ دمعها السماء.... وإلى صديقه محمد خالد رمضان يهدي ( ولا يزال يخور عجل الجريمة )... يذبح الشفق على الشفتين .. ويخور عجل الجريمة .. عيناها لحظة ذبح .. يشمخ ذل الموج فيهما ... ينوس الدرّاج على الهدبين .. وأويس القرني وطاسته البيضاء... يشمر عن ألق الصبوة ... والودع حريف بالبُهاج... ولنمخر مع شاعرنا غيفارا الباحث عن صديق ،عبر (قدمان مائيتان) عنوان حديقته الشعرية وبإهداء لي مذّهب .. لك الحب من أجل أدب حرّ وإنساني يقدح فيه الحرف كل صنوف المعرفة ... عايد سعيد سراج... توقيع... ويقدم له أحمد جان عثمان أديب ومفكر صيني..؟ .. أحياناً كم تمنيت ألاّ أرى بعض أصدقائي يزاولون كتابة الشعر من حيث انه حياة في حين أنهم أحياء في الشعر دون أن يكتبوا أية قصيدة وكان صديقي عايد سراج منهم دون شك هكذا لماذا نتورط في الكلام يا صديقي فيما الهاوية التي نحن جالسون على حافتها وارجلنا تتدلى في الظلام لطالما أوحت إلينا أننا نبدد شاعريتنا حالما ننطق بأسمائنا الصامتة أبداً إخلاصاً لنا؟ كنت شاعراً فذاً وأنت تحيا إباحتك في الصمت ، فكيف تغدو مباحاً بعد ذلك إذ تنهشك ضواري اللغة في وضح الضوضاء؟ كن إذا شاعراً يستهلك الحياة خائناً ميثاقنا أن نـُكَوّن حياتنا حيث نستهلك الشعر . وحكمة البداية . إذا اردت أن تعرف صداقتك مع رجل شرقي ، فاجعل بينكما امرأة ... أو مال ... – ع.س_ ( فليعش المحب فليمحق كل من لا يدرك كيف يحب وملعون من يمنعنا من الحب ) اوفيد وندخل حديقة الشاعر لنمتع عيوننا بأشجار باكية والفستق البري ولنتذوق طيب ثمر العنب والبرتقال ولنستنشق عبير زهرة اللوتس والنرجس والقرنفل والحبق وننزح مع الشاعر ونشرد كالغزال ونغرق في السوأل والهموم ونتحدى غربان تيريرفي عالم الليل نرقب الجوزاء وقناديل الروح ونأرق في بياض امرأة لدنة كالبرتقالة ونرحل في هجرة مع ظبية وحيدة وأمام الحرف نخاطب أنديرا غاندي ، لمن الحنين إذاً....وثمة سؤال ...وسؤال ....وسؤال .. وتستقبلنا القصيدة الأولى ( لك طعم سلال العنب )... يامن لك مذاق النبيذ.. وخفة الفراشات ..... فتعالي إذن ... لنرسم خارطة الفرح قصيدة ( لجبينك مساحة العالم ) .. لعينيك لغة السماء .. ولقلبي ملوحة البحر ... لنهدك إثارة الممنوعات ... ولجسدي صهيل الخيول .. تعالي إذن .. نتقاسم العالم .. وفي ( كما الغيوم تحبلين بالمطر) .. أنت لعنة على البلد ...غضبة الجسد ... واحة الروح ... فرحة تدوم ... حينما تدوم .. طفلة رائعة ...؟ وفي ( الولوج في أعماق الذات ) .. ألج أعماق ذاتي .. بحثاً عن أعماق الناس .. أصطاد أجمل الأزهار .. ولا أزال أشد راحلتي باحثاً ... عن زهرة اللوتس ... أبحث عن مدن يعشقها الفرح .. ونساء أطرى من الحليب ... سأقطف قمراً صغيراً ... أقدمه قربان ود وكراهية .. أقطع ذاتي .. وأعصر ما تبقى من سنين .. أقدمه لك أيها العالم .. أيها الإنسان العصري .. يامن صاهر النجوم والكواكب .. وبالمسافة نفسها .. ابتعد عن الإنسان ... أما في ( مخبر ) ينثر : استصغروك ... فاستعملوك .. فمجّوك .. فأردوك ... الذبالة .. وفي (بلد أنت) المدائن تعيش فيك والبشر المعدمون .. وأنت نسيج شرك عضّه الإفلاس .. جذع الناس من قصيل .. أنت .. ماسميتني هديا .. ولكني اهتديتك .. ربة الكون .. فاجعليني عابداً .. أكن لك مصلى .. أتوضأ بالعيون الشهل .. أغتسل بالحلمتين .... وفي قصيدته ( لاأملك شيئاً) ..ليس لي أصدقاء ... الهواء ليس لي ... كل الذي أريده ..حفرة صغيرة .. ووطناً من النوم ...(كم أنت مفجوع من الأصدقاء أيها الشاعر ..؟ ) وفي قصيدته (بحث ) فيه تتمة (لاأملك شيئاً –عقدة الشاعر المزمنة – أين الأصدقاء) ..في وطني ...أبحث عن بيت واحد ... عن صديق واحد ...عن حبيبة واحدة .. أمافي قصيدته (فرات) ...تتراعش أغصان الهم ...ينتحب الشاعر ... تضج الأنوثة بشهوات الليل ... فراتاً تتلذذ بتعرية أفخاذ الموجات ... يشبق مع موج البحر .. والبحر يزوم ... وهو يعري صرة فرس النهر .... ولكن روح غيفارا تضج مع الشاعر في قصيدته ( قدمان مائيتان ) ونقتطف منها :... تدفأت المرأة بي .... فاقشعرّ جسد الفكرة .... صديقتي أحبّت أفكاري ... فخبّأتها بين نهديها ... جسد صديقتي سفرجلة قضمتها ..... فعضضت لساني ... مصمصت شبقها الأنثوي .... فارتجف الحائط ... وضجّت الغرفة بالفحيح .... كم أربتُ على نهدك ...؟ فتهتز نجمة الصبح .... شممت عطرك الأنثوي .. فوقف الفرات على ساق واحدة ... حرنت أفكاري ... تتمرى بفكرتها ... أيتها الأنثى ... اعصري جسد الماء ... فأنا جنون النار ... وفي (الدائرة الصغيرة ) يدور الشاعر يبحث عن هدف مع غيفارا في كل الاتجاهات. لينشد :... آه يا محابر القلق... يا روافد المطرالمندث ...... بين عرار ووادي البليخ ...إنها عرّابة الغربة ... ليس للصفح شجا ... ولا لضفائر النسيم حبائل .. الأصدقاء حجر ...؟ فالرقيّون.. ينوحون على عجلٍ... أفرغوا أكله ...وراحوا يلطمون الخد على مناقبه ....إذن نُـح على ربابة الأضلع .... فالجُزُرُ أكلت أحشاءها ... فـُرادات الخيل .. لا الأهلون حموا غربة الذات.. ولا ضواري الفلاة .... أيها الشاعر المسكون بمشاعر العظماء بأمنيات غيفارا الباحث عن صديق تشدوا في ( أنديرا غاندي ) :... ياوجهاً يتدلى فوق العالم .. حلماًً .. يا شعرا كقلوب الأطفال ... رائعة كنهر الغانج ... يهدهد كل الأطفال ... كل حفاة الهند اجتمعوا ... أي أنديرا ... أين نصبُّ القمح بيادر ....؟ و(الظبية الوحيدة ) ترنيمة نرجسية مضمخة بصلاة الغسق ؟ ويترنم الشاعر بابتهال: من يفوز بقلبك ... يفوز بالنرجس البري ....آلاف المعابد تعلن الصلاة ... لقدميك طهر الغابات ... ولنهديك صفاء ألف غيمة جديدة ... عندما أردد اسمك ... تضج شراييني بالصلوات ... ولحظة تـُصّلين ...تلمين مساجد وكنائس ... وفي ( امرأة في أنام ) تزهر أحلام الشاعر وهو ينشد : العيد اشتهاء .. وأنت مزامير الجسد ... ولن يكون مثل حبنا ... كفواً أحد .... العيد سلام ... وأنت امرأة في أنام ... وحبي إليك ... رؤوماً .. وله صلاة الختام ... العيد حنين ... وإليك روحي ... وماتبقى من سنين .. وعلى باب الحديقة يودعنا الشاعر بهمه الأبدي ( صداقات) يوأزره غيفارا في البحث عن صديق : أنا حزين ومتعب جداً .... والذي يحزنني ... ويتعبني أكثر .. هو ... هل أنت صديقي حقاً ...؟؟ ولكن على الغلاف الأخير يهدينا الشاعر الخاتمة · صارَ الجوريُ بقدمك لهبْ كنتِ وصرتِ حورية من ذهبْ أنتِ كونٌ من خمائل ..... وفراتٌ من عنبْ * كم راعني الصمتُ وأنابني وجعُ الليالي الحالمات كم شدني القيظ............ إلى حنين القطا ومهرجان الفرات .
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معجزة القرآن .. ومواهب الرسول الفكرية واللغوية وقوته على الإ
...
-
نصف عقد في حوار حضاري متمدن ...
-
مهرجان الرقة المسرحي الثاني وانحسار النص المحلي..؟
-
حتمية انتصار الثقافة مطلب حضاري ..سيادة الوزير
-
.. الضحايا يغتصبون الضحايا..؟
-
حدث غير واقعي ، ومع ذلك تعاملت معه المدينة بمنتهى الواقعية .
...
-
رسالة إلى نبيل عبدالكريم ...؟
-
..العلمانية مابين الأممية والقومية ...؟
-
لو كان الحجاب رجلاً لحجّبته ...؟
-
صفعة المرأة في اسياد المال حطّمت باب الحارة ...؟
-
لقد أخرسنا الغرب فعلاً....؟
-
..لما كان القضاء بخير سننتصر حتماً.... ودقي يامزيكا ...؟
-
وأخيراً .. هل تساؤلات خوسيه أثنار تزيد الطين بلّه...؟
-
العلمانية .... والمرأة ...؟
-
ثلاثة نساء متميزات هذا الأسبوع
-
مفهوم المقاومة مابين الحداثة ومابعد الحداثة ...؟
-
مفهوم المقاومة مابين الحداثة ومابعد الحداثة ..؟
-
.. الإسلام السياسي .. والشارع العربي الثائر .. والبابا ..؟
-
هل الديكتاتورية وسيلة لتطبيق الديمقراطية ....!
-
.. المرأة وسلامة بنية المجتمع ؟
المزيد.....
-
قد لا تصدق.. فيديو يوثق طفل بعمر 3 سنوات ينقذ جدته المصابة
-
مستشار ألمانيا المقبل يواجه طريقًا وعرًا لتعديل سياسة -كبح ا
...
-
اندلاع النيران في محرك طائرة تابعة للخطوط الجوية الأمريكية ع
...
-
الموحدون الدروز في سوريا وتحديات العلاقة مع السلطة الجديدة
-
أمريكا وإسرائيل تتطلعان إلى أفريقيا لإعادة توطين غزاويين
-
موريتانيا.. حبس ناشط سياسي بتهمة -إهانة- رئيس الجمهورية
-
مترو موسكو يحدّث أسطول قطاراته (فيديو)
-
تايلاند تحتفل باليوم الوطني للفيل (فيديو)
-
اختتام مناورات -الحزام الأمني البحري 2025- بين روسيا والصين
...
-
القارة القطبية الجنوبية تفقد 16 مليون كيلومتر مربع من الجليد
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|