سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7986 - 2024 / 5 / 23 - 16:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ سنوات وقانون المحكمة الاتحادية الذي نص الدستور على وجوب تشريعه يراوح مكانه دون ظهور بوادر تشريعه. ويتظاهر السياسيون وما زالوا بالاختلاف في ما بينهم بشأن من يتوجب ان يجلس في المحكمة متسببين بعرقلة تشريع القانون. والغرض المُدعى من هذه العرقلة هو الخشية من عمل المحكمة من دون خبراء الفقه الإسلامي كما يفرضه قانونها. بينما الغرض الحقيقي هو للابقاء على وضعها الحالي من دون اي تحديد كي تقوم وبكل حرية باصدار القرارات السياسية المنقذة للنظام العراقي.
مادة المحكمة الاتحادية في الدستور هي المادة (92). وهي تحدد بان المحكمة الاتحادية العليا، تتكون من عدد من القضاة، وخبراء في الفقه الإسلامي، وفقهاء القانون، يحدد عددهم، وتنظم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانون يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.
تبدو هذه المادة وكأنها مقتضبة وغير واضحة وتضمر المؤامرة. إلا ان الامر ليس هكذا مما سنوضحه ادناه.
هناك نقطة يستند عليها في كتابة الدساتير تسمى بالعرف. وهو ما يعرّف بكونه عادة يشعر الناس بانها ملزمة لهم من الناحية القانونية. وهو يعني بان ما يسن كدستور يتبع ما تعارف عليه الناس في عاداتهم. وفي حالة المادة اعلاه فالعادة العامة تقول بان من يجلس في المحكمة هم القضاة، يعينهم في عملهم الباقين المذكورين لكن كمستشارين. بذلك سيقوم بعمله في المحكمة كل من ذكر في المادة لكن حسب المنطق او العرف. إنه من المستحيل عدم معرفة سياسيي العراق بهذه النقطة. ويكون هؤلاء السياسيون هم ممن تلاعبوا بهذا الامر وضللوا الناس بحيث جعلوها تتصور امورا اخرى مغايرة. وامر هذه النقطة معروف لدى القانونيين وتملأ شبكة الانترنت لدى البحث فيها عنها. وإننا لم نعلم بالامر من خلال مصدر خارج عن العادة كما ربما سيجري الظن، وإنما من خلال البحث في نفس الشبكة.
هكذا نرى بان السياسيين هم من تعمد افساد امر قانون المحكمة في نظر الناس والكذب حوله لدى اصرارهم على عكس المنطق والعرف، على فرض فقهاء الاسلام كقضاة في قانون الاتحادية المراد تشريعه. وهو لا يكون إلا محاولة التفاف على المادة الدستورية اياها يساعدهم في ذلك تقاعس العالمين بالامر من السياسيين وغيرهم من رجال القانون عن توضيحه وكأن الامر لا يتعلق بحقوق الناس ومصير البلد. إن ما يحصل مع القرارات السياسية للمحكمة الاتحادية يؤكد ما نذهب اليه هنا في توضيحنا لامر هذه المادة.
إن التضليل والكذب حول قانون الاتحادية ثم التظاهر بالخلاف حوله يشير الى ان اكثر ما يكرهه سياسيو العراق على أشكالهم هو وعي العراقيين بقوانين بلدهم. لهذا السبب فانهم يقومون بتضليلهم وتجهيلهم. بهذا فإن من يتوجب محاسبته على هذا هو ليس هؤلاء السياسيين فقط، وإنما ايضا الناشطين والعاملين في مجال القضاء ممن تواطأوا وساهموا في هذا التلاعب والتجهيل والتضليل.
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟