زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 7985 - 2024 / 5 / 22 - 22:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
-------------------
إن حال أنْ تكونَ أباً ، أو أماً في هذا العالم ،
يشبه - في تقديري - تماماً ، حال وضع قلبك خارج جسدك لمدةٍ غير معلومة .
هو جزءٌ ممتدٌ، متصلٌ بك ، ومنفصلٌ عنك في ذاتِ اللحظة .
الأن ،
تنظر إليه ، و أنت تعلم أن هذا الجزء - لا محالة - سيمضي نحو مجاهل العالم .. الآن ، أو غداً ،
بعد سنوات قضاها هذا القلب المُنفصل عنك ، في الرعاية والنمو والحماية، والتعلّم - رويدا رويداً - كيفية البقاء على قيد الحياة ..
الأن ، أنت تحاول ، أنْ تتأقلم مع فكرة تبدو بسيطة ، لكنها موحشة للغاية ..
ألا وهي ، أنّ هذا القلب يتجوّل بمفردهِ ، في عالم مخيف جدا ،
و تُدرك بوضوح تامٍ ، فكرة كيف يمكن أنْ يلحق به ضررًا كبيرًا.
ولهذا أنت تأمل دائماً ،
أن يتصل قلبك بالمنزل ، وأن يحدثك أحيانًا ، أي شيء مهما كان سخيفاً ، عن قصصه ، وسلامته ، وسعادته ، ومشاكله ..
نحن فقط ، نتمنى ، أن يُطلب منا ، هذا القلب ( الابن ) البعيد المساعدة ،
دائماً ، أنت تُمسك نفسك عن مضايقته ، لكنك لا تستطيع ان تمسكها عن التفكير الدائم به ، لكأنّها وظيفة جينية قديمة ، تدرّبنا عليها منذ فترة طويلة جداً .
كل هواجسنا تقوم على فكرة مركزية ، بؤرة جوهرها فقط ، معرفة ان قلبنا هذا ، مازال بخير ،
أو هو - على الاقل - في المكان الصحيح ، الذي من المفترض أن يكون فيه بالضبط .
أخيراً :
عند محيط الأبوة بدا بعض الناس غير هياب للخوض فيه أو إستمراء آلامه ، بينما كان بعض أخرون (وهم قلة ) جريئاً وقوياً ، في وقف هذه المأساة في فيض المشاعر التراجيدية ، وشجاعاً في إتخاذ قرار كبير للغاية ، بالتوقّف ، دون الإلتفات إلى عواقبه النفسية أو الغريزية .
وهنا يحضرني قول رهين المحبسين :
هذا جَنَاهُ أَبي عَلَيَّ
وما جَنَيْتُ عَلَى أَحَدْ
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟