نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:33
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ويسألونك عن العراق ، قل : بلاد الرغيف والسيف وأغنية الصياد .
البلاد التي عرجت بأمنيات الانبياء الى فكرة أن تكون مستوطنة حرف وهداية ، غير إن الأنبياء تركوا إرثهم للامبراطوريات ، فما حصد العراقيون سوى المراثي والاساطير وسلالات تحارب اخرى ومئات الاف من الواح اللغة المسمارية ، كلها تحوي هاجس العراقي وهو يبحث عن أحلامه بين سطوة الالهة وقلب الحبيبة ورغيف الخبز .
والى القرن الحادي والعشرين . العراق على هذا الحال . ممالك سادت ثم بادت ، والانسان هو الانسان ، يدرك في انتماءه للرغيف ولقدر البلاد إن الموت لأجلها حق ، ولهذا ففي العراق طوابير من شهداء الجندية والخوف والمبدأ ما يتفوق على شهداء القضايا الاخرى في المنطقة العربية .
يحلم العراقي بيومه بمقدار دورة رغيف الخبز الذي يشبع في العيال رغبة العيش الى يوم آخر . لم ينل من ثروة الارض ما هو حق له . البترول للحكومات وأباطرتها ، النخيل لموسم مالك البستان ، مافي باطن الارض لاياتي الى حصة إبن الارض إلا ماندر وقد يكون على شكل راتب . ولهذا بقي العراقي يجلس على الثروة الطائلة ولاينال منها . الرؤوساء ، والوزراء ، واهل الجاه يمسكون خيراته .
كان الخليفة العباسي يوزن ابتسامته بكيس الزمرد ، وكان الفقير يوزنها بكيس الخوف والدمعة .
وقيل لأعرابي من العراق : مابالك وكيس ذهب يهبط على راسك ؟
قال : اهرب منه .
قيل ولما ؟
قال : ستمطع في العسس وافقده وافقد روحي معه .
اليوم لاننطر من العراق ودولته أكياس الذهب ، فإنها تعرف الى أين تذهب ذاته الاستئثار باق ، وذاتها الرواتب الهائلة لصفوة تحتجب وراء الغيوم وفي الاماكن المحصنة . هم يخدمون العراق ، ولكنها خدمة خارج سياقات قناعة الفقير الذي بات لايعرف صوت انفجار إطار السيارة إوصوت إنفجارمفخخة .
فقير يموت ..وغني محصن ويوقع بريده في صالة فندق الرشيد . وبين الاثنين يدور الرغيف يبحث عن حل لهذه المعضلة .
وأعتقد إن الامن وصفاء المجتمع سيكون جزءا من الحل .وحين يأتي الحل يأتي الرخاء ، وحين يأتي الرخاء حتى الرغيف يصير سعادة لقناعة إننا سنعيش مثلما يعيش إبن امارة بروناي .
وإلا مالفرق بين ذاكرة العراقي ..والذاكرة الاخرى في أي مكان من العالم المترف . الفرق كبير . فالعراقي ماهر بصناعة الاحساس ، وماهر بصناعة الاغنية ، وماهر بصناعة المدونة الجميلة ، ورغم هذا لازال حظه مع رغيد العيش غير متجانس مع هذا الكم الهائل من الحلم الذي فيه .
اتمنى ذات يوم ان يسقط كيس الذهب فوق راسي . اتمنى ذات لحظة ان يسقط كيس البترول فوق راسي . وأن أبيعه لهناء عيالي .فيما العسس في نومهم يشخرون ...
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟