أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - العفالقة الجدد














المزيد.....

العفالقة الجدد


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 529 - 2003 / 6 / 30 - 00:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



 

لم يكن ميشيل عفلق في أي يوم من الأيام مفكرا بالمعنى العميق والواسع للمفكر كمنتج للأفكار والرموز والمعاني.

فقاموسه لا يتجاوز كلمات معروفة مدرسية إنشائية سطحية استهلكها الفكر الغربي الديني في عصور النهضة مثل الأمة، شمس، وخير وعطاء، وفجر يشرق، وقيامة، ونهوض، وحركة، وتاريخ  الخ.

وهذا القاموس لم يقنع قطا أو عنزة أو بدويا في صحراء أو حتى نصف متعلم، ولو استمرت الأمور على هذه الأفكار الساذجة والتافهة لما وصلت الأحوال إلى هذا الوضع المأساوي.

لكن خطورة الفكر العفلقي ليس في ما كتبه هذا الرجل الذي هو خليط من الصوفي والقومي والنصاب وشبه المفكر، بل خطورته في ما لم يقله علنا، أو ما لم يصرح به، أو ما سكت عنه، وتركه مفتوحا لمن هم بعده في المسؤولية الحزبية في تفسيره والعمل به.

عفالقة الفعل ليسوا هم أنفسهم عفالقة الفكر.

عفالقة الفعل، ومنهم طبعا الطاغية العراقي( لم أذكره بالاسم في أربع روايات) حفنة من تجمع صفات وقيم دونية تقوم على فكرة أن الوطن، الثورة، التغيير، لا يتأسس إلا بالسطو والنهب والاستحواذ والحيازة والملكية وفكر المصادرة.

العراق، في نظر هؤلاء، ليس وطنا بل عقارا، والمواطن فيه ليس مواطنا، بل راعيا، ونحن لسنا شركاء معهم في الأرض بل أجراء، والوطن  في تصورهم:
 ـ ملكية عقارية.
ـ ملكية حزبية.
ـ ملكية شخصية.
ـ ملكية عائلية.
ـ ملكية تاريخية.
ـ ملكية عقائدية.

أما عفالقة الفكر فليسوا أكثر من  أصحاب تكية أو صومعة سياسية في مبنى منعزل ينظّرون عن عالم مثالي مزور لا وجود له خارج هذه الزريبة المعزولة، حالهم حال كثير من المنظرين العرب في السلطة وخارجها عن الجماهير والثورة والحقيقة والإنسان..الخ.

بهذا المعنى فإن ميشيل عفلق ليس شخصا فحسب، وكذلك الطاغية، بل هو أو هما، وجهة نظر، وأسلوب عمل، وطريقة تفكير، ورؤية في السياسة والسلطة والقانون والحياة والقمع.

الفكر العفلقي، بهذا المعنى، ليس هو المرتبط فكريا أو حزبيا، بميشيل عفلق نفسه، بل هو فكر يضع الوطن كـ:

ـ   كعقار.
ـ ملكية شخصية.
ـ عائلية.
ـ حزبية.
ـ عقائدية.
ـ تاريخية.

على هذا الاساس فإن موت أو هرب الدكتاتور لا يعني قطعا موت أو نفي الرؤية العفلقية، رؤية الحيازة، والعقار، والملكية الخاصة، للوطن والناس والثورة والحكم، بل يعني غياب أحد نماذجها لا أكثر ولا أقل.

موت الدكتاتور العقلي والتاريخي والمعرفي هو في أحداث قطيعة بنيوية فكرية معه وهذا ما لن يحصل قريبا.

فهذه الرؤية( رؤية الحيازة والعقار والملكية الوطنية) موجودة اليوم في تقاليد الأحزاب، وفي التقليد اليومي السياسي الذي يصادر ويعاقب ويلغي ويؤرخ ويحذف ويدمج من يشاء بناء على قانون الرؤية الخاصة، القائمة على الحيازة:
ـ حيازة الوطن.
ـ حيازة الحقيقة.
ـ حيازة الشرف.
ـ حيازة الأرض.
ـ حيازة الثروة.

فإذا كانت بعض أحزاب اليسار تدعي ملكية التاريخ والحقيقة، فإن الأحزاب الدينية تدعي ملكية الدنيا والآخرة.

نحن ، إذن، بين مصادرتين:
ـ إما أن نكون مصادرين من التاريخ.
ـ أو نكون مصادرين من الغيب.

أي أننا، في الحالتين، لسنا مواطنين، بل رعايا، ولسنا شركاء في أرض أو وطن، بل أجراء أو مخطوفين إلى حقيقة تاريخية مشكوك فيها وغير مؤكدة، أو إلى غيب غامض وسرابي.

نحن أقرب إلى الشيء منا إلى البشر.

وفي فكر المصادرة والاختطاف يجلس ، متربعا، فكر الحيازة أو الملكية أو العقار، أي الفكر العفلقي.

ليس مجديا البحث عن الطاغية في أي وكر، بل ابحثوا عنه في فكر وهوس ملكية الوطن والتاريخ والحقيقة والناس والغيب والثروة والسياسة، وهو مرض لا يقل خطورة عن هوس الحرائق والتشنيع والجنس والخمر والكذب وأكل البراز !
ــــــ*
روائي عراقي مقيم في النرويج.
www.alaazal.com



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرايا الدكتاتور
- من دفع أجرة العازف؟
- موتى ديمقراطية الزجاج المكسور
- البرلمان وديمقراطية الزجاج المكسور خطاب زعيم الكتلة البرلمان ...
- حقوق ديمقراطية الزجاج المكسور
- المرادي وديمقراطية الزجاج المكسور
- لكي لا يحدث هذا مرة أخرى
- الروائي محسن الرملي وبورخيس وأنا
- حديقة رزكار
- رسالة إلى سياسي عراقي قبل اغتياله
- الروائي اليوناني كازنتزاكي/ المنشق2
- نقد العقل الجنسي مرة أخرى
- أوقفوا عصابات الطارزاني/ نداء
- لا تنسوا المعلم هادي العلوي
- جمهوريات رعب استان
- عساك بالفراغ الدستوري
- الروائي اليوناني كازنتزاكي ـ المنشق 1
- خطاب التجييش ، خطاب سلطة
- أفراح الزمن المعقوف
- العصيان الثقافي


المزيد.....




- الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي ...
- إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
- طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
- صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
- هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
- وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما ...
- حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر ...
- صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق ...
- يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - العفالقة الجدد