أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - اسماعيل موسى حميدي - أعيدوا إلينا الجوامع














المزيد.....

أعيدوا إلينا الجوامع


اسماعيل موسى حميدي

الحوار المتمدن-العدد: 7984 - 2024 / 5 / 21 - 10:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يقول الكاتب الامريكي "بول مارشال" في كتابه الاسلام في مفترق طرق
"مع انبلاج الفجر وانتشار ضياء النهار يوقظ نداء (الله أكبر) مدن أسيا والشرق الأوسط ،فيتردد صدى هذا النداء الذي يدعو المسلمين لصلاة الفجر من الدار البيضاء وعبر بغداد وطهران إلى جاكارتا ومن آلاف الاتجاهات شرقا وغربا بأصوات مترنمة تتوقف معها المحادثات في أغلب الاحيان ، مذكرا المسلمين ليلبوا التزامهم تجاه عقيدتهم الا وهي فريضة الصلاة ".
للجوامع مكانة كبيرة في قلوب الناس، ولدخولها متعة عظيمة لايستشعرها الا من تردد على فنائها وأقام فيها،فالناس هنا غيرالناس في بقية الاصقاع، وأجواء النفس محفوفة بالامان والتطييب والانشراح ،لدرجة شعورك بعض الاحيان بالمكان وكأنه خارج منازل الدنيا، بسبب المتقاربات بين مرتديه بعد ان نزعوا ما في صدورهم من غل خارج باحات تلك المساجد .
في منتصف رمضان وانا متجه من محافظة كربلاء صوب مدينة بغداد وقد حان وقت اذان الظهر (ولاننا في رمضان نلتزم أكثر في اداء الفريضة ) ،فقد هممت باداء صلاة الظهر في الطريق بين المدينتين ،وكانت تصطف على الجانب الايسر من الطريق مئآت الحسينيات والجوامع المتروكة وهي شبه مهجورة يعمها الخراب، الغريب انها متصافة ومتلاصقة مع بعضها وتركت دون ان يرتديها احد، مغلقة الابوان لحين الزيارة الاربعينية حيث يقطنها الناس ليقيموا فيها المراسيم العاشورائية،وهكذا بقيت متنقلا بنظري بين تلك الاماكن علني اجد مكانا يقبل اقامة الصلاة فيه ،حتى توقفت قرب احدها، وقد سألت احد المارة عن امكانية اقامة الصلاة هنا ،فقال لي بالحرف الواحد (تعال وياي للبيت صلي واخليك على راسي) وقد استفهمت منه ان لا مسجد صالح للعمل في منطقته التي يسكنها ،مؤكدا ، بان الناس في المنطقة يعلقون سماعات للاذان في النخيل والاعمدة الكهربائية ليمتعوا اسماعهم بالاذان وقت الصلاة ،وقد اعتادوا الصلاة في البيوت فقط لان الناس هنا ليس لديهم ثقافة الصلاة في الجوامع ،في الوقت الذي فيه الاغلب منهم يتبرعون ببناء الحسينيات على الطريق للثواب في عاشوراء، حيث تجتمع الناس لترتاد المكان والمكوث فيه وتقديم الخدمة الى زائري الامام الحسين "ع" واقامة الصلاة اثناء الزيارة .
كان الناس في هذه المدن يمنعون من تشييد الجوامع في عهد النظام البعثي خوما من التجمعات الدينية، حتى ولد جيل كامل لا يعرف طعم صلاة الجوامع على الاطلاق.
وجود الجوامع في المدن ضرورة كبيرة في حياة الناس وهو أوسع بكثير مما يتصوره البعض باقتصاره على امور العبادات فقط،فهو مدرسة اجتماعية بين الناس يعمل على نشر الثقافة العامة والتوازن الطبقي في المجتمع ويحارب الدسائس وينتشل العوام من الخرافات.
ففي كثير من بلاد المسلمين كان شيخ الجامع في محلته كرسول سلام وحب وتواضع تحتذي به الناس وتقتدي بسلوكه وتحفظ عباراته التي يرددها ،وله حضور منكسر في النفوس ،حتى ان ابناء القرية او الطرف يستحضرون صورته وهو غائب بُعيد اي تصرف يشكّون بصحته لفرط ما يلهجه من عبارات التذكير بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يرويه لهم في الجامع من قصص وعظ وحكم،وعند صلاة كل جمعة يستذكرون الاخرة مجتمعين متصافحين بحبها وتحت ظل مسجد القرية او المنطقة المؤطر بالاشجار ،فتجد ،الكبار يرتدون "العركجين" على رؤوسهم وهم يقتادون صغارهم بالدشاديش الناصعة البياض الى المساجد ،اصحاب المحال يتركون بضاعتهم واعمالهم عند سماعهم نداء السماء،الفلاحون يتركون معاولهم على الارض وفؤوسهم معلقة بالاشجار ويهرعون مسرعين لتلبية نداء الله اكبر، حيث اجواء النفس الطيبة والعبادة الجمعية التي تحرج المتخلف عنها ليلتحق بهم ، ،فضلا عن البعد الاجتماعي فيها ، إذ يتصالح المتخاصمون ويستأنس المتباعدون باللقاء ويفرغ المحزونون همومهم بالدعاء والاستغفار. حتى يبدو الجامع في بعض الاماكن بمثابة (ادارة الجودة في المؤسسة الواحدة) التي تجتمع نهاية كل اسبوع لمراجعة سلسلة الاعمال المنجزة وتقويمها، فيريحوا ويستريحوا.لذا نجد المدينة التي تكثر فيها الجوامع يتميز اهلها بالصدق والامانة والاخلاص بالعمل عكس المدن التي تخلو من الجوامع غالبا ماينماز اهلها بالنفاق والغش والدسائس
الجوامع بطبيعتها بواعث للتذكير ومحافل للوعظ وملتقى للنفوس الطيبة ،وشيخ الجامع رجل بسيط ودود يلجأ اليه الناس للاستشارة ورد المظالم وحل الخلافات، ،فأهل الله بسطاء فقراء كادحين لايطلبون من الحياة الا الرضا، يدخلون قلوب بعضهم بعض ويحبهم الجميع.
أين ذهبت تلك الاماكن ،واين حلت تلك النفوس ولماذا تباعدت الناس عن حب الله بجوامع تأم اهلها. في مدينتنا لم يحظ الجامع باهمية أهله ولم يعد باعثا يشغل قلوب الناس بسبب الفوضى وتداعيات السياسة والتطرف لدرجة تشوه تلك الاديرة في نفوس بعضهم باعتبارها مصدرا للطائفية والتسقيط والقتل.
أصعب صورة يمكن لك ان تجدها في نفسك للمسجد هي عندما ترى صورة شخص علقت كالصنم على جدرانه لتشعرك ان المسجد اصبح بيتا للشيطان لا بيت لله،فقد أسست بعض المساجد لمآرب التنافس وكسب المغانم والوصول الى السلطة او الترويج لايدولوجيا الفئة والاقتصاص من الاخرين او حتى إغاظتهم. مع غياب سلطة الاوقاف المفترضة التي تضع الضوابط المشددة والصارمة في ادارة بيوت الله التي هي افضل بقاع الارض كما في الحديث الشريف.
أعيدوا الينا الجوامع لكي تعود لنا الحياة ببساطتها تلك التي علمنا عليها رسول الله (ص)حياة خالصة بحبه وحب ال بيته الاطهار ،اعيدوا الينا سمعة الجوامع الخالصة بعد ان لوثها الارهاب وشغلها المنتفعون.فكم تمنينا إقامة صلاة الجمعة وصلاة العيدين في مدينتنا يأمنا رجل دين بسيط غير نفعي او جهوي يجمعنا على حب الله.
إعيدو الينا الجوامع بعد ان توزعت في كثير من الدول العربية بين الطوائف بل والفئات داخل الطائفة الواحدة وتحول شيخ الجامع في كثير منها من رسول سلام الى شيخ لعان طعان سباب يكفر المسلمين ويفرق بينهم. نحن بحاجة الى خطة مدروسة تتبناها الاوقاف تعود بالناس الى استعادة حقوقها الروحية خارج نطاق الاجتهادات الفوضوية التي اضاعت الخاص والعام.



#اسماعيل_موسى_حميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعادة انتاج العالم
- الحزن بسلوك جمعي
- استثمار واقعة البصرة
- حملات التشويش والتشويه
- رهابر دوائر الدولة
- المنهج الخفي وخطر التسلل الى النفس
- حوريات الاسلام السياسي
- دكاكين الدراسات العليا
- رسالة الى الخليج
- الجندي الذي قاد انقلابا ضد البعثيين
- الصندوق الابيض
- العالم في محجر
- حاشية الظل
- إقالة الطرف الثالث
- الكتلة الاكبر
- ملا عليوي
- هذه ليلتي
- تموز الأكثر إحباطا في ساحة التحرير
- كربلاء ...ورقصة السامبا
- زمالات تالفة


المزيد.....




- انهيار منزل في نهر قرب سد متصدع بولاية أمريكية.. وفيديو يُظه ...
- -أحدث صورة- للأميرة للاّ خديجة ابنة ملك المغرب.. ما حقيقتها؟ ...
- مقتل 13 شخصا على الأقل في احتجاجات دامية في كينيا
- الأولى من نوعها.. محكمة فرنسية تصادق على مذكرة توقيف بحق الر ...
- فرنسا.. القضاء يصادق على مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد
- قصة جوليان أسانج.. أشهر -قرصان- اُتهم بالتجسس والخيانة والتح ...
- وكالة: عدد من دول الناتو يرفض الالتزام بمساعدة طويلة الأمد ل ...
- الأردن يعلن وجود مؤشرات إيجابية لاكتشاف الغاز في المملكة بما ...
- رئيس مكتب زيلينسكي ينتقد المواطنين الأوكرانيين الذين يثيرون ...
- القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة توقيف بشار الأسد


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - اسماعيل موسى حميدي - أعيدوا إلينا الجوامع