أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - طوفان الجّهل المُقدّس














المزيد.....

طوفان الجّهل المُقدّس


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7981 - 2024 / 5 / 18 - 23:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


----------------------
أرى أنّ ما يُسمى بـ الرأي العام الجارف ، بات يسود بيسرٍ ملحوظ و سهولة بالغة ، بالأخص في المجتمعات التي تعاني من انتشار ظاهرة التدهور العقلي، و تفشّي وباء الأصولية، أو إرهاب الجماعات الإنسانية المُغيّبة ،
التي يحكمها التأخر الشامل تقريباً ، في الوعي العلمي ، والعقلي ، والفني ، والثقافي ,,
و ذلك لأسباب عديدة، يصعب شرحها الآن في هذا العجالة : كـ الفساد والجهل والاستبداد الديني والسياسي و والخ.
لكن كما يبدو لي ، فإنّ السبب الأهم ، لهذا الإنتشار المريب، ليس لأن تلك الخرافات المُقدسة المستبدة في مخيال المجتمع ، لها رهبة وجدانية مميزة فقط ، أو أن الأخبار المروية و المروّج لها ببغائياً ، تحمل جزءأ كبيرا من الجاذبية، و السرد العاطفي الآسر وحسب ،
بل أظن بسبب التطور الهائل في " فن الإعلام الساحر وأدواته " ، الذي يعتمد - بالدرجة الأولى - على الدلالة البصرية ، في ترويج السطحية وتعزيز التفاهة.
بمعنى أن هذه الطوفانات العجيبة ، من الأفكار الغرائبية والخرافات اللاعقلية ، بات يسهل نشرها وتفعيلها ،
والعمل على إكثار جمهور تصديقها ايضاً ، بموازاة نمو جمهور تكذيبها ،
بخاصة إذا تمّ دعمها بالحوافز الاقتصادية ، و رفدها بدهشات الصورة الصناعية الرائجة حالياً .
اعتقد إن أفهام الناس بعامة ، و أفهام المجتمعات التي تسيطر عليها الثقافة الدينية بخاصة، تميل - عادةً - إلى الافكار التي ترغب بها ، أو تتمناها ، وكثيرا ما تعتقد بالأراء التي تتمنى حدوثها .
والمعلوم ان هذا النمط من التفكير يسمى عادة ، بـ " التفكير الرغائبي، wishful thinking أو التفكير الرغبوي، أو تفكير التمني ،
و هو خلل ذهني شائع جدا في الشرق العاطفي ، و يقوم في جوهره على تكوين ذهن الفرد للأحكام و الاعتقادات ودفعه إلى اتخاذ القرارات القاطعة ، حول الاحوال الهامة ، والأحداث القائمة ، بناءً على رغبات الفرد و حسب ،
بمعنى ، يُصدّق الإنسان من وسائل الاعلام مثلاً ، ما يريد تصديقه ، ويتمنى حصوله ، عوضًا عن التفكير المنطقي والتمحيص النقدي ، الذي يستند إلى الأدلة العقلية، أو البحث والتفكير بواقعية.
بالطبع ، يعتبر هذا النوع من التفكير، انحرافًا معرفيًا خطيراً ، وطريقةً سيّئةً لاتخاذ القرارات ، لأنه يعتمد على مناشدة العاطفة فقط ، دون أية أسس واقعية.
الامر الذي يمكن أن يؤدي إلى عمى الجمهور التام عن الحقيقة ، وتشويه القيم السامية ، وقلب الحقائق ، و اضطراب المفاهيم ،
وبالتالي ، يندفع المُتابع أو المشاهد بسهولة ويسر ، إلى الإرتماء في حظائر الاستنتاج المُزيف ، كي يصل - كما هو مرسوم له - إلى يقينيات كبرى ساذجة ، تكون عمادها ، نتائج ذهنية مشوشة ، غير واضحة مبثوثة ، او تهويمات مقصودة، مُحكمة و مدروسة .
و هذا ما يمكن جلاءه ، و بوضوح ، في متون الإعلام العربي الراهن بعامة ، حيث تتمّ تحويل الهزيمة إلى انتصار ، والإرهاب إلى إفتخار ، والتخلف العقلي إلى تنوير وأنوار ، والجهل المُركّب إلى عزّة و اقتدار. وهكذا .
أقول أخيراً :
بالطبع ، أيّ فرد من أفراد هذه المجتمعات الغائبة ، سيعاني جداً ، إن هو رغب أو فكر ، في توعية الناس ، وإيقاظها وتنويريها ، أو حتى مجرد لفت إنتباهها ، إلى الخلل العقلي، أو إلى مكامن التزوير و الزيف الذي اقتنعت به .
و تؤمن بالصواب المطلق ، أنها على تمام الرضى و الإيمان والقناعة .
فـلا أصعب من إيقاظ نائم ، لا يُريد أن يستيقظ .
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الرّقصُ - هو ألطف استراحة للعقل
- - ملائكة الرحمة -
- عفاريت الجهل أكثر رعباً
- آراءٌ بسيطٌة غير مُلزمٍة لأحد.. (20)
- آراءٌ بسيطٌة غير مُلزمٍة لأحد.. (19)
- آراءٌ بسيطٌة غير مُلزمٍة لأحد.. (18)
- هل الماسونية حقيقة أم وهم؟ (2)
- الماسونية هل هي وهمٌ أمْ حقيقة..!!؟ (1)
- قراءة في كتاب : خيانة المثقفين - -Het Verraad der Clercken-
- قراءَة في كتاب : - الإنْسان أُحَادِي اَلبُعد -
- أفكارٌ خاصةٌ حَولَ مَعنَى الفَّنْ وأهميته..
- التَّنْويريَّ المُتديِّن ..
- حول القيم الدِّينيَّة والقيم الإنْسانيَّة ..
- الكِتَاب الفيروسي - مِن الدِّيكْتاتوريَّة إِلى الدِّيمقْراطي ...
- - فاوستْ - Faust - الرجلُ الذي باعَ روحَهُ للشيطانِ-
- البَحثُ في إيمانُ - هيغلْ -
- ليسَ بعيداً عنْ خدرِ العَواطفِ . .
- كتابُ ال لفياثانْ Leviathan
- الفنان التشكيليِ السوري - محمودْ الساجرْ -
- حوارٌ معَ صَديقي المُتَديّنِ . .


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - طوفان الجّهل المُقدّس