|
في الرد على مغالطات ( الشيخ) عبدالله رشدي في حديثه عن مؤسسة تكوين الفكر العربي
الطيب طهوري
الحوار المتمدن-العدد: 7981 - 2024 / 5 / 18 - 16:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بأحكام مسبقة على مؤسسة تكوين الفكر العربي التي بادر إلى إنشائها في مصر مؤخرا مجموعة من الكتاب العرب تحدث ( الشيخ) عبد الله رشدي مكيلا الكثير من الاتهامات لها ولكتابها..ومما جاء في حديثه نذكر: 1-كلمة تكوين تحيل الى سفر التكوين ..السفر الأول من أسفار التوراة..هذه المؤسسة إذن لها ارتباط بالصهيونية..هكذا يظن..( وبعض الظن اثم) ماذا نقول عن معاهد تكوين الأئمة ومعاهد تكوين المعلمين مثلا والكثير من المعاهد والمؤسسات الأخرى التي ظهرت قبلها بسنوات وسنوات؟.. 2- التنوير هو العلمانية..استعملوا كلمة التنوير لأن كلمة العلمانية سيئة السمعة..والعلمانية تعني ابعاد الدين عن الدولة والمجتمع..هكذا رأى.. الرد: التنوير في ابسط معانيه هو استعمال الفرد عقله في فهم الحياة والتعامل مع مختلف قضاياها بدل تنويم عقله و اتباع غيره.. العلمانية ترى أن الدولة تحكم الناس وتسيرة شانهم باعتبارهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات،لا فروق بينهم بسبب اعراقهم أو دياناتهم..الخ..ولا علمانية بهذا المعنى دون ديمقراطية..والدين في نظر العلمانية قناعة شخصية ترتبط بعلاقة الإنسان بخالقه.. والانسان حر في ممارسة دينه..في الدول العلمانية يبني المسلمون مساجدهم ويمارسون دينهم،ولا احد يمنعهم..نقلهم يفعل المسيحيون واليهود والبوذيون..الخ.. الدول الديكتاتورية كالدول العربية لايمكن اعتبارها علمانية،انها دول تحكمها انظمة تستعمل من الدين ومن العلمانية ما يخدمها ويخضع شعوبها لها ويحافظ على بقائها في كراسي الحكم.. 3-يرى أن التنويريين في عالمنا العربي اوجدوا اسلاما ٱخر سموه اسلام الفقهاء..رشدي يرفض تلك التسمية.... الرد: لننظر الى الواقع والتاريخ..الاحكام الشرعية في القرٱن الكريم لاتمثل إلا نسبة ضئيلة جدا من مجمل الاحكام الشرعية..باقي الاحكام ،في معظمها،جاء بها الفقهاء وفق حاجات واقعهم ووفق ما تريده السلطة الحاكمة لتعطي الشرعية لحكمها..الامويون جعلوا الحكم وراثيا..مثلهم فعل العباسيون.... إلى العثمانيين..لقد اوجدوا احكاما تتعلق بالعبيد حتى،وما تزال تدرس في الازهر حتى الٱن.. إنها احكام بشرية يقول اصحابها الفقهاء بانها مستنبطة من الدين وبذلك يجعلونها في نظر الناس احكاما دينية يجب الالتزام بها،بدل اعتبارها احكاما وضعية قابلة للنقد والدحض والتغيير..وهي بتلك القداسة صارت متجاوزة للمراحل التي جاءت فيها ووفق ظروفها وربطت الناس من خلالها بالماضي،بدل التفكير بانفسهم في الحاضر وايجاد الاحكام التي تتماشى والظروف المستجدة فيه..وغالبا ما تؤدي محاولات التجديد في الاحكام بما يتناسب والعصر الى صراعات ينتصر فيها الماضويون بحكم سيطرتهم ذهنيا ونفسيا وحتى خياليا على الناس في واقع ينتشر فيه الجهل والخوف واليأس والعجز،وهي حالات تدفع بهم( الناس) إلى الهروب إلى الماضي وإلى التدين الشكلاني أكثر.. 4-ينتقل إلى البحث عما يراه اخطاء وقع فيها بعض مؤسسي تكوين..يقدم لنا يوسف زيدان في شرحه لكلمة متبول من بيت كعب: (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول...)،حيث يقول عنها بأنها تعني موضوعا في التوابل..وعلى أساس ذلك يحكم على التنويريين بانهم يتعاملون مع اللغة والتراث بسطحية.. الرد: لننظر..الشعر عادة يحيل في التعامل معه ،مع كلماته وصوره إلى التعدد القرائي.. بانت تعني نأت،راحت بعيدا..قد يكون النأي هذا ليس بارادتها،وقد يكون بارادتها وهو ما يعني انها لا تبادله الحب..في هذا المعنى الأخير ،ربما، فسر زيدان كلمة متبول،وكانه يقول لقد حضّرت قلبي للشواء بتوابلها التي هي صفاتها التي جعلته يتعلق بها.. قدها، ابتسامتها،حلاوة عينيها، كلماتها،مشيها..الخ،ثم غابت وتركته ( القلب) يشوى ويحترق على نار الوجد،الألم،لا معنى الحياة دونها..الخ..شرح الكلمة،تفسيرها، مجازي إذن..وهي احدى القراءات الممكنة.. التوابل تعطي نكهة ل اللحم..تجعله أكثر شهية..توابلها افرحت القلب..جعلته يتعلق بها..هناك من يشم اللحم ويشم توابله لكنه لا ينال اكله..هناك من يحب امراة ما ويتعلق بها وبصفاتها،لكنه لا ينالها..وهكذا.. وحتى لو افترضننا ان زيدان أخطأ في شرح معنى كلمة متبول،فهل يبرر ذلك الحكم المطلق على التنويريين بانهم يتعاملون مع اللغة والتراث بسطحية؟..هكذا بجرة قلم يصدر حكمه على كل التنويريين بالسطحية.. 5-ينتقل أخيرا الى بعض اقوال بعض مؤسسي تكوين .. - يوسف زيدان: يرى أن المسجد الأقصى يتواجد في مكان اسمه الجعرانة يبعد عن مكة بعشر ك م او عشرين..ينتقد هذا الرأي ويرى فيه خدمة للصهاينة،لم يكونوا يحلمون بها.. الرد: في هذا النقد اشاطره تماما.. - السواح: يرى ،في مقابلة تلفزيونية،ان قصة خروج ٱدم وحواء من الجنة اسطورة..وان الحجاب ظاهرة اجتماعية لادليل عليه في القرٱن..ومن منطلق ذلك لا يحق له التكلم في مجتمع المسلمين.. الرد:لا أعرف ديانة السواح..وقد يكون لادينيا او ملحدا..وربما يرى أن القرٱن ليس كتابا سماويا..ولكنه،في كل الحالات،يتأثر بالسائد الثقافي في مجتمعه..يتأثر بالسائد الديني..ومن منطلق ذلك التأثر، وكمفكر يهمه حال مجتمعه ،يحق له أن يقول رأيه،حتى ولو كان صادما لنا،وعلينا نحن أن ننظر في أدلته ونناقشه فيها وندحضها بالأدلة الاقوى..لا أن نسفهه ونعمل على إثارة العامة ضده او نحاكمه لنسكته..في تصوري،وجود السواح وأمثاله ضروري،لأنهم يدفعون من يعتبرون انفسهم مفكرين اسلاميين الى شحذ عقولهم أكثر ورفع مستواهم الفكري وتحسين ادائهم في النقاش الهادئ والمسؤول من أجل مواجهتهم ومجادلتهم بالحسنى،كما امرنا الله..الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة..هذه هي الطريقة الأجدى في واقع شبه ساكن فكريا .. - اسلام البحيري : لا يحق له التعبير عن ٱرائه وأفكاره في الموروث الديني..القضاء المصري الشامخ ( هكذا وصفه) اتهمه بازدراء الدين الاسلامي وحكم عليه بخمس سنوات سجنا.. الرد: اكرر..يمكن منع هؤلاء الناس من الكلام ومن الكتابة هنا،في واقعنا العربي..لكن،هل يمكن منعهم حين يكونون متواجدين خارج هذا الواقع؟..هل يمكن منع وصول ٱرائهم وأفكارهم الى الناس هنا في واقعنا؟.. يستحيل.. ما الأجدى اذن؟.. في واقع يعيش التخلف في كل ميادين حياته،وينظر إلى المستقبل بقفاه ،ويراه في ماضيه.. في واقع يعمه الخوف واليأس واللامبالاة ..والفساد.. نحتاج حتما إلى الفكر المختلف،بما فيه الصادم لنا..الفكر الذي يخلخلنا وينشر الاسئلة المحرجة لنا ويفرض علينا تحريك عقولنا للتفكير والنقاش والاجابات المقنعة عن تلك الأسئلة.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. أخيرا..لا ادافع عن جهة ما..لا ادافع عن احد ما.. ادافع عن حرية التساؤل..عن حرية الشك والتفكير..عن حتمية انتشار النقاش وارتفاع مستواه..و.. الواثق من نفسه وعقله لا يخاف النقاش..بل يسعى إليه.. جاء في القرآن:( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ،وجادلهم بالتي هي أحسن. .)
#الطيب_طهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع الشاعر والقاص الجزائري الطيب صالح طهوري
-
عن علاقة الفكر الديني الإسلامي السائد اليوم بأخلاق المسلمين
...
-
فتاة عين الفوارة..نحن..الصهاينة..والديمقراطية هناك وهنا
-
حدث في رمضان هذا
-
الفنون التشكيلية..ماهيتها وعلاقتها بالواقع
-
عن تراثنا والعولمة..أين نحن منهما؟
-
عن العقلية العربية
-
لماذا نحن هكذا؟
-
كيف تكون كاتبا مؤثرا؟
-
عن مثقفينا وكرة القدم
-
تمدين ودمقرطة المجتمعات المخرج الوحيد لمواجهة الأزمات
-
عن الجزائر الجديدة
-
أنظمة الحكم العربية خطر على شعوبها
-
كورونا..بين الرأسمالية والتعداد البشري المهول
-
عن حرية الإبداع ..عن مشاعر صائمي رمضان
-
في معنى الأخلاق..كيف هي عندنا؟..كيف هي عندهم؟
-
بيان مثقفين جزائريين
-
عن مصالح الرعايا..عن مصالح المواطنين
-
بين الدولة الدينية (الإسلامية) والدولة العلمانية
-
الوانتوثريست*..البطالة والفساد الأخلاقي
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|