|
محنة الفلسطينيون والعراقيون في العراق محنة مشتركة
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1760 - 2006 / 12 / 10 - 09:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعتبر القضية الفلسطينية من اعقد القضايا التي خلفها القرن العشرين وما تتضمنه من المآسي التي ألمت بالفلسطينيين منذ 1948 حينما بدأت عمليات التهجير واللجوء إلى الدول العربية التي قبلت بلجوئهم ومنها العراق الذي استقبل في البداية حوالي خمسة آلاف لاجئ وزعوا على مدن عديدة، وقد عانى الكثير من الفلسطينيين في فلسطين أو في الدول العربية كشعب وبشر أسوأ المعاناة وأقسى ظروف العيش وقدموا تضحيات جمة من اجل الحصول على حقوقهم ولا سيما بعد احتلال 1967 من قبل إسرائيل حيث كانت المرحلة الثانية من التهجير واللجوء ثم تلتها هجرة ثالثة بعد الأحداث الدموية التي جرت في الأردن بين عامي 1970 و 1971 ولقد قدر عدد اللاجئين الفلسطينيين بعد 1991 بعدما تحررت الكويت بحوالي أكثر من سبعين ألف لاجئ. وعلى الرغم من الادعاءات والإشاعات والاتهامات التي تصاعدت بعد سقوط النظام الشمولي واحتلال العراق من قبل بعض القوى الطائفية عن رفاهية الفلسطينيين ومساندتهم المطلقة للنظام الشمولي فان الوقائع وسير حياتهم تناقض ما قيل عنهم، فهم عانوا أيضاً وبخاصة الذين لم ينتموا إلى حزب النظام وهم غير قليلين كما عاناه الكثيرين من الشعب العراقي من المتابعة والملاحقة والاضطهاد، وهم كأي شعب أو مجموعة إنسانية تجد فيهم مختلف الاتجاهات والانتماءات مثلما هو حال الشعب العراقي الذي تجد فيه أيضاً مختلف الاتجاهات والانتماءات بما فيه الانتماء إلى حزب النظام ومن مختلف القوميات والأديان والمذاهب الدينية. لقد دأبت بعض القوى وبخاصة الطائفية مثلما أشرنا إلى شن حملات معادية منظمة غير إنسانية ضد الفلسطينيين بدون تمييز إلا اللهم الحقد الطائفي غير المبرر والذي غلف بحجة أنهم أي الفلسطينيين من أتباع النظام السابق وهم كانوا " جميعهم!" منتمين لحزب الطاغية وأداة قمعية ضد الشعب أو قسماً من الشعب العراقي.. ونقول لكل الذين غاب عنهم أو لم يعرفوا الحقيقة أو الذين يضعون رؤوسهم في الرمال كالنعامات وهم يعرفونها عندما التجأ الكثير من العراقيين الهاربين من جحيم الدكتاتورية منذ انقلاب 1968 وما بعده وخلال الحرب العراقية الإيرانية حيث وصل القسم الكبير منهم ومن مختلف الاتجاهات والقوميات والطوائف والأديان إلى سوريا ولبنان قام الشعب والمنظمات الفلسطينية بإيوائهم وتشغيلهم وحمايتهم من بطش أتباع النظام والمنظمات التابعة له، لا بل نؤكد أن عشرات من العراقيين الهاربين تزوجوا من فلسطينيات بدون أية اعتراض على مذاهبهم أو انتماءاتهم السياسية أو قضايا مادية أخرى واحتضنوا من قبل العوائل الفلسطينية بتراحب وكرم وقدم لهم جميع أشكال الدعم والمناصرة والتضامن. في الفترة ما بعد السقوط والاحتلال تصاعدت وتيرة التهديدات والاعتداءات على الفلسطينيين القاطنين في العراق من قبل بعض المليشيات المسلحة أو مسلحين يرتدون ملابس وزارة الداخلية وصولاً إلى اعتقال الكثيرين وتضييق سبل العيش ومحاصرتهم وتهديدهم بالقتل بواسطة رسائل ترسل لهم وقد قتل البعض منهم فعلاً، إضافة إلى الحصار الذي فرض عليهم الذي زاد من فقرهم وانعدام الرعاية الصحية والاجتماعية والتربوية مما أدى إلى هرب أو ترك الكثيرين منهم مساكنهم وبيوتهم ولجوئهم إلى مخيمات اللاجئين التي أقيمت في بغداد وعلى الحدود الأردنية والسورية حيث تناقصت أعدادهم إلى نحو 30 ألفاً حيث تستمر المحاصرة والمحاربة وإرهابهم بغرض طرد الباقين من مساكنهم والاستيلاء عليها وهو ما يتنافى مع جميع المواثيق الدولية حول حقوق اللاجئين و حقوق الإنسان. إن كل ذلك كل ذلك جرى ويجري أمام أنظار الحكومة والمسؤولين الحكوميين مما أدى إلى تدخل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حيث أعربت عن استيائها وقلقها من التجاوزات اللاإنسانية بحق اللاجئين الفلسطينيين وقد أشارت المفوضية بالنص حول طرق العنف المسلح والتهديد بالقتل وأكدت " بأن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الأمنية في العراق تدهورت بصورة خاصة بعد تفجيرات سامراء في شهر شباط من عام 2006 " لقد عرفنا حق المعرفة الكثير من الفلسطينيين المناضلين الذين دخلوا إلى سجون النظام الشمولي السابق فقد كانوا بجانب القوى الوطنية والمعارضة للنظام وبجانب تطلعات شعبنا في الحرية والانعتاق والتخلص من الاستبداد وقدموا كغيرهم التضحيات الكثيرة بسبب مواقفهم المشرفة فالحجة التي يحاول البعض من الطائفيين أو الذين يريدون دق أسفين بين مكونات شعبنا باتهام الفلسطينيين كل الفلسطينيين بأنهم من أنصار النظام والتابعين له باطلة وغير صحيحة لان الشعب الفلسطيني الذي اكتوى بنيران الحقد العنصري والاحتلال العسكري والقتل العشوائي لا يمكن أن يقف بجانب الدكتاتورية وقد تكون هناك بعض الشواذ وهي ليست بالقاعدة فالشواذ موجودين في كل مكان ولهذا نطالب الحكومة وكل الخيرين من أبناء شعبنا أحزاب وطنية وديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني وشعبنا العراقي الكريم الوقوف مع الفلسطينيين اللاجئين الذين لا حول لهم ولا قوة لأنهم ضيوف ويجب إكرام الضيف وهي صفة من صفات الوفاء والشهامة.. ولنتذكر بأننا كعراقيين عانينا من الشتات واللجوء وعذاباته ومآسيه ومن ملاحقات الأجهزة القمعية ومازال الكثير منا في الشتات أو تحت نير الجيوش الأجنبية وهذا القتل العشوائي المدمر، فعلينا أن نكون كعراقيين نجباء أن نحميهم ونساعدهم ونقف معهم في هذه المحنة القاسية. فإن محنة الفلسطينيين هي محنة العراقيين في العراق وهذه الحقيقة يجب أن يدركها كل الشرفاء والخيرين من أبناء شعبنا النجيب.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار المتمدن في انطلاقته الخامسة
-
الأيدي المكتوفة.. وماذا بعد ذلك؟
-
وحدة الشعب العراقي هي الطريق الأسلم لوحدة العراق
-
قدرة الدولة على إيقاف قتل البرياء في العراق
-
مذكرة التحقيق أو التوقيف الصادرة بحق الشيخ حارث الضاري
-
الديمقراطية في البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراق
...
-
ضرورة إنجاز التعديلات على الدستور العراقي الدائم
-
أين المشكلة ؟.. وان فاز الحزب الديمقراطي بأغلبية مقاعد البرل
...
-
الأزمة والحرب الأهلية الطائفية
-
رؤيا في العبور
-
حزن عراقي متواصل
-
الشرقية والزمان والاصطياد في المياه العكرة
-
الجيش القديم وعقدة تسليح الجيش الجديد والقوات المسلحة العراق
...
-
هل يحتاج العراق لدولة دينية سياسية؟
-
وأخيراً مرر مشروع الأقاليم
-
ماذا بعد انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل في العالم
...
-
ملاحظة حول مسودة البرنامج والنظام الداخلي واسم الحزب الشيوعي
...
-
من المسؤول الأول عن حاميها حراميها؟
-
هل سيكون السيد جلال الطلباني آخر رئيس لجمهورية العراق الموحد
...
-
لم تكن محاولة تفجير مقر الشيوعيين العراقيين مفاجأة
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|