|
الترحيل و التوطين و التشتيت
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7974 - 2024 / 5 / 11 - 22:13
المحور:
القضية الفلسطينية
لا نظن أننا نجانب الحقيقة بقولنا أن الحرب التي يتعرض لها سكان قطاع غزة هي في جوهرها حرب دولية ، تحديدا أطلسية ، الغاية منها ترحيلهم إما لتوطينهم في مكان جديد و إما لتشتيهم ، علما أن الإبادة الجماعية و الترحيل هما في صلب السيرورة الاستعمارية الاستيطانية ،وأن التشتيت يأتي في مرحلة تالية بعد محاولة التوطين إذا اقتضى الأمر ذلك ،لا سيما عندما يفشل التوطين أو تتوافر الظروف الملائمة و ينمو الوعي الجمعي ، لنشوء حركة تحرير وطني ، لاسترجاع البلاد الأصلية . فليس من حاجة إلى توسع للدلالة و البرهان على أن الحرب الدائرة في قطاع غزة ، هي حرب دولية . يكفي أن نتابع الزيارات المكوكية التي يقوم بها كبار المسؤولين الأوروبيين و الأميركيين إلى حكام شبه الدولة العربية في المشرق ، و إلى الدعم العسكري و الإعلامي الذي تقدمه السلطات في الولايات المتحدة الأميركية والدول التابعة لها ، لإسرائيل و صولا إلى تقييد حرية التعبير في بلدانها إلى حد غير مسبوق منذ الحرب العالمية الأولى . لا بد من الإشارة هنا إلى أن الطبيعية الدُوَلية لهذه الحرب تتبدّى ، على ذمة الخبراء طبعا ، من كون القاذفات في سلاح الجو الإسرائيلي ، و هي أميركية الصنع ، تقوم بعملياتها اعتمادا على أجهزة توجيه (ج بي إس ) تتلقى حطتها بواسطة الأقمار الاصطناعية الأميركية مباشرة، أي بتعبير آخر إن هذه الطائرات لا تعمل إلا بموافقة الولايات المتحدة ، و من البديهي في هذا الصدد أن نتساءل عن الأهداف المتوخاة من وراء " المرفأ الأميركي العائم " قبالة سواحل قطاع غزة . اللافت للنظر أن الردم اللازم و صولا إليه ، يتم بواسطة ركام الأبنية السكنية التي اسقطتها القنابل الأميركية التي تزيد زنتها عن الطن الواحد. و لكن هذا موضوع آخر . بالعودة إلى مسألة الترحيل و التوطين و التشتيت ، فإننا نزعم أن ملامحها ملموسة في المشرق العربي ، منذ أن نفي نصف الفلسطينيين أو أكثر عن بلادهم في نهاية سنوات الأربعين ، ثم إثر حرب حزيران 1967 ، و لكنها تجددت في سنوات 1970، و أغلب الظن أنها امتداد لهذه الحرب ، ما يعني أنها تندرج في إطار مشروع يتطلب إدخال متغيرات و متبدلات سكانية ، لا يتسع المجال هنا للغوص في تفاصيلها لذا نقتضب فنقول : 1ـ رحل الفلسطينيون إلى لبنان و غيره من البلدان المحيطة ببلادهم ، و لكن من المعروف أن في لبنان توضع الخطط و تجري البراهين ، قبل أن تصل أصداؤها و تتمظهر في أماكن أخرى . لم تطلب الدول الغربية من السلطة في لبنان توطين الفلسطينيين . بشكل عام . بل بالضد من ذلك أتبعت خطة أثناء الحروب الأهلية قضت بمحو مخيمات اللاجئين ، أو أكبر عدد منها ، خاصة في بيروت ، انتهت بمجزرتي مخيمي صبرا و شاتيلا في شهر أيلول , سبتمبر 1982 تحت أشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي ، من أجل التصفية و التشتيت . يمكننا القول توخيا للدقة أن جميع الأطراف الطائفية المحلية والعربية ، التي شاركت في ا لحروب اللبنانية ، خاضت كل منها حربا ضد مخيمات اللاجئين ، لإخضاع أهلها أو إبعادهم عن فلسطين ، حتى لا تتجدد حركة التحرير الوطني . 2 ـ بصرف النظر عما إذا كان بعض السوريين هجروا من بلادهم إلى لبنان طوعا أو كرها ، فإن ما يثير الحيرة هو موقف الدول الغربية من هذه القضية ، علما أنها كانت ناشطة في الحرب على سورية ، مثلما ،أنها تشارك في الراهن في الحرب على الفلسطينيين . فمن نافلة القول أن هذه الدول تشجع السوريين على الهجرة إلى لبنان و تمارس ضغوطا على السلطات في لبنان لإجبارها على توطينهم ، لغاية لها . يحق لنا استنادا ‘ليه أن نتساءل عن المصلحة المبتغاة من جهود توطين السوريين في لبنان ، في ظل نظام الحكم في لبنان من جهة و في سورية من جهة ثانية . لا شك في أننا لا نمتلك إجابات عن الأسئلة المثارة حول هذا الموضوع ، و لكن هناك خشية من و جهة نظرنا من وقوع صدامات بين المهاجرين السوريين ، الموطنين أو الراغبين في التوطين ، من ناحية و الطائفة أو الطوائف اللواتي لا تريد تقاسم مناطقها أو حصصها معها من ناحية أخرى ، لا سيما أنه لا يوجد في لبنان زراعة و صناعة , و بنية تحتية إسكانية وتعليمية و استشفائية تلبي حاجة سكانه الأصليين، المضطرين للهجرة منذ بداية القرن العشرين! و مهما يكن ليس مستبعدا في هذا السياق أن يكون تواجد المهاجرين السوريين استعدادا لمواصلة الحرب من لبنان ضد نظام الحكم في سورية بمعاونة الدول الغربية ، حيث ينقسم اللبنانيون بين مؤيد له و مدافع عنه و معارض له و مقاتل ضده في إطار مشروع الدول الغربية .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النازح و المهاجر
-
هوية الارض و هوية الدم ـ2ـ
-
عنصرية الدم و عنصرية الأرض !
-
التوجه شرقا أو غربا ؟
-
الكائن و الكيان
-
المؤقت و الدائم
-
مسائل الحاصر مستعجلة و مسائل الماضي يجب تأجيلها !
-
3 ـ قراءة في المشهد الغزازي
-
2 ـ قراءة في المشهد الغزاوي
-
1 ـ قراءة في المشهد الغزاوي
-
أبعاد الحرب على قطاع غزة
-
إتلاف الشعب الفلسطيني
-
البحر أمامكم
-
الحرب الدولية الكبيرة 2
-
الأبادة أو المنفى
-
حرب دولية كبيرة
-
الموقف الوسطي خدعة في المحيط المتوسطي
-
3 ـ حرب حزيران 1967 لم تنته بعد !
-
2 حرب حزيران 1967 لم تنتهه بعد !
-
1 ـ حرب حزيران 1967 لم تنته بعد !
المزيد.....
-
سعد الحريري يُدين اغتيال حسن نصرالله: دفعنا غاليا من أحبتنا
...
-
كيف عرفت إسرائيل موقع حسن نصرالله؟ شاهد ما قاله عقيد متقاعد
...
-
عمل كمستشار عسكري في الحرب الأهلية في سوريا.. الكشف عن هوية
...
-
إليكم من قد يخلف حسن نصرالله كزعيم جديد لحزب الله
-
الحوثيون: حسن نصرالله نال ما تمناه.. ومقتله -خسارة فادحة-
-
الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لتجنيد لوائي احتياط للقتال في ال
...
-
قصف عنيف جدا الآن على الضاحية الجنوبية لبيروت
-
موسكو تدين جريمة الاغتيال السياسي لأمين عام -حزب الله- حسن ن
...
-
الإعلام العبري: تفعيل صفارات الإنذار في المنطقة الوسطى بإسرا
...
-
أبرز ردود الفعل على اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله؟
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|